وافق مجلس محافظي صندوق النقد الدولي في الثاني من أغسطس على توزيع عام لما يعادل 650 مليار دولار لدعم السيولة العالمية، وصفت مديرة الصندوق " كريستالينا غورغييفا" القرار بـ"التاريخي"، وقالت: "هذا أكبر توزيع في تاريخ الصندوق وهو بمثابة حقنة لقاح في ذراع الاقتصاد العالمي أثناء أزمة غير مسبوقة، ويعزز صلابة الاقتصاد العالمي واستقراره، وعلى وجه الخصوص، سيساعد هذا التوزيع البلدان الأكثر ضعفاً التي تعاني في سعيها لتجاوز تأثير أزمة كوفيد-19".
إذن صندوق النقد يستهدف بالأخص البلدان ذات الدخل المنخفض، لكن في البداية ما هي البلدان منخفضة الدخل وكيف يتم تصنيفها، وعلى أي أساس، يصنف البنك الدولي بلدان العالم إلى أربع مجموعات:
- البلدان منخفضة الدخل.
- الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل.
- الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل.
- البلدان مرتفعة الدخل.
يتم تحديث هذه التصنيفات في الأول من يوليو من كل عام، ويتم تقديرها على أساس نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي بالسعر الحالي للدولار الأمريكي، والجدول التالي يبين ما هي الحدود التي يتم على أساسها تحديد مستوى الدخل في أي دولة وفي أي شريحة يمكن تصنيفها.
تقسيم بلدان العالم بحسب مستوى الدخل – يوليو 2020 |
|
المجموعة |
الدخل لكل فرد |
منخفضة الدخل |
أقل من 1036 دولارا |
الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل |
1036 - 4045 دولارا |
الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل |
4046 – 12535 دولارا |
البلدان مرتفعة الدخل |
أعلى من12535 دولارا |
كيف كانت استجابة صندوق النقد الدولي أثناء الجائحة من مارس 2020 حتى منتصف العام الجاري:
نماذج لأكبر 10 قروض قدمها صندوق النقد لصالح بلدان منخفضة الدخل خلال الجائحة بالترتيب الزمني لاتفاقيات القروض |
|||
التاريخ |
الدولة |
قيمة القرض (مليون دولار) |
|
2020 |
مايو
|
نيبال |
214 |
بنجلاديش |
732 |
||
يونيو
|
بابوا نيو غينيا |
363 |
|
مدغشقر |
171 |
||
كاميرون |
156 |
||
سبتمبر |
أفغانستان |
370 |
|
أكتوبر
|
بنين |
177 |
|
ميانمار |
258 |
||
نوفمبر
|
جنوب السودان |
226 |
|
كينيا |
2340 |
||
إجمالي تمويل 50 دولة حتى منتصف 2021 |
13 مليار دولار |
إجمالي تمويلات صندوق النقد الجارية والمستقبلية (مليار دولار) |
||
إجمالي تمويلات الصندوق حتى منتصف 2021 |
تمويلات الصندوق المستقبلية والمتوقع إتاحتها لاحقاً |
الإجمالي |
13 |
48 |
61 |
كيفية تحديد احتياجات الدول
يوجد نوعان من الاحتياجات للدول منخفضة الدخل أثناء الجائحة، الأول لدى هذه الدول هو الحاجة العاجلة لتدعيم وتعزيز أركان القطاع الطبي بكل ما يشمله من مستلزمات وأدوات وأجهزة وأسرّة وغرف عناية وأدوية بما يسهم في احتواء الأزمة الصحية.
الإحتياج الثاني - وهو ليس عاجلاً بنفس درجة الإحتياج الأول– يتمحور حول الحاجة إلى دعم القطاعات والفئات الأكثر تضرراً من الجائحة وبخاصة العاملين في القطاعات التي تلقت الصدمة الأولى وهي قطاعات السياحة والطيران والترفيه وتجارة التجزئة والمسارح والمتنزهات.
الفارق بين ما تحتاجه الدول منخفضة الدخل وبين ما هو متاح وفقاً لصندوق النقد الدولي حتى منتصف 2021 |
||
ما تحتاجه هذه الدول لدعم تعافيها حتى 2025 |
إجمالي ما تم وما سوف يتم إتاحته |
العجز بين المتاح والمطلوب |
550 مليار دولار |
61 مليار دولار |
489 مليار دولار |
الإحتياج الأول
تُظهر أحدث البيانات الواردة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن حوالي نصف الأشخاص في البلدان المرتفعة الدخل قد تم تطعيمهم، بينما في البلدان المنخفضة الدخل بالكاد تم تطعيم 1%، وفى بعض الدول ينخفض إلى الصفر مثل هاييتي والكونغو الديمقراطية.
يقول رئيس منظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم" في هذا الصدد: "لا يزال هناك اختلال مروع في التوزيع العالمي للقاحات، تم توزيع أكثر من 3.5 مليار لقاح على مستوى العالم، ولكن أكثر من 75٪ منها ذهبت إلى عشرة بلدان فقط، من يملكون المال يفتحون اقتصاداتهم، بينما من لا يملكون يقفلون".
يستكمل رئيس المنظمة ويقول: "أهدافنا العالمية هي التطعيم بحد أدنى كما يلي: 10% من سكان كل بلد بحلول سبتمبر،40% بنهاية 2021، 70% بحلول منتصف عام 2022، ولتحقيق هذه الأهداف نحتاج إلى 11 مليار جرعة من اللقاح".
بسبب هذا الخلل المروع بين معدلات التطعيم في الدول المتقدمة مقابل الدول منخفض الدخل، انتشر وسم على تويتر باسم #VaccinEquity أي المساواة في التلقيح.
أسوأ 15 دولة في معدلات التطعيم:
- هاييتي.
- الكونغو الديمقراطية.
- تشاد.
- بوركينا فاسو.
- بنين.
- جنوب السودان.
- سوريا.
- مالي.
- بابوا نيو غينيا.
- اليمن.
- الكاميرون.
- غينيا – بيساو.
- النيجر.
- ليبيريا.
- أفريقيا الوسطى.
متى يمكن إتمام تطعيم الشعوب منخفضة الدخل؟
يقول باحثون لمجلة "نيتشر" إن شعوب هذه الدول عليهم الانتظار حتى 2023 لكى يصل إليهم نصيبهم من اللقاحات، وقسمت اللقاحات كالآتي:
حصة كل مجموعة من دول العالم من توزيعات اللقاح بحسب مستوى الدخل حتى منتصف 2021 |
|
شرائح مجموعة الدول |
حصة المجموعة من اللقاحات |
البلدان مرتفعة الدخل+الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل |
%80 |
الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل |
%19 |
البلدان منخفضة الدخل |
%1 |
الاحتياج الثاني
على الرغم من أن الدول منخفضة الدخل عادة ما تكون سريعة النمو مقارنة بالاقتصادات الناشئة والمتقدمة فإنها شديدة الهشاشة وحين تتلقى أي صدمة خارجية تتراجع هذه البلدان بدرجة أكبر من المتوسط العالمي، وهذا يمكن قياسه عبر عدة معايير مثلا:
تكلفة الكوارث الطبيعية كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالمتوسط:
- تبلغ في البلدان منخفضة الدخل نحو 0.4% من الناتج مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ أقل من 0.1%.
أعداد الوفيات من الكوارث الطبيعية مقارنة بالمتوسط:
- تبلغ في البلدان منخفضة الدخل نحو 5 في الألف من الناتج مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ أقل من 1 من الألف.
وهذا يرجع ببساطة إلى هشاشة إقتصادات هذه البلدان وضعف البنية المؤسسية، إضافة إلى ضعف قدراتها على الإنفاق والاستثمار وتمويل احتياجات شعوبها، وبالتالي تأثير جائحة كورونا كان بالغ السوء لأنه من ناحية هذه البلدان لا تستطيع الوصول إلى اللقاحات، ومن ناحية أخرى لا تستيطع هذه البلدان أن تقدم الدعم اللازم للقطاعات الأكثر تأثراً بالجائحة، ولا أن تطبق إغلاقاً اقتصادياً وحجراً صحياً محكماً لاحتواء الفيرس.
اتجاهات تدعو للتفاؤل
مبادرات للاحتياج الأول:
بالنسبة للاحتياج الأول للبلدان منخفضة الدخل الذي يتمثل في ضرورة توفير لقاحات لشعوبها، أعلنت الولايات المتحدة التبرع بـ500 مليون جرعة من اللقاح لصالح الدول منخفضة الدخل عبر مصانع "فايزر"، هذا إضافة إلى 87.5 مليون جرعة سبق التعهد بها من "واشنطن"، كذلك أعلنت بريطانيا التبرع بنحو 100 مليون جرعة، و30 مليون جرعة لكل دولة من ثلاثة هي ألمانيا وفرنسا واليابان، و30 مليون جرعة من الصين، وكل هذا يُضاف على 95 مليون جرعة من مرفق "كوفاكس" من إجمالي يتراوح بين 2 و2.4 مليار جرعة ينوي المرفق توزيعها على شعوب البلدان الفقيرة أو منخفضة ومتوسطة الدخل وعددها 92 بلدا.
مبادرات للاحتياج الثاني:
أما بالنسبة للاحتياج الثاني للبلدان منخفضة الدخل الذي يتمثل في ضرورة مساعدتها لتخطي الأزمة من الناحية الاقتصادية ومساعدتها على التعافي وتخفيف أعبائها، قررت مجموعة العشرين في أبريل 2020 – برئاسة السعودية - تعليق خدمة الدين للدول الأشد فقراً.
ثم قررت تمديد المبادرة مرتين لستة أشهر أخرى، في أكتوبر 2020 وأبريل 2021 لمساعدة البلدان الهشة منخفضة الدخل على تركيز كامل قدراتها المالية على احتواء الجائحة ودعم القطاعات التى تعرضت لخسائر كبيرة وتعزيز قطاعها الصحي بالأموال اللازمة.
وحتى اجتماع أبريل الماضي، طلبت 46 دولة من أصل 73 دولة مؤهلة، تأجيل دفع الفائدة وحصلت على موافقة مجموعة العشرين، بما يشمل مبالغ تصل إلى 5.7 مليار دولار، ويبقى الوضع كما هو عليه حتى يجتمع قادة المجموعة في أكتوبر المقبل في إيطاليا.
المحصلة النهائية
صندوق النقد أعلن رفعًا تاريخياً لسقف إقراضه وتمويلاته للدول الأعضاء مما يعني رفع استفادة الدول الأكثر فقرا وهشاشة، ودعمها لمواجهة آثار الجائحة صحياً واقتصادياً، لكن في الوقت نفسه لم يتم صرف سوى 13 مليار دولار من إجمالي 650 مليار دولار حتى الآن، وأفضل السيناريوهات وفقاً للصندوق تتحدث عن صرف تمويلات بقيمة 48 مليار دولار أخرى بجانب الـ13 مليار الأولى.
وهو ما يعني وجود عجز بقيمة 489 مليار دولار بين ما تحتاجه البلدان الفقيرة وبين ما هو متاح أمامها، مما يعني وجود فجوة تتسع أكثر وأكثر بشكل مطرد ومفزع بين كل دول العالم من ناحية– خاصة الغنية– والدول الهشة منخفضة الدخل على مستوى وفرة اللقاحات لشعوبها أو مستوى دعم القطاعات الاقتصادية وتعزيز التعافي والنمو وخلق فرص العمل.
ومن ناحية أخرى أعلن العديد من الدول والقوى الكبرى تبرعاتها باللقاحات لصالح الدول الأقل دخلاً والفقيرة بما مجموعه 800 مليون جرعة، لكن هذه التعهدات لم تٌنفذ بعد وغير معلن حتى الآن آلية تنفيذها على أرض الواقع في ظل استمرار الجائحة في الانتشار واستمرار تحورات كورونا في صناعة اضطرابات عدة في هذه البلدان وهو ما يشكك في مصداقية هذه التبرعات والتعهدات إلى أن تتم في الواقع.
مما يستوجب جهداً عالمياً مضاعفاً وهائلاً من الدول الغنية والمؤسسات التمويلية العالمية لتقليص هذه الفجوة التي ستظل قائمة لكن تضييقها قد يقلل من فداحتها، حتى لا يترك العالم ملايين البشر خلفه وهو في طريقه نحو التعافي.
المصادر: أرقام–صندوق النقد الدولي – البنك الدولي – المنتدى الاقتصادي العالمي – مجلة نيتشر – مجموعة العشرين.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}