نبض أرقام
06:49 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

لماذا يبدو قرار البيع الأكثر تعقيداً في سوق الأسهم؟

2020/12/25 أرقام - خاص

عندما يقرر أي شخص الاستثمار في سوق الأسهم فإنه يضع نصب عينيه هدفاً وحيداً وهو تحقيق أقصى ربح ممكن وتفادي الخسائر بقدر الإمكان.

 

لكن في الوقت الذي يهتم فيه معظم المستثمرين بكيفية اختيار الحصان الرابح والمستوى المناسب للشراء، فإنهم يتناسون أن قرار البيع لا يقل أهمية بل أنه غالباً ما يكون الأكثر صعوبة كذلك.

 

 

معضلة البيع

 

يبدو قرار شراء سهم ما أمراً سهلاً نسبياً لمعظم المستثمرين، فربما يتمثل الدافع في ارتفاع إيرادات أو أرباح الشركة، أو توقعات بإطلاق منتج جديد قريباً.

 

كما قد يتجه البعض لشراء سهم شركة ما بعد تكهنات بأنها أصبحت هدفاً لعملية استحواذ محتملة، أو ربما لأن السعر المتداول للسهم يبدو جذاباً مقارنة بالأساسيات.

 

لكن الأمر الأبرز هو أن قرار الشراء يكون دائماً مرتبطاً بالتفاؤل، فأي شخص يتجه لشراء سهم ما يتملكه شعور بالحماس حيال احتمالية صعود السعر في المستقبل وبالتبعية تحقيق أرباح جيدة.

 

لكن على النقيض، عندما يتعلق الأمر بقرار البيع فإن المستثمر قد لا يمتلك شعوراً واحداً وواضحاً بنفس الشكل سواء بالتفاؤل أو حتى بالتشاؤم .

 

وفي العادة، يتجه المستثمرون لاتخاذ قرار البيع لسببين؛ الأول هو تحويل الربح الورقي إلى آخر فعلي، والثاني يتمثل في السعي لوقف الخسائر.

 

 

لكنه عندما يعتزم المستثمر تنفيذ القرار تظهر الصراعات الداخلية بين بعض المشاعر المتضاربة والانحيازات المعرفية والشعورية.

 

معضلة البيع تأتي من ميل الكثيرين للوصول إلى الكمال في الاستثمار، فأن تحقق أكبر مكاسب ممكنة وتتفادى أي خسائر محتملة يظل طموحاً مطلوباً ومشروعاً، لكن افتراض إمكانية حدوثه دائماً بمثابة أمر غير واقعي.

 

والواقع أنه لا وجود لنهج واحد يناسب الجميع عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، فقرار الشراء أو البيع يختلف حسب شخصية وهدف واستراتيجية كل فرد.

 

ورغم اختلاف أساليب الاستثمار وأهدافه بشكل جذري بين الجميع، فإن هناك وجه تشابه وحيداً يبدو مهماً للغاية لتحديد إمكانية الربح والنجاح من عدمه: الانضباط

 

وإذا لم يمتلك الشخص التزاماً باستراتيجية معينة فإنه يكون أقرب للمقامر منه للمستثمر، وفي هذا الإطار فإنه يجب النظر إلى قرار البيع باعتباره جزءاً من إدارة المخاطر.

 

الأمر يشبه وثيقة التأمين على المنزل، إذا تعرض لأي ضرر محتمل فإن الوثيقة تقوم بتقليص درجة خسائرك.

 

والبيع أيضاً يعتبر بمثابة هذه الوثيقة، أنت قادر على الحصول على أرباحك أو إنهاء خسائرك بضغطة زر، لكن متى تعلم أن الوقت قد حان للقيام بها؟.

 

 

صراع الأمل والألم

 

مشكلة قرار البيع تتمثل في أنه يحتاج إلى إدارة جيدة للعاملين الأبرز في الاستثمار بشكل عام: الخوف والطمع.

 

فالمستثمر قد يخشى احتمالية ارتفاع سعر السهم بعد قيامه بالبيع وهو ما يعني فقدان فرصة كانت سانحة لتحقيق أرباح محتملة، وفي الوقت ذاته فإن فكرة الاحتفاظ بسهم ضعيف الأداء قد تعني مزيداً من الهبوط والخسائر أيضاً.

 

تخيل أن مستثمراً قام بشراء سهم عند مستوى 30 ريالاً مع قرار مسبق بالبيع عند وصوله إلى 40 ريالاً، لكن عندما يصل السهم بالفعل لهذا المستوى تظهر أفكار أخرى.

 

يبدأ المستثمر في التفكير في الاحتفاظ وتأجيل قرار البيع لبعض الوقت أملاً في الاستفادة من احتمالية حدوث مزيد من الصعود، ومع استمرار الارتفاع قد يواصل الشخص إرجاء قرار البيع انتظاراً لمكاسب أكبر وأكبر.

 

لكن فجأة يتحول هذا الصعود الكبير والمتواصل إلى هبوط ملحوظ، والسهم الذي كان يتداول أعلى كثيراً من مستوى الشراء أصبح الآن عند 25 ريالاً فحسب.

 

إذن هل سيكون قرار البيع سهلاً الآن؟، بالطبع لا، ستظهر أفكار جديدة في رأس المستثمر تدعوه للانتظار حتى يتعافى السهم قليلاً لتجنب تحقيق خسارة فعلية إذا قام بالتخارج.

 

 

بالطبع سيصل المستثمر في مرحلة ما إلى قرار نهائي بالبيع سواء كانت النتيجة تحقيق ربح أم خسارة، لكن المؤكد أن القرار دائماً لا يكون سهلاً.

 

لكن بالنسبة للمستثمر الراحل "آلان جرينبيرج" فإن قرار البيع لا يعتبر بهذه الصعوبة، لأنه لم يشعر بالقلق حيال الأموال التي قد يحققها في المستقبل وإنما يهتم فقط بما يحدث حالياً.

 

ويقول الرجل إنه إذا كان السوق يرتفع أو حتى يستقر دون تغيير بينما يشهد السهم المملوك له هبوطاً، فإنه يقوم بالبيع.

 

يرى "جرينبيرج" أن الأمر يتعلق بضرورة عدم الوقوع في حب الأسهم التي تمتلكها، يجب أن يرتبط القرار بالوقائع وليس العاطفة مع امتلاك الشجاعة للاعتراف بالخطأ وتصحيحه بشكل سريع.

 

وتبرز الثغرة الأبرز التي تواجه معظم المستثمرين في الشعور بالأمل تجاه إمكانية تعافي السهم وبالتالي الوصول لنقطة التعادل على الأقل وتفادي الخسارة.

 

بالفعل، يشير عالم النفس "دانيال كانيمان" إلى أن المستثمرين مبرمجون على السعي الدائم لتفادي الخسارة، حيث إن ألم الخسائر يعادل مرتين مثل الشعور بالسعادة لتحقيق الأرباح.

 

لماذا يجب البيع؟

 

بصرف النظر عما إذا كان السهم قد تراجع أو ارتفع، يظل السبب الأهم لاتخاذ قرار البيع يتمثل في اختفاء السبب الذي دفع المستثمر للشراء في المقام الأول.

 

 

وإذا لم تتغير الأسباب الدافعة لشراء السهم منذ البداية فإن تمسكك بالسهم يبدو منطقياً، في حين أن تغيير أمور أساسية مثل تباطؤ المبيعات أو تراجع الحصة السوقية أو حدوث تغير في هيكل الإدارة قد تجعل من الضروري اتخاذ قرار البيع.

 

والمستثمر عندما يظل على اتصال دائم بالسوق فإنه يرغب في رصد ما إذا كان سبب شرائه للسهم لا يزال قائماً أم لا بمرور الوقت، وبالتالي تحديد ما إذا كان حان وقت البيع أم أن قرار الاحتفاظ لا يزال صحيحاً.

 

كما يجب على المستثمر النظر في قرار بيع السهم إذا ارتفع السهم إلى نقطة لا تعكس القيمة الأساسية للشركة، أو عندما يصبح التقييم أعلى كثيراً من نظرائها في نفس القطاع.

 

على الجانب الآخر، تبرز أهمية وضع مستوى لوقف الخسائر قبل حتى الدخول في هذا الاستثمار، مع ضرورة الالتزام به وتجاوز المخاوف والآمال غير المبررة.

 

فإذا قام شخص بشراء سهم بسعر 50 ريالاً، فإنه قد يضع أمراً لوقف الخسائر عند الهبوط بنسبة 10%، ما يعني أنه سيتم البيع في حال انخفاض السعر لمستوى 45 ريالاً.

 

ويقوم البعض بتحديث أوامر وقف الخسارة بشكل مستمر مع ارتفاع السعر، فإذا ارتفع السهم لـ100 ريال مثلاً فإن الالتزام بمستوى وقف الخسائر يعني ضرورة البيع في حال وصل السعر لـ90 ريالاً، وهو ما يحمي معظم المكاسب المحققة ويحافظ على فكرة الانضباط الاستثماري في نفس الفترة.

 

لكن يظل هناك دائماً استثناءات محتملة، فبعض المستثمرين لا يفضلون هذا النهج بالنظر إلى احتمالية حدوث انهيار مفاجئ غير مبرر ولا يتعلق بالأساسيات، وهو ما قد ينعكس سريعاً ليستعيد السهم مستوياته التي تبدو مرتبطة بالحقائق.

 

ورغم اختلاف أهداف وأساليب الاستثمار بين الجميع، فإن حل معضلة البيع يبدو مرتكزاً على تجاوز الطمع والخوف مع الالتزام بالخطة الأولية.

 

وتحقيق أي مستثمر للربح وتفادي الخسارة لا يرتبط فحسب باختيار السهم الصحيح والشراء في الوقت المناسب، لكنه أيضاً يتعلق بقرار البيع وتوقيته الذي قد يكون الأمر الأصعب.

 

 

المصادر: أرقام – إنتربيرنر – إيكونوميك تايمز - داتا دريفن إنفستور

كتاب: The Indomitable Investor: Why a Few Succeed in the Stock Market

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.