نبض أرقام
06:12 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

الغرب يتحوط والاستثمارات تهرب.. مخاوف من تكرار "السيناريو الأوكراني" في تايوان

2022/04/12 أرقام - خاص

"ليس للوضع بين تايوان والصين أي علاقة لما يحدث بين روسيا وأوكرانيا فالقضيتان مختلفتان تماما ولا مجال للمقارنة أو للحديث عن مخاوف متشابهة".. هكذا جاءت فحوى تصريحات المسؤولين في بكين وتايبيه ردًا على التساؤلات حول إمكانية تكرار السيناريو الأوكراني في تايوان.

 

وعلى الرغم من أن تلك التصريحات تعني استبعاد إمكانية قيام حرب بين الجانبين، إلا أن السفير الصيني في الولايات المتحدة أكد أن الوضع مختلف لأن تايوان جزء من الصين يحق لها استعادته في أي وقت وليست دولة ذات سيادة، كما أن صحيفة " ساوث تشاينا مورنينج سي" اعتبرت أن الصين قد تلجأ لخيارات "أقل حدة" من غزو تايوان مثل فرض حصار يمنع وصول النفط والغاز إلى الجزيرة.

 

وفي المقابل برزت التدريبات التي تقوم بها تايوان للمدنيين على حمل السلاح، فضلا عن استقبالها لأنظمة صواريخ "باتريوت" من الولايات المتحدة لتعطي إشارات معاكسة عما يقوله مسؤولو الصين وتايوان بشكل عام.

 

 

انسحابات لرؤوس الأموال

 

أثيرت مخاوف عديدة حول مدى استقرار الوضع في تايوان، وبناء على ذلك وخلال الشهر الماضي تسببت مبيعات الأجانب في سوق أسهم تايوان في خسارته حوالي 17 مليار دولار، وعلى الرغم من عدم حدوث خسارة كارثية للسوق خلال هذه الفترة إلا أن قيام الأجانب تحديدا ببيع الأسهم يعكس مخاوف المستثمرين.

 

ويؤكد تلك المخاوف ما كشفه بنك "جولدمان ساكس" حول أن صافي تدفق الاستثمارات في تايوان خلال أول 3 أسابيع من الحرب الأوكرانية بلغ سالب 15.6 مليار دولار وهو أكثر من صافي انسحابات رأس المال خلال 2021 بالكامل.

 

وتشتهر تايوان بأنها قوة عالمية في صناعة أشباه الموصلات، والتي يعتمد عليها تشغيل كل شيء من السيارات إلى الجوالات الذكية. فالجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة هي بمثابة أكبر "شركة" مصنعة للرقائق في العالم، وتمثل أكثر من نصف الإنتاج العالمي.

 

وتتعرض صناعة أشباه الموصلات العالمية لضغط كبير في الوقت الحالي، وهناك نقص في المعروض من الرقائق مؤخرًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تقلب الطلب الناجم عن الوباء، والعقوبات الأمريكية على شركات التكنولوجيا الصينية.

 

الشركة الأهم

 

ويعتبر كثيرون أن شركة "تي.إس.إم.سي" (TSMC) كأبرز الشركات في تايوان، بوصفها الشركة الرائدة في السوق العالمية، حيث تقدم منتجاتها شركات عملاقة مثل "أبل" و"كوالكوم" ويقول المحللون إن شركة تصنيع الرقائق ذات قيمة كبيرة للغاية حتى من الناحية الاستراتيجية وليس فقط الاقتصادية.

 

 

ولكن ومنذ أواخر فبراير، تراجعت قيمة أسهمها بشكل لافت من مستوى فوق 600 دولار تايواني للسهم قبل الغزو (603 دولارات تايوانية 24 فبراير مع بدء الغزو) إلى مستوى دون 570 دولارا تايوانيا منذ الغزو (557 دولارا تايوانيا في افتتاح السوق يوم 12 أبريل).

 

والشاهد أن سهم أي شركة معرض للانخفاض، ولكن اللافت أن هذا الانخفاض غير منطقي لأكثر من سبب أهمها الإقبال الشديد على منتجات الشركة في ظل شح عالمي في أشباه الموصلات من ناحية، فضلا عن نتائج الشركة الجيدة من ناحية أخرى.

 

فالشركة أعلنت عن ارتفاع مبيعاتها إلى معدل قياسي خلال الربع الأول من العام الجاري بفضل زيادة الطلب على الرقائق الإلكترونية التي تدخل في صناعة الهواتف الذكية والحاسبات والسيارات، فيما ساعد نقص الرقائق الذي امتد لفترات طويلة في ارتفاع الأسعار.

 

وذكرت الشركة في بيان أن عائداتها ارتفعت بنسبة 36 بالمائة إلى 491.1 مليار دولار تايواني (17 مليار دولار أمريكي) خلال الربع السنوي المنتهي في مارس، فيما توقع خبراء الاقتصاد أن تصل عائدات الشركة إلى 469.4 مليار دولار تايواني في المتوسط (أي أنها تخطت الإيرادات المتوقعة).

 

والأزمة التي تواجه السوق العالمية في التعامل مع "تي.إس.إم.سي" تحديدًا ليس فقط في حجم الإنتاج الذي تمد به الأسواق العالمية ولكن في نوعيته أيضًا، حيث إن قرابة 20-25% من إنتاج الشركة من الرقائق هو "إنتاج حصري" تمتلك الشركة وحدها "المعرفة" (KNOW HOW) لتصنيعها بما يجعلها غير قابلة للاستبدال.

 

خطوات غربية

 

وعلى الرغم من ذلك فقد تنوعت الخطوات الغربية المدفوعة بالقلق من صراع حول تايوان، حيث أعلنت ألمانيا على سبيل المثال أنها تدرس "منح" شركة "أبل" 5.5 مليار دولار كدعم لإقامة مصنع للرقائق الإلكترونية في ألمانيا بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد في هذا المجال.

 

 

كما أيد الرئيس الأميركي "جو بايدن" علانية إنشاء مصنع لـ"إنتل" في ولاية "تكساس برأس مال 20 مليار دولار واعتبره بمثابة وسيلة لتحقيق "الاستقلالية الاقتصادية" لبلاده وحضر افتتاح المصنع وألقى كلمة بهذه المناسبة أيضا.

 

وفي هذا الإطار يقول المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية "باسكال لامي" إن هناك "عددا معينا من نقاط الضعف" التي ظهرت وتدل على محدودية فكرة الاعتماد على سلاسل إنتاج مجزأة في مواقع متعددة.

 

ومن ثم فإن "الاستقلال الذاتي الاستراتيجي" المطلوب اليوم في أوروبا في مجال الطاقة والمواد الحيوية، أو الاستثمارات الهائلة التي تضخها الولايات المتحدة في أشباه الموصلات تعكس الأولوية التي تُعطى للانكفاء الإقليمي أو حتى الوطني.

 

ويبدو الغرب عازما على عدم تكرار أزمة الاعتماد المفرط على مصادر الطاقة الروسية في حالة تايوان وصناعة الرقائق بتحقيق قدر من الاستقلالية، ولكن يبقى السؤال حول سرعة تحقيقه لذلك ومدى إمكانية استبدال المعرفة التايوانية بأخرى غربية بشكل ملائم وسريع، وهو أمر ليس باليسير في وقت ضيق.

 

المصادر: أرقام- ساوث شاينا مورنينج سي- سي.إن.إن- واشنطن بوست- وكالة الأنباء الفرنسية

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.