تتوالى التحذيرات الصادرة عن خبراء قطاع النفط والغاز من أن نقص الاستثمارات قد يؤدي إلى أزمة في المستقبل القريب على الأخص في ظل تراجع الإمدادات من روسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية ومع تركيز العالم على موارد الطاقة المتجددة دون إدراك كاف لأن الوقود الأحفوري سيظل له الصدارة في تلبية الطلب على الطاقة لوقت طويل قبل أن تنخفض تكلفة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ويجد العالم حلولا أفضل لتغطية الفجوات الناشئة من الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة.
أحدث التحذيرات جاء على لسان كبير خبراء الطاقة العالمية لدى بنك الاستثمار الأمريكي "جيه بي مورجان" "كريستيان مالك" الذي قال إن أسعار النفط قد تقفز إلى 150 دولارا للبرميل في العام القادم، وإن نقص الاستثمار في القطاع قد يتمخض عن شح في الإمدادات في السنوات العشر المقبلة.
الشح في الإمدادات يرجع إلى نقص الاستثمار
وبحسب تقديرات البنك، فإن النفط قد يستقر عند 80 دولارا للبرميل في العام القادم في حالة انزلاق الاقتصاد العالمي صوب الركود. لكن إذا زادت الإمدادات شحا فإن السعر قد يقفز إلى 150 دولارا للبرميل بناء على عوامل مثل تباطؤ إنتاج النفط الصخري الأمريكي وارتفاع الطلب.
وقال "مالك" إن معظم ذلك الشح في الطلب ينبع من نقص الاستثمار في القطاع، الذي يعاني جراء نقص نسبي في رأس المال، على الرغم من ارتفاع أسعار بنسبة 40% منذ بداية العام.
كان مالك قد حذر في العام الماضي من أن الاستثمارات المطلوبة في نشاط المنبع بقطاع النفط تسجل عجزا بقيمة 600 مليار دولار في الفترة بين عامي 2021 و2030 لتلبية الطلب العالمي على النفط. وقال حينها إن الشركات العاملة في التنقيب والإنتاج خفضت النفقات الرأسمالية إلى مستويات قصوى لصالح خفض انبعاثات الكربون، مما أدى بشكل أساسي إلى نقص كبير في رأس المال اللازم للصناعة.
وأضاف "مالك" في مقابلة مع "إس آند بي جلوبال" أن النفط في حاجة إلى استثمارات إضافية سواء للحفاظ على قاعدة الإنتاج الحالية أو تنميتها، مضيفا "بينما نرى اعترافا بالحاجة إلى الاستثمار في النفط والغاز، إلا أن ذلك لم يترجم بعد إلى إنفاق إضافي فعلي". وبحسب تقديراته فإن الاستثمار في النفط سيعاني فجوة بمقدار 300 مليار دولار حتى 2030.
بالطبع يعني ذلك التسبب في مزيد من المشكلات لأسواق الطاقة، بالأخذ في الاعتبار أنه من المتوقع أن ينمو الطلب في بداية العقد المقبل 7.1 مليون برميل يوميا فوق المستويات المسجلة في 2019. وسيؤدي ذلك إلى نقص كلي في الإمدادات قدره 700 ألف برميل يوميا في 2030، مما سيقود الأسعار لمواصلة الارتفاع على الأرجح.
التحذير ليس بجديد، ففي العام الماضي، تعالت الأصوات من خبراء القطاع بأن نقص الاستثمار في تطوير النفط والغاز يدخل إلى عامه الثاني حتى مع انتعاش الطلب العالمي على الطاقة، مما يعزز احتمال وقوع صدمات في الأسعار وحالة من الشح ونمو فقر الطاقة وفقا لتقرير صادر عن المنتدى العالمي للطاقة و"آي إتش إس ماركت".
تراجع الاستثمار 23%
وقال "جوزيف ماكمونيجل" الأمين العام لمنتدى الطاقة العالمي إن القطاع عانى نقصا كبيرا ومفاجئا في الاستثمار بتطوير النفط والغاز مما يوفر مزيجا مثاليا لحدوث ارتفاع وتقلبات في الأسعار في العقد الحالي. وذكر التقرير أن الاستثمار في أنشطة المنبع بقطاع النفط والغاز ظل منخفضا للعام الثاني على التوالي في 2021 عند 341 مليار دولار، بما يقل 23 بالمائة عن مستوى ما قبل الجائحة والبالغ 525 مليار دولار.
وتراجع الاستثمار 30 بالمائة في 2020. وبحسب التقرير، سيحتاج الاستثمار في النفط والغاز إلى العودة لمستويات الإنفاق ما قبل كوفيد والاستمرار عند ذلك المستوى حتى 2030 حتى تستعيد السوق توازنها.
لكن التقرير يذكر أن هناك العديد من العوامل التي تجعل من الصعب حاليا تلبية مستويات الاستثمار الكافية في العقد الحالي مقارنة مع العقد السابق، ومن بينها التقلبات القياسية في الأسعار، وتغيير اللوائح الحكومية، وتباين سيناريوهات الطلب في الأجل الطويل، والمعايير غير الموحدة في مجال مراعاة العناصر البيئية والاجتماعية والحوكمة، مما يعزز من عقبات الاستثمار ويزيد تكلفة رأس المال للمشاريع طويلة الأمد.
ويقول التقرير إن الضغط على الحكومات والقطاع من أجل اتباع مسار التعافي الأخضر يزيد من تقييد توافر رأس المال. نتيجة لذلك أصبحت قرارات الاستثمار معقدة على نحو متزايد. كما يشير التقرير إلى أن المستوى غير المسبوق من عدم اليقين يزيد من حجم مخاطر الاستثمار في الهيدروكربون في تكلفة رأس المال ويعيد تشكيل قرارات الاستثمار.
وجهة النظر تلك ردد صداها "بن لوكوك" الرئيس المشارك لتجارة النفط لدى ترافيجورا، والذي قال إن نقص الاستثمار بات حقيقة، موضحا أنه على مدى سبع سنوات حتى 2021، فقد القطاع نحو ثلثي ميزانية التنقيب والإنتاج في العالم.
وأضاف أن قلة الاستثمار بشكل كبير ربما تؤثر على الاقتصادات العالمية قبل أن تكون جاهزة للانتقال إلى الوقود المتجدد.
وأضاف أن "الستة أو السبعة ملايين برميل يوميا التي يتراجعون عنها في الوقت الحالي، سيحتاجها (العالم). سوف نحتاج إليها في وقت أقرب مما نعتقد".
المصادر: أرقام- إنسايدر- منتدى الطاقة العالمي- ستاندرد آند بورز جلوبال
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}