نبض أرقام
02:26
توقيت مكة المكرمة

2024/07/04
2024/07/03

ما المقصود بنظرية مارادونا لأسعار الفائدة؟ وهل يلجأ إليها الفيدرالي؟

2024/05/20 أرقام - خاص

في آخر ظهور له خلال حدث عام قبل إصابته بفيروس كورونا، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي مجددًا استبعاده لاحتمال رفع الفائدة في الاجتماعات القليلة المقبلة لصناع السياسة على الرغم من الإشارات في بداية العام لتزايد الضغوط التضخمية مرة أخرى.

 

وقال "جيروم باول" خلال ندوة بجمعية المصرفيين الأجانب الهولندية في أمستردام الثلاثاء - قبل 3 أيام من تشخيص إصابته بـ "كوفيد 19" وعزله في المنزل - إن الضغوط التضخمية في طريقها للانحسار، مستبعدًا أن تكون الخطوة المقبلة للفيدرالي هي رفع الفائدة.

 

 

وكانت هذه هي المرة الثانية خلال أيام قليلة – الأولى كانت بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح مطلع الشهر الجاري – التي يؤكد فيها "باول" صراحة استبعاده لاحتمال العودة لتشديد السياسة النقدية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

صحيح أن هذه التصريحات قد تكون مدفوعة جزئيًا بالرغبة في طمأنة المستثمرين، لكنها تبدو أيضًا "مراوغة" أشبه بمراوغات محترفي كرة القدم، والتي تستند بالفعل إلى نظرية نقدية يُطلق عليها اسم "نظرية مارادونا" نسبة إلى نجم المنتخب الأرجنتيني الراحل.

 

مفهوم النظرية وسبب التسمية

 

في حديث له عام 2005، تحدث اللورد "ميرفين كينج" محافظ بنك إنجلترا آنذاك عن "نظرية مارادونا لأسعار الفائدة"، وقال إن أداء أسطورة كرة القدم الأرجنتينية في مباراة كأس العالم ضد إنجلترا عام 1986 كانت مثالًا للكيفية التي ينبغي إدارة السياسة النقدية بها.

 

في هذه المباراة، ركض "مارادونا" على بعد 60 ياردة من نصف ملعبه، وتجاوز خمسة منافسين، بما في ذلك حارس مرمى إنجلترا، قبل أن يسدد الكرة في الشباك، والأكثر إثارة للدهشة أنه كان يركض في الغالب في خط مستقيم.

 

نجح "مارادونا" في التقدم من خلال خداع المدافعين وجعلهم يعتقدون أنه سيغير اتجاهه، وفي النهاية سجل هدفًا دون أن يضطر إلى القيام بذلك فعلًا، وبالنسبة للورد "كينج"، كان هذا الدرس الذي يتعين على محافظي البنوك المركزية تعلمه.

 

 

في تعليقه على هدف "مارادونا" الشهير الذي سجله بيده في نفس المباراة، قال "كينج" إنه كان بمثابة النهج القديم للبنوك المركزية المرتكز إلى الغموض، حيث كان غير متوقعًا ومخالفًا للقواعد، لكن في النهاية، كان "الحظ" عاملًا رئيسيًا في احتساب الهدف دون ملاحظة الخطأ.

 

مع ذلك، قال "كينج" إن الهدف القائم على المراوغة هو ما يجب أن يشكل فكر صناع السياسة، حيث استجاب المدافعون لما توقعوا أن يفعله "مارادونا" وهو التحرك لليمين أو اليسار، في حين واصل هو المضي قدمًا وهم قاموا بالعمل المطلوب نيابة عنه (الابتعاد).

 

هيمنة نظرية مارادونا

 

- نصح "كينج" صناع السياسة قائلًا: "قم بتوجيه توقعات المستثمرين بشأن أسعار الفائدة في المستقبل ببراعة كافية، ومن الممكن تحقيق هدف التضخم من دون تغيير السعر الرسمي للفائدة على الإطلاق".

 

تتفاعل أسعار الفائدة في السوق مع ما يُتوقع من البنك المركزي أن يفعله، مما يمنح البنوك المركزية قوة هائلة للتأثير على الأسواق دون الاضطرار فعليًا إلى اتخاذ خطوات كبيرة في السياسة، وفقًا لـ "كينج".

 

وصف مقال على موقع مجموعة الاستثمار البريطانية "راثبونز" البريطانية، هدف "مارادونا" المراوغ بأنه كان مثالًا على قوة التوقعات في النظرية الحديثة لأسعار الفائدة.

 

 

ظلت نظرية "مارادونا" مهيمنة لفترة طويلة منذ ذلك الحين، لكن بعد الأزمة المالية العالمية، ومرة أخرى خلال جائحة "كوفيد- 19"، حيث ظلت أسعار الفائدة لفترات طويلة قريبة من الصفر، فيما سعى المسؤولون إلى تحفيز اقتصاداتهم، قال البعض إن النظرية لم تعد فعالة.

 

لكن مع عجز البنوك المركزية عن إجبار أسعار الفائدة قصيرة الأجل على الانخفاض أكثر، لجأ كثيرون إلى حل أشبه بنظرية "مارادونا"، وذلك عن طريق طمأنة المستثمرين إلى أنهم لا يعتزمون رفع الفائدة في أي وقت قريب.

 

عززت برامج التيسير الكمي لشراء كميات كبيرة من السندات، هذه الإشارة لأنه في حال رفع الفائدة ستتعرض البنوك المركزية لخسائر فادحة، وفي النهاية انخفضت العائدات طويلة الأجل إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

 

هل يلجأ الفيدرالي للنظرية مجددًا؟

 

قال "كينج" في خطاب عام 2005، إن بنك إنجلترا والبنوك المركزية الأخرى شهدت فترات تمكنت فيها من التأثير على مسار الاقتصاد دون القيام بتحركات كبيرة في أسعار الفائدة الرسمية.

 

مثل "مارادونا" تمامًا، توجهت البنوك المركزية في خط مستقيم لتحقيق أهدافها، وكان ذلك ممكنًا لأن الأسواق المالية لم تتوقع أن تظل أسعار الفائدة ثابتة آنذاك، وتوقعت تحركها إما صعودًا أو هبوطًا.

 

كانت هذه التوقعات كافية (في بعض الأحيان) لتحقيق الاستقرار في الإنفاق الخاص، في حين أن البنوك المركزية لم تتضطر إلى تحريك أسعار الفائدة الرسمية إلا قليلاً للغاية.

 

 

في يناير، كتب اقتصاديو "بنك أوف أمريكا" في مذكرة، أن نظرية "مارادونا" لأسعار الفائدة "ما زالت حية ومفعمة بالحيوية"، مشيرين (وذلك قبل بيانات التضخم المحبطة في الربع الأول) إلى أن الفيدرالي يعتمدها في معركته للسيطرة على ارتفاع الأسعار.

 

ذكر الاقتصاديون: "وجد الفيدرالي الأسباب المثلى لعدم التحرك بقوة، وهذه هي الطريقة التي تدير بها البنوك المركزية السياسة النقدية في بعض الأحيان، فمن خلال جعل الأسواق تعتقد بأنها ستتحرك في اتجاه معين، فإنهم يسمحون لها بأن تجري عملية التيسير/ التشديد بالنيابة عنها".

 

فهل ما يفعله الاحتياطي الفيدرالي الآن، هو مجرد إعادة تشكيل للتوقعات من أجل توجيه المستثمرين بشكل غير مباشر نحو هدفه، تمامًا كما نصح "كينج"، أم تجبره الظروف (البيانات الاقتصادية على رأسها التضخم) على مفاجأة الأسواق؟

 

المصادر: أرقام- الإيكونوميست- أرشيف خطابات بنك إنجلترا- موقع راثبونز- فايننشال تايمز- سي إن بي سي

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة