على مدى عام ونصف العام، كانت الصين أحد الأسباب الرئيسية وراء الارتفاع المتواصل والقياسي لأسعار الذهب، بدعم المشتريات المستمرة لبكين من المعدن النفيس.
لكن الأسبوع الماضي شكل صدمة لمستثمري الذهب، بعد إعلان الصين أنها لم تضف أي كميات جديدة من الذهب إلى احتياطياتها من المعدن للمرة الأولى في 19 شهرًا.
صدمة صينية للأسواق
- كشفت بيانات بنك الشعب الصيني أن احتياطي البلاد من الذهب لم يشهد أي تغيير يذكر في مايو الماضي مقارنة بالشهر السابق له.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- بلغ الاحتياطي الصيني من الذهب نحو 72.8 مليون أونصة بنهاية شهر مايو الماضي، وهي نفس المستويات المسجلة في أبريل.
- لكن رغم ثبات حجم الاحتياطي، فإن قيمة حيازة الصين من الذهب ارتفعت إلى 170.96 مليار دولار بنهاية مايو من 167.96 مليار دولار في أبريل، بفضل ارتفاع الأسعار.
- كانت البيانات الجديدة بمثابة الصدمة، بالنظر إلى أن البنك المركزي في الصين كان قد اعتاد على رفع حيازته من الذهب بشكل متواصل طوال الثمانية عشر شهرًا الماضية.
- تعتبر الصين أكبر مستهلك للذهب في العالم حالياً، كما أنها تحتل المرتبة السابعة في قائمة الأكثر حيازة للذهب بنحو 2264 طنا أو 4.9% من إجمالي احتياطيات بكين بنهاية أبريل الماضي.
إشارات على تراجع الشهية
- لم يكن توقف الصين عن شراء الذهب في مايو أمرًا مفاجئاً بشكل كامل للمتابعين في أسواق المعادن، حيث ظهرت بعض البوادر السابقة على هدوء حماس بكين تجاه المعدن في الأشهر الأخيرة.
- قادت الصين موجة مشتريات من قبل البنوك المركزية العالمية للذهب خلال العامين الماضيين، حيث شهد عاما 2022 و2023 مشتريات تتجاوز حاجز 1000 طن لكل منهما.
- في الربع الأول من هذا العام، بلغت مشتريات البنوك المركزية العالمية مستويات قياسية عند 289.7 طن، بينما كانت الصين ثاني أكثر المشترين في تلك الفترة بعد تركيا.
(صورة رقم 3)
مشتريات البنوك المركزية من الذهب في الربع الأول من كل عام
- بدأ بنك الشعب الصيني برنامجًا لشراء الذهب في نوفمبر 2022، في إطار سعي بكين لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي.
- كانت الصين تمتلك 62.6 مليون أوقية قبل بداية عملية الشراء منذ عام ونصف العام، لكنها رفعت حيازتها بنهاية أبريل الماضي إلى 72.8 مليون أوقية.
- في عام 2023، اشترت الصين 7.23 مليون أوقية من الذهب، وهي أكبر وتيرة مشتريات في أي عام منذ 1977 على الأقل.
- لكن شهية الصين لشراء الذهب أظهرت حالة من التراجع في الأشهر الماضية، بالتزامن مع الارتفاع المستمر للأسعار.
- اشترى بنك الشعب الصيني نحو 60 ألف أوقية من الذهب في شهر أبريل الماضي، مقابل 160 ألف أوقية في مارس، ومقارنة بحوالي 390 ألف أوقية في فبراير، قبل أن يتوقف تمامًا عن الشراء في مايو.
- كانت مشتريات الصين من الذهب في أبريل هي الأدنى منذ استئناف إعلان حجم حيازتها من المعدن في نوفمبر 2022.
- كما انخفضت واردات الصين من الذهب بنحو 30% في شهر أبريل الماضي مقارنة بمارس السابق له.
خسائر حادة للمعدن
- انخفضت أسعار الذهب بشكل حاد يوم الجمعة الماضية، في رد فعل سريع من جانب المستثمرين على توقف الصين عن شراء المعدن.
- ساهمت البيانات الصادرة من الصين، بالإضافة إلى تقرير الوظائف الأمريكي الذي جاء أفضل من المتوقع في الهبوط الحاد لأسعار الذهب.
- أضاف الاقتصاد الأمريكي 272 ألف وظيفة جديدة في مايو الماضي، ما تجاوز التوقعات التي كانت تشير إلى تسجيل 185 ألف وظيفة.
- تسببت بيانات الوظائف القوية في تقليص توقعات الأسواق لخفض معدلات الفائدة الأمريكية هذا العام، مع استمرار الحاجة إلى تكاليف الاقتراض المرتفعة لتهدئة سوق العمل.
- ساهمت البيانات الاقتصادية القوية أيضًا في قوة الدولار الأمريكي، الأمر الذي يجعل شراء الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.
- انخفضت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أغسطس بنحو 2.8% أو ما يعادل 65.90 دولار لتسجل 2325 دولار للأوقية، ليشهد العقد الأكثر نشاطاً أدنى تسوية منذ الثامن من مايو الماضي.
- بينما تهاوى سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بحوالي 3.5% لينخفض إلى 2293.7 دولار للأوقية، في أكبر وتيرة هبوط يومي في عامين تقريبًا.
- في إجمالي تعاملات الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار الذهب بنحو 1.5%، ليسجل المعدن النفيس ثالث خسائره الأسبوعية على التوالي.
- لكن الذهب لا يزال مرتفعًا بنحو 8% منذ بداية العام الجاري وحتى تسوية تعاملات السابع من يونيو.
- جاء الهبوط الحاد لأسعار الذهب في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي بعدما سجل المعدن مستويات قياسية جديدة في مايو، بفضل استمرار مشتريات البنوك المركزية.
- في مايو الماضي، وصل سعر الذهب لمستوى غير مسبوق عند 2450 دولارا للأوقية، قبل أن يتراجع لاحقًا عن هذه المستويات.
توقف مؤقت أم اتجاه دائم؟
- أثار توقف الصين عن شراء الذهب في الشهر الماضي حالة من الجدل بين المستثمرين حول ما إذا كان الأمر مؤقتا أم يشكل تحولاً في استراتيجية بكين.
- أشار المحللون في "تي دي سيكوريتيز" إلى أنه في حين أن التطورات في الصين أثرت بشكل ملحوظ على المعدن الأصفر، فإن التوقف المؤقت عن الشراء يمكن أن يكون مجرد إشارة إلى العودة إلى عملية أكثر حساسية لتغيرات الأسعار، بعد الصعود القوي المسجل في الفترة الأخيرة.
- كما ذكر "أولي هانسن" رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك" أن توقعات البنك الأولية تتمثل في أن الصين لم تنتهٍ بعد من شراء الذهب.
- يرى "هانسن" أن توقف الصين عن شراء الذهب في مايو يظهر أن البنك المركزي يحجم عن شراء المعدن بأسعار غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن الأخبار الأخيرة لا تغير التوقعات الصعودية لأسعار الذهب على المدى الطويل.
- من جانبه، صرح "كريشان جوبول" كبير المحللين بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الذهب العالمي أنه حتى إذا أبطأ بنك الشعب الصيني مشترياته من الذهب، فإن المجلس لا يزال يتوقع أن تستمر البنوك المركزية الأخرى في زيادة حيازتها من المعدن.
- أشار "جوبول" إلى أنه حتى الآن، ليس هناك ما يشير إلى ما إذا كان توقف الصين عن شراء الذهب يمثل أمرًا مؤقتًا أم مستمرًا.
- يتوقع محلل مجلس الذهب العالمي استمرار البنوك المركزية الأخرى في شراء الذهب، رغم أنه من غير المرجح أن تصل المشتريات إلى مستويات عامي 2022 و2023.
- كما ذكر "كولي سيزينسكي" كبير استراتيجي السوق في "إس إي إيه ويلث مانجمنت" أن السوق ربما يبالغ في التحليل، بالنظر إلى أن الصين توقفت لمدة شهر واحد عن زيادة حيازتها من الذهب.
- أشار "سيزينسكي" إلى أن قرار الصين بالتوقف عن شراء الذهب في مايو ربما يشير إلى أن بكين لا ترغب في شراء المعدن بمستويات الأسعار التي كانت تقارب 2400 دولار للأوقية.
- لكن المحللة شددت على أنه من الصعب تحديد ما إذا كانت الصين قد انتهت من مراكمة احتياطيات الذهب، أو ما إذا كانت قررت أخذ فترة راحة فحسب انتظارًا لهبوط الأسعار.
- يتفق قال "كيفن جرادي" رئيس شركة "فينيكس" للعقود الآجلة والخيارات بقوله إنه لا يعتقد أن بنك الشعب الصيني قد انتهى من برامج شراء الذهب، مشددًا على أن شهرا واحدا فقط من التوقف لا يمثل نمطاً.
- كما يعتقد "جرادي" أن البنك المركزي الصيني قد يكون يحاول تخفيف الضغوط السعرية الواقعة عليه من خلال التوقف عن شراء الذهب، لمنع ارتفاع الأسعار.
- استشهد المحلل بما وصفه بـ"أسوأ تجارة في تاريخ الذهب"، والتي حدثت عندما باع بنك إنجلترا حيازته من الذهب، حيث أعلن آنذاك خطته لبيع المعدن والتواريخ التي سيقوم بالبيع فيها، ما جعل السوق يهبط قبل يوم أو يومين من البيع، قبل أن يعاود الصعود لاحقًا.
المصادر: أرقام – بنك الشعب الصيني – مجلس الذهب العالمي – رويترز – بيزنس تايمز – بلومبرج - كيتكو
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}