بما أن الجائحة غيرت الكثير من النواحي في حياتنا العملية، والمهارات التي نثمنها، فإن شركات التوظيف غيرت هي أيضا من طريقتها في انتقاء الموظفين.
فالموظف المثالي في السابق كان ذلك الذي تخرج في جامعة مرموقة، وعمل في شركات كبيرة، واكتسب مهارات فنية عالية، تناسب الوظيفة المطروحة.
ولكن الخبراء يقولون إن الشركات اليوم غيرت تعريفها للموظف المثالي، وأصبحت توسع بحثها ليشمل المرشحين غير التقليديين، الذين يملكون مهارات مختلفة.
ويبدو أنها في بعض الأحيان تخلت تماما عن فكرة البحث عن الموظف المثالي الأوحد.
وعلى الرغم من أن المهارات الفنية الصلبة هي التي كانت تقليديا تتحكم في عملية الانتقاء، فإن بعض الشركات لم تعد تختار موظفيها على أساس هذه المهارات وحدها. ولكن هذا لا يعني أن المهارات ليست مطلوبة، فبعض الوظائف لا تزال تركز على الخبرات الخصوصية، مثل التحكم في البرمجيات، أو الفيديو.
ولكن الخبراء يرون أن شروط التوظيف أصبحت اليوم أقل تحديدا لمهارات فنية معينة، وبدلا عنها تطلب من المرشحين إثبات قدراتهم في القيادة والعمل الجماعي.
ويرى إد هان، مسؤول التوظيف في شركة سينلر أف سي بي في نيوجيرسي بالولايات المتحدة أن إعطاء الأولوية للمهارات الناعمة "تحول طبيعي نتيجة ثلاث سنوات من الجائحة".
فاضطرابات الإغلاق وصعوبة التكيف مع معايير العمل الجديدة، وتحمل المشاكل الاقتصادية، بينت للكثير من الشركات قيمة الموظفين الذين يملكون مهارات التعاون والعمل الجماعي مهما كانت الظروف.
ويرى يان تيغزي، مسؤول التوظيف في مجال التكنولوجيا، في جمهورية التشيك، أن مهارات التواصل أصبحت على رأس شروط التوظيف للعمل أو إدارة موظفين يعملون بالطريقة الهجينة.
ويقول: "كن مرشد نفسك في البحث عن الوظيفة، فالإحساس بالآخرين، والتفاعل والاحترام، والاستماع إليهم مهارات أساسية".
وينبغي أن يتمتع الموظف المثالي بالقدرة على التكيف أيضا، وهي كفاءة كشف معهد ماكينزي أنها تمكن الشركات من الاحتفاظ بموظيفها في الفترات المتأزمة.
وغيرت الجائحة أيضا من واقع سوق التوظيف، لأنها قلصت فرص التطوير المهني للكثير من الموظفين.
ويضيف هان أن تخفيف شروط المهارات الصلبة في التوظيف "فتح الباب أمام المرشحين الذين لم تتح لهم فرصة الاستفادة من تدريب كامل لمدة أربع سنوات، مثلا".
وتشير بضع إعلانات التوظيف إلى أن الشروط المطلوبة شكلية، وتشجع بذلك المرشحين الذين لا تتوفر فيهم جميع الشروط على تقديم طلبات التوظيف. وهذه فرصة للمرشح الذي لا يرى نفسه الأنسب على الورق، ولكن يمكنه مع ذلك أن يدخل المنافسة على الوظيفة.
ولكن تيغزي ينبه المتقدمين لشغل الوظائف بأن هذا لا يعني أن الباب أصبح مفتوحا على مصراعيه كما يبدو للبعض. ويعتقد أن استراتيجيته تخدم مصلحة الشركة في ظروف تقلص سوق العمل، وينصح بتشجيع طلبات العمل.
وبهذه الطريقة، "تتلقى الشركات عددا كبيرا من طلبات العمل في قاعدة بياناتها، ويمكنها بعد ذلك أن تبحث عن الموظف المثالي بالمهارات الخصوصية".
ويقول هان إن الكثير من الشركات أصبح اليوم يشجع الباحثين عن العمل بمختلف الكفاءات على التقدم، وتخفف شروط التوظيف، ولكن تلك الشركات لا تزال تثمن المهارات الفنية العالية. وفي النهاية سيكون دائما هناك موظف أنسب من آخر. ويضيف تيغزي أن الكثير من شروط التوظيف تتضمن المهارات الصلبة والناعمة معا، لأن الشركات ليست جاهزة لتدريب الموظفين على المهارات الصلبة.
ولكن تعريف الموظف المثالي، على حد تعبيره، أصبح أوسع مما كان. "لا تهمني في المرشح الجامعات التي تخرج فيها أو الشركات التي عمل بها. ما يهمني هو إذا كان يكتسب المهارات التي تناسب الوظيفة، والذهنية المناسبة، بمعنى أنه يناسب ثقافة الشركة".
ويرحب هان أيضا بالمنهجية الأكثر توازنا، التي تشجع التنوع في مكان العمل، ويقول إنها "يؤدي إلى فاعلية أكثر في فريق العمل"، وعليه يقول هان: "إنني أرحب بهذا التطور".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}