يكثر الحديث حول الإمكانات التي يوفرها الهيدروجين الأخضر في إطار الجهود العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية، وقد يتساءل العديد من المهتمين بهذا الشأن حول مدى تطورالتطبيقات الخاصة بذلك النوع من الوقود الصديق للبيئة.
وهناك العديد من الجوانب ذات الاهتمام المتعلق بهذه المسألة، سواء من الناحية التقنية أو فيما يتعلق بقدرات هذه التطبيقات على خفض التكلفة، فضلاً عن مدى تأثير الأوضاع الراهنة للاقتصاد العالمي على إمكانية تبنيها على نطاق واسع.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن عدد المشروعات المعلنة، والمتعلقة بالهيدروجين الأخضر منخفض الانبعاثات تتزايد بوتيرة سريعة في الوقت الراهن، لكن القدرات الإنتاجية، والسعات التخزينية المتاحة لا تزال منخفضة في ظل انتظار مطوري التكنولوجيا الحصول على الدعم اللازم من الحكومات.
وأوضحت الوكالة في تقرير صدر الشهر الماضي أن أزمة الطاقة العالمية، وارتفاع التضخم، وتعطل سلاسل التوريد جميعها عوامل تساهم في عرقلة العمل على مشروعات الهيدروجين الأخضر.
كما يمتد أثر التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض إلى خفض سلسلة القيمة الخاصة بكامل القطاع، لا سيما التكاليف الأولية لتصنيع المعدات، وعمليات البناء والتشييد.
وتظل الدراسات الرائدة في مجال تطبيقات الهيدروجين الأخضر محتفظة بزخمها رغم المعوقات الاقتصادية التي تظهر في الأفق، حيث استطاع عدد من الباحثين الكوريين على سبيل المثال، تحقيق ما وصفوه بالتقدم الكبير في تطوير محفز ضوئي هجين من السيليكون.
ويعتمد هذا المحفز على استعمال الطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين والمركبات عالية القيمة بكفاءة، بينما لا يحمل خصائص سامة ويعد صديقاً للبيئة، فضلاً عن كونه تطوراً مهمًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر بطريقة فعالة من حيث التكلفة.
وفي نفس السياق، أعلن باحثون من هونغ كونغ والمملكة المتحدة تعاونهم في العمل على إنتاج محفز يحتوي على كميات قليلة من معدن البلاتين، الأمر الذي يفتح الباب أمام تبني هذا الخيار منخفض التكلفة في عملية إنتاج الهيدروجين على نطاق واسع.
من جانبه قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية تعقيباً على التقرير، إن السنوات الأخيرة شهدت زخماً لا يصدق في السعي وراء مشروعات الهيدروجين منخفض الانبعاثات، والتي يمكن أن يكون لها دور هام في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأضاف "فاتح بيرول" أن صعوبة الظروف الاقتصادية سوف تختبر مدى عزم مطوري تقنيات الهيدروجين الأخضر وصناع السياسات على متابعة المشروعات المخطط لها.
في الوقت نفسه، يعمل تحالف ياباني يضم شركات "جيه-إي إن جي"، و"كاواساكي"، و"ميتسو" على تطوير سفينة مزودة بمحرك ثنائي الدورة يعمل بوقود الهيدروجين المسال، ويزعمون أن هذا سيكون أول تطبيق لهذا النوع من الوقود في المجال البحري.
وفي حين يظل ارتفاع تكلفة الهيدروجين عائقاً أمام تبني هذا المفهوم، أعلنت شركة "إكسمار إل بي جي" البلجيكية للنقل البحري عزمها الانتقال إلى السفن التي تعمل بالأمونيا مستقبلاً، كما تستعد "ميرسك" الدنماركية لاستقبال أول سفنها التي تعمل بالميثانول العام القادم.
وأوضح "ترافيس ويليامز" أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا في ورقة بحثية، أن الارتفاع الحالي لتكلفة الهيدروجين ينجم عن زيادة تكاليف ضغطه ونقله، وأن تكلفة تشغيل معدات الضغط تضاهي سعر الهيدروجين المُنتج.
وطور "ويليامز" وفريقه البحثي مفاعل يعمل على دمج الهيدروجين بمواد سائلة مثل حمض الفورميك ليسهل نقله بتكلفة منخفضة، ثم تحويله مرة أخرى إلى هيدروجين صافٍ في مراحل الاستخدام النهائي.
وصنفت وزارة الطاقة الأمريكية في عام 2022 عمل "ويليامز" وفريقه واحداً ضمن خمسة إنجازات محورية في مجال الدراسات الحديثة للوقود، ويبقى مدى سرعة تطور هذه التقنيات أمراً أساسياً بالنسبة للدور الواعد للهيدروجين الأخضر في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
المصدر: مدونة المجتمع الأمريكي لمهندسي الميكانيكا (ASME)
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}