رغم أن الجهاز الإداري للدولة يحتوي على 15 جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة إلا أن كثيرا من تلك الجهات لا يباشر نشاطا اقتصاديا ينتج من خلاله أرباح سنوية تؤول الى الخزينة العامة للدولة للمساهمة في سد العجز المالي المتفاقم منذ 7 سنوات نتيجة انخفاض أسعار النفط عن مستوياتها التاريخية والتداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد.
وتلك التحديات التي تواجهها الدولة يختلف حاليا عما سبقه من سنوات الأزمة، إذ إن المال الاحتياطي العام كان قادرا سابقا على تمويل عجز الميزانية على المدى المتوسط، إضافة الى ما كانت تملكه الحكومة في حينها من تشريع يخولها بأخذ قرض عام لتدبير ما تحتاج اليه من أموال لتغطية العجز في ايرادات الميزانية.
ووفقا لآلية التعامل القانونية مع نتائج الأعمال الفعلية لكل جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة فإنها تقسم الى 3 فئات، وهي جهات يسمح قانون إنشائها بتحويل جزء من أرباحها إلى خزينة الدولة وهي 5 جهات تتمثل في مؤسسة البترول الكويتية والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة العامة للصناعة ومؤسسة الموانئ الكويتية وبنك الكويت المركزي، وتحتفظ بعض هذه الجهات بحد أدنى 10% من صافي أرباحها المحققة باستثناء الهيئة العامة للصناعة التي تحتفظ بحد أدنى 10% من صافي الربح التشغيلي، وهذه الجهات الاربع باستثناء «المركزي» هي التي تحول أرباح فقط الى الخزينة العامة للدولة.
أما بنك الكويت المركزي فتؤول أرباحه بالكامل إلى الاحتياطي العام للدولة متى ما بلغ احتياطي البنك السقف المحدد الصادر بشأنه قرار من وزير المالية بناء على اقتراح مجلس إدارة البنك.
وثاني الجهات الحكومية التي تحول أرباحها الى احتياطياتها فقط وفق قانون انشائها تتمثل في 3 جهات هي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وتحول أرباحها الى احتياطات الصناديق الائتمانية ليعاد استثمارها، وبنك الائتمان الكويتي ويحول أرباحه الى احتياطيه العام وفقا لنظامه الأساسي، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وتقيد كل الارباح الصافية السنوية في احتياطي الصندوق بعد استقطاع حصة المؤسسة العامة للرعاية السكنية بما لا يجاوز نسبة الـ25%.
وثالثا هي جهات تحقق خسائر في نتائج اعمالها وتمول من خزينة الدولة ويبلغ عددها 7 جهات، حيث تتلقى هذه الجهات تمويلا سنويا من الاحتياطي العام للدولة لتغطية خسائرها لأن طبيعة أعمالها لا تحقق لها موارد مالية كافية تغطي مصروفاتها وهي (المؤسسة العامة للرعاية السكنية ـ وكالة الأنباء الكويتية ـ بيت الزكاة ـ معهد الكويت للأبحاث ـ الهيئة العامة للطرق والنقل البري).
ومن ضمن القائمة هيئة أسواق المال التي تغطي خسائرها السنوية من احتياطيها العام، علما بأن رصيده متآكل ويتوجب على الحكومة استكمال النقص فيه وفق قانون إنشائها.
وأيضا الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وترصد له ميزانية إدارية ويتلقى تمويلا سنويا من الاحتياطي العام للدولة لتغطية خسائره، علما بأنه في حال تحقيقه لأرباح صافية فإنه يستقطع منها 10% ليحتفظ بها كاحتياطي له ويؤول الباقي الى الهيئة العامة للاستثمار (الاحتياطي العام للدولة).
وكان مجلس الامة وافق على تحويل نصيب الخزينة العامة للدولة من أرباح 4 جهات حكومية وهي مؤسسة البترول الكويتية والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة العامة للصناعة ومؤسسة الموانئ الكويتية، وذلك عن العامين الماليين المنتهيين في 2018/2019 و2019/2020 لدعم مواردها المالية التي تعاني من شح في سيولتها.
مع التنويه إلى ان أرباح بنك الكويت المركزي للعامين الماليين الماضيين ستنتقل الى الاحتياطي العام للبنك كما جاءت في الموافقة الصادرة من وزير المالية بتاريخ 29 أكتوبر 2014 بشأن زيادة سقف رصيده إلى مليار دينار ليصل بذلك نسبة التغطية فيه إلى 95% حيث ان المبلغ المتبقي له فقط 45.1 مليون دينار، ويبلغ الرصيد الحالي لاحتياطي البنك نحو 954.8 مليون دينار بعد تحويل ارباح 2018/2019 البالغ 212.1 مليون دينار وارباح 2019/2020 البالغة 194.5 مليون دينار، علما بأن رصيده السابق كان يبلغ 548.2 مليون دينار.
تحويل 10 مليارات
كما انه ومنذ بداية التنسيق الحكومي في تحويل الارباح المالية للجهات المستقلة للسنة الثالثة على التوالي فقد ساهم الأمر بتحويل 10 مليارات دينار الامر الذي يقتضي متابعة الحكومة مع الهيئة العامة للاستثمار لتوريدها لخزينة الدولة بتعزيز مواردها المالية، مع التنويه الى ان بعض تلك الارباح تم توريدها مباشرة بعد اقرار الحسابات الختامية للدولة مؤخرا واخرى تمت جدولتها لتسدد على دفعات وفق جدول زمني معين متفق عليه ما بين الجهات الحكومية.
هذا، وتبلغ قيمة المبالغ المالية المحولة من ارباح مؤسسة الموانئ الكويتية لخزانة الدولة ما قيمته 210 ملايين دينار عن 5 سنوات المالية، وقامت الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات بتحويل 236.4 مليون دينار لخزينة الدولة كذلك عن 4 سنوات المالية، أما الهيئة العامة للصناعة فقامت بتحويل 137 مليون دينار خلال 4 سنوات مالية.
تجدر الاشارة إلى ان انتشار جائحة كورونا خلفت اثارا اقتصادية ومالية صعبة في ارجاء العالم نتيجة اجراءات الاغلاق الواسع لاقتصاديات الدول ومن بينها الكويت بهدف السيطرة على انتشار الجائحة واحتوائها، وانعكست هذه الاجراءات على اسعار النفط متسببة في انخفاض هائل فيها، حيث استقبلت الكويت ميزانيها للسنة المالية 2020/2021 بسعر بيع فعلي لبرميل خام التصدير الكويتي بـ16.6 دولارا.
الأمر الذي ترتب عليه قيام وزارة المالية بتعديل تقديرات الايرادات النفطية في مشروع الميزانية المالية الجديدة بانخفاض قدره 56% عما تقدمت به الحكومة في مشروع القانون المحال الى مجلس الامة.
3 توصيات
تعمل وزارة المالية على تعظيم الاحتياطي العام للدولة من خلال التوصيات التالية:
1 ـ المتابعة مع الهيئة العامة للاستثمار لتوريد الاربــاح السنوية للجهـــات المستقلــــة الى الخزينـــة العامـــــة للدولة وذلك دعمــا لمواردهــــــا الماليــة.
2 ـ على كل جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة توجيه احتياطاتها المالية المحتجزة لديها لتنفيذ مشاريعها المعتمدة بما يضمن تعظيم صافي أرباحها لما لذلك من اثار مباشرة على الاحتياطي العام للدولة باعتبارها جزءا من اصوله.
3 ـ عدم توظيف الاحتياطات المالية المحتجزة لدى الجهات الحكومية ذات الميزانية المستقلة باستثمارات طويلـــة الاجـــل تجنبـــا لتأخيـــر تنفيذ مشاريعهــــا الرأسماليــــــة مع ما يصاحب ذلك من تعارض للغـــرض الذي احتجــــزت من أجلـــه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}