نبض أرقام
11:20 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/04
2024/12/03

النظارات الأكثر تطورًا في العالم .. هل تُنهي عصر الجوالات الذكية؟

2024/10/07 أرقام - خاص

خداع عقل شخص ما كي يعتقد بأن شيئًا ما حقيقي هو بإيجاز الغرض من "الواقع الافتراضي"، لكنه يجب أن يكون تفاعليًا وهو ما يميزه عن الأفلام ثلاثية الأبعاد ومقاطع الفيديو التي تعرض بزاوية 360 درجة، وغيرها من الوسائط.

 

أصبح مصطلح الواقع الافتراضي شائعًا الآن ومتداخلاً بصورة كبيرة بمجالات رئيسية، لكن بداياته سبقت الوقت الذي تم فيه صياغة المفهوم وإضفاء الطابع الرسمي عليه.

 

في الستينيات، قدم عالم الكمبيوتر "إيفان ساذرلاند" أول شاشة مثبتة على الرأس للواقع الافتراضي والمعزز متصلة بحاسوب وليس كاميرا، وبعد عقدين طور المخترع الكندي "ستيفن مان" أول نموذج يشبه النظارات.

 

 

مع ميل البشر في عصرنا الحالي بشكل متزايد للأجهزة التقنية القابلة للارتداء - الساعات الذكية وغيرها - بسبب قدرتها على التكيف والتفاعل، اتجهت كبرى شركات التكنولوجيا للتسابق على تطويرها وتقديم ابتكارات جديدة ربما تحل محل الجوالات الذكية.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

دخلت "جوجل" بالفعل عام 2013 في سوق نظارات الواقع المعزز لكنها لم تلق اهتمام المستهلكين بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والتكلفة المرتفعة والافتقار للهدف الواضح، رغم ذلك واصلت شركات مثل "مايكروسوفت" و"آبل" و"ميتا" تطوير تقنيات مشابهة.

 

محاولات زوكربيرج

 

في عام 2014، اشترت "ميتا بلاتفورمز" شركة "أوكلوس" لتصنيع سماعات الواقع الافتراضي، واستمرت في تطوير تلك السماعات تحت العلامة التجارية "كويست"، وأعلنت قبل خمس سنوات أنها تهدف لتقديم نظارات الواقع المعزز.

 

وفي 2019، استحوذت "ميتا" على الشركة الناشئة الأمريكية “CTRL-labs” - التي تعمل على تطوير تقنية تسمح للناس بالتحكم في الأجهزة الإلكترونية بأدمغتهم - مقابل حوالي مليار دولار.

 

وأخيرًا في  نهاية سبتمبر 2024، وقف "مارك زوكربيرج" أمام حشد من المطورين والصحفيين بمقر "ميتا" في كاليفورنيا وعرض نموذجًا أوليًا لنظارات الواقع المعزز باسم "أوريون" Orion، الذي وصفه بأنه لمحة عن مستقبل تحل فيه النظارات الذكية محل الجوالات الذكية كوسيلة تواصل رئيسية.

 

 

تحدث المدير التنفيذي للشركة خلال مؤتمر "كونكت" السنوي عن"أوريون" ووصفها بأنها النظارات الأكثر تقدمًا في العالم وأنها تمثل تتويجًا لعقود من الاختراعات الرائدة وأحد أصعب التحديات في الصناعات التقنية التي شهدتها على الإطلاق.

 

كما أعلنت الشركة عن نسخة محدثة من نظارات "راي بان" الذكية التي تسمح  للمستخدمين بتحليل الصور أو مقاطع الفيديو في الوقت الفعلي باستخدام واجهة صوتية تعتمد على "ميتا إيه آي".

 

وتشمل مزايا إضافية مثل إعداد تذكيرات مثل تذكر مكان وقوف السيارات والاتصال بالأرقام ومسح رموز "كيو آر" وترجمة المحادثات الحية بلغات مختلفة.

 

ما "أوريون"؟

 

نظارات سوداء ذات إطار سميك وقرص لاسلكي يسمح لها بتشغيل تطبيقات مثل لعبة ثلاثية الأبعاد للشطرنج الرقمي أو تنس الطاولة والتي تظهر كرسومات رقمية مدمجة في العالم الحقيقي، وتضيء عدساتها في دوامة زرقاء.

 

تبدو مثل زوج عادي من النظارات أو مثل نظارات القراءة لكنها تستخدم الإسقاط الهولوغرافي للسماح للمستخدمين برؤية الرسومات المنعكسة من خلال عدسات شفافة بمجال رؤيتها.

 

يتيح الإسقاط الهولوغرافي للصور ثلاثية الأبعاد بالطفو في الهواء، وتصبح الرسائل النصية أو منشورات الإنستجرام أو حتى وجوه الأصدقاء الذين يبعدون مسافات طويلة في متناول اليد.

 

ببساطة شديدة، "تتكون "أوريون" من ثلاثة أجزاء: النظارة نفسها، وسوار معصم عصبي للتحكم بها، وقرص حوسبة لا سلكي يشبه حزمة بطارية كبيرة للجوال، ولا تحتاج النظارة إلى جوال أو حاسب محمول للعمل، لكنها إذا كانت بعيدة عن القرص بأكثر من 3.65  متر فإنها قد تصبح عديمة الفائدة.

 

 

تزن 98 جرامًا وهو ما يزيد بالطبع كثيرًا على الزوج العادي من النظارات لكنه في الوقت نفسه يقل عن سماعات الواقع المختلط مثل "فيجين برو" من "آبل" أو "ميتا كويست"، كما أن إطاراتها مصنوعة من المغنيسيوم  وهو أخف من الألومنيوم ويستخدم لتوزيع الحرارة بالتساوي.

 

تستخدم سبع كاميرات مدمجة في الإطارات لتثبيت الأشياء الافتراضية في العالم الحقيقي، والمساعدة في تتبع العين واليد والسماح لمساعد الذكاء الاصطناعي بفهم ما ينظر إليه المستخدم، وتدوم بطاريتها حوالي ساعتين.

 

"أوريون"  -  التي تتميز بمجال رؤية 70 درجة - هي عبارة عن حاسوب يرتديه المستخدم على وجهه، ونظرًا لأنه منذ فترة طويلة كان التحدي الأساسي للحواسب هو شاشتها التي كانت ثقيلة بشكل عام ومنخفضة الدقة أو تقدم مجال رؤية محدود، فإن شاشة تلك النظارة بمثابة خطوة للأمام في هذا الصدد.

 

تم تصميمها خصيصًا بواسطة الشركة الأمريكية "ميتا" وتتميز بأجهزة عرض "ميكرو ليد" داخل الإطار والتي تثبت الرسومات أمام عيني المستخدم عبر الموجهات الموجية في العدسات المصنوعة من كربيد السيليكون وليس البلاستيك أو الزجاج.

 

كما أن جودة الشاشة تجعل مكالمات الفيديو تبدو واضحة بشكل يكفي للتفاعل معها، وأيضًا في قراءة النصوص.

 

رهان على بديل الجوالات الذكية

 

تمثل "أوريون" رهان "زوكربيرج" على الأجهزة الأحدث بعد الجوالات الذكية، وأشاد أولئك الذين اختبروها بأولى محاولات الشركة لنظارات الواقع المعزز واعتبروها منتجًا مصممًا بصورة جيدة مع إمكانات جادة.

 

تضمن مقطع فيديو نشرته "ميتا" يعرض تقنية "أوريون" إشادة من العديد من نجوم وادي السيليكون بما في ذلك "جينسن هوانج" مؤسس ورئيس مجلس إدارة "إنفيديا" و"ستيف هوفمان" المدير التنفيذي لـ "ريديت".

 


تعتبر تلك النظارات التجريبية جزءًا من خطط "زوكربيرج" التي تبلغ قيمتها عدة مليارات الدولارات لبناء الجيل القادم من مصطلح "ميتافيرس" الذي تستخدمه الشركة الأم لـ "فيسبوك" لوصف الأشخاص الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض عبر الإنترنت في مساحات افتراضية ثلاثية الأبعاد.

 

تستخدم "أوريون" قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي الموجودة بالفعل في النظارات الذكية "راي بان ميتا" وتضيف عنصرًا مرئيًا لما تنظر إليه.

 

يمكن التحكم في النظارات عن طريق تعقب العين واليد والصوت وسوار المعصم العصبي المصنوع من مادة نسيجية عالية الأداء، ويستخدم تخطيط كهربية العضلات "إي إم جي" – وهي تقنية تستخدم أجهزة استشعار لترجمة إشارات الأعصاب الحركية التي تنتقل عبر المعصم إلى اليد إلى أوامر رقمية يمكنها التحكم في الجهاز - لتفسير  الإشارات العصبية المرتبطة بإيماءات اليد.

 

وفي مللي ثانية يتم تفسير هذه الإشارات كمدخلات – أي أنه لا يقرأ أفكار المستخدم حتى لو بدا كذلك – إذ يتعرف على بعض الإيماءات مثل الضغط على إصبع السبابة بالإبهام لتحديد الأشياء، أما العين فهي تعمل بمثابة مؤشر، لكن الضغط على الأصابع معًا يعطي إشارة بنقرة.

 

ومن خلال عرض توضيحي استخدمت "ميتا" الذكاء الاصطناعي لتحديد المكونات الموضوعة على طاولة لتقديم وصفة عصير، وفي غضون ثوان قليلة، حددت علامات صحيحة فوق المكونات، وقدمت تعليمات لوصفة.

 

 

 

أوريون بين الماضي والمستقبل

 

ظهرت "أوريون" كجزء من مشروع بقسم الأبحاث لدى "ميتا" في 2018، وكان الهدف البدء في شحنها بعشرات الآلاف من الوحدات، لكن في عام 2022 اتخذ "زوكربيرج" قرارًا بتأجيلها.

 

يرى مسؤولون تنفيذيون بالشركة أن قرار التخلي عن "أوريون" يرجع في الأغلب لتكلفة تصنيعها البالغة 10 آلاف دولار للوحدة، والتي يرجع معظمها إلى تكلفة تصنيع عدسات كربيد السيليكون بشكل دقيق.

 

لكن حاليًا تتوقع "ميتا" أن يكون الجيل الثاني من النظارة هو الإصدار الأول بالنسبة للمستهلكين والذي قد يتوافر في غضون بضع سنوات، ربما بسعر مماثل للجوالات والحواسب المحمولة.

 

حاليًا، لن يتوافر النموذج الأولي للاستخدام إلا داخل الشركة ولبعض المطورين، لكن لكي تكون "أوريون" جاهزة للمستهلكين أقر "زوكربيرج" بأنها يجب أن تكون أصغر حجمًا وأكثر أناقة مع شاشة أكثر وضوحًا وبأسعار معقولة، قائلاً: لدينا رؤية لكل هذه الأمور.

 

تخطط "ميتا" لإطلاق "أوريون" بشكل عام للمستهلكين في 2027، وبحلول ذلك الوقت ومع التقدم المستمر والمذهل للذكاء الاصطناعي قد تتراجع الحاجة للجوالات الذكية وربما تحل محلها تلك النظارات أو ربما تنجح "آبل" أو غيرها في تحقيق إنجاز آخر يجعل التفاعل أسهل وأكثر تشويقًا.

 

 

ماذا عن الخصوصية؟

 

ونظرًا لأن "أوريون" تضم كاميرات مدمجة فإنها ستكون بمثابة أجهزة مراقبة ليس لتحركات البشر فحسب بل لحركة العين، إلى جانب تتبع النبضات عن طريق أساور المعصم العصبية.

 

كما أنه تم تصميمها لجمع بيانات متنوعة من المستخدمين مما يثير مخاوف كبيرة تتعلق بالخصوصية وربما المراقبة التطفلية، منها تتبع الموقع وبالتالي إذا مر المستخدم بجوار مقهى على سبيل المثال فقد يتلقى عروض خصم على مشروبه المفضل.

 

ومن مزايا النظارة أنها تتعرف على الأشياء في بيئة المستخدم وتوفر معلومات ذات صلة لتعزيز التجارب التفاعلية، وهو ما يشكل خطرًا أيضًا لأنها ببساطة تعرف كل شيء عن صاحبها، ويمكنها نقل البيانات المرئية والسمعية.

 

إلى جانب الخطر الأكبر وهو الميل للعزلة، إذ ترى "شيري توركل" الأستاذة بمعهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا أنه مع تزايد الاعتماد على الحواسب والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، يصبح التفاعل مع البشر أقل، وقد يصبح الأشخاص أكثر ميلاً للوحدة.

 

وبالتالي فقد تجذب نظارات الواقع المعزز مثل "أوريون" – المصممة لمحاكاة التجارب الواقعية – البشر إلى حالة عزلة أعمق، فكلما زاد دمج الجانب الافتراضي في الحياة اليومية، زاد خطر الانفصال عن الواقع الحقيقي.

 

المصادر: موقع "ميتا بلاتفورمز"- سي إن بي سي- ذا كونفرزيشن – ذا فيرج – فاينانشال تايمز – فوربس -  موقع "كودينج مول"

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.