تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، افتتح سعادة الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني وزير التجارة والصناعة ورئيس مجلس إدارة بورصة قطر اليوم، المؤتمر السنوي لاتحاد أسواق المال العربية 2024، بمشاركة أكثر من 250 موفدا يمثلون البورصات العربية وشركات الوساطة المعتمدة فيها وشركات التسوية والمقاصة ومؤسسات إدارة الأصول والمؤسسات المالية الحكومية والمصارف المركزية والبنوك الاستثمارية والهيئات التنظيمية ومزودي البيانات في الأسواق المالية والاتحادات الإقليمية.
ويناقش المؤتمر الذي تستضيفه الدوحة على مدار يومين، قضايا الاستدامة وتعزيز علاقات المستثمرين والتمويل الإسلامي والتكنولوجيا المالية والأصول الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية العربية.
وأكد سعادة وزير التجارة والصناعة ورئيس مجلس إدارة بورصة قطر في كلمته، على ضرورة تعزيز بيئة الاستثمار في أسواق المال العربية والعمل معا من أجل تحقيق التكامل فيما بينها، والتركيز على توطين التكنولوجيا في ظل توفر الإمكانيات اللازمة لتحسين البنية التحتية والتكنولوجية لهذه المؤسسات سواء كانت بورصات، أو شركات وساطة، أو مؤسسات مقاصة، أو غيرها من مؤسسات أسواق رأس المال.
وأشار سعادته إلى أنه ما من دولة في هذا العالم المترابط يمكن أن تكون محصنة ضد تقلبات الاقتصاد العالمي والتقلبات الجيوسياسية، كما لا توجد دولة قادرة على العيش بمفردها، حيث تعتمد جميع دول العالم على التجارة والتواصل مع غيرها من الدول، داعيا أسواق رأس المال العربية ومؤسساتها إلى التعاون وربط جسور الشراكة فيما بينها على اعتبار أن تبادل الخبرات والأفكار ضرورة حتمية خصوصا في هذه الظروف الدولية المليئة بالتكتلات القوية والظروف الإقليمية المليئة بالاضطرابات الداخلية.
وأعرب سعادته عن أمله في أن يكون المؤتمر بمثابة بوابة لتسليط الضوء على الموضوعات الرئيسية التي تدعم طموحات اتحاد أسواق المال العربية وأعضائه في الارتقاء بمكانة الأسواق المالية العربية، ورسم بيئة استثمارية ومالية متطورة تسهم في تطوير التعاملات في الأسواق المالية إقليميا ودوليا.
بدوره، أشاد سعادة السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، باستضافة الدوحة لفعاليات المؤتمر ضمن استضافتها لعدد من الفعاليات المالية والاقتصادية المهمة، مشيرا إلى أن جدول أعمال المؤتمر يلامس موضوعات مهمة للأسواق العربية.
وخلال كلمته تطرق الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي ودورها في تشكيل مستقبلنا، مضيفا: "إننا على أعتاب مرحلة جديدة في رحلة البشرية.. فبعد أن اعتمد الإنسان على الآلة لتوفير جهده.. ثم نقل إليها خاصية الحساب عبر الرقمنة واستعمال الحواسيب.. ها هو اليوم يخطو خطوة كبرى بنقله خاصية أخرى إلى الآلة.. ترتبط هذه المرة بالعقل البشري.. وهي الذكاء والقدرة على التفكير واتخاذ القرارات.. من خلال مجموعة معقدة من الخوارزميات".
ولفت أبو الغيط إلى أن الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا جديدة تحتاج إلى منظور مختلف.. وهي كغيرها من الأشياء التي اخترعها الإنسان على مر التاريخ لها استعمال مزدوج، مضيفا أنها تكنولوجيا موجودة في حياتنا اليومية ولا يمكن العيش بمعزل عنها، بل يجب التعامل معها بثقة وانفتاح، مع التشديد على أهمية تقنين استعمالاتها من خلال وضع ضوابط حاكمة لها.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي بقدراته المبهرة التي تتنامى بشكل سريع، يمكنه أن يحدث ثورة في مجال أسواق المال، كما في غيره من المجالات، إذ يستطيع معالجة كميات هائلة من البيانات الاقتصادية وتحديد اتجاهات الأسهم والتداولات في البورصات، ثم اتخاذ قرارات سريعة في ضوء تلك المعلومات الموضوعية التي جمعها.. كل هذا في وقت قياسي يتجاوز بكثير سرعة العقل البشري.
وأردف، هناك أسئلة ملحة يتعين علينا جميعا بحثها مثل، كيف نستعد لهذه المرحلة الجديدة، وماهي السياسة التي يجب تبنيها لتمكين المؤسسات المالية العربية من توطين الذكاء الاصطناعي وتنفيذ متطلبات ذلك، موضحا "قد تتفقون معي أننا نتحدث هنا عن مجموعة من الحلول والاستراتيجيات التي يتطلب إعدادها وتنفيذها تدخل عدد من الجهات الوطنية وأيضا الإقليمية والدولية".
وأكد أبو الغيط أنه على الصعيد الإقليمي على وجه الخصوص، هناك حاجة لإطلاق نقاش عربي يضم المؤسسات المالية والخبراء والشركاء لتحديد الأولويات العربية من أجل المساعدة في وضع تصور إقليمي يسهم في بناء القدرات وتحديث التشريعات وتنفيذ الاستثمارات التي من شأنها تعظيم استفادة أسواق المال العربية من مزايا الذكاء الاصطناعي وأيضا تلافي مخاطره.
وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية، كافة المؤسسات المالية والاتحادات العربية والأجهزة التنفيذية في الدول العربية بالاهتمام بالذكاء الاصطناعي وجعله على قائمة أولويات التعاون المالي في الفترة القادمة، داعيا إلى إقامة فضاءات عربية لتبادل الخبرات وتنسيق السياسات في هذا الشأن، ومتمنيا أن تكلل أعمال المؤتمر بالنجاح، وأن يخرج بتوصيات ونتائج تخدم الجهود المشتركة لتعزيز تكامل اندماج أسواق المال العربية.
بدوره، أكد السيد عبدالعزيز ناصر العمادي الرئيس التنفيذي بالوكالة لبورصة قطر، الذي تسلم رئاسة الاتحاد في دورته الجديدة، على أهمية مواصلة البناء على المواضيع التي تمت مناقشتها في المؤتمرات السابقة، وبناء حوار جديد لآفاق أوسع حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
وقال إن جدول أعمال المؤتمر هذا العام سيناقش الفرص والتحديات أمام أسواق المال العربية بما يسهم في تطوير صناعة الأوراق المالية في الدول العربية، مشيرا إلى العديد من التطورات والمبادرات الإيجابية في الجوانب التشريعية والتنفيذية والتي ساهمت بشكل ملموس في تعزيز جاذبية الأسواق العربية لدى المستثمرين الدوليين وترسيخ الثقة والاعتراف الدولي من قبل أهم المؤسسات الدولية في مجال الأسواق المالية، والتي يمكن تطويرها والبناء عليها لتحقيق نجاحات مستمرة ومستدامة.
وأكد العمادي على أهمية العمل معا من أجل توفير بيئة أفضل للتكامل والاستثمار من خلال الشراكة القائمة على التعاون وتبادل الخبرات ومد جسور العمل المشترك فيما بين البورصات الأعضاء مستغلين الفرص الجديدة لجذب رؤوس الأموال الدولية للمنطقة التي تشهد نموا ملحوظا في الناتج القومي وزخما كبيرا في المشاريع الحكومية والخاصة، مؤكدا أن بورصة قطر ستتخذ كل ما يلزم من جهد للتعاون مع جميع أعضاء الاتحاد من أجل تطوير وتنمية الاتحاد بما يلبي طموحات الأعضاء ومساندتهم في رفع قدرات الأسواق المالية العربية على المستويات كافة.
وفي السياق ذاته أكد رامي الدكاني الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية، ارتفاع القيم السوقية للبورصات العربية بنسبة 12.2 بالمئة خلال عام 2023 لتسجل 4.6 ترليون دولار، بينما انخفضت السيولة بنسبة 13.2 بالمئة قياسا بالعام 2022 لتسجل 663 مليار دولار، بينما زاد عدد العمليات بنسبة 15.2 بالمئة لتسجل 129 مليون عملية تداول.
أما بالنسبة للإدراجات، فقد شهدت المنطقة 49 إدراجا جديدا وقد قادت تداول السعودية الإدراجات بعدد 35 إدراجا تليها سوق أبو ظبي للأوراق المالية، بعدد 6 إدراجات، ولكن في المقابل شهدت العديد من الأسواق العربية شطبا لقيد الشركات عليها، لتسجل الشركات المدرجة زيادة عددية قدرها 32 شركة خلال العام 2023.
وأشار الدكاني إلى انخفاض إيرادات الطروحات الأولية تقريبا بنسبة 50 بالمئة لتسجل فقط 10.8 مليار دولار، وبالنسبة للمشتقات المالية شهدت قيم التداول تراجعا ملحوظا بنسبة 29 بالمئة مقارنة بعام 2022 الذي كان استثنائيا بشكل كبير.
أما على مستوى جذب مستثمرين جدد فقد استطاعت البورصات العربية جذب أكثر من 900 ألف مستثمر جديد العام 2023 ليسجل إجمالي المستثمرين 11.7 مليون مستمر ما بين أفراد ومؤسسات.
وفيما يتعلق بتوزيعات الأرباح، فقد وزعت المنطقة 21.7 مليار دولار بنسبة زيادة قدرها 20 بالمئة عن عام 2022.
وأشار إلى أن المؤتمر سيشهد التوقيع على تعهد الصافي الصفري Net Zero Pledge، حيث توقع عليه أربع بورصات عربية في أول مرة خارج مؤتمرات المناخ الدورية، وبهذا يرتفع عدد البورصات العالمية الموقعة على هذا التعهد إلى 15 بورصة عالمية.
وستعقد خلال المؤتمر وعلى مدى يومين تسع جلسات حوارية تعنى بأهم المواضيع التي تهم صناعة الأوراق المالية ودور أسواق المال في تعزيزها، وهي التحولات الرقمية في الأسواق واتجاهاتها الجديدة في عصر البيانات والذكاء الاصطناعي، والرؤيا الوطنية نحو استمرارية اقتصادات المنطقة، وتقصير فترات التسوية في أسواق المال العربية، والتحولات الدولية في مجالات علاقات المستثمرين، والتمويل الإسلامي في عصر التكنولوجيا المالية، ونظرة على معايير الاستدامة الدولية، وتبني مفاهيم الأصول الرقمية، وواقع المعادن الثمينة في المحافظ الاستثمارية.
وقد وقعت على هامش أعمال المؤتمر اتفاقيتان للتعاون بين اتحاد أسواق المال العربية وكل من مجموعة بورصة شيكاغو التجارية (Chicago Mercantile Exchange)، وجمعية البورصات الإفريقية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}