نبض أرقام
11:02 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24

«بلومبيرغ»: الكويت «تكافح» لتغطية نفقاتها.. وتبدو عاجزة عن توفير رواتب الموظفين

2020/09/03 الأنباء الكويتية

قالت وكالة بلومبيرغ الاخبارية إنه في عام 2016 عندما حذر وزير المالية آنذاك أنس الصالح من أن الوقت قد حان لخفض الإنفاق والاستعداد لحقبة ما بعد النفط، قوبل هذا التحذير برفض شعبي كبير، ولكن بعد 4 سنوات من هذا التحذير اصبحت الكويت، التي تعتبر واحدة من أغنى دول العالم، تكافح لتغطية نفقاتها، في حين يثير الانخفاض الحاد في أسعار النفط أسئلة عميقة حول الكيفية التي تدار بها اقتصاديات دول الخليج المصدرة للبترول.

واستعرضت الوكالة في تحليلها أزمة التمويل ونقص السيولة بالكويت، والخلاف القائم بين الحكومة ومجلس الأمة، حيث قالت ان الوزير انس الصالح ترجل عن وزارة المالية منذ زمن بعيد وانتقل إلى مناصب وزارية أخرى.

ثم تركت الوزيرة مريم العقيل حقيبة وزارة المالية في يناير 2020، بعد أسبوعين من تقديمها اقتراحا بإعادة هيكلة فاتورة رواتب القطاع العام، والتي تعد أكبر عبء منفرد يستنزف المالية العامة للدولة، ثم توالى مسلسل التحذيرات عندما نبه وزير المالية الحالي براك الشيتان، الشهر الماضي من مخاطر عدم وجود ما يكفي من الاموال لدفع رواتب موظفي الدولة بعد أكتوبر.

لحظة المحاسبة

ومضت الوكالة الى القول ان البطء الشديد في تعديل عادات الإنفاق الضخم مع انخفاض عائدات النفط، يتواكب مع اقتراب دول الخليج من لحظة المحاسبة الاقتصادية، على نحو أثار جدلا متجددا حول مستقبل الدول التي ظلت تنفق بسخاء على شعوبها على مدى عقود.

وقال المدير الشريك في شركة بن سري، وهي شركة متخصصة في الإعلام السياسي والمالي، فواز السري: «سنستيقظ يوما ما وندرك أننا استنفدنا جميع مدخراتنا، ليس بسبب جهلنا للواقع بل بسبب تجاهلنا للواقع، كالشخص الذي ينظر إلى كشف حسابه البنكي ويرى تدني مدخراته ويقول ربما هناك خلل بنكي، ثم يشتري ساعة ثمينة».

السقوط الحر

ويقدر صندوق النقد الدولي أن تنخفض صادرات الكويت من النفط والغاز هذا العام إلى ما يقرب من نصف ذروتها في 2014، وعلى الرغم من محاولات منظمة «أوپيك» لإعادت إحياء اسعار النفط الخام من انخفاضها التاريخي هذا العام، إلا أن مستوى 40 دولارا للبرميل لايزال منخفضا للغاية، وفي غضون ذلك تهدد جائحة فيروس كورونا والتحول نحو الطاقة المتجددة بإبقاء الأسعار منخفضة.

وفي دول الخليج الاخرى، قالت بلومبيرغ ان السعودية ماضية في تقليص المزايا وفرض الضرائب، اما البحرين وسلطنة عمان، حيث الاحتياطيات النفطية أقل وفرة فهما تقترضان وتطلبان الدعم من جاراتهما، اما الإمارات فقد نوعت اقتصادها مع صعود دبي كمركز للخدمات اللوجستية والتمويل.

جمود سياسي

وفي الكويت، فقد وصلت حالة من الجمود السياسي جراء المواجهة بين مجلس الامة والحكومة، فيما أحبط المجلس خططا لإعادة النظر في المصروفات والمنح الحكومية، كما أجهض مقترحات لإصدار الديون، وبدلا من ذلك، أوشكت الحكومة على استنفاد أصولها السائلة لتجد نفسها غير قادرة على تغطية عجز الميزانية المتوقع أن يلامس 46 مليار دولار تقريبا هذا العام. وشهدت الكويت تراجعا تدريجيا بعد ان كانت في سبعينيات القرن الماضي من بين أكثر دول الخليج ديناميكية ببرلمانها القوي والواضح وتراثها الريادي وشعبها المثقف.

ولكن انهيارا في سوق الأوراق المالية غير الرسمي في عام 1982، هز أركان الاقتصاد الكويتي بالتزامن مع عدم الاستقرار الناجم عن الحرب الإيرانية ـ العراقية التي استمرت قرابة عقد من الزمن. ثم شرعت الكويت في فورة إنفاق لإعادة الإعمار بعد الغزو العراقي عام 1990 واحتاجت البلاد سنوات قبل ان تشهد تدفق انتاج النفط بحرية من جديد.

ولاتزال الكويت تعتمد على الهيدروكربونات التي توفر 90% من ايرادات الدولة، وتوظف 80% من العمال الكويتيين، الذين يتقاضون رواتب أعلى من نظرائهم في القطاع الخاص. ويمكن أن يبلغ إجمالي مزايا السكن والوقود والطعام ألفي دولار شهريا لعائلة متوسطة. ويمتص بند الرواتب والدعم ثلاثة أرباع فاتورة الانفاق الحكومي، فيما ستسجل الكويت عجزا للعام السابع على التوالي منذ انخفاض اسعار النفط في 2014.

مدخرات مدى الحياة

لكن وكالة بلومبيرغ قالت ان الكويت لديها أموال كثيرة غير انها مودعة في صندوق احتياطي الاجيال المقبلة المصمم لضمان العيش برخاء بعد نفاد النفط، والذي يعتبر رابع أكبر صندوق في العالم باصول توازي 550 مليار دولار ولا يمكن السحب منه، بل ان المساس به يعتبر اقتراحا مثيرا للجدل. لكن بعض الكويتيين يقولون ان الوقت قد حان للسحب من الصندوق، فيما يحذر المعارضون من أنه بدون تنويع الاقتصاد وخلق فرص العمل، فإن المدخرات ستنفد في غضون 15 إلى 20 عاما، وفي هذا السياق قال رئيس شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون: «إنها ليست مشكلة ملاءة رغم أنها تعتبر نضوبا نقديا».

لقد بدأت الكويت بالفعل استخدام صندوق الثروة لاغراض الإنقاذ، حيث تم شراء ما تزيد قيمته عن 7 مليارات دولار من الأصول من الخزانة في الأسابيع الأخيرة، وقد وافق مجلس الامة على ان يوقف التحويل السنوي بنسبة 10% من عائدات النفط إلى الصندوق، في سنوات العجز وبالتالي يتم تحرير 12 مليار دولار أخرى، لكنها ليست كافية لتغطية عجز الميزانية التي توجب على الحكومة الاقتراض.

ولكن بعد إصدار سندات دولية لأول مرة في 2017، انتهى مفعول قانون الدين العام، فيما جاءت تحذيرات الوزير براك الشيتان بشأن الأجور عندما حاول دون جدوى إقناع مجلس الأمة بدعم خطط اقتراض ما يصل إلى 65 مليار دولار.

وقد تزامنت مقترحات الشيتان مع كشف النقاب عن سلسلة من فضائح الفساد، وطالب اعضاء مجلس الأمة الحكومة بإنهاء الكسب غير المشروع قبل تراكم الديون، وقالت بلومبيرغ ان هذا المأزق قد أدى إلى تقويض ثقة المستثمرين.

ففي مارس، وضعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية التصنيف السيادي للكويت تحت المراقبة تمهيدا لمراجعة سلبية، وتبعتها وكالة موديز ايضا بقرار مماثل، وقال صندوق النقد الدولي في ذلك الشهر إن: «فرص الكويت لمواجهة تحدياتها من موقع القوة آخذة في الانحسار».

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.