نبض أرقام
16:15
توقيت مكة المكرمة

2024/08/17
2024/08/16

احتجاجات سياتل: كيف مهدت الطريق إلى العولمة؟

2024/08/17 أرقام

- في أواخر القرن العشرين، وتحديداً في نوفمبر 1999، كانت مدينة سياتل الأمريكية مسرحًا لأحداث درامية شكلت نقطة تحول في مسار العولمة.

 

- ففي إحدى الليالي الشتوية الباردة، حاول الناشط البيئي هارولد ليند تثبيت لافتة ضخمة تعبر عن معارضته لسياسات منظمة التجارة العالمية.

 

- كادت تلك المغامرة أن تنتهي بكارثة، لولا تمكنه من الإمساك بالحبل في اللحظة الأخيرة، ما سمح له برفع اللافتة التي كانت تحمل شعارين متناقضين: "الديمقراطية" و"منظمة التجارة العالمية".

 

- هذا العمل الجريء لم يكن مجرد حادثة فردية، بل كان جزءًا من حركة عالمية متصاعدة بدأت تتساءل عن جدوى العولمة وتأثيراتها على المجتمعات والبيئة.

 

- لقد أشعلت احتجاجات سياتل شرارة سلسلة من المظاهرات المناهضة للعولمة التي جابت العالم في السنوات التالية، معبرة عن قلق متزايد من تزايد نفوذ الشركات الكبرى على حساب الفقراء والبيئة.

 

- كان الهدف المعلن لمنظمة التجارة العالمية هو تعزيز التكامل الاقتصادي العالمي من خلال وضع قواعد مشتركة لتسهيل التجارة بين الدول.

 

- لكن في الواقع، أصبح هذا التكامل سلاحًا ذا حدين، فقد تسبب في تسريح ملايين العمال في الدول المتقدمة، وتدمير الصناعات المحلية في الدول النامية، وزيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

 

- كما أن سياسات التجارة الحرة التي تبنتها المنظمة أدت إلى تدهور بيئي غير مسبوق، حيث استغل المستثمرون الشركات الكبرى الموارد الطبيعية في الدول الفقيرة دون مراعاة للمعايير البيئية.

 


 

- في كتابه 'كيف نفد كل شيء من العالم'، يقدم بيتر إس جودمان سردًا عاطفياً لتطور العولمة وتحدياتها، ويصور لنا هذا الصحفي الاقتصادي المخضرم، من خلال رحلة شيقة عبر سلسلة التوريد العالمية، كيف أصبحت حياتنا اليومية مرتبطة بمعظم دول العالم.


للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
 

- كما يستعرض الكتاب، بأسلوب سهل ومباشر، الصعوبات التي تواجه الشركات الصغيرة في ظل هذه التغيرات، مستشهدًا بقصص حقيقية من الواقع.

 

- ويجادل بأنه عبر السنوات، أصبحت الصين مثالاً واضحًا على التناقضات التي أفرزتها العولمة، ففي عام 2001، انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، ومنذ ذلك الحين أصبحت "مصنع العالم"، حيث تحول الاقتصاد الصيني إلى المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي.

 

- لكن هذا النجاح الاقتصادي جاء على حساب العمالة في الدول الأخرى، خاصة في الولايات المتحدة، حيث فقدت ملايين الوظائف بسبب نقل الصناعات إلى الخارج.

 

- ومع مرور الوقت، بدأت تتكشف أوجه الضعف في النظام الاقتصادي العالمي الذي بني على أساس العولمة، فجاءت جائحة كورونا لتضرب الاقتصاد العالمي وتكشف عن هشاشة سلاسل التوريد التي تعتمد على الإنتاج الفوري، وشهدنا نقصًا في السلع الأساسية وارتفاعًا غير مسبوق في أسعارها، مما زاد من معاناة الفئات الفقيرة وألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي ككل.

 

- لم تكن هذه الأزمة وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة لعقود من السياسات الاقتصادية التي اعتمدت على تقليل التكاليف وزيادة الأرباح بأي ثمن.

 

- فقد ضغطت الشركات الكبرى مثل أمازون وول مارت على الموردين لتحقيق أسعار منخفضة، مما أدى إلى استغلال العمال وتدهور الظروف المعيشية في الدول المنتجة.

 

- ورغم الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها سياسات العولمة، إلا أنها لم تتوقف تمامًا، فبدلاً من العودة إلى التصنيع المحلي، اتجهت الشركات الكبرى إلى نقل إنتاجها من الصين إلى دول أخرى مثل فيتنام والمكسيك، حيث يمكنها الاستمرار في استغلال العمالة الرخيصة.

 

- من ناحية أخرى، بدأت الحكومات، وخاصة في الولايات المتحدة، في تبني سياسات أكثر حماية، وذلك من خلال فرض رسوم جمركية على الواردات، في محاولة لحماية الصناعات المحلية.

 

- هذه السياسات، التي تجمع بين إدارة الرئيسين بايدن وترامب، تعكس تحولًا في الفكر الاقتصادي بعيدًا عن العولمة التي تخدم مصالح الشركات الكبرى فقط.

 

- ومع كل هذه التطورات، يبقى السؤال: هل يمكن إصلاح النظام الاقتصادي العالمي بطريقة تحقق العدالة للجميع؟ وهل يمكن للمستهلكين في الدول الغنية أن يقبلوا بارتفاع الأسعار في سبيل حماية العمالة والبيئة في الدول الفقيرة؟

 

- الإجابة على هذه الأسئلة قد تحدد مستقبل العولمة، وما إذا كانت ستستمر كما هي أو تتغير لتصبح أكثر إنسانية واستدامة.

 

- في النهاية، يبدو أن معركة العولمة لم تنتهِ بعد، فعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي شهدتها السياسات التجارية في السنوات الأخيرة، إلا أن تأثير الشركات الكبرى لا يزال قوياً.

 

- ومع ذلك، فإن الوعي المتزايد بين الشعوب بأهمية العدالة الاجتماعية والبيئية قد يشكّل نقطة انطلاق نحو مستقبل أفضل، حيث يمكن للتجارة العالمية أن تكون أداة لتحقيق الرخاء للجميع وليس للقلة فقط.

 

المصدر: نيويورك تايمز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة