تراجعت العملة الأوروبية الموحدة إلى أدنى مستوى لها في خمس سنوات بالقرب من 1.03 دولار، تحت ضغط الاندفاع نحو الدولار كملاذ من اضطرابات السوق والحرب في أوكرانيا. وقد أدى ذلك إلى توقع شركات مثل "إتش إس بي سي هولدينغ" (HSBC Holdings) و"آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) أن تصل العملتين إلى التكافؤ في عام 2022.
كما تراهن صناديق التحوط على ذلك بالفعل؛ حيث راكمت 7 مليارات دولار من القيمة الاسمية في رهانات الخيارات على هذا التساوي في الشهر الماضي وحده، مما يجعل هذا التداول هو الأكثر شعبية بين أولئك الذين يبحثون عن مزيد من الانخفاض في العملة الموحدة.
تعليقاً على الموضوع، قال فرانشيسكو بيسول، محلل إستراتيجي للعملات في شركة "أي إني جي غروب" (ING Groep): "اليورو بحد ذاته ليس عملة جذابة في الوقت الحالي". وبينما يحافظ البنك الهولندي على توقعاته الرسمية لليورو للأشهر الستة المقبلة عند 1.05 دولار، يعترف بيسول بأن قوة الدولار وتقلب السوق يعني أن التكافؤ محتمل.
قوة الدولار
الجدير بالذكر أن محنة اليورو تدل إلى حد كبير على قوة الدولار، والذي يندفع بشكل فائق بينما يضغط الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر من أقرانه. كما أن نوبة جديدة من النفور من المخاطرة العالمية التي أبعدت الاهتمام عن أسواق الأسهم والائتمان تضيف الزخم للانتقال إلى عملات الملاذ الآمن.
وهناك أيضاً نظرة قاتمة للاقتصاد الأوروبي. حيث أثار استمرار المواجهة مع موسكو بشأن إمدادات الغاز الطبيعي للقارة احتمالية حدوث تباطؤ واضح. وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاتحاد الأوروبي في عام 2022 إلى 2.8%.
علاوةً على ذلك، ترك هذا البنك المركزي الأوروبي في مسار محفوف بالمخاطر، حيث يجب عليه أن يوازن بين الحاجة إلى سياسة أكثر صرامة لترويض التضخم القياسي وبين احتمال الضرر الاقتصادي الذي يمكن أن يسببه - خاصة في بعض الدول الأعضاء الأكثر مديونية في المنطقة مثل إيطاليا. وفي حين قد يرفع المسؤولون أسعار الفائدة فوق الصفر قبل نهاية العام، إلا أن هناك شكوكاً بشأن المزيد من الزيادات بعد ذلك.
وسيراقب المستثمرون الخطب التي سيلقيها أمثال رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في الأيام المقبلة، بالإضافة إلى محضر اجتماع البنك في أبريل يوم الخميس، للحصول على مزيد من القرائن حول توجه التفكير. وقد انضمت لاغارد إلى حشد من صانعي السياسة الذين يشيرون إلى رفع الأسعار في يوليو.
قال بيتر ماكالوم، محلل إستراتيجي لأسعار الفائدة في شركة "ميزوهو إنترناشونال" (Mizuho International): "أعتقد أنه من الصعب سياسياً على الكثيرين في البنك المركزي الأوروبي أن يبدوا متساهلين للغاية، وذلك بالنظر إلى أن التضخم لم يبلغ ذروته على الأرجح بعد؛ وما لم نتحدث عن زيادة بمقدار 50 نقطة أساس، فمن الصعب على العديد من مناصري كبح جماح التضخم مفاجأة السوق الآن".
كما أن أية عمليات بيع متجددة لليورو تخترق أدنى مستوى سُجّل في يناير 2017 عند 1.0341 دولار – وهو السعر الذي كادت تصل إليه في يومي الخميس والجمعة - قد تؤدي إلى تعريض العملة لمزيد من الخسائر.
مخاطر إضافية
مع التخلي عن سندات المنطقة أيضاً، قد يبدأ سوق العملات في التعامل مع مخاطر الديون في منطقة اليورو، وفقاً لاستراتيجيي "إتش إس بي سي" بما في ذلك دومينيك بانينغ. وقد تجاوز الفارق بين العوائد الإيطالية والألمانية - الذي يُنظر إليه على أنه مقياس للمخاطر - 200 نقطة أساس هذا الشهر للمرة الأولى منذ الأيام الأولى للجائحة.
لكن ليس لدى الجميع نفس النظرة السلبية؛ يتوقع روبرتو مياليتش، محلل العملات في "يوني كريديت" (UniCredit)، أن يرتفع اليورو مرة أخرى فوق 1.10 دولار خلال العام المقبل مع تلاشي دورة رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. ويرى أن السيناريو الدائم دون التكافؤ هو مجرد مخاطرة غير متكررة، ويعتبر مرجحاً فقط إذا تباطأ النمو في منطقة اليورو أكثر بكثير مما كان متخوفاً.
مع ذلك، طالما ظلت الأصول الخطرة معرضة للمخاطر، فإن الملاذات التقليدية مثل الدولار والين ستظل رائجة. كما تظل الحرب الروسية في أوكرانيا بمثابة رياح معاكسة رئيسية لليورو، لا سيما بالنظر إلى احتمالية حدوث مزيد من الاضطرابات في إمدادات الغاز.
وكتب المحللون الاستراتيجيون في "إتش إس بي سي" في مذكرة: "لقد واجه اليورو بالفعل ضغطاً هبوطياً أكثر مما توقعنا، إلا أننا نجد صعوبة في رؤية جانب إيجابي للعملة الموحدة في هذه المرحلة"، مشيرين إلى المراجعات الهبوطية لتوقعات النمو والمراجعات التصاعدية للتضخم؛ و"هذا كوكتيل مزعج لأية عملة تحاول هضمه".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}