نبض أرقام
18:31
توقيت مكة المكرمة

2024/08/09

تقلبات سوق الأسهم .. كيف يتعامل المستثمر معها؟ وكيف يستفيد منها؟

2024/08/09 أرقام - خاص

عادة ما يعاني المتعاملون في سوق الأسهم من تقلبات الأخير، حيث ترتفع الأسعار وتنخفض باستمرار، ليس على المستوى الطويل فحسب ولكن على المستويين المتوسط والقصير أيضًا، بما يجعل اتخاذ قرار الاستثمار أمرًا عسيرًا ومحفوفاً بالمخاطر بالنسبة لكثير من المتداولين.

 

ويمكن أن نعرف التذبذب في سوق الأسهم على أنه مدى تقلب أسعار الأوراق المالية حول متوسطها خلال فترة زمنية معينة، يعكس هذا التقلب التغيرات في العرض والطلب على هذه الأوراق المالية، والتي بدورها تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

 

 

لماذا يعد قياس التذبذب مهماً؟

 

تقييم المخاطر: يساعد قياس التذبذب المستثمرين على تقييم مستوى المخاطر المرتبطة باستثماراتهم، فكلما زاد التذبذب، زادت المخاطر المحتملة لخسارة الأموال .وفي هذا الإطار يمكن فهم بيع "وارين بافت" لنصف حيازاته من أسهم "أبل" بعد زيادة التذبذب السعري فيها بشكل لافت.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

فالشركة التي عانت من انخفاض بنسبة 8% من بداية يوليو حتى بداية أغسطس 2024 في سعر سهمها، شهدت ارتفاعًا مماثلاً في الشهر السابق، ومثل هذه التقلبات العنيفة لا تبشر باستثمار مستقر، ومع طبيعة "بافت" الملتزمة بشدة فإن قرار التخارج كان منطقيًا.

 

اتخاذ قرارات الاستثمار: يستخدم المستثمرون معلومات التذبذب لاتخاذ قرارات استثمارية أفضل، فعلى سبيل المثال، قد يختار المستثمرون محافظ استثمارية أقل تذبذباً خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي، والعكس في فترات اليقين الاقتصادي قد تكون القابلية للمخاطرة أعلى.

 

ومن أكثر الشركات التي تضررت من فكرة التذبذب كانت شركة "تسلا"، التي شهدت انخفاض أسهمها 20% منذ بداية أغسطس 2023 حتى بداية أغسطس 2024، وذلك بفعل التذبذب المستمر في أسعار أسهمها، ومع سيادة عدم اليقين خلال هذه الفترة ظل الاتجاه الهبوطي هو الغالب.

 

ولذلك فقد تراجعت أسهم الشركة، وكان التأثير الأكثر وضوحًا على مضاعف ربح الشركة الذي وصل لـ108 في منتصف عام 2022، ثم إلى 50% من هذه القيمة بعدها بعامين بفعل التشكك الواضح في مستقبل الشركة لا سيما مع ازدياد الشركات المنافسة من حيث العدد، وتحسنها من حيث الكفاءة والقدرات الإنتاجية.

 

إدارة المخاطر: يمكن للمستثمرين استخدام استراتيجيات إدارة المخاطر المختلفة، مثل توزيع الأصول وتحديد نقاط الخروج، للحد من تأثير التذبذب على محفظتهم الاستثمارية.

 

وعلى الرغم من أهمية متابعة التذبذب من أجل إدارة المخاطر فإن هذا يشير إلى استخدام المتداول لأساليب المضاربة والاستثمار قصير المدى وليس طويل المدى، ويجب الإشارة دائمًا إلى أن أكثر من 98% من المضاربين لا يحققون الأرباح في سوق الأسهم.

 

 

وهذا يجعل قياس التذبذب إحدى أهم الوسائل التي يستخدمها المتداول اليومي، وذلك لاتخاذ قرارات تداول قصيرة الأجل. فعلى سبيل المثال، قد يختارون الدخول في صفقة شراء عندما يكون التذبذب منخفضًا، أو الخروج من صفقة بيع عندما يكون التذبذب مرتفعًا.

 

المؤشرات المستخدمة لقياس التذبذب

 

هناك العديد من المؤشرات المستخدمة لقياس التذبذب، من بينها:

 

المدى: هو الفرق بين أعلى وأدنى سعر لسهم خلال فترة زمنية معينة، فإذا كان سعر سهم قبل عام 80 ريالًا وارتفع بعد عام إلى 100 ريال فإن مدى هذا السهم هو 20 ريالًا خلال عام.

 

وأهمية قياس المدى في أنه غالبًا ما لا ينحرف السهم بعيدًا عنه ولكن هذا الأمر يفترض افتراضاً لا يثبت صحته باستمرار في سوق الأسهم هو أن الأخير يكرر نفسه باستمرار في موجات صعود وهبوط متشابهة، والثاني أنه لا يشهد فقاعات.

 

ويعرف "دان سوزوكي" الخبير في "ريتشارد بيرنسنت" و"أمريكا ميريل لينش" الفقاعة بأنها التي تشهد بانهيار قيمة أصل أو سهم بأكثر من 50% خلال فترة زمنية وجيزة، لا تتجاوز عامًا أو اثنين، مع تقلبات حادة في الأسعار خلال هذا المنحنى النزولي بسبب سيادة "بيع الهلع" من جانب، ومحاولات المضاربة للاستفادة منه على الجانب الآخر.

 

ويشير كثيرون إلى أنه يكفي أن تنخفض قيمة الأصل بنسبة تفوق 20% في فترة قصيرة نسبيًا، لعام  أو أقل، لكي يشير الأمر إلى وجود فقاعة، وليس مجرد سوق تصحيحي بسبب تضخم أسعار الأصول بشكل مبالغ فيه.

 

الانتباه للمقدمات المختلفة

 

ويشير "جون بوغل" أحد أشهر المستثمرين في سوق الأسهم عبر تاريخه، إلى أن الأهم من الانتباه للمدى، والذي يقود للتحليل الفني والاعتقاد بتكرار التاريخ لذاته هو الانتباه إلى "المقدمات المختلفة" في السوق والتي غالبًا ما تؤدي لنتائج تتسق معها.

 

ومن ذلك ما شهده العالم قبل مطلع الألفية الجديدة مع سلسلة من الأحداث الاقتصادية المترابطة، بدأت بأزمة أسواق المال الآسيوية عام 1998، واستجابةً لهذه الأزمة، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قراراً "جريئاً" بخفض أسعار الفائدة بشكل حاد من 6.5% إلى 1.2% خلال فترة قصيرة، كان الهدف من هذا الإجراء هو تحفيز الاقتصاد الأمريكي ومنع حدوث ركود.

 

 

وأدى هذا الانخفاض الحاد والسريع في أسعار الفائدة إلى انخفاض تكاليف الاقتراض، لا سيما قروض الرهن العقاري، وفي عام 2003، وصلت أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري طويلة الأجل إلى أدنى مستوياتها التاريخية، بالتزامن مع ذلك، تبنت الحكومة الأمريكية سياسات لتسهيل حصول المواطنين على المسكن، مما شجع الكثيرين على شراء العقارات، حتى أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفها على المدى الطويل.

 

ونتيجة لهذه السياسات، تشكلت فقاعة عقارية كبيرة، حيث ارتفعت أسعار العقارات بشكل كبير وغير مبرر. ومع ذلك، سرعان ما انفجرت هذه الفقاعة، مما أدى إلى أزمة الرهن العقاري الأمريكية عام 2008، وتسببت هذه الأزمة في انهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى حول العالم وأدت إلى أزمة اقتصادية عالمية عميقة.

 

فهنا لم يتم الاعتماد على المنطق القائم على المدى، وعلى تكرار التاريخ لنفسه في سوق الأسهم، بل على نموذج معاكس يقوم على استنتاج المتغيرات الجديدة الممكنة الحدوث بسبب التغيرات الجديدة التي تطرأ على الأسواق بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام.

 

الانحراف المعياري

 

ومن بين أهم الأساليب التي يتم استخدامها في قياس التذبذب في سوق الأسهم الانحراف المعياري، وهو مقياس لمدى تباعد قيم البيانات عن متوسطها الحسابي. في سياق سوق الأسهم، يقيس الانحراف المعياري مدى تباعد أسعار سهم معين عن متوسط سعره خلال فترة زمنية معينة.

 

والانحراف المعياري المنخفض، يشير إلى أن سعر السهم يتقلب بشكل ضئيل حول متوسطه، مما يدل على استقرار نسبي في السعر، والعكس بالعكس، وما ينطبق في الحديث على المدى واستخداماته ومخاطره يمكن أن ينطبق أيضًا على الانحراف المعياري.

 

ويمكن الاستدلال بمدى سوء الاعتماد على المدى والانحراف المعياري بتحليل أسهم شركة "فايزر" للعقاقير الطبية، فالأخيرة لم يزد سعرها عن 35 دولارًا في أغسطس 2019 أي قبل بضعة أشهر من انتشار فيروس كورونا.

 

وبعد انتشار الفيروس ومساهمة الشركة بعقارها الشهير كمصل له وصل السهم إلى قمة سعرية قاربت 60 دولارًا للسهم في ديسمبر 2021، إلا أنه لم يستمر على هذا المستوى طويلًا وعاد للتراجع الحاد ليصل لمستويات 30 دولاراً في بداية 2024.

 

 

ويعكس هذا أن تطبيق المدى والانحراف المعياري و"نطاق بولينجر" -وهو أحد أساليب الانحراف المعياري المستخدمة في سوق الأسهم لقياس مدى التقلب في السوق ومستويات الدعم والمقاومة- غير فعال في غالبية الحالات وما هو إلا وسيلة للاسترشاد في حالة المضاربة (والتي يخسر غالبية المقبلين عليها كما أشرنا آنفا).

 

وعليه يصبح الانتباه للتذبذب في سوق الأسهم هامًا للغاية، ولكن ليس للاسترشاد حول نقاط البيع والشراء ومستويات الدعم والمقاومة، ودورات الأسهم السعرية، ولكن للتأكد من مدى استقرار الأسهم التي يقبل المتداول على شرائها سعريًا، ومدى خضوعها لتقلبات السوق وعمليات المضاربة، ليتلافى الأسهم عالية التقلب ويقبل على تلك المستقرة واضحة المعالم.

 

المصادر: أرقام- بارون- سي.إن.بي.سي- فوربس- نيويورك تايمز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة