قطعت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عن فنلندا، في وقت تتزايد حدة التوتر في العلاقات بين البلدين، بسبب قرار الدولة الإسكندنافية، الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
بذلك، تصبح فنلندا ثالث دولة أوروبية تنقطع عنها إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، بعد رفضها دفع ثمن الوقود بالروبل.
وقد توقف تدفق الغاز عبر خط أنابيب رئيسي من أكبر مورد في المنطقة في الساعات الأولى من يوم السبت، وفقاً لتقرير قدمه المستورد الفنلندي "غازوم" (Gasum)، علماً أنه كان قد تم قطع إمدادت الغاز عن بولندا وبلغاريا الشهر الماضي، للسبب ذاته.
قال توم مارزيك-مانسر، رئيس تحليلات الغاز في شركة "خدمات استخبارات السلع المستقلة" (ICIS) في لندن، نقلاً عن استطلاع حديث أجرته الشركة، إن معظم التجار في السوق، يتوقعون أن تكون فنلندا هي المشتري الوحيد الذي تنقطع عنه إمدادات الغاز في هذه الفترة، إلا أن الخطر ما زال قائماً بأن يواجه مشترون آخرون إجراءً مماثلاً.
من المحتمل أن يكون للإمدادات التي خسرتها فنلندا تأثير محدود على اقتصادها، حيث يمثل الوقود حوالي 5% فقط من مزيج الطاقة. يستخدم هذا الغاز بشكل أساسي من قبل المصانع، وليس للتدفئة كما هو الحال في العديد من الدول الأوروبية الأخرى، حيث سرّعت الحكومة خططها للتخلي تماماً عن الوقود الأحفوري.
قالت شركة "غازوم" الفنلندية، إن "غازبروم إكسبورت" (Gazprom Export) أبلغتها بأن "إمدادات الغاز الطبيعي إلى فنلندا بموجب عقد التوريد مع (غازوم)، ستُقطع يوم السبت".
من جانبها، قالت "غازبروم إكسبورت"، ذراع التصدير التابعة لشركة الغاز العملاقة "غازبروم"، إنها لم تتسلّم مدفوعات إمدادات شهر أبريل بحلول نهاية العمل يوم الجمعة الموافق في 20 مايو، وهو الموعد النهائي للدفع.
وأضافت في بيان أن تدفقات الغاز الروسي ستتوقف اعتباراً من 21 مايو وحتى السداد، عملاً بالأمر الذي أصدره الرئيس فلاديمير بوتين في 31 مارس.
خط أنابيب من إستونيا
في غضون ذلك، تستمر الإمدادات في التدفق إلى فنلندا عبر "خط أنابيب البلطيق" من إستونيا، لكن قد لا تكون قدرتها كافية لتلبية الطلب، وذلك بعد أن تحول عدد من الشركات بالفعل إلى أنواع أخرى من الوقود أو تأمين إمدادات بديلة.
أما بالنسبة إلى فصل الشتاء المقبل، فقد وافقت الحكومة الفنلندية الجمعة على استئجار محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال مع إستونيا.
قالت وزيرة المالية الفنلندية، أنيكا ساريكو، الجمعة، إن استئجار "سفينة الغاز الطبيعي المسال الجديدة، خطوة مهمة لتحسين إمدادات الطاقة في فنلندا".
وأضافت: "هذا الأمر سيجعل عملية الانفصال عن الطاقة الروسية أمراً ممكناً. لكن، لا يمكن أن نبالغ في التأكيد على أهمية المشروع الآن".
على الرغم من أن علاقة فنلندا مع شركة "غازبروم" تعود خمسة عقود إلى الوراء، إلا أنها تُعتبر عميلاً صغيراً نسبياً للشركة الروسية. فقد شكّلت صادرات الغاز إلى الجار الغربي لروسيا، ما نسبته 1% فقط تقريباً من إجمالي مبيعات "غازبروم" إلى أوروبا وتركيا خلال النصف الأأول من العام الماضي.
يأتي قطع إمدادات الغاز أيضاً، بعد أسبوع من وقف روسيا بيع الكهرباء إلى فنلندا، تزامناً مع قرار فنلندا السعي للانضمام إلى حلف "الناتو" الدفاعي، جنباً إلى جنب مع السويد. وقالت روسيا إن هذا الانضمام، ستكون له عواقب، من دون أن تقدم تفاصيل.
تراجع السعر المرجعي للغاز في العقود الآجلة في أوروبا يوم الجمعة، لتصل نسبة تراجعها إلى أكثر من 9% هذا الأسبوع. وكانت الأسعار قد تراجعت بعد الارتفاع الحاد الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أنها مع ذلك، تبقى عند مستويات مرتفعة للغاية.
طلب موسكو
انقسمت الدول الأوروبية حول كيفية التعامل مع طلب موسكو الصادر في أواخر مارس، بأن جميع مدفوعات الوقود يجب أن تتم بالروبل، حيث استجابت مرافق الطاقة الأوروبية لهذا التحدي بطرق مختلفة. وقالت روسيا يوم الخميس، إن حوالي نصف العملاء الأجانب لشركة "غازبروم" امتثلوا للطلب، وفتحوا حسابات بالروبل، دون تسمية أي من الشركات.
استحوذ خط الأنابيب القادم من روسيا مؤخراً، على حوالي 66% إلى 75% من إمدادات فنلندا لكن صادرات الغاز الروسي إلى فنلندا تواصل تراجعها منذ عام 2018، عندما بلغت 2.6 مليار متر مكعب. وفي عام 2020، بلغت نسبة التراجع عن ذلك المستوى، 39%.
من المقرر أن يؤدي قطع روسيا للإمدادات، إلى بدء إجراءات توجيه السوق من قبل مشغل الشبكة، ما يعني أنه قد يقيّد تدفقات الغاز إلى المستخدمين. تمتلك فنلندا أيضاً مخزونات احتياطية من الوقود، والتي يمكن استخدامها في الشبكة إذا انخفض مستوى الضغط بشكل كبير. ومن المرجح أن يؤدي انخفاض العرض، إلى زيادة سعر الوقود.
تحت السيطرة
قالت وزارة الاقتصاد الفنلندية في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن الوضع "تحت السيطرة"، مضيفة أن "احتياجات الغاز المباشرة للعملاء المنزليين، يمكن تغطيتها في جميع الحالات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الغاز الذي تتطلبه الخدمات الأساسية".
يذكر أن شركة "نيستي" (Neste)، تعتبر أكبر مستهلك للغاز في فنلندا، وهي تستخدمه في إنتاج الهيدروجين اللازم لعمليات تكرير النفط الذي تستخدمه شركات استغلال الغابات ومصانع الصلب.
قالت شركة "غازوم" إنها ستظل قادرة على إمداد عملائها بالغاز الطبيعي من مصادر أخرى، عبر خط أنابيب البلطيق، بينما ستواصل محطات تعبئة الغاز عملياتها التشغيلة الاعتيادية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}