نبض أرقام
12:12 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/04
2024/12/03

روبوتات الدردشة الذكية .. معركة حامية الوطيس بين عمالقة التكنولوجيا

2023/02/22 أرقام - خاص

يبدو أن ساحة روبوتات الدردشة الذكية تتهيأ لمعركة حامية الوطيس بعد النجاح الذي حققه "شات جي.بي.تي" التابع لشركة "أوبن إيه.آي" في بضعة أشهر فحسب منذ انطلاقه، مما أثار عاصفة في عالم التكنولوجيا تهدد عرش بقية الشركات المتخصصة تحديدا في تقنيات محركات البحث.

 

وأصبح ChatGPT أسرع تطبيق مستخدم معتمد على الإطلاق مع أكثر من 100 مليون مستخدم نشط منذ نوفمبر. وتتسابق الشركات في أنحاء العالم لتطوير إصداراتها الخاصة من "شات جي.بي.تي". والأداة مبنية على ما يسمى بالنموذج اللغوي الكبير الذي يتم تدريبه على مجموعة كبيرة من البيانات عبر الإنترنت من أجل توليد ردود مقنعة لطلبات المستخدمين.

 

صحيح أن أدوات النماذج اللغوية الكبيرة ليست جديدة، لكن الرواج الكبير الذي حققه البرنامج وضع شركات مثل "مايكروسوفت" و"جوجل" وغيرها في مواجهة مشتعلة بشأن مستقبل البحث عبر الإنترنت قد تغير حتى من الشكل التي سيبدو عليه الإنترنت في المستقبل.

 

"مايكروسوفت"

 

 

"مايكروسوفت" تبدو الأوفر حظا في السوق حتى الآن، بعد أن أطلقت نسخة جديدة من محركها "بينج"، الذي لم يكن يحظى بأي شعبية على الإطلاق بين محركات البحث العالمية، مدعوما ببرنامج ذكاء اصطناعي من "أوبن إيه.آي" نفسها.

 

واستثمرت "مايكروسوفت" لأول مرة في "أوبن.إيه.آي" في 2019 وقدمت للشركة مليار دولار أو أكثر في 2022 ثم أعلنت مؤخرا أنها ستعزز استثماراتها فيها بنحو 10 مليارات دولار هذا العام للاستفادة من موجة التقدم الأخير في مجال الذكاء الاصطناعي في محاولة منها للحاق بشركة جوجل التي احتلت لفترة طويلة مكانة مهيمنة في سوق البحث، وهي المكانة التي اضطربت بسبب إطلاق "شات جي.بي.تي" مؤخرا.

 

ويستخدم "شات جي.بي.تي" تقنيات التعلم العميق لتوليد إجابات وردود شبيهة بالبشر لطلبات البحث.

 

وسيستجيب الآن "بينج" لمحاولات البحث بإجابات أكثر تفصيلا وليس مجرد روابط لمواقع الويب. يمكن أيضا للمستخدمين الدردشة مع الروبوت لصياغة استفساراتهم على نحو أفضل.

 

بخلاف "بينج"، تمت إضافة "شات جي.بي.تي" بالفعل إلى برنامج "تيمز" ويمكن توقع ظهوره قريبا في "مايكروسوفت وورد" حيث سيصبح بإمكانه أن يكتب فقرات نصية، وفي "أوتلوك" سيمكنه كتابة رسائل بريد إلكتروني، وسيساعد أيضا في "باور بوينت" على إعداد شرائح لعرضك التقديمي.

 

وفي مذكرة للمستثمرين، قال المحلل دان آيفز من "ويدبوش سيكيوريتيز" إنه يعتقد أن استثمار "مايكروسوفت" سيعزز بشكل كبير من قدرة الشركة على المنافسة.

 

وقال "هذه هي الخطوة الأولى فقط على جبهة الذكاء الاصطناعي.. حيث بدأ سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي بين شركات التكنولوجيا الكبرى".

 

إعادة إطلاق مهمة لمحرك البحث

 

لكن إعادة إطلاق "بينج" مهمة بشكل خاص لشركة "مايكروسوفت" التي كافحت من أجل الحصول على موطئ قدم في مجال البحث لسنوات. وإذا نجحت في مسعاها فقد تقلص هيمنة "جوجل" وتقتنص جزءا من ميزانية الإعلانات السنوية على محركها البحث البالغة أكثر من 100 مليار دولار.

 

تبدو النسخة الجديدة من "بينج" وكأنها مزيج من محرك بحث مثالي وروبوت دردشة على غرار "شات جي.بي.تي".

 

لكن الخبراء يقولون إن "مايكروسوفت" تفوقت نسبيا على "تشات جي.بي.تي" الذي على الرغم من إمكانياته العديدة لم يُصمم ليتم استخدامه كمحرك بحث، فهو على سبيل المثال لا يستشهد بمصادر ولديه مشكلة في دمج أحدث المعلومات أو الأحداث.

 

ويضيفون أن "مايكروسوفت" تمكنت أيضا من الجمع بين إمكانيات لغة "أوبن.إيه.آي" وقدرات البحث في "بينج" باستخدام تقنية خاصة تعمل عن طريق استخراج مصطلحات البحث من طلبات المستخدمين واستخدامها عبر فهرس البحث في "بينج" ثم استخدام نتائج البحث تلك من خلال دمجها مع نموذجها اللغوي الخاص لصياغة الجواب النهائي للمستخدم.

 

يمكن للمحرك البحثي الجديد أيضا الانخراط في عملية تفاعلية حيث إنه يعمل كمساعد للبحث عبر الإنترنت سريعا لتقديم توصيات محددة للسفر ومشاهدة المعالم أو إنشاء جدول مهام يومي.

 

قامت "مايكروسوفت" أيضا بدمج تقنية "أوبن.إيه.آي" في متصفح الويب الخاص بها "إيدج" في شكل مساعد كتابة فائق.

 

يمكن للمستخدمين الآن فتح صفحة في "إيدج" وكتابة موضوع عام أو الحصول على فقرة مكتوبة بتقنية الذكاء الاصطناعي أو منشور في مدونة أو بريد إلكتروني أو قائمة أفكار بخمسة أشكال مختلفة من الصياغات، ويمكنهم لصق هذا النص مباشرة في متصفح الويب أو تطبيقات التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني.

 

"مهدي يوسف" المسؤول التنفيذي في "مايكروسوفت" غرد قائلا إن "عدة ملايين" على قائمة الانتظار لتجربة الروبوت الجديد وأنه يجري اختباره في 169 دولة.

 

"جوجل" وتهديد عرش البحث

 

 

أعلنت "جوجل" إطلاق روبوت الدردشة الخاص بها "بارد" وسط ترقب كبيرة لما ستفعله الشركة المهيمنة على سوق البحث العالمي في مواجهة التقنيات التي باتت تهدد عرشها.

 

لكن شركة "ألفابت"، الشركة الأم لـ "جوجل"، تكبدت خسارة 100 مليار دولار أو ما يقرب من 10% من قيمتها السوقية بعد أن أخطأ "بارد" في الإجابة عن سؤال خلال إعلان يروج لإطلاقه. وقال البرنامج إن تليسكوب "ويب سبيس" أول من التقط صورا للكواكب خارج المجموعة الشمسية لكن في الحقيقة فإن التلسكوب العملاق التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي هو من التقط أول الصور.  

 

الخطأ كان كارثيا لأنه أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت "جوجل" لم تتمكن من تشغيل إعلان تدشين مقنع للتقنية الجديدة فهل يمكنها حقا الدفاع عن نشاط البحث الذي تهيمن عليه.

 

تستخدم "جوجل" الذكاء الاصطناعي منذ سنوات في البحث بالفعل. فخوارزميات الذكاء الاصطناعي هي التي تصدر أوامر بإجراء نتائج البحث التي تعرضها "جوجل". الفرق الآن هو أنه بدلا من البحث بناء على الكلمات التي تكتبها، ستحاول محركات البحث الجديدة هذه فهم سؤالك وبدلا من أن ترسل الروابط إليك ستحاول الإجابة عن الأسئلة أيضا.

 

عندما ظهر "شات جي.بي.تي" لأول مرة في أواخر 2022، دقت أجراس الإنذار لدى جوجل. وعاد مؤسسا الشركة "لاري بيدج" و"سيرجي برين" من أنشطتهما الخارجية للإشراف على رد الفعل. أعلنت "جوجل" أيضا استثمار بقيمة 300 مليون دولار في شركة "Anthropic" التي تعمل على تطوير منافس "شات جي.بي.تي".

 

تهيمن "جوجل" تماما على سوق البحث حيث تمر عبرها 84% من حركة البحث العالمية وتساهم إيرادات الإعلانات من نتائج بحث جوجل بنحو ثلاثة أرباع الإيرادات السنوية للشركة البالغة 283 مليار دولار لشركة "ألفا بت". لكن الخبراء يقولون إن روبوتات الدردشة تتحايل على الحاجة إلى محرك بحثي من خلال تقديم إجابات دقيقة وصحيحة ومبتكرة في معظم الحالات ردا على الاستفسارات البشرية المعقدة.

 

وحتى إذا استمر مستخدمو "جوجل" في التعامل معه، ولكنهم حصلوا على إجاباتهم مباشرة من "بارد" فكيف ستربح جوجل الأموال عندما لا يتم النقر فوق أي روابط بعد الآن؟ 

 

يقول محللون إنه حتى الآن لا يوجد ما يدعو للقلق، لأن نموذج أعمال روبوتات الدردشة الذكية غير واضح على عكس نموذج البحث.

 

ففي مجال البحث الذي تتصدره "جوجل"، البحث مجاني للمستخدمين النهائيين بفضل المعلنين الذين يدفعون المقابل على الطرف الآخر مقابل حركة بيانات العملاء التي يتلقونها من مصطلحات البحث ذات القيمة. البحث في النهاية عمل مربح للغاية قابل للتنبؤ به.

 

من ناحية أخرى فإن روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مجال جديد يبدو فيه الحديث عن الأرباح مسألة معقدة. فهل سيصلح إدراج الإعلانات في الردود لإقناع المستخدمين بالنقر فوق مواقع إلكترونية معينة للمعلنين وهل سيبدو ذلك مناسبا أم أنه سيسبب تداعيات.

 

ليس هناك ما يخبرنا إلى أي مدى سيؤدي ذلك إلى التأثير على أنشطة البحث لدى "جوجل".

 

لكن البعض يرى إشارات خطر حتى إنهم يشبهون موقف "جوجل" بوضع شركة "كوداك" التي كانت في وقت ما إحدى أكبر الشركات في صناعة التصوير في العالم، حيث اشترت منصة "أوفوتو" لمشاركة الصور عبر الإنترنت في عام 2001 وكان بإمكانها تطويرها إلى منصة وسائط اجتماعية، لكنها بدلا من ذلك، حاولت حماية أنشطتها من خلال تشجيع المستخدمين على طباعة المزيد من الصور بدلا من مشاركتها مع الآخرين لتصبح الشركة بعد ذلك في طي النسيان مع الاتجاه صوب الصور الإلكترونية.

 

يرى الخبراء أيضا أن الابتكار لدى "جوجل" بدأ في الانحسار بالفعل في السنوات الأخيرة، إذ أغلقت الشركات الواعدة مثل منصة "ستاديا" للألعاب وأداة الحجز الآلي للمطاعم "دوبلكس" على الإنترنت.

 

وفي مجالات أخرى، كانت متأخرة عن اللحاق مثلا بالسماعات الذكية "أمازون إيكو" من خلال تطبيق "جوجل هوم".

 

يلقي الخبراء باللوم جزئيا على إدارة الشركة وكذلك لنفاد صبرها في تحقيق الربحية. ويقولون إن سوق الأسهم كثيرا ما كافأت جوجل بسبب تركيزها الزائد على نمو الإيرادات والربحية، مما حفز الإدارة على أن تكون أقل صبرا في استثماراتها. كان تقييم "كوداك" السوقي هو الأعلى في تاريخها في عام 1996 قبل أن يؤدي التحول العالمي إلى الإنترنت إلى انهيار ملحوظ.

 

"علي بابا "و"بايدو" يرغبان في نصيب من الكعكة

 

 

أعلنت عملاق التجارة الإلكترونية "علي بابا" الصينية أيضا إطلاق برنامج دردشة آلي خاص بها. وقالت الشركة إنها تختبر روبوت محادثة يعمل بمساعدة الذكاء الاصطناعي داخليا.

 

وقال متحدث باسم "علي بابا" لشبكة "سي.إن.إن" إن الابتكارات المستحدثة مثل النماذج اللغوية الكبيرة والذكاء الاصطناعي المنتج هي مجالات رئيسية لتركيز الشركة منذ إنشاء "دامو" في 2017، وهي الذراع البحثية للشركة يركز على ذكاء الآلات وحوسبة البيانات والروبوتات.

 

وقال المتحدث "بصفتنا شركة رائدة في مجال التكنولوجيا، سنواصل الاستثمار في تحويل الابتكارات المتطورة إلى تطبيقات ذات قيمة مضافة لعملائنا وكذلك للمستخدمين النهائيين".

 

من جانبها أعلنت "بايدو" أنها بصدد إطلاق روبوت محادثة خاص بها باسم "إيرني بوت" وأنها من المفترض أن تنتهي من الاختبارات الداخلية للبرنامج في مارس ليتاح بعد ذلك على نطاق واسع في موعد لم يجر تحديده بعد.

 

والروبوت يعتمد على نموذج لغوي طورته "بايدو" للمرة الأولى في عام 2109 ومنذ ذلك الحين، تطور المشروع ليقوم بكتابة القصائد أو الأوراق البحثية أو يستخدم الطلبات النصية لابتكار صور بشكل تلقائي. 

 

ولم تفصح الشركة عن الشكل الذي سيبدو عليه البرنامج أو ما إذا كان سيظهر ضمن خصائص محركها البحثي الشهير. لكن تقارير أشارت إلى أن الروبوت سيتم تدريبه على معلومات معيارية بنسبة تزيد 50% عن "تشات جي.بي.تي" وسيكون ثنائي اللغة.

 

وقال "دان آيفز" من "ويدبوش سيكوريتيز" إن استثمارات الشركة في الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعتبر "خطوة استراتيجية هجومية ودفاعية في الصين... شركات التكنولوجيا الصينية الكبيرة تقاتل في سباق الذكاء الاصطناعي فيما تبدو بايدو لاعبا رئيسيا".

 

و"بايدو" لها سجل حافل في مجال الذكاء الاصطناعي بالفعل خاصة في مجالي السيارات ذاتية القيادة والحوسبة السحابية.

 

مستقبل واعد

 

 

يقول الخبراء إن "شات جي.بي.تي" يطلق إمكانيات هائلة ليس فقط في مجال البحث وتلقي الأسئلة وكتابة المقالات أو التقارير ولكن في مجالات أخرى أوسع نطاقا بكثير.

 

وقالت "براسانا أريكالا" كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في شركة "كور.إيه.آي" إن هذا النموذج من المساعدين المزودين بالذكاء الاصطناعي والقدرة على الدردشة قد يتحول إلى أنشطة أخرى يقوم بها المستهلكون عبر الإنترنت مثل التسوق أو إدارة الميزانيات أو تتبع التمارين الرياضية.

 

ويقول "كاميرون ترنر" نائب الرئيس المعني بعلوم البيانات لدى "كين+كارتا"، شركة الاستشارات التي تقدم المشورة للشركات بشأن استخدام البيانات بشكل فعال لتطوير أعمالها، إن "شات جي.بي.تي" نفسه يمكن أن يساعد في تدريب بقية نماذج الذكاء الاصطناعي.

 

وأضاف أن البرنامج يمكن أن يساعد في إنتاج بيانات منظمة لتحويل المعلومات إلى أداة يمكنها تدريب نماذج ذكاء اصطناعي أخرى على استخدامات أكثر تخصصا. فعلى سبيل المثال يتم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في أبحاث الرعاية الصحية ومكافحة الهجمات الإلكترونية وتحسين الخدمات اللوجستية لسلاسل التوريد.

 

ولا يقتصر الأمر على الإنترنت. يقول خبراء التكنولوجيا إنهم يأملون أيضا في أن تعزز أداة معالجة اللغة المتطورة الخاصة بشركة "أوبن إيه.آي" أنواعا أخرى من التكنولوجيا المتطورة التي يتفاعل معها البشر.

 

وقالت "تيسكا فيتزجيرالد" الأستاذة المساعدة في جامعة يل الأمريكية إن ذلك يمكن على سبيل المثال أن يساعد الروبوتات على تعلم التواصل. وقالت إنه يمكن استخدام تقنية "جي.بي.تي" لمساعدة الروبوتات على التحدث مع البشر.

 

المصادر: أرقام- نيويورك تايمز- بيزنس انسايدر- ذا كونفرزيشن- سي.إن.إن- بي.بي.سي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.