يمكن أن تعلمنا الروايات، والمسرحيات والأفلام التي تتعلق بأنشطة الأعمال دروساً كثيرة حول كيفية إدارة الموظفين، لكن فيلم Glengarry Glen Ross، على وجه الخصوص، هو أفضل مثال لما لا ينبغي فعله في هذا المجال.
وتحل هذا العام الذكرى الـ 30 للفيلم المأخوذ عن مسرحية لديفيد ماميت وتحمل نفس الاسم، والتي حاز كاتبها على جائزة بوليتزر.
وتدور القصة حول منافسة وحشية، مدفوعة باليأس ومبنية على الاحتيال، بين رجال تتجلى ذكوريتهم في بيئة العمل، فمثلما قالت إحدى شخصيات الفيلم: "الرجل هو وظيفته".
- وخلال العقود التالية للفيلم، أصبح العالم مكاناً مختلفاً بأشكال عدة.
- فقد أصبحت النساء تشغلن وظائف في كل مكان بعالم أنشطة الأعمال. كما تراجعت معدلات البطالة في الولايات المتحدة، وأوروبا.
- وعولجت الأزمات المالية بحزم تحفيز كبيرة من قبل البنوك المركزية، وهو ما خفف أثر تراجع أسواق المال وحتى الجائحة.
- لكن من السذاجة الاعتقاد بأن المدراء البشعين ورجال المبيعات اليأسين في فيلم "Glengarry Glen Ross" موجودون فقط في عمل فني تاريخي.
- وتساعدنا أفلام مثل هذه على فهم ثقافة أنشطة الأعمال الخاصة بنا، والاستعداد للأوقات الصعبة عندما تأتي.
- يجب أن يؤدي كل شخص في أي منظمة دوره بشكل جيد، لكن المدراء العقلاء يدركون أن فرض مطالب غير معقولة على الموظفين وتهديدهم بعواقب وخيمة، يؤديان إلى توليد سلوكيات غير أخلاقية لديهم.
- ويقول مقال مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" "Harvard Business Review": "لا يؤدي تحديد أهداف غير واقعية إلى تحفيز جهود المبيعات بل يتسبب في وضع ضغوط مفرطة على موظفي المبيعات، وزيادة عدد الاستقالات، وظهور سلوكيات غير أخلاقية في بيئة العمل".
- والأشخاص الرئيسية في فيلم Glengarry Glen Ross هم أربعة رجال مبيعات يعملون في سوق العقارات بولاية أريزونا، وقد جسد هذه الشخصيات ببراعة كل من آلان أركين وإد هاريس وجاك ليمون وآل باتشينو.
- ويعمل الأربعة تحت إشراف مدير المكتب الذي يلعب دوره الممثل كيفين سبيسي.
- لا يسير العمل على ما يرام، جزئياً، لأن الإدارة منحتهم بيانات عملاء محتملين ليست جيدة.
- ولتحفيز المبيعات، أعلن بلاك، الذي لعب دوره الممثل أليك بالدوين عن مسابقة، وقال بلاك: "الجائزة الأولى هي سيارة كاديلاك إلدورادو. هل يريد أحد أن يعرف ما هي الجائزة الثانية؟ الجائزة الثانية هي مجموعة من السكاكين، أما الجائزة الثالثة فستكون فصلك من العمل".
- إن بلاك مدير سيئ للغاية، فهو يتحدى موظفيه عبر سؤالهم ما إذا كانوا "رجالاً بما فيه الكفاية لجني الأموال".
- يقول لهم: "هل ترى هذه الساعة؟. هذه الساعة أغلى من سيارتك، لقد جنيت عمولة بيع قيمتها 970 ألف دولار في العام الماضي، كم تجني من الأموال؟ أترى؟ هذا هو ما أنا عليه، أما أنت فلا شيء".
- ولأنه لا يعبأ إلا بالمال، خلق بلاك بيئة عمل لا تهتم ما إذا كان موظفو المبيعات رجالاً لطفاء أو آباء جيدين -طالما يبيعون.
- عبر الرجال عن ازدرائهم للرجل ومسابقته المشينة، لكنهم يحتاجون إلى وظائفهم. في الواقع، هم ليس لديهم أي شيء لبيعه سوى قدرتهم على البيع.
- فهم جميعاً يعرفون أن موظف المبيعات غير القادر على إبرام صفقات بيع، سيُفصل من عمله في نهاية المطاف.
- وتذكرنا هذه المسابقة القاسية بالمقولة المُحبِطة التي تقول: "الشيء الوحيد الذي تملكه في هذا العالم هو ما تستطيع بيعه".
- هذه العبارة من مسرحية للكاتب آرثر ميلر تحمل اسم "موت رجل مبيعات" "Death of a salesman"، لكنها أيضاً مبدأ رئيسي محرك للأحداث في هذا الفيلم.
- وتزيد الحالة الخانقة للفيلم من الضغوط المفروضة على رجال المبيعات للتغلب على بعضهم البعض في أرقام المبيعات، ويعمق هذه الضغوط حقيقة أنهم رجال مخادعون بذيئون. ما يشكل فارقاً، في نهاية المطاف، هو إبرام صفقات البيع.
- الدرس المستفاد من الفيلم واضح وبسيط: إن المنافسة أمر لا مفر منه في أنشطة الأعمال، لكن تحريض الموظفين ضد بعضهم البعض هو فعل بائس، ومكلف، وغير فعال لتحفيز الأشخاص.
- لقد خلقت الإدارة، في فيلم Glengarry، ثقافة خالية من الوفاء، والرحمة، واحترام القانون.
المصدر: موقع Strategy+Business
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}