نبض أرقام
06:01 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

ماذا يعني تعليق اكتتاب "آنت جروب" لصناعة التكنولوجيا المالية؟

2020/11/10 أرقام - خاص

كان يوم الثالث من نوفمبر بمثابة علامة فارقة في مسار شركة "آنت جروب" الصينية وقطاع التكنولوجيا المالية بشكل عام.

 

ويثير الانتشار السريع للتكنولوجيا المالية في قطاعات كانت حكراً سابقاً على البنوك المركزية والمصارف التقليدية مخاوف السلطات التنظيمية حيال الاستقرار المالي.

 

 

انهيار الاكتتاب الأكبر

 

- استحوذت أخبار الاستعداد لطرح أسهم شركة التكنولوجيا المالية "آنت جروب" على عناوين الصحف ومحطات التلفاز حول العالم طوال أسابيع، انتظاراً لما كان سيمثل أكبر اكتتاب عام على الإطلاق.

 

- لكن قبل يومين فحسب من الطرح المنتظر، قررت بورصة شنغهاي الصينية إلغاء الاكتتاب العام الأولي للشركة والذي كان سيجمع نحو 39 مليار دولار، بدعوى أنه لا يلبي المتطلبات التنظيمية الجديدة.

 

- الطرح العام كان سيجعل تقييم "آنت" يصل إلى 359 مليار دولار، وهو ما كان سيجعلها تتجاوز قيمة أكبر بنك تجاري في العالم "جيه بي مورجان" وأكبر من البنك التجاري الصيني.

 

- قرار تعليق الاكتتاب العام جاء بعد يوم واحد من استدعاء السلطات التنظيمية المالية في الصين لعدد من مسؤولي "آنت جروب" ومنهم مؤسس ورئيس "علي بابا" المالكة لشركة المدفوعات المالية الملياردير "جاك ما"، لطرح تساؤلات حول الطرح المرتقب.

 

- وقبل ساعات من قرار تعليق الطرح العام لشركة التكنولوجيا المالية، نشرت الجهات التنظيمية في الصين مسودة قواعد للحد من تسارع سوق التمويل عبر الإنترنت والذي يشهد استخدام المنصات الرقمية المشابهة لـ"آنت" تحليل البيانات لمساعدة البنوك على قرار منح القروض للأفراد والمؤسسات الصغيرة.

 

- شهدت المسودة إضافة قواعد جديدة تنص على ضرورة تقديم منصات الإقراض عبر الإنترنت نحو 30% من رأس المال للقروض المصدرة، في حين تساهم "آنت" حالياً بنحو 2% من القروض المتفق عليها عبر منصتها بينما تقدم البنوك الباقي.

 

- تسببت هذه التعديلات المقترحة في حالة من الحيرة لدى مسؤولي "آنت" بشأن التعريف المفترض للقروض المشتركة وما إذا كانت تتعلق بالإقراض الذي تساهم فيه الشركة أم جميع القروض المتفق عليها عبر المنصة، ومدى الحاجة للحصول على ترخيص جديد.

 

- تعمل "آنت جروب" التي تم تأسيسها قبل ستة عشر عاماً في عدة قطاعات مختلفة مثل الإقراض والمدفوعات والوساطة الرقمية، كما تدير منصة "علي باي" للمدفوعات الإلكترونية في الصين.

 

 

- تدير الشركة الصينية منصة "هوبي" التي تمثل أكبر مزود لخدمات الائتمان عبر الإنترنت في الصين، حيث تعمل كوسيط رقمي لتقديم القروض الصغيرة بين المقترضين وحوالي 100 بنك محلي.

 

- تحصل شركة "آنت جروب" على معظم إيراداتها عن طريق الرسوم التي تحققها من خلال توفير منصة رقمية للبنوك للوصول إلى صغار المقترضين وتقديم قروض صغيرة الحجم.

 

- بالطبع، يمكن للشركة الصينية أن تعيد طلب الإدراج في بورصتي شنغهاي وهونج كونج خلال بضعة أشهر بعد الوفاء بمتطلبات رأس المال الإضافية، لكن المخاوف تتعلق بتقييمها وهيكلها المحتمل عندما تتوافق "آنت جروب" مع المتطلبات الجديدة.

 

- قد تحتاج "آنت جروب" لعدة أشهر من أجل التوافق مع متطلبات السلطات الخاصة برؤوس الأموال، بالإضافة إلى أن الاشتراطات الجديدة المطلوبة من الجهات التنظيمية قد تخفض تقييم الشركة بنحو 140 مليار دولار.

 

مميزات ومخاوف

 

- رغم الإشادة المستمرة من جانب الكثير من المنظمين الماليين حول العالم بأهمية ومزايا التكنولوجيا المالية (Fintech)، فإن الأمر لم يخل من مخاوف متزايدة بشأن آثارها المحتملة.

 

- ويقول محافظ بنك الشعب في الصين "يي جانغ" إن الإبداع المدعوم من جانب شركات التكنولوجيا تسبب في فاعلية النظام المالي، كما جعل القروض متناهية الصغر ممكنة لصالح القرى والمقاطعات الصغيرة، ما يمثل تحسناً كبيراً لأوضاع هذه المجتمعات.

 

- وأظهرت دراسة حديثة لبنك التسويات الدولية أن القروض التي تمنحها شركات التكنولوجيا مثل "آنت جروب" تحمي الاقتصادات من صدمات السوق وتوفر التمويل اللازم للمؤسسات الصغيرة في الأوقات الصعبة.

 

 

- وسجلت قروض البنوك عبر المنصات الإلكترونية في الصين ارتفاعا إلى 1.4 تريليون يوان (213 مليار دولار) حتى نهاية شهر يونيو الماضي، ما يعادل 22% من القروض الشخصية الاستهلاكية باستثناء الرهن العقاري وبطاقات الائتمان.

 

- لكن على الجانب الآخر، يثير الانتشار الواسع لمزودي خدمات الدفع والإقراض المستقلين مخاوف فقدان السيطرة الرسمية على هذا القطاع، ما يهدد بمخاطر مالية نظامية.

 

- قدمت السلطات الصينية ممثلة في البنك المركزي ولجنة تنظيم الأعمال المصرفية والتأمين مسودة القواعد جديدة التي تستهدف كبح الإقراض للمؤسسات الصغيرة وتنظيمه بطريقة أكثر تشدداً.

 

- ترغب الهيئات التنظيمية في الصين في دعم الاستقرار المالي وحماية المقرضين التقليديين بوتيرة تعادل الاهتمام المعلن بزيادة الشمول المالي عبر المنصات الإلكترونية.

 

- قال نائب الرئيس الصيني "وانغ كيشان" في مؤتمر للمسؤولين التنظيميين ومديري الشركات في شنغهاي إن هناك مخاوف حيال افتقاد السيطرة على التمويل عبر الإنترنت، وسط حاجة ملحة للحفاظ على الاستقرار المالي في البلاد.

 

- وفي نفس اليوم، انتقد "جاك ما" الرئيس التنفيذي لشركة "علي بابا" المالكة لـ"آنت جروب" الجهات التنظيمية فيما يتعلق بطريقة التعامل مع شركات التكنولوجيا المالية واصفاً إياها بـ"مكاتب رهونات" بسبب ميلها لطلب ضمانات لمنح القروض.

 

 

- يرى "ما" أن طريقة إدارة السلطات لهذا الملف تحرم الشركات الصغيرة والمتوسطة – التي غالبا ما تفتقد لضمانات – من الحصول على القروض اللازمة لدعم نموها المستقبلي.

 

- لكن محافظ البنك المركزي الصيني يرى أنه رغم الفوائد الكبيرة، فإن النمو القوي لسوق القروض عبر الإنترنت يمثل مصدراً للمخاطر المحتملة للنظام المالي في الصين.

 

ماذا عن المستقبل؟

 

- يرى الكثير من الخبراء أن مستقبل النظام المالي العالمي سيتركز على الإبداع الذي تقدمه حاليا التكنولوجيا المالية والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والخوارزميات.

 

- توفر الخوارزميات معدلات فائدة خاصة بكل قرض عبر عمليات مبسطة من خلال نقرات بسيطة على الجوال الذكي، باستخدام تحليل بيانات مثل الراتب ومستوى الديون وعادات الإنفاق وغيرها من المعلومات.

 

- تقدم التكنولوجيا المالية حلولاً أسهل وأسرع وأقل تكلفة للمستهلكين فيما يتعلق بالمدفوعات وتلقي التمويل، كما أنها تساعد المؤسسات على الوصول للعملاء المستهدفين بسرعة.

 

 

- لكن أظهرت واقعة انهيار شركة المدفوعات الرقمية الألمانية "وايركارد" في وقت سابق من العام الحالي بعد فضيحة اختفاء مليارات من ميزانيتها العمومية، حاجة هذا القطاع إلى مزيد من تدقيق السلطات التنظيمية.

 

- يسعى المنظمون حول العالم للوصول إلى التوازن الصحيح بين فوائد ومزايا التكنولوجيا في القطاع المالي من جهة، والمخاطر التي قد تمثلها على الاقتصاد والنظام بأكمله من جانب آخر.

 

- ترى لجنة الاستقرار المالي الصينية أن التكنولوجيا المالية تتطور بسرعة تستلزم التعامل الجيد مع العلاقات المتداخلة بين التطور المالي والاستقرار والأمان.

 

- لكن الواقع يشير إلى أن المنظمين الماليين لا يزالون يعانون من أجل الوصول لهذا التوازن بين تشجيع الابتكار وكبح جماح المخاطر المحتملة التي تظهر عادة من الابتكارات الجديدة.

 

- يوضح القرار الأخير للسلطات الصينية مدى الصعوبات التي تنتظر قطاع التكنولوجيا المالية في الفترة المقبلة، وسط اهتمام حكومي حديث بآفاقها ومخاطرها وسعي لفهم هذه التحديات قبل محاولة وضعها قيد التنظيم.

 

المصادر: أرقام – بنك التسويات الدولية - ساوث تشاينا مورنينج بوست – سي إن بي سي – فاينانشيال تايمز - بلومبرج

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.