نبض أرقام
05:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

ليلة القبض على الكنز .. كيف تمكن الأمريكيون من الاستيلاء على ذهب "هتلر"؟

2020/10/16 أرقام - خاص

في وقت متأخر من مساء الثاني والعشرين من مارس 1945 عبر الجيش الثالث للولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية تحت قيادة الجنرال "جورج باتون" نهر الراين، قبل أن يتقدم نحو قلب ألمانيا وتحديدًا إلى شمال شرق مدينة فرانكفورت، ليصبح الجيش الأمريكي هو أول جيش معاد يتمكن من عبور الراين منذ عبور نابليون له في عام 1805.

 

 

استمر الجيش الأمريكي في التقدم، وقبل ظهر الرابع من أبريل سقطت قرية "ميركرز" الواقعة في ولاية تورينجن بوسط ألمانيا في أيدي أفراد الكتيبة الثالثة من فوج المشاة 358 التابع للجيش الثالث، وخلال يومي الرابع والخامس من أبريل بدأت عناصر الاستخبارات بالجيش الأمريكي في استجواب مجموعة من العمال الفرنسيين كانت تعمل في منجم كبير في القرية.

 

مَن الذي أفشى السر؟

 

أخبر الفرنسيون الاستخبارات العسكرية الأمريكية بأنهم سمعوا أثناء عملهم في "ميركرز" شائعات تتحدث حول أن الألمان قاموا بتخزين كميات كبيرة من الذهب في مكان ما بالمنجم، وعلى الفور تم نقل تلك المعلومات من الكتيبة إلى فرقة المشاة، لتصدر أوامر بمنع اقتراب أي مدني من المنطقة المحيطة بالمنجم.

 

وفي وقت مبكر من صباح السادس من أبريل، تأكدت الشائعات حين أخبرت امرأتان فرنسيتان الاستخبارات العسكرية الأمريكية بأن الألمان جاءوا قبل عدة أسابيع إلى منجم "ميركرز" وقاموا بمساعدة مجموعة من العمال بتخزين الاحتياطي الألماني من الذهب، فضلًا عن مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية والتحف الثمينة.

 

بحلول ظهر ذلك اليوم، وصلت قصة المرأتين الفرنسيتين إلى قيادة فرقة المشاة لينتقل على الفور الملازم "ويليام راسل" إلى القرية ويقوم باستجواب مجموعة أخرى من السكان، وأكد الاستجواب ما قالته المرأتان، فضلًا عن إشارة عدد ممن تم استجوابهم إلى أن الدكتور "بول راف" أمين عام المتحف الألماني في برلين كان حاضرًا بنفسه أثناء عملية تخزين اللوحات؟!

 

 

بعد مواجهته لمسؤولي المنجم بهذه المعلومات واعترافهم بصحتها، طلب "راسل" من القيادة إرسال كتيبة الدبابات رقم 712 إلى "ميركرز" لحماية مداخل المنجم، كما أمر عناصر الشرطة العسكرية التابعة للفرقة التاسعة عشرة بالانتشار في المناطق القريبة من المداخل وتأمين المحولات المسؤولة عن توليد الطاقة والكهرباء للمنجم.

 

اكتشف "راسل" بعد ذلك أن النجم له 5 مداخل وأن كتيبة واحدة من الدبابات لن تكون كافية لتأمين جميع المداخل، ولذلك طلب إرسال تعزيزات، وهو ما وافقت عليه قيادة فرقة المشاة التاسعة عشرة، لتقوم بإرسال فوج المشاة 357 إلى "ميركرز".

 

في نفس اليوم، اتصل قائد الفيلق الثاني عشر التابع للجيش الثالث بالجنرال "جورج باتون" ليخبره بأنه تم العثور على الاحتياطيات الألمانية من الذهب في "ميركرز"، ليحذره "باتون" الذي سئم من الشائعات من الحديث حول ذلك الأمر قبل أن يضع الجنود الأمريكيون أيديهم على الذهب بالفعل.

 

كيف وصل الكنز إلى "ميركرز"؟

 

طوال الحرب العالمية الثانية التي اندلعت في عام 1939 احتفظ الألمان بالجزء الأكبر من احتياطياتهم من الذهب في بنك الرايخ بالعاصمة برلين، ولكن في عام 1943 قام الألمان بشحن جزء من احتياطي الذهب وتوزيعه على بنوك محلية تابعة للبنك المركزي.

 

ومع ازدياد حدة القصف الأمريكي لبرلين في أواخر 1944 وأوائل 1945، تم نقل المزيد من الذهب القابع في خزينة بنك الرايخ من برلين إلى بنوك فرعية أخرى تقع في وسط وجنوب ألمانيا، ولكن ظل الجزء الأكبر من الاحتياطي في خزينة البنك المركزي حتى بداية فبراير 1945.

 

 

في الثالث من فبراير قامت قاذفات القنابل الأمريكية "بي 17" بإلقاء ما يقرب من 23 طنًا من القنابل على برلين، مما تسبب في هدم جزء كبير من مباني بنك الرايخ، وبعد انتهاء القصف قرر رئيس البنك "فالترفونك" إرسال معظم الاحتياطيات الألمانية من الذهب –والتي تبلغ قيمتها في ذلك الوقت نحو 238 مليون دولار –فضلًا عن كمية كبيرة من الاحتياطيات النقدية إلى منجم "ميركرز" الواقع على بعد 200 ميل جنوب غرب برلين.

 

في 11 فبراير تم نقل الذهب الموجود في البنك المركزي وكذلك الذهب الذي كانت تحتفظ به البنوك المحلية – والذي تم إعادته لبرلين – بالإضافة إلى ما مجموعه مليار "رايخ مارك" إلى منجم "ميركرز" عبر السكك الحديدية، وبمجرد وصول القطار إلى "ميركرز" تم تفريغ الكنز ووضعه في قبو سري داخل المنجم.

 

وبعد شهر، قرر الألمان إرسال التحف الثمينة واللوحات الفنية التاريخية إلى عدة مناجم أهمها "ميركرز". وفي الفترة ما بين 20 و31 مارس قام الألمان بنقل ربع المقتنيات الموجودة بـ14 متحفًا ألمانيًا إلى منجم "ميركرز".

 

الأمريكيون يضعون أيديهم على الكنز

 

عندما بدأ الجيش الأمريكي في التحرك نحو "ميركرز" في بداية أبريل حاول الألمان نقل الكنز الموجود في المنجم إلى مكان آخر ولكنهم لم يتمكنوا من فعل ذلك بسبب سرعة التقدم الأمريكي تجاه القرية والتعطل الجزئي لخطوط السكك الحديدية في ألمانيا بسبب عطلة عيد الصفح.

 

في الساعة العاشرة من صباح السابع من أبريل 1945 دخل أفراد الجيش الأمريكي إلى المنجم رفقة عدد من العاملين به، قبل أن يصلوا إلى باب القبو الذي يحوي الكنز الألماني، حاول الأمريكيون فتح الباب الفولاذي الثقيل غير أن محاولاتهم باءت بالفشل وهو ما تطلب استدعاء المهندسين العسكريين لكي يقوموا بتفجيره.

 

 

وفي وقت مبكر من صباح الثامن من أبريل قام المهندسون العسكريون بتفجير جزء من جدار القبو الذي كان يبلغ سمكه 3 أقدام بالديناميت، ودخل الأمريكيون إلى القبو الذي كان يبلغ عرضه 75 قدمًا وطوله 150 قدمًا وارتفاعه 12 قدمًا ليجدوا أكثر من 7 آلاف كيس متراصة في 20 صفًا.

 

بعد فتح الأكياس وجرد محتوى القبو، تمكن الأمريكيون من إحصاء 8119 سبيكة من الذهب، و55 صندوقًا من المشغولات الذهبية و1300 كيس من العملات الذهبية ومئات الأكياس من العملات الأجنبية و40 حقيبة من الفضة و6 قضبان من البلاتين و1300 صندوق يحتوون على ما مجموعه 2.76 مليار رايخ مارك.

 

وأثناء تفقدهم للقبو اكتشف الأمريكيون وجود مجموعة من الأنفاق المتفرعة منه أخفى فيها الألمان ما يقرب من 400 طن من التحف واللوحات الفنية الثمينة.


 

في يومي السادس عشر والسابع عشر من أبريل قام الجيش الأمريكي بنقل الذهب والتحف الفنية من المنجم في قافلتين منفصلتين تم تأمينهما بفرق من المشاة والدبابات والشرطة العسكرية، فضلًا عن حمايتهما جويًا حتى وصولهما إلى فرع بنك الرايخ في فرانكفورت الواقعة في ذلك الوقت تحت سيطرة الجيش الأمريكي.

 

في منتصف أغسطس 1945 قام خبراء من وزارة الخزاة الأمريكية وبنك إنجلترا بتقييم الاحتياطيات الألمانية من الذهب والفضة التي تم الاستيلاء عليها من "ميركرز" بنحو 262 مليون دولار، وفي صيف عام 1945 بدأت عملية إعادة الأعمال الفنية المنهوبة إلى الدول المالكة لها.

 

وفي أوائل عام 1946، بدأت لجنة ثلاثية كونها الحلفاء في إعادة الذهب الذي قام الألمان بسرقته من البنوك المركزية للبلدان الأوروبية التي تمكنوا من اجتياحها خلال الحرب مثل هولندا وبلجيكا.

 

 

المصادر: أرقام–إدارةالأرشيفوالوثائقالوطنية الأمريكية

Report of developments in removal of Treasure from Kaiseroda at Merkers

U.S and Allied Efforts To Recover and Restore Gold and Other Assets Stolen or Hidden by Germany During World War II

The Mighty Eighth War Diary

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.