يترقب صناع القرار وخبراء الاقتصاد وأسواق المال بكل أطرافها، عن كثب، ما سيفعله المستهلكون بتلال الكاش التي جمعوها أو ادخروها في عام الوباء، ما بين خوف من الإنفاق بسبب عدم اليقين وعمليات الإغلاق، وبين زيادة دخل ناتجة عن حزم التحفيز والدعم الحكومي.
أشارت التقديرات في وقت سابق من هذا العام، إلى أن المستهلكين في الدول الغنية، ادخروا ما يربو على 6 تريليونات دولار، خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020 فقط، وهو ما سيتحول إلى وقود لدفع الاقتصادات (أو يتحول بالفعل) تزامنًا مع تزايد تطعيم المواطنين ورفع القيود.
في أمريكا على سبيل المثال، أصبح التضخم حديث الجميع الآن مع ارتفاع أسعار المستهلكين بشكل واضح، ما يعكس الإنفاق المتزايد للمواطنين، حتى أن البعض يترقب ما إذا كان هذا التضخم سيخرج عن السيطرة ويدفع الاقتصاد نحو حالة من الفوران.
في أماكن أخرى من العالم، عاد الاقتصاد الأسترالي إلى حجمه السابق للوباء، بعدما نما بنسبة 1.8% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في مارس الماضي، وأرجع مكتب الإحصاءات الفضل في هذا النمو إلى إنفاق الأسر.
في بريطانيا، التي كان سكانها بين الدول الغنية التي شهدت تراكمًا للمدخرات في أثناء الوباء، سجلت تراجعًا في ادخار الأسر في شهر أبريل الماضي، إلى أدنى مستوى منذ بداية الجائحة، عند 10.7 مليار إسترليني (نحو 15 مليار دولار)، في إشارة أخرى إلى بدء تحرر المستهلكين من مخاوفهم وإقدامهم على الإنفاق برحابة صدر.
مع تخلص العالم من هذه المخاوف، يبدو أن المستهلكين هم من سيقودون الاقتصاد العالمي في فترة "ما بعد الجائحة".. وللتحديد يبدو أن الأشخاص الأكبر سنًا هم من سيحددون هذا المصير في ظل تزايد فرص الاستثمار في الأسهم المرتبطة بكبار السن.
الفرصة القادمة: كبار السن
- يرى مديرو الأصول طلبًا ضخمًا مكبوتًا من كبار السن الأثرياء على الخدمات الطبية والسلع الفاخرة، كما يتوقعون أن التبني "المفاجئ" للإنترنت من قبل كبار السن أثناء الإغلاق سيفتح هذه البقعة الديموغرافية بشكل دائم لشركات التجارة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية.
- بلغ إجمالي القوة الشرائية لكبار السن على مستوى العالم حوالي 8.4 تريليون دولار في عام 2020، وفقًا لشركة "WorldData Lab" للأبحاث والتقديرات المتعلقة بالإنفاق والظروف الديموغرافية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا المبلغ إلى 14 تريليون دولار خلال العقد القادم.
- من المتوقع كذلك أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا إلى 1.5 مليار بحلول عام 2050، مما يزيد بشكل كبير من تأثيرهم الاقتصادي.
- قال "كريستوفر روسباخ"، كبير مسؤولي الاستثمار في "J. Stern & Co": لقد أدى الوباء إلى تسريع العديد من الأمور المتعلقة بشيوخة السكان وأبرز الحاجة الملحة لحلها، نعتقد أنها ستكون محركات مهمة للنمو والاستثمار.
- تدور هذه الفرضية بالأساس حول معدلات الخصوبة العالمية التي من المتوقع أن تستمر في الانخفاض مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع، حتى رغم تسبب الفيروس في خسائر بشرية هائلة، وقد يكون لقرار الصين الشهر الماضي، السماح للأسر بإنجاب ثلاثة أطفال، تأثير محدود فقط على اتجاه الشيخوخة في أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان.
ما وراء هذا الاتجاه؟
- يرجع ذلك بشكل أساسي إلى الطلب الطبي المكبوت، من فحص السرطان إلى استبدال مفصل الورك وجراحات العيون، تم تأجيل عدد لا يحصى من الإجراءات الطبية منذ انتشار الفيروس، ومع تغير هذا، من المتوقع أن يرتد الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية مرة أخرى في عام 2021، ليرتفع بنسبة 5.8% إلى 8.8 تريليون دولار، وفقًا لـ"آي إتش إس ماركيت".
- من المتوقع أن تستفيد أسهم الشركات المصنعة للأجهزة الطبية، مثل "Scientific" و"Medtronic" و"Becton Dickinson & Co" و"Alcon"، والتي كان أداء أسهمها دون المستوى القياسي للأسهم العالمية منذ بداية هذا العام.
- تعتبر أجهزة السمع سوقًا أخرى تضرر من جراء قلة الاستشارات الشخصية، لكن يقدر "مورجان ستانلي" أن المبيعات ستعود إلى طبيعتها هذا العام، بعد انخفاض بنسبة 15% في عام 2020. ومن بين الشركات في هذا المجال، لديها توصيات زيادة الوزن على GN المدرجة في كوبنهاغن متجر Nord A / S ومتساوٍ في الوزن على Demant A / S ، وكلاهما ارتفع هذا العام.
- ثم هناك الرفاهية والسفر، فبجانب التوق إلى العطلات التي طال انتظارها، يستعد قطاع السفر للاستفادة من دعم كبار السن الذين ادخروا الأموال، ويقول "سانجيف باتيا" مؤسس "Pembroke Emerging Markets" للاستثمار في الأسواق الناشئة: يميل كبار السن أو الأغنياء إلى زيارة الأقارب أكثر.
- يرصد المحللون انتعاشًا في الإنفاق على المنتجات الفاخرة لدى علامات تجارية كبيرة مثل "إل في إم إتش"، ويقولون إنه مع تقدم الناس في السن تزداد قوتهم الشرائية ويصبحون أكثر اهتمامًا بالجودة وليس الكمية.
- ستستفيد شركات التأمين أيضًا، حيث إن الارتفاع المفاجئ في حالات التقاعد المبكر غير المخطط له منذ ظهور "كوفيد 19" يزيد الوعي بالمخاطر الصحية والتوظيفية غير المتوقعة، ويتوقع مصرف "كريدي سويس" إمكانات نمو واعدة لشركات التأمين، لا سيما في الأسواق ذات الانتشار المنخفض نسبيًا مثل الصين.
- ترى "جوليانا هانسفيدن"، مديرة الصناديق في "Nordea Asset Management"، أن التأمين والطب والإنترنت يجتمعان معًا لخلق فرص استثمارية، فيما يتوقع محللون آخرون نموًا في جميع المجالات للشركات التي يمكنها الاستفادة من كبار السن وثقتهم الجديدة عبر الإنترنت.
تغيرات عامة على الإنفاق
- مع تلقي المزيد من الأشخاص لقاح كورونا وفي ظل رفع الحكومات للقيود ومع تحسن آفاق الاقتصادات، سيتغير شكل الإنفاق الاستهلاكي بشكل عام، رغم أن الأزمة الصحية العالمية ستستمر في تشكيل عقلية المستهلكين ومشترياتهم.
- على سبيل المثال، قالت سلسلة متاجر "تارجت" إنها ستضع السلامة في الاعتبار في تصميم متاجرها المستقبلية، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى استمرار قلق الناس بشأن صحتهم حتى على الرغم من حصولهم على التطعيم.
- وفقًا لمسح "AlixPartner"، سيكون تناول الطعام والسفر في المطاعم أبطأ في العودة، فمن بين المستهلكين الأمريكيين الذين أبلغوا عن عادات متغيرة بشكل دائم، قال 30% إنهم يخططون لإنفاق المزيد على البقالة، وقال 44% إنهم سينفقون أقل على تناول الطعام في الخارج.
- ستظل طرق التسوق وتناول الطعام دون تلامس شائعة، حتى مع تلاشي الفيروس. قام تجار التجزئة بزيادة استثماراتهم لتكييف أعمالهم مع التجارة الإلكترونية، ومثلا تعمل "بيست باي" على اختبار المتاجر لتلبية الطلبات عبر الإنترنت بشكل أكبر، فيما أعلنت"وول مارت" و"كروغر" عن خطط للاستثمار في الأتمتة لمواكبة حجم طلبات البقالة عبر الإنترنت.
المصادر: أرقام- بلومبيرغ- سي إن بي سي- الجارديان- التلغراف
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}