يستمر المستثمر الأمريكي الشهير "وارن بافيت" في إثارة اهتمامات الأسواق العالمية من خلال تعامله مع الفرص الاستثمارية المتاحة خلال الربع الثالث من هذا العام.
ومع تواصل تداعيات وباء "كوفيد-19" على الأسواق المالية، تبرز أهمية رصد أبرز الاستثمارات التي نفذتها شركة "بيركشاير هاثاواي" بيعًا وشراءً خلال الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي.
الأدوية.. فرس الرهان
- اتجه "بافيت" لضخ استثمارات جديدة في قطاع الأدوية، والذي أصبح الشغل الشاغل للجميع مؤخراً مع ترقب تطوير لقاح فعال ضد الوباء العالمي.
- كشفت "بيركشاير هاثاواي" عن حصص جديدة بقيمة تقارب 1.8 مليار دولار في كل من شركات "ميرك" و"أبفي" و"بريستول مايرز سكويب"، بالإضافة إلى شراء أسهم في "فايزر" بنحو 136 مليون دولار، لتتجاوز القيمة الإجمالية للاستثمارات مجتمعة 5 مليارات دولار.
- يراهن "بافيت" على شركات الأدوية الكبرى والتي قد يكون لها دور متزايد في الاقتصاد العالمي أثناء وحتى بعد انتهاء وباء "كوفيد-19".
- بالفعل، استحوذت شركات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية مؤخراً على اهتمام العالم بعد إعلان شركتي "فايزر" و"بيونتيك" تطوير لقاح بفاعلية 95%، بالإضافة للقاح ثان لشركة "موديرنا"، وثالث خاص بـ"أكسفورد" و"أسترازينيكا".
- لا يتعلق توجه "بيركشاير" لشراء حصص في شركات الأدوية بالواقع الذي فرضه وباء "كورونا" حالياً فحسب، لكنه يعكس أيضاً رؤية قديمة بشأن القطاع.
- في عام 1997 أبدى "بافيت" ندمه لعدم الاستثمار في أسهم قطاع الأدوية التي كانت تباع بأقل من قيمتها الحقيقية في بداية التسعينيات بسبب اقتراح للرئيس "بيل كلينتون" آنذاك لإصلاح القطاع.
- "كان بإمكاننا شراء أي شركة في هذه الصناعة وتحقيق أرباح، لكننا لم نفعل ذلك وهو ما كان بمثابة خطأ"، يعترف "بافيت" بهذا في اجتماع للمساهمين في ذلك العام.
- وبعد عامين فحسب، عاد "بافيت" للحديث عن افتقاره للمعرفة الدقيقة بشأن القطاع بقوله: "لا نمتلك المعرفة المتخصصة لاختيار الأفضل في هذا القطاع، لكن إذا كان لدينا الإمكانية لشراء مجموعة من شركات الأدوية الكبرى بسعر جيد أعتقد أننا سنقوم بذلك بدون تفكير لثانية واحدة".
- الآن، تمكن "بافيت" من تنفيذ رؤيته السابقة بشأن شركات الأدوية، بضخ استثمارات في 4 شركات دفعة واحدة ليستفيد من الطلب المتوقع على منتجاتها مع تفشي الموجة الثانية من الوباء وتبعاتها.
مراكز جديدة وتوسيع القائم
- كان قرار شراء حصص في شركات الأدوية الأربعة بمثابة دخول استثمار جديد لـ"بيركشاير هاثاواي"، لتنضم إلى محفظة الأسهم التابعة للكيان الاستثماري.
- لكن شركات الأدوية لم تكن الوحيدة المنضمة حديثا لقائمة استثمارات "بافيت"، حيث أضافت "بيركشاير" حصة في شركة التكنولوجيا "سنوفليك" بعد قيامها بشراء 6.13 مليون سهم في الطرح العام الأولي.
- اشترى الملياردير الأمريكي السهم في الطرح العام مقابل 120 دولاراً، لكنه أنهى جلسة يوم الخميس الماضي عند 264 دولاراً.
- انضمت شركة "تي موبايل" للاتصالات أيضاً لقائمة محفظة أسهم "بيركشاير"، بعد شراء نحو 2.3 مليون سهم، ما يعادل نحو 0.12% فحسب من المحفظة.
- على جانب زيادة الحيازة فيما هو قائم بالفعل، اشترت "بيركشاير" نحو 3.7 مليون سهم من "بنك أوف أمريكا" لتبلغ قيمة أسهم البنك في المحفظة نحو 28.4 مليار دولار، ليصبح ثاني أكبر مكون للمحفظة بعد "آبل".
- رفع الكيان الاستثماري حيازته في "جنرال موتورز" بنحو 7% مقارنة بالربع الثاني، كما زاد حصته في "كروجر" للتجزئة بأكثر من 3 ملايين سهم.
- لا يجب أن ننسى هنا أنه تم إعلان استثمار "بافيت" أكثر من 6 مليارات دولار في خمس شركات تجارية يابانية متعددة الأنشطة في أغسطس الماضي.
- بشكل عام، ارتفعت قيمة محفظة الأسهم لدى "بيركشاير" من 202 مليار دولار في الربع الثاني إلى 229 مليار دولار بنهاية سبتمبر، مع وجود 46 شركة ضمن المحفظة.
- تسيطر خمس شركات على نحو ثلثي قيمة محفظة الأسهم وهي: "آبل" و"بنك أوف أمريكا" و"كوكاكولا" و"أمريكان إكسبرس" و"كرافت هاينز" على الترتيب.
التخلي عن الذهب والبنوك وآبل
- على الجانب الآخر، خفّض "حكيم أوماها" حيازته من أسهم "آبل" بنسبة 3.7% في الربع الثالث من العام الجاري، لكن صانعة جوالات آيفون لا تزال المكون الأهم في محفظة "بيركشاير".
- كما استمر الاتجاه للتخلي عن البنوك الأمريكية الكبرى، والتي تعاني تداعيات الوباء على أنشطة الشركات والإقراض ومع خفض الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة لمستوى قرب الصفر.
- تراجعت حيازة "بافيت" من أسهم بنك "جيه بي مورجان" بشكل حاد، لتتراجع من 22.2 مليون سهم بقيمة تتجاوز ملياري دولار بنهاية يونيو الماضي إلى أقل من مليون سهم بقيمة 93 مليون دولار في الربع الثالث.
- تواصل التوجه للتخلص من أسهم بنك "ويلز فارجو" من جانب "بيركشاير" في الربع الثالث، حيث انخفضت الحيازة بنحو 46% بعد بيع 110.2 مليون سهم، بالإضافة إلى بيع أسهم بنكي "بي إن سي فاينانشال" و"إم آند تي بنك".
- قرر المستثمر الأمريكي إنهاء حيازته بشكل كامل في شركة "كوستكو" العاملة في مجال البيع بالتجزئة والتي كانت جزءا من المحفظة طوال عقدين تقريباً، ليتخلص من 4.3 مليون سهم كان يمتلكها بنهاية الربع الثاني من هذا العام.
- لكن أبرز ما تخلى عنه "بافيت" كان جزءا من حصته في شركة "باريك جولد" لتعدين الذهب، والتي قلص حيازته فيها من 20.9 مليون سهم في الربع الثاني إلى 12 مليون سهم بنهاية سبتمبر.
- أهمية عملية خفض حيازة "باريك جولد" تبرز في أن قرار الاستثمار في الشركة لم يمر عليه سوى ثلاثة أشهر فحسب، كما أنه شكل مفاجأة آنذاك للمستثمرين بالنظر إلى عدم إعجاب "بافيت" تاريخياً بالمعدن كأصل استثماري جيد.
- من الضروري الإشارة إلى أن "بافيت" قام في بداية الربع الثاني بتسييل كل حيازته في شركات الطيران الكبرى وهي "أمريكان إيرلاينز" و"دلتا" و"ساوث ويست" و"يونايتد"، مع تضرر القطاع من تداعيات وباء "كورونا".
سلاح سري وإعادة شراء أسهم
- رغم أن إفصاحات الشركات تستهدف إعلان كل التطورات أمام المستثمرين بشفافية ووضوح، فإن الإفصاح الأخير لـ"بيركشاير" شهد جانباً غير معلن.
- تقدم "بافيت" بطلب للجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية لعدم كشف اسم سهم جديد يقوم بشرائه حالياً، حيث كشف الإفصاح الأخير عن أنه تم حذف معلومات سرية من التقرير العام وتقديمه بشكل منفصل للجنة الأوراق المالية.
- حصلت "بيركشاير" سابقاً وأكثر من مرة على هذا الإذن من الجهات التنظيمية، مع السعي لحماية بعض الاستثمارات الجديدة من تدافع المستثمرين وبالتالي ارتفاع السعر الذي قد يضطر "بافيت" لدفعه مقابل استكمال عملية الشراء المستهدفة.
- في عام 2015، ظهر إذن السرية في إفصاح فصلي لـ"بيركشاير"، قبل أن تكشف بعد أسابيع قليلة عن أنها كانت تبني مركزا استثماريا في شركة "فيليبس 66" بقيمة 2.5 مليار دولار.
- بعيداً عن الاستثمارات في فرص خارجية، واصل "بافيت" سياسة إعادة شراء أسهم شركته في الربع الثالث، ما يشير لرغبة في استخدام السيولة النقدية وثقة في القيمة الحقيقة لـ"بيركشاير".
- قام "بافيت" بإعادة شراء أسهم في "بيركشاير هاثاواي" بقيمة قياسية بلغت 9 مليارات دولار في الربع الثالث، لتضاف إلى 7 مليارات دولار في النصف الأول من هذا العام، وذلك مقارنة بنحو 5 مليارات دولار في إجمالي عام 2019.
- جاء هذا التوجه لعمليات إعادة شراء الأسهم مع امتلاك شركة "بافيت" سيولة نقدية بقيمة 139 مليار دولار، وتداول السهم بأقل من 1.2 مثل القيمة الدفترية ما يشير لتقييم منخفض.
المصادر: أرقام - الإفصاحات الفصلية لبيركشاير هاثاواي - بيزنس إنسايدر - سيكينج ألفا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}