نبض أرقام
11:28 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/26
2024/12/25

كندا بنما جرينلاند .. إلى أي مدى تصل أطماع ترامب التوسعية؟

2024/12/25 أرقام - خاص

الإمبريالية والميركانتيلية هما مصطلحان يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتاريخ التجارة والتوسع الاستعماري، فالأول هو أيديولوجية تهدف إلى توسيع نطاق الحكم ليضم شعوبًا ودولًا أخرى.

 

والثاني يشير إلى سياسة اقتصادية سادت في أوروبا خلال العصور الوسطى، وتهدف إلى زيادة ثروة الدولة من خلال تعزيز صادراتها وتقليص وارداتها.

 

 

وفي النهاية، يهدف كلاهما إلى زيادة ثروة الدولة من خلال الاستغلال الاقتصادي للأراضي والموارد، فضلًا عن فرض الحواجز الجمركية بالتزامن مع الحوافز الحكومية لتشجيع الإنتاج المحلي.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

واستخدمت بريطانيا الميركانتيلية لتعزيز مصالحها الخاصة خلال منتصف القرن السابع عشر، لكنها كانت دائمًا في حالة حرب مع منافسيها للحفاظ على تجارتها ومصالحها الاستعمارية.

 

وتطلب هذا تدفقًا منتظمًا من الإيرادات، والتي تلقتها من خلال سلسلة من الضرائب المفروضة على المُستعمَرين، والتي أثارت حفيظتهم لأنهم أجبروا على تأمين الدخل للإمبراطورية دون أن يكون لهم صوت في الحكومة البريطانية، فضلًا عن تحكمها في مواردهم وتوزيعها، وهو ما أدى إلى الثورة الأمريكية.

 

ومع عودة الرئيس المنتخب "دونالد ترامب" للبيت الأبيض الشهر القادم، يبدو أنه لا يولي أي اعتبار للنظام العالمي الذي ساهم أسلافه في تدشينه، فمنذ انتخابه طرح فكرة الاستحواذ على جرينلاند، واستعادة قناة بنما، وضم كندا، وربما غزو المكسيك، فهل يمكن أن يتكرر تاريخ الاستعمار في العصر الحديث تحت شعار "أمريكا أولًا"؟

 

جزيرة الدنمارك: جرينلاند

 

- تقع جرينلاند في قارة أمريكا الشمالية، إلى الشمال الشرقي من كندا، لكنها تعد جزءًا من أوروبا وهي إقليم تابع للدنمارك يتمتع بالحكم الذاتي فيما يتعلق بالمسائل المحلية، بعدما حكمت كوبنهاجن الجزيرة بشكل مباشر منذ أوائل القرن الثامن عشر وحتى عام 1979.

 

ما زالت تحتفظ الدنمارك ببعض السيطرة على السياسة الخارجية للجزيرة، ومنذ ولايته الأولى، أصر "ترامب" على أن الولايات المتحدة يجب أن تشتري جرينلاند، ومع استعداده لتولي منصبه لولاية أخرى، جدد الرئيس المنتخب دعوته.

 

كتب على منصة التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، في بيان أعلن فيه سفير بلاده في الدنمارك: "لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، تشعر الولايات المتحدة الأمريكية أن ملكية جرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة".

 

رد "موتي إيجيدي" رئيس وزراء "جرينلاند"، على "ترامب" قائلًا: "جرينلاند لنا، نحن لسنا للبيع ولن نكون أبدا للبيع، يجب ألا نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية".

 

 

- يمتلك الجيش الأمريكي قاعدة فضائية على الجزيرة، تم إنشاؤها في السنوات الأولى من الحرب الباردة، وهي موقع استراتيجي لمهام الدفاع الصاروخي ومراقبة الفضاء.

 

- كُلفت إدارة الرئيس الأمريكي "أندرو جونسون" في ستينيات القرن التاسع عشر بإعداد تقرير خلص إلى أن الموارد الطبيعية في جرينلاند قد تجعلها استثمارًا استراتيجيًا، لكن الفكرة لم تكتسب زخمًا.

 

- قدمت أيضًا إدارة الرئيس "هاري إس ترومان" عرضًا بقيمة 100 مليون دولار للجزيرة بعد وقت قصير من نهاية الحرب العالمية الثانية.

 

- قدرت صحيفة "واشنطن بوست" في عام 2019 أن شراء جرينلاند قد يكلف أمريكا ما يصل إلى 1.7 تريليون دولار، بالنظر إلى الصناعات والموارد الطبيعية في الجزيرة.

 

حلم استعادة قناة بنما

 

- اقترح "ترامب" أيضًا أن تستعيد أمريكا السيطرة على قناة بنما، ما لم تديرها حكومتها بطريقة "مقبولة"، حيث اعترض على ما وصفها بالرسوم "المبالغ فيها" لمرور السفن، مشيرًا إلى نفوذ صيني متزايد على الممر الحيوي للشحن، وأنه لن يسمح للقناة بالوقوع في "الأيدي الخطأ".

 

- شغّلت الولايات المتحدة القناة خلال القرن العشرين وسيطرت على منطقة المحيطة بها، بعدما شرعت في بنائها عام 1904 عقب تقديم المساعدة لبنما في الاستقلال عن كولومبيا، وافتُتحت القناة عام 1914، ما أحدث ثورة في الشحن العالمي وسمح لآلاف السفن التجارية والبوارج الأمريكية بالمرور كل عام.

 

- أدت سيطرة الولايات المتحدة على القناة واستبعاد العمال البنميين إلى خلق توترات بين السكان المحليين والزوار الأمريكيين، مما دفع السلطات إلى بناء جدار بين المدينة ومنطقة القناة في الخمسينيات، قبل اندلاع احتجاجات ضخمة ومقتل 28 شخصًا في يناير 1964 ما أثار غضبًا دوليًا.

 

- وقع الرئيس الأمريكي "جيمي كارتر" ونظيره البنمي "عمر توريخوس" في عام 1977، معاهدتين لإنهاء سيطرة الولايات المتحدة على القناة تدريجيًا، وبعد فترة من الإدارة المشتركة، سيطرت بنما بشكل كامل على القناة في عام 1999.

 

 

- ردًا على "ترامب"، قال رئيس بنما "خوسيه راؤول مولينو": "كل متر مربع من القناة والمنطقة المجاورة لها تنتمي إلى بنما، وستظل كذلك، وسيادة واستقلال بلادنا غير قابلين للتفاوض، والقناة لا تخضع لسيطرة (مباشرة أو غير مباشرة) للصين أو أوروبا أو أمريكا أو أي قوة أخرى".

 

- قبل اكتمال القناة في عام 1914، كان على السفن المسافرة بين الساحلين الشرقي والغربي للأمريكتين أن تبحر حول الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية، مضيفة آلاف الأميال وعدة أشهر إلى رحلاتها، ولذلك اختصر إنشاء الممر المائي تلك الرحلة، وتشير التقديرات إلى أن حوالي 5600 شخص لقوا حتفهم أثناء حفر الولايات المتحدة للقناة.

 

كندا وأمريكا: توتر حدودي واقتصادي

 

- تحظى الولايات المتحدة وكندا بأطول حدود غير محمية في العالم، ولكن في الأسابيع الأخيرة، زاد انتقاد "ترامب" لأمن الحدود الكندية، بعدما هدد خلال الشهر الماضي، بفرض رسوم جمركية شاملة على السلع الكندية إذا لم تحد أوتاوا من تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات.

 

- أشار "ترامب" إلى رئيس الوزراء الكندي "جاستن ترودو" باعتباره "حاكم ولاية كندا" وأضاف: "لا أحد يستطيع الإجابة عن سبب دعمنا لكندا بما يزيد على 100 مليون دولار سنويًا، وأعتقد أنها فكرة رائعة؛ الولاية رقم 51".

 

- رحب "ترامب" بالرحيل غير المتوقع لوزيرة المالية الكندية "كريستيا فريلاند"، والتي استقالت بسبب الخلافات المستمرة مع "ترودو" حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25%.

 

- وفقًا لمسح أجرته شركة أبحاث السوق "ليجر"، فإن 13% فقط من الكنديين الذين شملهم الاستطلاع يرغبون في الانضمام إلى الولايات المتحدة، مقابل 82% قالوا إنهم ضد الفكرة.

 

 

بالديمقراطية أو الحرب: هل تتحقق أطماع ترامب؟

 

- إذا انفصلت مقاطعة عن كندا، فيجب عليها إجراء استفتاء قبل الانضمام إلى الولايات المتحدة، ويجب على الكونجرس الأمريكي تمرير تشريع لقبول المقاطعة كولاية جديدة.

 

- أما إذا أرادت كندا ككل، الانضمام إلى الولايات المتحدة، فيجب أن تجري استفتاءً على مستوى البلاد، ثم يمرر الكونجرس تشريعًا لقبول كندا كولاية.

 

- بالنسبة لاحتمال الشراء، فعلى سبيل المثال، في صفقة لويزيانا (والتي تمتلك ممرًا مائيًا حيويًا، وهو نهر المسيسيبي)، اشترتها أمريكا من فرنسا عام 1803، ما ضاعف مساحة الولايات المتحدة تقريبًا، مقابل 15 مليون دولار أو ما يعادل نحو 4 سنتات للفدان.

 

- اشترت الولايات المتحدة ألاسكا من روسيا عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار بعد مفاوضات قادها وزير الخارجية "ويليام سيوارد"، وفي حين وصف آنذاك بالجنون، إلا أن توقعاته أثبتت صحتها لاحقًا مع اكتشاف كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي في الولاية، ما جعلها مصدرًا مهمًا للطاقة.

 

خلال الحرب العالمية الأولى، باعت الدنمارك جزر سانت توماس وسانت جون وسانت كروا (والتي أصبحت تعرف فيما بعد بـ "جزر فيرجن" الأمريكية) للولايات المتحدة مقابل عملات ذهبية تعادل 25 مليون دولار، بعد مفاوضات استمرت لأكثر من 50 عامًا.

 

- هناك أيضًا سيناريو التدخل العسكري، رغم أنه لا يبدو خيارًا محتملًا، لكن التاريخ يعطي أمثلة عليه، مثلما حدث حين تنازلت المكسيك للولايات المتحدة عن حوالي 55% من أراضيها قبل الحرب بينهما، بما في ذلك ولايات كاليفورنيا ونيفادا ويوتا وغيرها، كما تخلت المكسيك عن مطالباتها بولاية تكساس.

 

- كان ذلك مقابل دفعة مقطوعة قدرها 15 مليون دولار، وتحمل الحكومة الأمريكية ما يصل إلى 3.25 مليون دولار من الديون المستحقة على المكسيك للمواطنين الأمريكيين.

 

 

- يحتوي العلم الأمريكي على 50 نجمة، في إشارة للوحدة، حيث تمثل كل منها إحدى الولايات، وأضيفت النجمة الأخيرة في أغسطس 1959 عقب ضم هاواي.

 

فهل يضيف الرئيس السابع والأربعين نجمة (أو نجومًا) جديدة إلى علم البلاد، حتى ولو كان ذلك على حساب الحلفاء؟ أم يكون ذلك فصلًا جديدًا في قصة سقوط الإمبراطوريات أمام غضب أصحاب الأرض؟

 

المصدر: واشنطن بوست – سي إن إن – فورتشن – فورين بوليسي – فرانس 24  - أكسيوس – ناشيونال بوست - هيستوري استايت – انفستوبيديا – إدارة الأرشيف والوثائق الأمريكية – ميديوم - هيستوري

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.