نبض أرقام
20:10
توقيت مكة المكرمة

2024/07/22

كيف سيؤثر قرار الغرب بحظر الذهب الروسي على المعدن النفيس؟

2022/06/28 أرقام - خاص

أعلنت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بدءها خططًا لحظر استيراد الذهب المستخرج في روسيا، ضمن مساعي الدول الكبرى لتشديد عقوباتها على موسكو، وهي الخطوة التي وصفتها المجموعة بأنها محاولة لـ"تجفيف خزائن" الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بعد غزوه أوكرانيا.

 

وتحتل روسيا المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج الذهب بعد الصين، حيث أنتجت العام الماضي قرابة 331 طنا، بالمقارنة مع 332 طنا للصين، بما يثير التساؤلات حول آثار هذا القرار على المعدن النفيس وعلى الاقتصاد الروسي.

 

 

مساهمة ضخمة

 

وتصدر روسيا أكثر من 60% من إنتاجها من الذهب، و90% من هذه الصادرات إلى الدول السبع الصناعية الكبرى، وغالبيتها تذهب إلى بريطانيا تحديدًا، ولعل هذا هو ما جعل لندن تتقدم إلى مجموعة السبع باقتراح حظر الذهب الروسي، وأول من يعلنه رسميًا بعد تسريبات متعددة.

 

واللافت أن العقوبات الغربية اقتصرت على الذهب المستخرج حديثًا، أي أنها لا تسري على الذهب الموجود بالفعل فوق الأرض وقت إقرار العقوبات ولكن على الذي سيتم استخراجه بعدها، فيما تبدو محاولة لتجنب عمل صدمة للأسواق ترفع سعر الذهب بشكل مفاجئ.

 

ويشير الخبير في أسواق الذهب "وارين بيترسون" إلى أن تأثير الحظر الغربي على الذهب الروسي يبدو محدودًا بما أن الأسواق نفسها بدأت التحسب منذ فترة لاحتمال اتخاذ خطوة مثل تلك، وبالتالي بدأت الكيانات والشركات الغربية في خفض طوعي لمشترياتها من الذهب الروسي بشكل لافت.

 

وما يؤكد هذا التحليل هو أن سعر الذهب لم يرتفع إلا 0.5% فحسب بعد الإعلان الغربي لقرار الحظر، بما يؤكد أن هناك "تحوطا" قائما بالفعل تجاه القرار قبل اتخاذه بدرجة كبيرة بما جعل الأثر الفوري محدودًا، بل وانخفض الذهب في تعاملات الإثنين بنسبة مقاربة بما يؤشر لمحدودية تأثير القرار بشدة.

 

قرار "هامشي"

 

وهناك العديد من العوامل التي تجعل تأثير القرار هامشيًا، من بينها حقيقة توسع سوق الذهب المحلي في روسيا بشكل كبير، مع ميل الكثير من الأثرياء إلى الاستثمار فيه خوفًا من التقلبات المستقبلية لسعر العملة المحلية (المستمرة في الارتفاع رغم كل شيء) ولكن هناك تخوف من تراجعها مستقبلًا إذا ما بدأت العقوبات تؤثر على الاقتصاد.

 

 

وتشير التقارير إلى أن الأثرياء الروس اشتروا ما قيمته 12-14.5 مليار دولار ذهبًا منذ بدء الغزو وهي أرقام مرتفعة للغاية وتؤشر على أن السوق المحلي قد يحد من أية عقوبات منتظرة من الغرب على ذهب موسكو.

 

كما أن التقارير الروسية تشير إلى سعي موسكو منذ أبريل الماضي إلى فتح أسواق جديدة في الصين والشرق الأوسط لصادراتها من الذهب، وهناك تقارير عن مفاوضات مع الهند والصين على سبيل المثال لشراء الإنتاج الروسي الحديث من الذهب (كما هو الحال مع النفط والغاز أيضًا).

 

كما يدعم محدودية تأثير القرار من زاوية الأسعار هو أنه يأتي في وقت يفقد المعدن النفيس فيه جاذبيته كمخزن للقيمة، وهي أهم استخداماته، مع تحرك الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة 1.5% منذ بداية العام وعزمه الواضح على المزيد من الرفع بما يحد من اللجوء للذهب كثيرًا.

 

سلعة لها سوق دائمة

 

كما أن الحقيقة التي أعلنها الكرملين أنه "لن يعدم أن يجد سوقًا للذهب"، وأن المعدن النفيس دائما ما سيجد مشترين تبدو منطقية، لا سيما إذا ما حدث ما يخشاه كثيرون وبدأ الركود مع رفع غالبية البنوك المركزية حول العالم أسعار الفائدة بما سيجعل الطلب على الذهب يعود لمستويات عالية.

 

فالذهب ليس كالنفط والغاز اللذين يحتاجان لترتيبات لوجستية كبيرة لنقلهما بسبب هيئته الصلبة المعدنية، بما يجعل نقله لأي مكان في العالم ممكنًا ميسورًا مقارنة بالوقود الذي يشكل حظره حجر أساس في الجدل الغربي حول العقوبات ضد روسيا.

 

 

بل إن الاحتفاظ بالذهب دون تصديره يعد داعمًا للعملة والاقتصاد الروسي، وإذا اضطرت موسكو فإنه يمكنها استخدامه كوسيلة إيفاء بالثمن ولو بتحويل "أرصدة" ذهب (أي قيود دفترية وليس نقل الذهب بنفسه إلى الدول) والاحتفاظ به في روسيا في نفس الوقت، خاصة مع دول صديقة لها، أو حتى إرساله لأي دولة منها لتتولى هي بيعه.

 

وبذلك تؤكد كل الشواهد أن قرار حظر الذهب الروسي يبقى دعائيًا بالدرجة الأولى، ومحاولة لإبقاء خط تشديد العقوبات الاقتصادية الغربية ضد موسكو متصلًا دون توقف ولو على الصعيد المعنوي، ولكن تأثيره الواقعي سيكون محدودًا للغاية على الأسواق والأسعار من ناحية، وعلى الاقتصاد الروسي من ناحية أخرى.

 

المصادر: أرقام- نيويورك تايمز- سي.إن.بي.سي- رويترز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة