شهد عام 2022 سفراً دولياً تضمن أكثر من 900 مليون سائح بارتفاع 63% عن مستوى 2019 قبل أن يضرب الوباء، ومن المفترض أن تتحسن السياحة العالمية العام الجاري تحسناً كبيراً لتتراوح بين 80% و95% تقريباً من مستويات ما قبل الوباء، وفق تقرير "آفاق تعافي السياحة" الصادر عن منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
لكن في ظل زيادة التكاليف وعدم اليقين الاقتصادي العالمي، فإن العودة للمطارات لا تعني بالضرورة أن القطاع خرج من مرحلة الخطر.
قال الأمين العام للمنظمة، زوراب بولوليكاشفيلي، في بيان: "العوامل الاقتصادية قد تؤثر على طريقة سفر الناس في 2023، وتتوقع منظمة السياحة العالمية أن يظل الطلب على السفر المحلي والإقليمي قوياً ويساعد التعافي الأوسع في القطاع".
قيمة أعلى ووجهات أقرب
يتوقع أن يعود الشرق الأوسط وأوروبا، وهي المناطق الأسرع تعافياً، لأحجام الزائرين المسجلة قبل الوباء في 2023، وعلى عكس سيناريو "السفر الانتقامي" الجامح الذي يتضمن طلباً مكبوتاً من السائحين غير المهتمين بالأسعار، ترى المنظمة أن تزايد المخاوف المالية ستجعل المسافرين يبحثون عن قيمة أعلى مقابل المال ويختارون وجهات أقرب إلى موطنهم العام الجاري.
بالنسبة للأوروبيين، تعد الأسعار وقرب الوجهة عوامل محددة في اختيار الوجهات في 2023، وفق تقرير صدر في ديسمبر 2022 يتعلق بسلوكيات السفر الاستهلاكية من المفوضية الأوروبية للسفر التي اتفقت مع منظمة السفر العالمية في أنَّ القيمة مقابل المال هي حالياً العامل المحدِد الأقوى.
المخاوف الاقتصادية تؤثر بقوة
القصة مماثلة في الولايات المتحدة إذ يقول نصف الأميركيين إن القلق بشأن أوضاعهم المالية سيؤثر على قراراتهم للسفر في الأشهر الستة المقبلة، وفقاً لمسح للمعنويات في يناير 2023 أجرته شركة أبحاث سوق السياحة "لونغوودز إنترناشونال" (Longwoods International)، وأشار 56% من المستجيبين إلى سعر تذكرة الطيران كعامل رئيسي، فيما قال 30% إن المخاوف الاقتصادية ستؤثر "بقوة" على قرارات سفرهم في 2023، بارتفاعٍ سبع نقاط منذ أواخر أغسطس 2022.
رغم المخاوف الاقتصادية، يقول 9 من كل 10 مسافرين أميركيين في استطلاع "لونغوودز" إن لديهم خططاً للسفر في غضون ستة أشهر، وأسفرت تقارير لمحللي الوجهات عن نتائج مماثلة في يناير، حيث أكد مسح أُجري في ديسمبر 2022 للمسافرين الأميركيين أن الطلب مرتفع، لكن زيادة تكاليف السفر تشكل رادعاً متزايداً، وقال نصف مَن استطلعت آراؤهم إن ارتفاع الأسعار منعهم من السفر الشهر السابق، بينما أوضح 31% منهم أن التضخم بشكل عام وارتفاع أسعار المستهلكين دفعاهم لإلغاء رحلاتهم القادمة.
السفر غاية بأي ثمن
بالنسبة للأغلبية التي لا تردعها المخاوف، فإن السفر هو الغاية بأي ثمن، حسبما يفسر أمير إيلون، الرئيس التنفيذي لدى "لونغوودز إنترناشونال". يقول: "سيقلصون جوانب معينة في رحلتهم، وسينفقون أقل-للأسف- على الأشياء التي تدعم الشركات الصغيرة؛ أي مشتريات التجزئة مثل الهدايا التذكارية، والترفيه، ووسائل الاستجمام، والطعام والشراب".
في الرحلات البرية، قد يُترجم هذا إلى تحضير شطائر لتناولها أثناء الرحلة بالسيارة بدلاً من التوقف في مطعم، حسبما يضيف إيلون، أو البقاء في فندق محدود الخدمة بدلاً من فندق متكامل الخدمات، وقال إن هذا هو نفس النمط المسجل تماماً عندما وصلت أسعار الغاز إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة الصيف الماضي.
نمط مرتبط بالركود
يقول ربع الأميركيين أيضاً إنهم سيقودون السيارة بدلاً من السفر جواً، ويقول ما يصل إلى 30% منهم إنهم سيختارون وجهة أقرب إلى المنزل، وفقاً لاستطلاع "لونغوودز"، يقول إيلون إن هذا النمط يرتبط عادةً بالركود الاقتصادي.
مع ذلك، يظل الطلب من الولايات المتحدة على الرحلات إلى أوروبا قوياً، على حد قول منظمة السياحة العالمية، معللة ذلك بقوة الدولار أمام اليورو، وبالتالي فإن أي ارتفاع كبير لليورو قد يبدد الشهية. أيضاً، ستعزز عودة المسافرين الصينيين انتعاش قطاع السياحة العام الحالي لكن بقدر غير واضح حتى الآن إذ أكدت منظمة السياحة العالمية أنه حتى منتصف يناير، فرضت 32 دولة قيوداً على دخول المسافرين الصينيين.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}