لا شك أن قطاع العقار الاستثماري كان أحد القطاعات الاقتصادية التي تضررت بأزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) حاله في ذلك حال باقي القطاعات، خاصة أن هذا القطاع يعتمد بالدرجة الاولى على شريحة الوافدين الذين عانوا وبشدة بسبب هذه الجائحة، بعد فقد الكثير منهم لوظائفهم او على الاقل خفضت رواتبهم بحدود النصف.
ملاك العقارات الإستثمارية استشعروا هذا التأثر منذ الأشهر الاولى للجائحة، ليتدارك البعض منهم هذه الآثار السلبية عن طريق خصومات شهرية امتدت لستة أشهر في بعض الاحيان، أو إعفاءات تفاوتت مددها بين شهر وثلاثة أشهر، فيما لم تمنع الجائحة البعض الاخر من الملاك المطالبة بالايجارات كاملة بل وحتى مقاضاة من تأخر في الدفع سواء لظروف قاهرة أو بغير سبب في بعض الاحيان.
معاناة العقار الاستثماري لم تتوقف عند هذا الحد، بل ان هناك من يتوقع أن تزداد هذه المعاناة مع نهاية العام الحالي وبداية العام المقبل، فالجائحة مازالت مستمرة، ومعاناة الوافدين لم تنته بعد.
وعلى الرغم من ذلك كله، أكدت أوساط عقارية مسؤولة أن الأزمة العقارية لم تؤثر كثيرا على العقار الإستثماري الذي كان وسيبقى قويا ومتماسكا، بدليل أن الطلب على هذا العقار مازال كبيرا، بل وأنه يكاد يكون في ارتفاع سواء من قبل الملاك أو المستأجرين على حد سواء، خاصة أن عوائد هذا القطاع مازالت الاعلى بالسوق، حيث أنها مازالت تتراوح ما بين 6 و7%، وهي نسبة لا توجد في أي قطاع آخر في الوقت الراهن.
بداية، قال نائب رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي لشركة أركان الكويت العقارية عبدالرحمن التركيت، ان العقار الاستثماري مازال متماسكا وثابتا على الرغم من الازمة التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا «كوفيد 19»، فعوائد هذا القطاع مازالت تتراوح بين 6 و7% على الرغم من انخفاض القيم الايجارية في بعض المناطق التي كان على رأسها (المهبولة والجليب) التي تضررت الايجارات فيها لأسباب نفسية لا أكثر.
وأضاف أن ما يدل على قوة وتماسك العقار الاستثماري هو ثبات عوائده التي مازالت تعتبر الاعلى مقارنة بعوائد باقي القطاعات العقارية أو حتى مقارنة بعوائد البنوك التي أصبحت في أدنى مستوياتها في الوقت الراهن.
وقال التركيت ان العقار الاستثماري يدخل في صلب عمل البنوك المحلية، وبالتالي فإن أي تأثير سيواجهه هذا العقار سيجعل من البنوك المتضرر الاول، خاصة أن شريحة كبيرة من الشركات العقارية وملاك العقار لديهم رهونات عقارية كبيرة مع كافة البنوك الكويتية.
إعفاءات وتخفيضات
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي في شركة ريم العقارية، شلاش الحجرف، ان الرؤية المستقبلية لوضع العقار الاستثماري لم تتضح بعد، فالكثير من الشركات العقارية وملاك العقار قاموا بمنح المستأجرين إعفاءات محدودة أو تخفيضات معينة، فيما لجأت شركات أخرى إلى تقسيط المبالغ المستحقة على المستأجرين بنسب متفاوتة، ومن هنا فإنه من الصعب الحكم على الصورة النهائية لوضع العقار الاستثماري قبل أن تنتهي مدة الاعفاءات أو الخصومات التي قد تمتد حتى نهاية العام الحالي.
في الوقت نفسه لم ينف الحجرف أن بعض المناطق الاستثمارية شهدت بالفعل انخفاضا في القيم الايجارية خلال الفترة الاخيرة، لاسيما منها مناطق العمالة الهامشية كالمهبولة وجليب الشيوخ التي شهدت انخفاضا ملحوظا بالقيم الايجارية تراوحت بين 10 و15% حاليا، وهي انخفاضات مؤثرة بدون أدنى شك على العقار الاستثماري في تلك المناطق.
ولفت الحجرف إلى ان التعديلات الاخيرة التي شهدها قانون الايجارات منحت ملاك العقار قوة إضافية للحفاظ على القيم الايجارية الحالية، فقد ساهمت هذه التعديلات في تخفيف الاعباء عن المستأجرين عن طريق منحهم الفرصة لتقسيط القيم الايجارية المستحقة عليهم على دفعات، ما قد يساعد الملاك على الحفاظ على القيم الايجارية الحالية لحين اتضاح الصورة بشكلها النهائي.
من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية إبراهيم العوضي أن تأثر القطاع الاستثماري بجائحة فيروس كورونا كان بدرجات متفاوتة، حيث اختلف التفاوت على حسب موقع كل عقار ومدى جودته ودرجة تشطيبه..وغيرها من العوامل الاخرى، لافتا إلى أن مناطق المهبولة والمنقف وجليب الشيوخ كانت من أكثر المناطق الاستثمارية تأثرا بهذه الجائحة.
واشار إلى أن العقار الاستثماري يبقى هو العقار الاكثر استقرارا مقارنة بباقي القطاعات العقارية الاخرى، لاسيما إذا ما قورن بالعقار التجاري الذي شهد ضغوطا كبيرة أثناء وبعد جائحة كورونا.
وتوقع العوضي أن تشهد العقارات الاستثمارية النمطية المؤلفة من غرفتين وصالة تأثيرا سلبيا خلال المرحلة المقبلة نتيجة تغير سلوك المستأجرين الذين باتوا يبحثون عن عقارات أصغر مساحة (غرفة وصالة أو ستديو)، بمعنى أن هناك نوعية معينة من العقار ستتأثر وأخرى ستشهد طلبا أكبر في المرحلة المقبلة، مؤكدا في الوقت نفسه أن نسبة الاشغال في العقارات ذات الغرفة وصالة تبلغ 100% في الوقت الراهن.
أما على صعيد معدلات الايجارات الحالية، فقد أكد العوضي على ان معدلات الايجارات في مناطق السالمية وميدان حولي مازالت على نفس المستوى، بينما شهدت مناطق المهبولة والمنقف والجليب انخفاضا بواقع 10%، في حين لم تتأثر مناطق الفروانية وخيطان بشكل يذكر.
عزوف المستثمرين
من جهة أخرى، كان لمدير شركة المؤشر للاستشارات العقارية والاقتصادية، حامد السهيل، وجهة نظر مختلفة، حيث رأى أن العقار الاستثماري يشهد حاليا حالة من العزوف من قبل المستثمرين نتيجة انكماش شريحة الوافدين بشكل واضح وانخفاض مدخولهم الشهري بشكل مؤثر، متوقعا في الوقت ذاته استمرار الانكماش لسنوات قادمة.
وأضاف أن المستثمر العقاري أصبح متشائما في توقعاته لمستقبل العقار الاستثماري، خاصة أن التصحيح الفعلي للسوق سيبدأ بعد أن تحل الأقساط البنكية، و«من يشتري الآن فهو مستثمر غير واع لأن توقعاتنا بأن الأزمة ستنكشف آثارها قريبا ويبدأ العقار الاستثماري بالسقوط».
الإيجارات بدأت تعود لطبيعتها
قال عبدالرحمن التركيت ان المتتبع لحركة السوق العقاري الكويتي يلحظ طلبا كبيرا على العقارات الاستثمارية التي يتوقع أن يرتفع الطلب عليها أكثر في المرحلة المقبلة، خاصة بعد أن أثبت هذا القطاع قوته بعد مرور أكثر من 7 اشهر على جائحة فيروس كورونا، حيث مازالت القطاعات الحكومية والخاصة وعدد كبير من الشركات تبحث عن عقارات استثمارية لإستئجارها لعمالتها.
ونفى التركيت ما يروج حاليا حول تأثير خروج العمالة الوافدة على العقار الاستثماري، مبينا أن نسبة الاشغال في العقار الاستثماري في الكويت مازالت تفوق الـ 87% في معظم المناطق الاستثمارية، والتي تعتبر نسبة جيدة في ظل الظروف الحالية التي تعرض لها العالم كله بسبب هذه الجائحة.
وحول انخفاض القيم الايجارية للعقارات الاستثمارية، أكد التركيت أن القيم الايجارية شهدت انخفاضا متفاوتا خلال الفترة الاخيرة، في حين بلغ الانخفاض في المهبولة نسبة تراوحت بين 10 و15%، معتبرا أن هذا الانخفاض ليس إلا حركة تصحيحية لأسعار الايجارات بشكل عام لكنها بدأت بالعودة إلى معدلاتها الطبيعية، مضيفا أن هذا التصحيح من شأنه أن يعطي ثباتا للاسعار لفترة تمتد إلى نحو عامين للامام.
أغلب العقارات الاستثمارية.. مخالفة
رأى حامد السهيل ان تخوف قطاع البنوك ونسبة الفائدة هما السبب الرئيسي حاليا في تماسك العقار الاستثماري والتجاري ايضا، خاصة مع وقف الاقساط وهذا يكون على حساب ارتفاع المخاطر على البنوك التي تأمل ان تتضح الصورة اكثر حتى تتمكن من اتخاذ القرار المناسب.
وقال السهيل ان العقارات الاستثمارية في غالبها عقارات مخالفة والعائد فيها يعتمد على المخالفات، فأي قرار من قبل البلدية بتطبيق القانون بحزم سيكون له أثر كبير في تصحيح أسعار العقار الاستثماري المنتفخة بفعل هذه المخالفات والتلاعب بأسعار السوق، حيث الشقق المرخصة كغرفة وصالة تطرح في السوق على اساس غرفتين وصالة بمساحة 60 مترا تقريبا لذا تجد ان العائد في اغلب العقارات الاستثمارية هو عائد او مدخول لا يتناسب مع ترخيص العقار وعدم الالتزام بالمساحات الأدنى حسب اشتراطات البلدية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}