تعاني غالبية شركات الطاقة المتجددة من انخفاض الربحية خلال الربع الجاري من العام، في ظل استمرار اختناقات سلاسل التوريد، وكثرة عيوب التصنيع في التوربينات التي تنتجها الشركات، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج إثر محاولة المُصنعين مواكبة الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة، بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم حول العالم، وزيادة تكاليف التمويل.
وتصدرت عيوب التصنيع المشهد في قطاع صناعة توربينات الرياح في الآونة الأخيرة مع تسابق الشركات في تسريع وتيرة الإنتاج، وزيادة أحجام التوربينات، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هي مشكلات الإنتاج التي واجهتها شركة "جاميسا" التابعة لمجموعة "سيمنز إنرجي" الألمانية، الأمر الذي دفع الأخيرة نحو التخلي عن توقعاتها لأرباح هذا العام، بالإضافة إلى سعيها للحصول على دعم بقيمة 15 مليار يورو (16 مليار دولار) من المصارف والحكومة الألمانية، والتي أعلنت مطلع الأسبوع الجاري عزمها توفير 7.5 مليار يورو من المبلغ المطلوب، بينما ستتحمل البنوك 12 مليار يورو.
وأوضحت "أليانز ريسرش" في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، أن أكبر 8 شركات في قطاع الطاقة المتجددة عانت انخفاضاً في قيمة أصولها خلال النصف الأول من هذا العام، وأن مجموع تلك الانخفاضات بلغ 3 مليارات دولار خلال الفترة، كما أن مشروعات طاقة الرياح بشكل خاص تتعرض لظروف غير مستقرة.
وبينما يعاني القطاع بأكمله من ارتفاع تكاليف الإنشاءات والتمويل، وعقبات سلاسل التوريد ومراقبة الجودة، فإن التضخم وتقلبات الأسعار العالمية للطاقة أدت إلى زيادة كلفة مشروعات طاقة الرياح، وتصاعد القلق إزاء جدواها.
وفي حين أعلنت "أورستد" الدنماركية الأسبوع الماضي وقف تطوير مشروعين بحريين لتوليد طاقة الرياح في الولايات المتحدة، وخسارتها 5.6 مليار دولار جراء انخفاض قيمة أصولهما؛ استطاعت منافستها "فيستاس - Vestas" تحقيق أرباح قبل حساب القوائد والضرائب والإهلاك؛ بقيمة 70 مليون يورو (74.73 مليون دولار) خلال الربع الثالث، لكنها خفضت توقعاتها بشأن الاستثمارات، وهامش الربح عن مجمل العام الجاري بسبب تأثير العوامل الخارجية.
وقال "هينريك أندرسن" الرئيس التنفيذي لدى "فيستاس" في تصريح لشبكة "سي إن بي سي" يوم أمس، إن السوق شهد نقطة تحول في الآونة الأخيرة، لكن السوق ذاته هو من سيحدد في نهاية المطاف كل من الفائزين والخاسرين، موضحاً أن السوق لم يتعطل تماماً، لكن لا يمكن غض البصر عن الأوضاع الراهنة، والاعتقاد في حتمية ظهور الشروعات التي يجري التخطيط لها حالياً للنور في حالة تغير الظروف الاقتصادية الكلية.
وأوضح "جاكوب بيدرسن" كبير محللي الأسواق لدي "سيد بنك – Sydbank" أن جانباً كبيراً من المشكلات الموجودة الآن يتعلق بالمشروعات التي فازت بها الشركات في عامي 2019 و2020، نتيجة ارتفاع كل من التضخم والفوائد منذ ذلك الحين، ليصبح الوفاء بالتزامات هذه المشاريع أكثر كلفة.
وأضاف "بيدرسن" أن الوضع الحالي يتطلب إعادة تقييم النظرة السياسية لتكاليف مخططات التحول نحو الطاقة النظيفة، بسبب ارتفاع أسعار توربينات الرياح بنحو 20% إلى 30% في المتوسط منذ عام 2020، كما تعد الولايات المتحدة عقبة رئيسية أمام قطاع توليد طاقة الرياح البحرية بسبب رفعها لأسعار الفائدة، وتأثير ذلك على تكلفة الانتقال للطاقة النظيفة.
وكشفت المفوضية الأوروبية في أكتوبر عن خطة عمل جديدة لقطاع طاقة الرياح، تستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية للقطاع بدرجة كبيرة، ويرى "بيدرسن" أن هذا دليلاً على أن عملية إعادة التقييم من قبل السياسيين جارية، لكن نتائجها لن تتحقق بشكل فوري، حيث لا يمتلك مُنتجي التوربينات، ومطورو المشروعات الأموال اللازمة لزيادة الاستثمارات بالدرجة المطلوبة لتحقيق أهداف صناع القرار.
المصدر: سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}