يعمل مشروع "توب 500" أو "أفضل 500" منذ عام 1993 على إصدار تصنيفات نصف سنوية لأقوى الحواسيب العملاقة في العالم؛ بهدف توفير قاعدة للتعرف على المتغيرات في مجال الحوسبة عالية الأداء والتي تقود بالفعل الثورة التقنية إلى مرحلة مختلفة تمامًا.
التصنيف الذي يقوم عليه باحثون أوروبيون وأمريكيون، يُخضِع الأنظمة الحاسوبية لاختبارات قياسية، وهيمنت عليه الحواسيب الفائقة المملوكة للصين والولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية؛ حيث عادة ما تسيطر البلدان على أكثر من نصف القائمة.
ويقول مؤسسو المشروع، إن الإحصائيات الخاصة بأجهزة الحواسيب عالية الأداء تحظى باهتمام كبير بين المصنعين والمستخدمين (شركات وحكومات وكيانات ضخمة) والمستخدمين المحتملين،؛ حيث يمكن أن تسهل مثل هذه الإحصائيات إقامة علاقات تعاون وتبادل البيانات والبرمجيات، وتوفير فهم أفضل للسوق.
هذا الاهتمام بالفعل ينعكس في توجهات مؤسسات عالمية مثل شركات صناعة السيارات والجوالات والفضاء إلى توظيف هذه الأنظمة الفائقة لخدمة خططها التجارية، والأهم أنها تستخدم لفهم الطبيعة وخدمة البشرية عبر دفع الجهود العلمية في مجالات مختلفة، مثل الجيوليوجيا والطب والطاقة والطقس.
ورغم الهيمنة الأمريكية-الصينية على قائمة "أفضل 500"، فإن الأفضل على الإطلاق، هو حاسوب "Fugaku" الياباني، الذي تصدر التصنيف خلال الإصدارات الأخيرة، والذي دُشن في معهد البحث العلمي الياباني "ريكن" عام 2014 بالتعاون مع شركة "فوجيتسو"، ويخطط العلماء لتوظيفه في مهمة إنسانية خاصة للغاية.
الأفضل على الإطلاق
- حل النظام الحاسوبي الياباني "فوجاكو" في المرتبة الأولى لقائمة أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة في العالم خلال النسخة الصادرة من القائمة في منتصف عام 2020، وحافظ على هذه المكانة خلال الإصدار الثاني في نوفمبر، لكنه هذه المرة وسّع الفارق مع بقية المنافسين.
- سجل الحاسوب في التصنيف الأخير أعلى مستوى أداء مستدام عند 442010 تيرافلوب في الثانية وفقًا لمقياس "لاينباك" الذي تعتمده منظمة "توب 500" غير الربحية، ويعد هذا الأداء أعلى بنسبة 6.4% في السرعة مقارنة بما سجله في يونيو الماضي.
- الآن، وبعد 7 سنوات من العمل، تم الانتهاء رسميًا من أسرع حاسوب عملاق في العالم، ليصبح متاحًا بالكامل للباحثين لبدء استخدامه، من أجل مشاريع تتراوح من مكافحة تغير المناخ إلى اكتشاف عقاقير جديدة.
- بعد الإعلان عن التحسن الأخير في أداء النظام، أرجع مركز "ريكن" هذا التطور إلى ما قال إنه "استخدام لكامل الحاسوب بدلًا من الاعتماد على بعضه"، والآن أصبح مسموحًا استخدامه بكامل الأداء، وحدد المسؤولون 74 مشروعًا بحثيًا سيتم تنفيذها من خلاله اعتبارًا من شهر أبريل.
- أحد هذه المشروعات الواعدة والتي يتوقع أن تؤثر بشكل مباشر وبالغ على حياة الإنسان، هو إعداد أدوية وعلاجات ووصف فحوصات طبية، مصممة خصيصًا للتناسب مع كل شخص على حدة، مثل أن تتوافق مع تركيبته الجينية الخاصة.
ثورة طبية
- في الحقيقة، ليست هذه أول التدخلات النافعة لحاسوب "فوجاكو" في الجانب الطبي، حيث شغل أنظمة محاكاة في اليابان، ساعدت العلماء والمسؤولين في وضع الإجراءات الاحترازية المناسبة للحد من انتشار فيروس كورونا في وسائل المواصلات وأماكن العمل.
- بالنظر إلى المشروع الجديد، فإن مفهوم "الطب الشخصي أو المخصص" يقوم على فكرة أن العلاج الطبي لا ينبغي أن يقوم على مقياس واحد للجميع، وأصبح هذا الأمر أكثر أهمية مع تقدم المجتمعات في السن خاصة في البلدان المتقدمة؛ حيث يشكل كبار السن عبئًا ثقيلًا على أنظمة الرعاية الصحية.
- مع ذلك، فإن الطب الشخصي يتطلب تحليل كميات هائلة من البيانات، وهو أمر لا يمكن إلا لحاسوب عملاق القيام به حتى ينجز المهمة بكفاءة، وفي اليابان يستخدم العلماء أقوى كمبيوتر في العالم لاكتشاف علاجات وأدوية مخصصة جديدة.
- أعد الباحثون بالفعل قاعدة بيانات للمعلومات الجينومية والبيانات السريرية مجهولة المصدر من اليابانيين لاستخدامها في محاكاة للحاسوب؛ بهدف استغلال مخزون اليابان من البيانات عالية الجودة لتحقيق رعاية طبية قائمة على البيانات وعلى التنبؤ.
- يريد الباحثون استخدام البيانات السريرية لدراسة كيفية تأثير الجينات على الأمراض وعلاجها، وفقًا للمعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري، إذا تم استبعاد الحوادث، تلعب العوامل الجينية دورًا في 9 من كل 10 أسباب رئيسية للوفاة في أمريكا مثل أمراض القلب والسرطان والسكري.
نهاية للمعاناة
- نظرًا لدور الجينوم في تأثر الإنسان بالمرض ومدى فاعلية الدواء، يؤمن الباحثون اليابانيون أن هذا المجال الطبي سيساعد في تحديد العلاج المناسب للأمراض، وكذلك التدابير الوقائية، وقد يعني هذا النهج المخصص أن المرضى لن يضطروا إلى المعاناة من الآثار الجانبية غير السارة للعلاجات.
- بقيادة الأستاذ في جامعة كيوتو "أوكونو ياسوشي"، سيجري الباحثون محاكاة معقدة على "فوجاكو" تمثل التفاعلات بين الخلايا وجزيئات الأدوية المحتملة، والتي يمكن أن تساعد العلماء في فهم كيفية تفاعل البروتينات مع الجزيئات الأخرى.
- في دراسة أجريت عام 2019، استخدم علماء هذه التقنية في محاكاة وتوقعوا حساسية الدواء للمرضى المصابين بنوع معين من سرطان الرئة، لكن بفضل القوة الحاسوبية الهائلة، يمكن لـ"فوجاكو" تقليل الوقت اللازم لهذه المحاكاة بشكل كبير، إنها أداة مهمة لتفسير البيانات وتحديد الأدوية الجديدة المحتملة.
- باستخدام محاكاة "الديناميكيات الجزيئية" تلك، يمكن أن يعرف العلماء كيف يتحرك الجزيء في الجسم، وبالتالي تحقيق فهم أكثر دقة، كما يمكن رؤية الاختلافات في الجينوم، فهي عملية تجميع المعلومات حول الكيفية التي تسبب بها الاختلافات الجينية الأمراض وتؤثر عليها، بحسب الباحثين.
- يقول "ماتسوكا ساتوشي" رئيس مشروع "فوجاكو" في مركز "ريكن" إن منصات الحوسبة عالية الأداء يمكن أن تخلص إلى اكتشافات طبية جديدة مهمة لأنها تجمع بين 3 عناصر أساسية؛ هي المعالجة عالية السرعة للتعامل مع الأحجام الهائلة من البيانات، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمحاكاة الحاسوبية المعقدة.
المصادر: أرقام- فوربس- موقع "زد نت" التقني- موقع "داتا سنتر نولدج"- موقع منظمة "توب 500"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}