استضاف مجلس الشورى اليوم معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد الذي ألقى بيان وزارته متضمنًا خمسة محاور أساسية تغطي عدة جوانب، منها: تقييم مسيرة التنويع الاقتصادي في سلطنة عُمان، والتأثيرات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أداء البرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة (2021-2025)، وتقييم أداء الميزانية الإنمائية للخطة الخمسية التاسعة (2016-2020) وأبرز ملامح تلك الميزانية خلال الخطة الخمسية الحالية.
كما تضمنت المحاور رؤية الوزارة من الناحية الاقتصادية خلال الخطة الحالية لعدة قضايا، منها الباحثين عن عمل وموازين العرض والطلب على المديين القريب والمتوسط، وقضية المتغيرات السكانية على المديين المتوسط والبعيد، وموضوع التعاون الاقتصادي المتضمن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وقياس الأثر، وموضوع تنمية المحافظات من حيث البرامج الإنمائية ومشروعات الشراكة والميزة النسبية والتنافسية.
جاء ذلك خلال جلسة المجلس الاعتيادية الثامنة لدور الانعقاد السنوي الثالث (2021-2022) من الفترة التاسعة (2019-2023)، برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى.
وألقى سعادة رئيس مجلس الشورى كلمة أشار خلالها بأن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أولى جُلَّ عنايتِه الكريمة لدعم مسيرة التنمية الشاملة في البلاد بمختلف جوانبها التنموية الهادفة إلى تعزيز وتمكين أداء الاقتصاد الوطني بما يحقق التنمية المستدامة وما يكفل الاستقرار المنشود لكافة القطاعات.
وقدم معالي الدكتور وزير الاقتصاد بيان وزارته الذي أشار في مقدمته بأن الاقتصادَ العُماني واجه خلال العامين الماضيين - أسوةً بجميع دول العالم- تحدياتٍ اقتصاديةً، وماليةً، وصحيةً عديدةً، كان لها الأثرُ الملحوظُ على مسارِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ التي تضمنتها رؤيةُ عُمان 2040 وخُطتُها التنفيذيةُ الأولى -الخُطةُ الخمسيةُ العاشرة (2021-2025) ونجمت هذه التحدياتُ بشكلٍ رئيسي عن تفشي جائحةِ كوفيد-19 وما رافقَها من انخفاضٍ في أسعارِ النفطِ لا سيما خلالَ الربعِ الأول من عام 2020م؛ نتيجةَ التباطؤِ الكبيرِ في الأنشطةِ الاقتصاديةِ والتجاريةِ العالمية.
وأضاف بأن سلطنةُ عُمان سارعتْ منذ بدايةِ عام 2020م إلى اتخاذِ الإجراءاتِ المُمكنةِ للحدِّ من الآثار السلبيةِ للجائحةِ على جميعِ الأصعدةِ، إذ تمَّ إقرارُ وتطبيقُ عددٍ من السياساتِ والتدابيرِ؛ بهدفِ التقليلِ من أثرِ انكماش الاقتصاد، واستمر تطبيقُ معظمِ التدابيرِ في عام 2021م، وذلك؛ بهدف تعزيزِ العودةِ التدريجيةِ للنشاطِ الاقتصادي والتجاري، والإسهامِ في عودةِ النّموِ الاقتصادي بعد انكماشِ الناتجِ المحلي الإجمالي بنحو 3.2% في عام 2020م وبالفعل، تعززت مرحلة التعافي خلال عام 2021م مع ارتفاعِ أسعارِ النفط، إذ شهدت معظمُ مؤشراتِ الاقتصادِ الكلي تحسّنًا في الأداء خلال عام 2021م، وقد بلغ الناتجُ المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نحو 24.2 مليار ريال عُماني حتى نهاية سبتمبر 2021م، مسجلًا بذلك نسبةَ نمو بنحو 12.7%، مقارنة مع تراجعه بنسبة 16.5% خلال الفترة نفسها من العام السابق، وكانت نسبةُ النمو خلال النصف الأول من عام 2021م قد بلغت نحو 10.1%، مقارنة مع تراجع بنسبة 15.5% خلال النصف الأول من عام 2020م وتشير جميعُ توقعات مؤسسات التنمية الدولية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عُمان بنسبٍ جيدةٍ خلال الفترة القادمة.
وبين معاليه أنه على المستوى القطاعي، بلغت القيمةُ المضافة للأنشطة النفطية نحو 7.4 مليار ريال عُماني بنهاية الربع الثالث من عام 2021م، مسجلةً بذلك نسبةَ نمو بلغت 26.5% مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020م، وشكلت مساهمةُ هذه الأنشطة نحو 30.6% من إجمالي الناتج المحلي، أما الأنشطةُ غير النفطية فقد سجلت نسبةَ نمو بلغت 7.8%، وبلغت مساهمتُها 73.0% من إجمالي الناتج المحلي حتى نهاية الربع الثالث من عام 2021م، مقارنة مع مساهمةٍ بلغت نحو 76.3% خلال الفترة نفسها من عام 2020م وفي حين بلغت نسبة نمو إجمالي الأنشطة الصناعية نحو 9.1% بنهاية الربع الثالث من العام، وسجل قطاع الصناعة التحويلية، وهو أحد قطاعات التنويع الاقتصادي غير النفطي، نسبة نمو عالية خلال هذه الفترة بلغت نحو 25.8%، في حين سجلت الأنشطة الخدمية نسبة نمو بنحو 7.5%، التي كان أبرزُها قطاعُ النقل والتخزين الذي نما بنحو 19.3% وتجارة الجملة والتجزئة بنحو 15.3%، نتيجة الفتح التدريجي لقطاعات الأنشطة الخدمية جرَّاء تطعيم شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين وانحسار تداعيات الجائحة.
وتحدث معاليه في بيانه عن آفاق النمو الاقتصادي في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن المعطيات تبدلت عما كان مخططًا له لعام 2020م، وهي السنة الأخيرة للخطة الخمسية التاسعة، وما هو مخطط له في الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) في ظل تبعات هذه الجائحة، وتدني أسعار النفط، والسياسات الاحترازية التي اتخذتها سلطنة عُمان للتقليل من ضرر الجائحة الاقتصادي والاجتماعي والصحي، إلَّا أنَّ تقديرات النمو لعامي 2021 و2022 إيجابية، وإن كان هناك تفاوتٌ بين تقديرات المؤسسات المختلفة لمستوى هذا النمو، حيث تراوحت بين 1.1% حسب تقديرات وكالة موديز و3.0% حسب تقديرات البنك الدولي لعام 2021، في حين تراوحت بين 2.9% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي و7.9% حسب تقديرات وزارة الاقتصاد لعام 2022.
وذكر معاليه بأنه من المتوقع أن يستمر الاقتصاد العُماني في تسجيل معدلات نمو خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة حتى عام 2025، وأن تعود مستويات الاستثمار والطلب الإجمالي إلى وضعها الطبيعي تدريجيًا، بالرغم من التحديات جرَّاء استمرار بطء وتعثر سلاسل الإمداد العالمية التي نجمت عن الجائحة وما لهذا من انعكاسات على الحركة التجارية العالمية وعلى معدلات التضخم ونسب النمو العالمية وتحورات الفيروس.
وأفاد بيان وزارة الاقتصاد خلال الجلسة بأن تحسن الأداء الاقتصادي والمالي في عام 2021 جاء نتيجة لارتفاع أسعار النفط والسياسات التي اتبعتها الحكومة مما انعكس على تحسن التقييم الائتماني لسلطنة عُمان من قبل مؤسسات التقييم الدولية الرئيسية والتي أصدرت تقييمها حول سلطنة عُمان، تحديدًا مؤسسة ستاندرد وبورز (S&P) التي رفعت نظرتَها المستقبلية لسلطنة عُمان إلى "إيجابية" ومؤسسة "موديز" التي رفعت نظرتها المستقبلية من "سلبية" إلى "مستقرة" ومؤسسة فيتش (Fitch) التي رفعت نظرتَها المستقبلية إلى "مستقرة" من "سلبية".
وفيما يتعلق بالمستوى العام للأسعار أوضح معاليه ارتفاع معـدل التضخـم فـي سـلطنة عُمان خـلال الفتـرة (ينايـر- نوفمبر) مـن عـام 2021 ليصلَ إلى نحـو 1.34%، مقارنة بنحو -0.84% خلال الفترة نفسها من عام 2020، ومدفوعًا بشــكل رئيســي بارتفــاع أسعار مجموعـة النقـل بنسـبة 4.48 % ويجدر بالذكر أنَّ معدل التضخم في شهر نوفمبر 2021 بلغ 3.56% مقارنة بمستواه في الشهر نفسه من عام 2020.
وتحدث معاليه في بيانه عن سوق العمل والتشغيل، مشيرًا إلى أنه تم توليد أكثر من 68 ألف فرصة عمل العام الماضي، منهم (19097) عاملًا وعاملة في القطاع الحكومي بنسبة (28)% من إجمالي المعينين، ومنهم (49276) مواطنًا ومواطنة في القطاع الخاص بنسبة (72)%، منهم (13620) معينين لأول مرة و(28989) معينين ممن سبق لهم العمل، ومنهم (6667) عقود عمل ناتجة عن التدريب المقرون بالتشغيل.
وأضاف بأن عدد الباحثين عن عمل النشيطين حتى نهاية يناير 2022 هو (40082) باحثًا وباحثة، كما أن هناك تحسنًا في سوق العمل وتشغيل العُمانيين في القطاع الخاص، حيث ارتفعت الأيدي العُمانية في هذا القطاع لتصل نسبة الارتفاع إلى 4.7% مقارنة في ديسمبر 2020.
وعلى صعيد أداء المالية العامة، فقد ارتفعت الإيرادات العامــة للدولــة حتــى نهايــة عام 2021 بنســبة 28.71% مقارنة مع إيرادات عام 2020 لتصل إلى حوالي 10.94 مليار ريـال عُمانـي نتيجةً لارتفاع أسعار النفط، في حين انخفض الإنفاق العـام للدولـة في عام 2021 بنسبة 5.87% ليبلغ نحـو 12.17 مليار ريـال عُمانـي وعليه، انخفض العجز في عام 2021 عمَّا هو معتمد في الميزانية بنحو مليار ريال عُماني أي بنسبة 45.40%، ليبلغ نحو 1.22 مليار ريال عُماني في عام 2021.
ويتوقع أن يبلغ رصيد الدين العام نحو 21.90 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2021، مقارنة بنحو 19.82 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2020 أي بارتفاع نسبته 10.5%.
وذكر معالي وزير الاقتصاد بـأن المؤشرات النقدية والمصرفية في سلطنة عُمان شهدت تحسنًا في أدائها في عام 2021، حيث ارتفعت السيولة المحلية بنســبة بلغــت 5.3 % لتبلغ 20.10 مليار ريــال عُمانــي في نهاية نوفمبر 2021.
وكذلك ارتفع إجمالي الودائع لدى القطاع المصرفي بنسبة 5.7% ليصل إلى 25.40 مليار ريال عُماني بنهاية نوفمبر 2021.
كما ارتفع إجمالي رصيــد الائتمان الممنــوح مــن قبــل البنــوك العاملــة في ســلطنة عُمان بنســبة 5.4% ليصـل إلى 27.80 مليار ريـال عُمانـي بنهايـة نوفمبر 2021.
ومن جانب آخر، ارتفــع حجــم التــداول الإجمالي فــي بورصــة مســقط بنســبة 85.5% خلال عــام 2021 مسـجلًا بذلك أعلى مسـتوى فـي ثلاث سـنوات مدعومـًا بارتفاع أسـعار النفــط وتحســن أداء الشــركات والتعافــي مــن آثــار الجائحة كمـا ارتفعـت القيمـة السـوقية لـلأوراق الماليـة المدرجـة فـي السـوق سـواء كانـت أسـهمًا أو سـنداتٍ بنسـبة 7.86% بنهايــة عام 2021 وارتفع مؤشـر بورصـة مسـقط للأوراق الماليـة بنهايـة تداولات عام 2021 بمعــدل 12.6% مقارنة مع مستواه بنهاية عام 2020.
أما بالنسبة لأداء القطاع الخارجي فذكر معاليه أن الحســاب الجــاري ضمــن ميــزان المدفوعــات شهد تحسنًا خــلال الأشــهر التســعة الأولى مـن عـام 2021 إذ انخفض عجزه بنسـبة 11.4% ليصـل إلى حوالـي مليـاري ريـال عُمانـي مقارنـة بنحـو 2.26 مليـار ريـال عُمانـي خلال الفتـرة ذاتها مـن العـام السـابق، كما ارتفـع فائـض الميـزان التجـاري خـلال الأرباع الثلاثـة الأولى مـن عـام 2021 بنسـبة 17.7% ليصــل إلى 3.29 مليــار ريــال عُمانــي مقابــل 2.80 مليــار ريــال عُمانــي خلال الفتــرة نفــسها مــن العــام الماضــي، ويعــزى ذلــك إلى نمــو الصــادرات الســلعية بنســبة 42.4%ونمــو الــواردات الســلعية بنســبة 54.3%، ممــا يشــير إلى تحســن أداء الميـزان التجـاري خلال الأرباع الثلاثة الأولى مـن عـام 2021م والـذي ترافـق مـع تحســن أســعار النفــط الخــام وتعافــي الأنشطة الاقتصادية وكذلك بلغـت القيمـة التراكميـة للاستثمارات الأجنبية المباشـرة فـي نهايـة الربـع الثانـي مـن عـام 2021 حوالـي 16.33 مليـار ريـال عُمانـي، أي بارتفـاع بلـغ حوالـي 893 مليـون ريـال عُمانـي أو مـا نسـبته %8.5 مقارنـة بالفتـرة نفـسها مـن عـام 2020.
وأشار معالي الدكتور وزير الاقتصاد إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز إجمالي الاستثمارات في سلطنة عُمان ما قيمته 6 مليارات ريال عُماني في عام 2021 موزعًا على 1.1 مليار ريال عُماني (المصروفات الإنمائية للوزارات المدنية)، و1.3 مليار ريال عُماني (المصروفات الاستثمارية لشركة تنمية طاقة عُمان)، و2.9 مليار ريال عُماني (الاستثمار المحلي لشركات جهاز الاستثمار العُماني)، و1.1 مليار ريال عُماني (استثمارات شركات القطاع الخاص (محلي وأجنبي)).
وقدم أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى عددًا من الأسئلة لمعالي وزير الاقتصاد تركزت حول الموقف التنفيذي للبرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة، وآليات تعزيز مساهمة الخطة في الناتج المحلي الإجمالي، ودور الوزارة في تحقيق أولوية الشباب ضمن رؤية عُمان 2040.
كما تساءل أصحاب السعادة إذا ما كانت هناك خطة توازن تعويضية لتلك الشرائح التي تضررت جراء الإجراءات التي صاحبت خطة التوازن المالي.
وجرى خلال الجلسة كذلك التأكيد على أهمية الاستفادة من موارد الطاقة والتعدين في تنويع قاعدة الإنتاج الاقتصادي وتعزيز القطاعات الأخرى كالقطاع السياحي والصناعي والثروة السمكية، كما تمت الإشارة إلى أهمية استغلال موقع سلطنة عُمان المميز واستغلال الموانئ لتكون محطات للنقل البحري عالميًّا.
وتوقف أعضاء المجلس عبر مداخلاتهم حول جهود الوزارة في حلحلة إشكاليات الباحثين عن عمل من خلال الأرقام والمؤشرات.
وشهدت الجلسة استفسار أصحاب السعادة أعضاء المجلس عن أسباب انخفاض مؤشرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة نسب التعمين وجهود الوزارة والجهات المعنية في تعزيز دور هذا القطاع في التنمية الاقتصادية للبلاد، كما تمت الإشارة إلى برنامج تنمية المحافظات ودوره في تنمية المحافظات وذلك عبر مجموعة من البرامج التنموية والاستثمارية.
وطالب أصحاب السعادة بضرورة تعزيز قطاع البحث العلمي والابتكار، إلى جانب أهمية تفعيل دور مركز الابتكار الصناعي وتعزيز أدواره.
واستوضح أعضاء المجلس عن العديد من المشروعات الصحية التي يجب أن تأتي ضمن الأولويات وعن الخطط والمشروعات في القطاع السياحي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}