نبض أرقام
03:41 م
توقيت مكة المكرمة

2025/01/11
2025/01/10

هل وسّعت البنوك المركزية نفوذها عالميًا؟ وكيف؟

07:59 ص (بتوقيت مكة) أرقام

- شهدت البنوك المركزية في العصر الحديث تحولًا جوهريًا في دورها ونفوذها، خاصةً في سياق الاستجابة للأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

 

- يُحلل إريك مونيه هذا التحول في كتابه "توازن القوى"، مُحذرًا من تراجع الرقابة الديمقراطية على هذه المؤسسات الحيوية.

 

- ويُشدد الكتاب على أهمية استعادة السيطرة الديمقراطية على البنوك المركزية لمواجهة التحديات الكبرى التي يشهدها العالم، بدءًا من تفاقم الفوارق الاجتماعية وصولًا إلى أزمة المناخ المُلحّة.

 

- ويُعتبر الكتاب، قراءة ضرورية لفهم الحاجة المُلحة لإعادة ربط البنوك المركزية بالشعوب وجعلها أكثر خضوعًا للمساءلة أمامها.

 

البنك المركزي وتوسيع نفوذه

 

 

- على مدى العقود الماضية، شهدت البنوك المركزية توسعًا ملحوظًا في أدوارها، لا سيما بعد أزمة عام 2008. وعلى الرغم من هذا التوسع في صلاحياتها، لم تُظهر الأنظمة الديمقراطية قدرة مماثلة على مراقبة أدائها.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- يرى مونيه أن الوقت قد حان لإعادة تقييم مدى الاستقلالية التي تتمتع بها هذه البنوك، والتي غالبًا ما تجعلها تعمل بمعزل عن تأثير الدولة.

 

- كان من المقبول في السابق أن تقتصر مهام البنوك المركزية على تحديد معدلات التضخم وإجراء العمليات النقدية والإشراف على النظام المصرفي.

 

- إلا أن الأزمات الاقتصادية الأخيرة، بدءًا من أزمة 2008 وصولًا إلى الحرب في أوكرانيا، أثبتت أن الوضع قد تغيّر تغيرًا جذريًا.

 

كيف اكتسبت البنوك المركزية نفوذًا أكبر؟

 

- منذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة بتقليل تدخلاتها وتعقيداتها، خاصة بعد التخلي عن نظام أسعار الصرف الثابتة.

 

- ولكن مع وقوع الأزمة المالية العالمية عام 2008، شرعت هذه البنوك في تبني سياسات "غير تقليدية"، مثل برامج شراء الأصول، التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من سياساتها الروتينية.

 

- في هذا السياق، واجهت البنوك المركزية انتقادات حادة بشأن ما إذا كانت هذه السياسات تتعارض مع مبادئ الاستقلالية التي كانت تُمثّلها.

 

التدخلات المالية: بين المحظورات والممارسات الجديدة

 

 

- تطرق مونيه في كتابه إلى العديد من الممارسات الجديدة التي تبنتها البنوك المركزية بعد الأزمة المالية، مثل شراء الدين العام للدول في أوقات الأزمات.

 

- كما تناول سياسة الإقراض المُوَجَّه التي انتهجتها البنوك المركزية بعد عام 2008، والتي غيّرت طريقة توجيه الائتمان إلى القطاع الخاص.

 

- تتناقض هذه التدخلات، على الرغم من كونها استجابة ضرورية للظروف الاقتصادية آنذاك، مع المبدأ التقليدي الذي يفترض أن البنوك المركزية يجب ألا تُقرض الحكومات بشكل مباشر.

 

تحديات استقلالية البنوك المركزية

 

- يتساءل مونيه في تحليله، عن مدى "استقلالية" البنوك المركزية، ويُشير إلى أن ذلك يعني أيضًا استقلالها عن أي نوع من الرقابة الديمقراطية.

 

- من خلال الأمثلة التاريخية والسياسات التي تم تنفيذها، يُوضّح مونيه كيف بدأت البنوك المركزية في اتخاذ قرارات ضخمة لها تأثيرات جيوسياسية، مثل شراء الدين العام أو دعم استقرار النظام المالي في دول مُعيّنة، دون وجود إشراف ديمقراطي حقيقي.

 

- باختصار، اكتسبت البنوك المركزية نفوذًا متزايدًا عبر تبني سياسات مالية غير تقليدية بعد الأزمة المالية عام 2008، ما أثار تساؤلات حول مدى استقلاليتها عن الحكومات والرقابة الديمقراطية، خاصةً مع اتخاذها قرارات ذات تأثيرات جيوسياسية واسعة.

 

البنوك المركزية والمناخ

 

- بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية، يتناول مونيه في كتابه دور البنوك المركزية في مواجهة أزمة المناخ، مؤكدًا على ضرورة تكيّف هذه المؤسسات مع التحولات البيئية من خلال التمويل الأخضر، وذلك للحدّ من المخاطر التي تُهدّد الاستقرار المالي نتيجة للتغيرات المناخية.

 

- كما يُشدّد على أهمية التنسيق بين السياسات المالية والنقدية لضمان عدم تعارضها في مواجهة التحديات البيئية.

 

البنوك المركزية والنمو الاقتصادي: هل يكفي تغيير السياسات؟

 

 

- يُوضّح مونيه أن الحلول التي تُقدّمها البنوك المركزية وحدها، رغم أهمية إصلاح السياسات المالية والنقدية، لن تكون كافية لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية على المدى الطويل.

 

- فالنمو الاقتصادي المُستمر، الذي كان يُعتبر معيارًا رئيسيًا للنجاح، بات اليوم مُسبّبًا رئيسيًا للعديد من الأزمات البيئية والاجتماعية.

 

- من هنا، يطرح السؤال المحوري حول ضرورة تغيير نظرتنا للاقتصاد بعيدًا عن التركيز التقليدي على الناتج المحلي الإجمالي، وتبنّي مؤشرات جديدة تعكس الاستدامة البيئية والرفاه الاجتماعي.

 

التوجه نحو الاستدامة والرفاهية

 

- تتمثّل الرؤية المستقبلية التي يُقدّمها مونيه في ضرورة تحوّل النظام الاقتصادي بشكل كامل ليأخذ في الحسبان التحديات البيئية والاجتماعية.

 

- ومن خلال بحث دور البنوك المركزية في هذا التحول، يتبنّى مونيه نهجًا يتجاوز السياسات النقدية التقليدية نحو تبنّي استراتيجيات تدعم التحول الأخضر، وتُشدّد على أهمية تبنّي استثمارات لا تُضرّ بالبيئة ولا تُساهم في إحداث تغيرات مناخية ضارة.

 

أفق جديد للبنوك المركزية

 

 

- يُناقش مونيه في فصوله الأخيرة ضرورة مُواكبة البنوك المركزية لهذا التحول من خلال تطوير أدوات مالية جديدة، كالتمويل الأخضر وإعادة تمويل المشاريع المستدامة، بحيث تبقى على اطّلاع دائم بالتحديات البيئية والاجتماعية، وتُؤكّد على مسؤوليتها في التأثير الإيجابي على مُستقبل الاقتصاد العالمي.

 

- يتطلّب ذلك تنسيقًا مع السياسات الحكومية، وليس فقط الاعتماد على أدوات نقدية بحتة.

 

خلاصة الكتاب: دروس للمستقبل

 

- يُقدّم إريك مونيه في كتابه "توازن القوى" دعوة قوية لإعادة النظر في استراتيجيات البنوك المركزية وتوجيه سياساتها بما يتناسب مع تحديات العصر.

 

- فالاستقلالية ليست هدفًا بحدّ ذاته، بل يجب أن تكون في خدمة الأهداف الديمقراطية الكبرى التي تُعزّز العدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية.

 

- وعلى الرغم من أهمية الإصلاحات في السياسات النقدية والمالية، يبقى الأمل في إعادة تنظيم الاقتصادات على أساس قيم جديدة تُساهم في تحسين حياة الأفراد وحماية كوكب الأرض.

 

- باختصار، يُركّز الكتاب على ضرورة قيام البنوك المركزية بدور فاعل في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية، من خلال تبنّي سياسات جديدة تُراعي الاستدامة والرفاهية، وتتجاوز التركيز التقليدي على النمو الاقتصادي كهدف وحيد.

 

المصدر: كلية لندن للاقتصاد

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.