حذر سعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة من أن التحدي الأصعب الذي سيواجه القارة الأوروبية سيأتي في 2023 مع نفاد الاحتياطيات، منوهاً بأنه يجب أن يكون لدى أوروبا ما يكفي من الغاز للطاقة والتدفئة هذا الشتاء. موضحاً أن المناقشات مع قطر خلقت منافسة كبيرة بين أوروبا وآسيا وأصبح العملاء الآسيويون أكثر حرصاً على تأمين احتياجاتهم ويحاولون بشدة إغلاق الصفقات مع قطر.
وقال سعادة المهندس الكعبي لصحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية: "العام المقبل سيكون أسوأ بكثير" إذا كان هناك شتاء قاسٍ. وأضاف أن ازمة الطاقة قد تمتد إلى منتصف العقد اذا استمرت الحرب الروسية - الاوكرانية ولم يبدأ الغاز في التدفق مرة أخرى من روسيا.
وأضاف سعادته أنه بسبب امتلأ مرافق التخزين حالياً فإن الشتاء القادم لا بأس به، والمشكلة حقاً هي تجديد الاحتياطيات والتخزين للعام المقبل.. ستكون هذه هي المشكلة. وقال "لذا.. العام المقبل والسنة التالية حتى عام 2025 ستكون هذه المشكلة".
وتجرى العديد من الدول الأوروبية (التي تحاول الفطام من الغاز الروسي) محادثات مع قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. لكن المهندس الكعبي حذر من أنه لا يستطيع تصور مستقبل يكون فيه تدفق الغاز الروسي نحو أوروبا هو (صفر غاز). وقال: إذا كان هذا هو الحال، فأعتقد أن المشكلة ستكون ضخمة ولفترة طويلة جداً. "ليس لديك حجم كاف لجلب أو استبدال هذا الغاز على المدى الطويل، الا إذا كنت تقول: سأقوم ببناء محطات نووية ضخمة، سأسمح باستخدام الفحم، سأحرق زيوت الوقود".
وزودت روسيا دول الاتحاد الأوروبي بنحو 155 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي، أي حوالي 40% من استهلاك الاتحاد من الغاز. وتأمل بروكسل في تقليل هذا الاعتماد من خلال زيادة الإمداد بالأنابيب من دول مثل الجزائر والنرويج بالإضافة إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير من مناطق أبعد.
ومع ذلك يحتاج استبدال كافة الغاز الروسي في اوروبا إلى 112 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، أي ثلث سوق الغاز المسال اليوم.
وقالت قطر التي تشحن حوالي 70% من إنتاجها إلى عملاء آسيويين بعقود ثابتة طويلة الأجل أنها ستكون قادرة على تحويل 10 إلى 15% فقط من الإنتاج الحالي إلى أوروبا حتى يتم تشغيل مشاريع جديدة بما فيها توسعة حقل الشمال.
مشاريع جديدة
لكن المهندس الكعبي قال إنه لا توجد مشاريع غاز جديدة كبيرة على مستوى العالم ستبدأ في الإنتاج حتى 2025، ومن المتوقع أن يبدأ مشروع "غولدن باس" في امريكا 16 مليون طن سنوياً وهو مشروع مشترك بين قطر للطاقة واكسون موبيل.
وتنفق قطر نحو 30 مليار دولار لتوسيع حقل الشمال - أكبر حقل غاز في العالم- لزيادة طاقتها الانتاجية من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول 2025 ضمن خطط توسعة على مرحلتين.
وبدأت المملكة المتحدة محادثات مع قطر منذ عام لتصبح قطر مورد الملاذ الأخير. وقال الكعبي الذي التقى بوزير الطاقة البريطانية جاكوب هذا الشهر إن البلدين منخرطون بشكل أكبر لكنه أضاف من الصعب تحديد موعد التوصل الى اتفاق.
وقال: "نحن ملتزمون جداً تجاه المملكة المتحدة، وفي النهاية سنصل إلى مكان يمكننا فيه دعم المملكة المتحدة" سنكون لاعباً رئيسياً في دعم المملكة المتحدة على المدى الطويل بالتأكيد".
ووقعت قطر اتفاقاً مؤقتاً مع ألمانيا في مارس الماضي، لكن تلك المحادثات تعثرت بسبب الخلافات حول العقود. كما تجرى الدوحة مناقشات مع فرنسا واسبانيا وايطاليا وبلجيكا وهولندا وسلوفاكيا حول توسيع الصادرات إلى تلك البلدان.
وقال الكعبي إن القضية الرئيسية التي أثرت على مفاوضات قطر مع الدول الأوروبية تتعلق بالتحديات التي تواجه الحكومات في إيجاد أفضل السبل لشراء الغاز من خلال عقود ثابتة في بيئة تكون فيه شركات الطاقة مملوكة للقطاع الخاص.
وحول طول مدة العقود قال الكعبي: "لأن كل شخص سوف يستثمر في قطاع الغاز فإنهم يتطلعون الى مدة 25 و30 و40 عاماً للاستثمار والحصول على عوائد معقولة من الاستثمارات". "إذا لم تكن الحكومات ستدعم ذلك فسيكون من الصعب على المستثمرين الدخول".
منافسة كبيرة
وأضاف الكعبي أن المفاوضات الأوروبية بشأن الغاز القطري خلقت "منافسة كبيرة" مع مستوردين آسيويين يسعون لتأمين الإمدادات طويلة الأجل مع توسع قطر في إنتاجها.
قال" "بسبب هذا الجذب الأوروبي الذي يريد غازاً إضافيا.. المشترون الآسيويون ينظرون إلى نفس الشيء ويقولون نحن بحاجة الي أن نكون قادرين على تأمين احتياجاتنا التنموية المستقبلية" "نحن نتحدث مع كل عميل تقريباً في آسيا حيث يحاولون بجدية شديدة إغلاق الصفقات".
وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال عالمياً منذ الغزو الروسي لأوكرانيا حيث وصلت 70 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بشهر اغسطس بما يعادل أكثر من ضعف أسعار بداية العام، ووصلت في مؤشر (تي تي اف) الهولندي المؤشر الأوروبي حوالي 311 يورو لكل ميغاواط/ساعة (حوالي 88.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية) في أغسطس وانخفضت الأسعار منذ ذلك الحين في أوروبا وآسيا بسبب اعتدال الطقس ووصول مستويات التخزين في أوروبا إلى الطاقة الكاملة تقريباً.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}