لا تضر أزمات التخلف عن السداد وأزمات حركة الشركات البطيئة في قطاع العقارات الصيني بحملة السندات والأشخاص الذين ينتظرون شققهم فحسب، بل بآلاف الموردين الصغار لكل شيء بدءاً من البلاط وحتى خدمات التنظيف الذين ينتظرون الحصول على أموال من شركات مثل مجموعة "تشاينا إيفرغراند".
وتعد شركة فينغ غوكسون واحدة من هؤلاء الموردين.
يقول الشاب الذي يبلغ من العمر 36 عاماً إن مطوري العقارات يدينون لشركته الإعلانية بمبلغ 200 ألف دولار ومن بينهم "إيفرغراند"، وتدفعه تلك الديون غير المسددة إلى حافة الإفلاس.
ضربة للشركات الصغيرة
قال فينغ إنه لا يزال، ينتظر منذ أغسطس الماضي الحصول على مديونية بقيمة 489,500 يوان (77 ألف دولار) من شركة التطوير العقاري المتعثرة، والتي كانت يوماً ما الأكبر في البلاد.
كما يدعي أيضاً أن شركة "غوانزو آر آند إف بروبرتيز"، وهي شركة تطوير عقاري رئيسية أخرى، تدين له بحوالي 800 ألف يوان في مدفوعات لمدة عامين.
ونشر الشهر الماضي صوراً على "ويبو" للعقود التي وقعها مع "آر آند إف"، وفواتير القبول التجاري التي قدمتها له "إيفرغراند" في عام 2020 بدلاً من الدفع الفوري.
قال فينغ الذي كانت شركته "شيزونغ كايشين أدفيرتايزينغ" (Shijiazhuang Kaichen Advertising) رابحة حتى انتشار الوباء في عام 2020، لكنه فقد جميع موظفيها حالياً: "إنه رقم لا يمكن تصوره بالنسبة لنا. إن لم أتمكن من استعادة أموالي، فسأكون قد مررت بكل هذه السنوات من المشقة من أجل لا شيء".
قدم فينغ صوراً للعمل الذي قامت به شركته للشركتين وصورة لملف دعواه ضد "إيفرغراند".
لم تتمكن "بلومبرغ نيوز" من التحقق بشكلٍ مستقل من صحة الوثائق. كما لم ترد "إيفرغراند" و"آر آند إف بروبرتيز" على طلب التعليق على الادعاءات.
تجد العديد من الشركات الصغيرة نفسها حالياً في وضعٍ مشابه لموقف فينغ، حيث يشل ركود سوق الإسكان قدرة المطورين على الدفع للموردين والبائعين في الصناعات المرافقة من الأثاث إلى البناء.
علاوة على ذلك، أدت السلسلة المتقطعة لتفشي الفيروسات، وارتفاع تكاليف المواد الخام، والإجراءات التنظيمية الصارمة واختناقات سلسلة التوريد، إلى الإضرار بربحية العديد من الشركات.
أزمة فواتير القبول التجارية
تعد المدفوعات المتأخرة للشركات الصغيرة أو الدفع مقابل الخدمات بفواتير قبول تجارية بدلاً من النقد مشكلة تعهد مجلس الوزراء الصيني مؤخراً بمواجهتها.
يدفع العديد من المطورين المثقلين بالديون للموردين بفواتير فقط، والتي تعد نوعاً من الاعتراف بالدين (IOU)، وقد توقفوا حالياً عن سدادها وسط أزمة سيولة على مستوى الصناعة.
تشير التقديرات إلى أن لدى "إيفرغراند" أكثر من 200 مليار يوان من الفواتير المستحقة في نهاية العام الماضي، وفقاً لشركة "سنترال ويلث سيكيوريتيز إنفيستمنت".
قال سون وينكاي، نائب مدير المعهد الوطني لأبحاث المشاريع الصغيرة والمتوسطة في جامعة رينمين في بكين: "المشاكل التي تواجهها "إيفرغراند" ليست مشكلة شركة واحدة فحسب، إنها مشكلة عشرات آلاف الشركات الصغيرة التي تقدم لها التوريدات. ليس لدى الشركات الصغيرة القدرة على تحديد الأسعار وهم يعانون من ارتفاع التكاليف، لذلك هم محاصرون من كلا الطرفين".
سوف تتردد أصداء المشاكل التي تواجه الأعمال التجارية الصغيرة عبر الاقتصاد الأوسع، ما قد يجعل الشركات تبطئ التوظيف والإنفاق.
وستمثل مبيعات التجزئة التي لا تزال ضعيفة ولم تسترد مستويات النمو التي كانت سائدة في فترة ما قبل الوباء بعد، عاملاً آخر يضغط هبوطياً على النمو.
الضربات من كوفيد
أدت سياسة "صفر كوفيد" الصارمة في الصين إلى القضاء بشكلٍ أساسي على مخاطر تفشي المرض على نطاق واسع وأبقت المرض والوفيات عند مستويات منخفضة للغاية.
لكن العديد من الشركات الصغيرة تحملت العبء الأكبر من عمليات الإغلاق والقيود المفاجئة التي قللت من السفر والإنفاق.
شاهدت صوفي لي، التي تبيع الفاكهة في مدينة تشونغتشينغ بالجنوب الغربي، أكثر من 70 ألف يوان تضيع في فاكهة متعفنة بعد أن أغلقت الحكومة سوق شوانغفو لمدة أسبوع في يوليو.
جاء الإغلاق بعد العثور على حالتين من سلالة دلتا المتحوِّرة من فيروس كورونا في المنطقة.
استنزفت تلك الخسارة نصف أرباحها السنوية. نفدت مدخرات لي حالياً وهي غير متأكدة ما إذا كان بإمكانها النجاة من إغلاق آخر إذا ارتفع عدد حالات كوفيد مرة أخرى.
في الوقت الحالي، تبحث لي عن وظيفة بدوام جزئي وتواصل بيع الفاكهة.
رد الحكومة
أطلقت السلطات سلسلة من الإجراءات لمساعدة الشركات الصغيرة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك تشجيع البنوك على تقديم قروضٍ أرخص وتمديد المواعيد النهائية لدفع الضرائب.
يؤكد هذا الجهد على وضعهم المزري ويشير إلى أهمية الشركات الصغيرة للاقتصاد، حيث تشكل أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي للصين وأكثر من 80% من الوظائف.
تراجع الثقة
ومع ذلك، فإن علامات التوتر موجودة في كل مكان. تراجعت معنويات الأعمال بين الشركات الصغيرة في صناعة العقارات لسبعة أشهر متتالية، بينما تراجعت الثقة العامة في أكتوبر إلى أدنى مستوى منذ مايو 2020، وفقاً لمسح شمل ثلاثة آلاف شركة صغيرة أجرته الرابطة الصينية للشركات الصغيرة والمتوسطة.
كما تَظهر ضغوط في سوق العمل أيضاً. استحوذت الشركات المملوكة للدولة على 13.5% من جميع التعيينات الجديدة في أكتوبر، وارتفعت من حوالي 8% في العام السابق، وفقاً لبيانات شركة "بيزنس بيغ داتا" للاستشارات.
وعادة ما تزامن ارتفاع هذه النسبة في الماضي مع ضغط هبوطي أكبر على النمو وبيئة أعمال متدهورة للشركات الأصغر، وفقاً لتشن تشين، كبير الاقتصاديين في "بي بي دي".
لم يتمكن فينغ من الحصول على أي قروض مصرفية لمساعدة شركته في البقاء. وباع مؤخراً سيارته الرياضية الكهربائية واستدان أكثر من 100 ألف يوان من بطاقات الائتمان لدفع أجور موظفيه الثمانية، الذين غادروا جميعاً الشركة حالياً.
وقال فينغ الذي بدأ مقاضاة شركتي التطوير العقاري: "بعد أن أسترد نقودي، سأغلق هذه الشركة بالتأكيد، لقد تقدمت في السن وفقدت الثقة في أن أصبح رائد أعمال مرة أخرى".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}