نبض أرقام
12:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/04
2024/12/03

هل أخطأ "إيلون ماسك" من البداية عندما قرر الانخراط في معترك بيتكوين؟

2021/05/18 أرقام - خاص

مارست عملة بيتكوين الرقمية سحرها المعهود والتفوق على نفسها بتحقيق قمة تلو الأخرى، لكن في نمط متسارع وغير مسبوق هذه المرة، حتى أنها وصلت مستويات كانت دومًا محل جدال وخلاف بين المحللين المستثمرين المتحمسين للأصل الرقمي المعروف بشدة تقلبه.

 

في هذا العام فقط، قفزت العملة الرقمية بأكثر من الضعف لتقارب 65 ألف دولار من نحو 29 ألف دولار في بداية 2021، ومقارنة بأقل من 8 آلاف دولار فقط في مطلع عام 2020، لتتمكن أخيرًا من تجاوز القمة المسجلة في أواخر عام 2017 قرب 20 ألف دولار، والتي أعقبتها فترة من التقلبات الحادة.

 

 

هذا الاتجاه الصعودي القوي، خاصة في الأشهر الأولى من هذا العام، جاء مدفوعًا بتحول المؤسسات والأشخاص الموثوقين نحو العملة الرقمية، ولعل أبرز هذه التحولات جاء من دعم الملياردير "إيلون ماسك"، ثاني أغنى رجل في العالم، وشركته للسيارات الكهربائية "تسلا".

 

لكن في تحول مفاجئ، تراجع "ماسك" في الثاني عشر من مايو الجاري عن موقفه بالقول إن شركته لن تقبل بيتكوين كوسيلة للدفع مقابل شراء سياراتها، بسبب المخاوف البيئية المتعلقة بها، وذلك بعد 3 أشهر من إعلان قبولها، والكشف عن حزمة استثمارية بالعملة الرقمية قيمتها 1.5 مليار دولار.

 

التفتت السوق أيضًا إلى رد "ماسك" على أحد المغردين قال إن "السوق سوف يصفع مستثمري بيتكوين عندما يعلمون أن تسلا تخلت عن حيازتها"، حيث رد عليه الملياردير قائلا: "بالتأكيد"، ما بدا أنها إشارة للتخلي كليًا وسريعًا عن العملة الرقمية.

 

أوضح "ماسك" لاحقًا أنه لم يقصد القول إن شركته باعت حيازتها من العملة الرقمية، لكن الإعلان عن المخاوف البيئية وعدم قبولها كوسيلة للدفع كان كافيًا لتسلك بيتكوين مسارًا هبوطيًا فقدت خلاله أكثر من 22% من قيمتها خلال أيام قليلة.

 

ما سر التحول المفاجئ؟

 

- بالنسبة لعدم تخلي "ماسك" عن حيازة "تسلا" من العملة الرقمية، يبدو أنه قرار استثماري تماماً، فبحسب تقارير، حققت الشركة مليار دولار من مشترياتها من بيتكوين في الربع الأول من العام الجاري، المشكلة في التراجع عن قبولها كأداة دفع، لكن تصريحاته لا تزال تحمل معنيين.

 

- تعرض "ماسك" منذ إفصاحه عن خططه بشأن بيتكوين لهجمة قوية من مناصري البيئة، الذين أشاروا إلى الضرر الكبير الناجم الذي تتسبب فيه العملة الرقمية، حيث تستهلك عملية تعدين (إنتاج) العملة الرقمية إمدادات ضخمة من الكهرباء وهو ما يتعارض مع توجهات "تسلا" الخضراء الصريحة.

 

 

- ربط "ماسك" في تغريدة الثاني عشر من مايو بين وقف المبيعات باستخدام بيتكوين وبين الزيادة السريعة في استخدام الوقود الأحفوري لتعدين البيتكوين وإجراء المعاملات، وخاصة الفحم، الذي يحتوي على أسوأ انبعاثات من أي وقود آخر.

 

- قال الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا": تعتبر العملات الرقمية فكرة جيدة على العديد من المستويات، ونعتقد أن لها مستقبلًا واعدًا، لكن هذا لا يمكن أن يأتي بتكلفة كبيرة على البيئة. مع ذلك، فإن مسألة المخاوف البيئية المرتبطة ببيتكوين ليست جديدة وهو سبب آخر يتعرض "ماسك" للانتقاد بسببه رغم التراجع.

 

- خلصت دراسة لـ"بنك أوف أمريكا" إلى أن إجمالي الطاقة المستخدمة في عملية تعدين بيتكوين يعادل ما تستهلكه خطوط "أمريكان إيرلاينز" الجوية، والتي يسافر على متنها 200 مليون شخص سنويًا، فيما قالت دراسة أخرى إنه يعادل نصف استهلاك النظام المصرفي التقليدي.

 

- للإيضاح أكثر، يُقدر استهلاك الكهرباء السنوي للعملة بـ148 تيراواط/ ساعة (وفي ازدياد مستمر)، أو تقريبًا نفس المقدار الذي تستهلكه بولندا، ومما يزيد الأمر تعقيدًا، أن بعض هذه الطاقة يأتي من محطات التوليد بالفحم (كثيفة الانبعاث الملوث).

 

هل كان الاختيار صحيحًا؟

 

- تمتلك شركة الاستشارات المالية "ديليوت" فريقًا يعمل بنشاط على إشراك أقسام الخزانة في الشركات في مجال العملات الرقمية، ويعتقد أن الاستعانة ببيتكوين للتحوط هي وجهة نظر عدوانية، ويقولون إنه لا ينبغي للمديرين الماليين أن يشعروا بالاضطرار لشراء البيتكوين بناءً على ادعاء بأنهم سيدفعون أكثر إذا انتظروا أطول.

 

- مع ذلك، يتفق فريق الخبراء على أن الوقت قد حان لتعليم المديرين التنفيذيين بشأن العملات الرقمية، ويقولون: من الصعب على الشركة اتخاذ قرار إذا لم يتم إطلاعها على الأمور بشكل جيد، وما زلنا في مرحلة التعلم، وهناك الكثير لفعله من أجل الانتقال إلى هذا الاستثمار.

 

 

- حتى إذا لم تكن بيتكوين الفائز الأكبر بين العملات الرقمية في المستقبل، فإن العملات الافتراضية للبنوك المركزية قادمة، حيث تمضي الصين قدمًا في الأمر ويدرس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي المقترح.

 

- تتمثل إحدى طرق الاستعداد لعالم عملات البنوك المركزية الرقمية في التعامل مع العملات المشفرة الآن، ولا يعني ذلك إضافتها إلى الميزانية العمومية للشركات، ولكنه "سبب للانخراط في السوق، وطريقة فعالة لاختبار وجهات النظر وكيفية الاستعداد".

 

- خلص الخبراء إلى أنه لا يوجد سبب مقنع لشركة ما للاحتفاظ بعملة البيتكوين في ميزانيتها العمومية اليوم، لكنهم يعتقدون أن كبار التنفيذيين يجب عليهم تثقيف أنفسهم بشأن العملة المشفرة عاجلًا وليس آجلًا، مشيرين إلى أن المناخ ليس سببًا للانتظار في ظل إمكانية الاعتماد على الطاقة النظيفة.

 

- يقول "وينسيس كاساريس" الرئيس التنفيذي للبنك الرقمي وحافظة البيتكوين "Xapo"، إن المؤمنين بالعملة الرقمية استفادوا من إضافة "ماسك" لها في الميزانية العمومية لشركته، لأنه رفع الوعي العام بها، لكن ليس واضحًا مدى فائدة هذه الخطوة بالنسبة للمساهمين.

 

- في الواقع، يقول "كاساريس" إن المدير المالي الذي يتبنى وجهة النظر القائلة بأن البيتكوين لا ينبغي أن تكون رصيدًا في الميزانية العمومية هو الذي يتبنى وجهة النظر الصحيحة، وهي وجهة نظر ألمح إليها "ماسك" قريبًا وقد تتبناها "تسلا" رغم إشارة الملياردير إلى الإبقاء على حيازة الشركة من العملة الرقمية في الوقت الراهن.

 

 

- مع عدم اليقين في سوق الأوراق المالية وظروف العمل، من الصعب إضافة العملات الرقمية المتقلبة إلى خزانة الشركة، ومع ذلك، يرى المديرون الماليون قيمة في عملة البيتكوين ويضعون أموالهم الشخصية فيها، بهدف اكتساب الخبرة والمعرفة اللازمة لقيادة شركاتهم عندما يحين الوقت.

 

- في النهاية يبدو أن "ماسك" اختار فعل الشيء الصحيح لكن بشكل خاطئ، حيث مال إلى الانخراط في سوق يشكل المستقبل وهو إجراء سليم، لكن عدم الالتفات للمشاكل البيئية التي لا تخفى على أحد، والتردد في مسألة قبول بيتكوين كوسيلة دفع، ربما يتسببان في تأرجح سعر سهم "تسلا"، أما حيازتها الضخمة فربما تظهر كعبء على الشركة عند مرحلة ما بفعل التقلبات أو ربما تحقق مزيدًا من العائد.

 

المصادر: أرقام- سي إن بي سي- مجلة نيو سيانتست- بارونز- رويترز- كوين ماركت كاب

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.