أكد خبراء في قطاع التأمين أن قرار هيئة التأمين بإلزام شركات التأمين بعرض 30% من أقساط إعادة التأمين على الشركات المحلية يعزز دور شركات إعادة التأمين المحلية حيث يتيح لها توسيع حصتها السوقية وزيادة الإيرادات ويعكس التأثير الإيجابي على جميع الأطراف المحلية.
وأضاف الخبراء لـ أرقام، أن هذا القرار يعد خطوة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الوطني ودعم السوق المحلي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، حيث إن إعادة التأمين محلياً بعد استنفاد الطاقة الاستيعابية للسوق يعكس محاولة تحقيق توازن بين استخدام الكفاءات المحلية والاعتماد على الخبرات الدولية في المخاطر المتخصصة.
سليمان بن معيوف، الرئيس التنفيذي لشركة المتحدون للخدمات الاكتوارية
وقال سليمان بن معيوف، الرئيس التنفيذي لشركة المتحدون للخدمات الاكتوارية، إن القرار جاء لتفعيل وتحديث آلية إعادة التأمين المحلية والخارجية، استنادًا إلى المادة (26) والمادة (40) من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني التي صدرت في 20 أبريل 2004، وجاء تطبيق آلية إسناد أقساط إعادة التأمين محليا ليعيد تفعيلها ويُوثّق ويُحكّم هذه الآلية ليتم تحديثها مستقبلا لتتلاءم مع متغيرات السوق وحاجتهِ.
وأضاف بن معيوف في اتصال مع أرقام، أن تطبيق الآلية من الناحية الفنية يهدف إلى دعم شركات التأمين وإعادة التأمين المحلية وزيادة مشاركتها في السوق السعودي وتقليل الاعتماد على الشركات العالمية وتحفيزها على رفع طاقتها الاستيعابية، بما يتيح لها الاحتفاظ بجزء كبير من الأقساط التأمينية داخليًا.
وأوضح أن معدلات الاحتفاظ في بعض أنواع التأمين لسنة 2023 تعتبر عالية جداً حيث يبلغ معدل الاحتفاظ للتأمين الصحي 98% مقارنة بـ 96% لسنة 2021، كما أن معدل الاحتفاظ لتأمين المركبات يبلغ 98% مقارنة مع 94% لسنة 2021 وهذه الأنواع لا تحتاج إلى إعادة تأمين وإنما إنشاء المجمعات التأمينية.
وتابع أن هناك أنواعا تأمينية أخرى تحتاج إلى برامج واتفاقيات إعادة تأمين نظراً لخطورتها وارتفاع قيمها التأمينية والمتمثلة في تأمين الطاقة والتأمينات الهندسية والطيران والممتلكات والمسؤوليات والبحري.
وتوقع بن معيوف أن يظهر الأثر المالي الإيجابي لهذه الخطوة على السوق السعودي في نهاية العام المالي 2025، كما يُتوقع أن يسهم في زيادة إيرادات الشركات بنسبة بسيطة مقارنةً بنتائج عام 2023.
عبدالرحمن الغريميل خبير تأمين
من جانبه، قال خبير التأمين عبد الرحمن الغريميل، إن القرار يأتي لتحقيق أهداف استراتيجية متعددة تتماشى مع رؤية المملكة 2030، من أبرزها تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال إبقاء نسبة أكبر من أقساط التأمين داخل المملكة مما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف الغريميل في اتصال مع أرقام، أن هذه الخطوة ستساعد في تقليل هجرة الأقساط، حيث كانت معظم الأقساط تتجه إلى الأسواق الخارجية، وهو ما كان يؤدي إلى فقدان فرص استثمارية محلية.
وأشار إلى أن القرار يساهم في تحسين استقرار القطاع التأميني، إذ يقلل الاعتماد على شركات إعادة التأمين العالمية التي قد تتأثر بالأزمات الاقتصادية الدولية، مما يعزز من قدرة السوق السعودي على مواجهة المخاطر باستخدام موارده المحلية.
وأوضح الغريميل أن شركات التأمين ستكون ملزمة بتسجيل أسباب رفض شركات إعادة التأمين المحلية أو مشاركتها بنسب أقل، وهو ما يرفع مستوى الشفافية، ويعزز تطوير القطاع، ويُحفز الشركات المحلية لتطوير الكفاءات البشرية، الاستثمار في التكنولوجيا، وتوسيع منتجاتها لتلبية الاحتياجات المتنوعة للسوق.
الشركات المستفيدة من القرار
وقال بن معيوف إن الشركات العاملة في التأمين وإعادة التأمين النشطة في السوق السعودي والبالغ عددها 26 شركة قد تكون من أبرز المستفيدين من تطبيق آلية إسناد أقساط إعادة التأمين محليا، حيث تُمكن شركات التأمين من زيادة سعتها الاستيعابية لمخاطر جديدة وتخفيض تكلفة التأمين.
وأضاف أن الشركات التي تمارس إعادة التأمين والتي تشمل شركة وحيدة لإعادة التأمين و5 شركات تمارس أنشطة التأمين وإعادة التأمين، هي شركة التعاونية، وولاء، وميدغلف، وليفا، والخليجية، بإجمالي رأس مال يبلغ حوالي 4.2 مليار ريال، الذي يمثل 27.4% من إجمالي مجموع رؤوس أموال شركات التأمين وإعادة التأمين، مبينا أن الاستفادة تتمثل في تنوع محافظها التأمينية وزيادة إيراداتها واعتدال أسعارها.
وذكر أن هناك مستفيدين آخرين مثل شركات وساطة إعادة التأمين، والبالغ عددها 11 شركة، والتي تقوم بتصميم برامج إعادة التأمين المتوافقة مع استراتيجية كل شركة تأمين على حدة وتتوافق مع متطلبات السوق وحاجته.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الشركات التي تمارس إعادة التأمين هي المستفيد الأول من تطبيق آلية إسناد أقساط إعادة التأمين محليا، فإن طاقة هذه الشركات الاستيعابية تظل محدودة فيما يتعلق بمبالغ التأمين ونوعية المخاطر التي يمكن تحملها، وهذه المحدودية قد تمثل عقبة أمام سوق التأمين السعودي، مما يستدعي زيادة رؤوس الأموال وإنشاء اتفاقيات إعادة تأمين تتناسب مع متطلبات السوق واحتياجاته.
ومن جهة أخرى، أكد الغريميل أن الشركات المحلية، مثل شركة السعودية لإعادة التأمين، ستكون من أبرز المستفيدين من هذا القرار، حيث ستزيد حصتها السوقية، مما يُعزز قدرتها التنافسية ويتيح لها فرصة التوسع وتقديم خدمات متميزة.
وأضاف الغريميل أن شركات إعادة التأمين المحلية ستتمكن من الحصول على حصة أكبر من أقساط التأمين التي كانت تُعاد تأمينها في الخارج، مبيناً أن هذا سيدعم نمو هذه الشركات ويعزز قدراتها التشغيلية، كما يشجع على تأسيس شركات جديدة في قطاع إعادة التأمين، مما يساهم في توسيع السوق المحلي وزيادة تنافسيته.
وأشار إلى أن شركات التأمين المحلية ستستفيد من وجود خيارات إعادة تأمين محلية أكثر قرباً وسرعة في تقديم الخدمات، مما يُحسن قدرتها على إدارة المخاطر بشكل فعال ويقلل اعتمادها على الأسواق الخارجية، بالإضافة إلى ذلك، ستساهم الخيارات المحلية في تحسين كفاءة العمليات التشغيلية لهذه الشركات وخفض التكاليف على المدى الطويل.
وأضاف الغريميل أن القرار سيشجع شركات التأمين على تطوير منتجات تأمينية جديدة تلبي احتياجات السوق المحلي المتنامية، مشيراً إلى أن شركات وساطة إعادة التأمين، ستؤدي دوراً محورياً في ترتيب عمليات إعادة التأمين بين شركات التأمين وشركات إعادة التأمين المحلية مما يعزز دور هذه الشركات في تسهيل الاتفاقيات وضمان الامتثال للمتطلبات الجديدة.
وتوقع بن معيوف أن يؤدي إسناد أقساط إعادة التأمين في السوق المحلية إلى انخفاض نسبي في تكلفة إعادة التأمين لشركات التأمين المحلية، وذلك استنادًا إلى قاعدة العرض والطلب، ومع تزايد توافر خدمات إعادة التأمين محليًا، يمكن أن يؤدي هذا إلى تخفيض تكلفة التأمين، مما يعزز تنافسية السوق المحلي وعدالته.
فيما توقع الغريميل أن يكون للقرار تأثير طفيف على تكلفة إعادة التأمين لشركات التأمين المحلية، حيث قد تكون التكاليف الأولية أعلى نظراً لأن السوق المحلي ما زال في مرحلة التطوير، مبينا أن الأسعار المحلية قد لا تكون تنافسية حاليا مقارنة بالسوق الدولي، مضيفاً أن تأثير ذلك على العملاء محدود إذا تمكنت السوق المحلية من تحسين كفاءتها التشغيلية وخفض التكاليف بمرور الوقت.
وبين أنه مع توسع السوق المحلي وزيادة قدرته التنافسية، من المتوقع أن تنخفض تكاليف إعادة التأمين بشكل تدريجي، كما أن تحسين الكفاءة التشغيلية للسوق المحلي قد يسهم في تحقيق أسعار أكثر استقراراً للعملاء على المدى الطويل.
تأثير آلية إسناد أقساط إعادة التأمين على الاعتماد على الأسواق الخارجية
قال بن معيوف إن تأثير الآلية على تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية سيكون محدودًا في البداية، نظرًا لمحدودية الطاقة الاستيعابية للسوق المحلي حاليا ونقص الكفاءات الفنية المحلية بالإضافة إلى عدم وجود حلول كافية لإعادة التأمين محليًا.
وأضاف أن السوق يحتاج إلى حلول تشمل إنشاء شركة إعادة تأمين محلية منافسة برأس مال لا يقل عن 40 مليار ريال واستحداث برامج تأمينية مختلفة على غرار تأمين الحج والعمرة وتأمين العيوب الخفية وتأمين المنافذ، بالإضافة إلى أن زيادة رؤوس أموال الشركات الحالية أمر حتمي يستوجب الاندماج والاستحواذ بين الشركات الصغيرة لتكوين كيانات مالية قوية تفي بالتزاماتها المالية تجاه المستفيدين لتعزيز الاستقرار والتنافسية في السوق السعودي.
وأشار الغريميل إلى أن القرار سيؤدي إلى تقليص الاعتماد على الأسواق الخارجية لإعادة التأمين تدريجيا بنسبة تتراوح بين 20% و30% على المدى القريب، وسيوفر التوجه نحو الحلول المحلية خيارات أسرع وخدمات أقرب لشركات التأمين المحلية مع استمرار الحاجة إلى الخبرات الدولية لبعض المخاطر الكبرى والمعقدة مثل الطيران والطاقة وغيرها.
وأضاف أن القرار يحفز تطوير القدرات المحلية لتحقيق توازن بين السوق المحلية والدولية، مع تعزيز الكفاءة الفنية والبشرية لشركات التأمين وإعادة التأمين، بحيث تكون السوق المحلية قوية بما يكفي لتلبية الاحتياجات المحلية، مع إمكانية الاستفادة من الخبرات الدولية عند الضرورة.
وتوقع أن يشهد سوق التأمين السعودي تحفيزاً للاستثمارات الجديدة، مما سيجعله أكثر جذبًا للمستثمرين المحليين والدوليين الراغبين في تأسيس شركات إعادة تأمين جديدة.
وأوضح أن تطوير السوق المحلي قد يمكن المملكة من التحول إلى مركز إقليمي لإعادة التأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يعزز مكانتها الإقليمية، مضيفاً أن تحسين جودة المنتجات المحلية سيدفع الشركات لتقديم منتجات أكثر تخصصاً، مثل إعادة التأمين على المخاطر السيبرانية والكوارث الطبيعية ما يعزز تنافسية السوق السعودي.
وأضاف الغريميل أن تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية سيؤدي إلى تخفيف تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية على السوق المحلي، مما يجعل السوق أقل تأثرًا بالتقلبات العالمية. مبينا أن القرار يمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز الاقتصاد الوطني، وتطوير القدرات المحلية، وتقليل التبعية للأسواق الخارجية على الرغم من وجود تحديات قصيرة المدى مثل ارتفاع التكاليف، إلا أن الفوائد طويلة المدى على السوق والعملاء ستكون كبيرة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}