نبض أرقام
04:48 م
توقيت مكة المكرمة

2025/02/02
2025/02/01

رحلة في فكرة .. نظريات العلاقات الإنسانية والإدارة الناجحة للشركات

09:01 ص (بتوقيت مكة) أرقام

- يُعد "إلتون مايو" "رائد حركة العلاقات الإنسانية"، بل ويُلقّبه البعض بـ "أبي الإدارة السلوكية".

 

- أسهم مايو في العديد من الدراسات العلمية الرائدة في مجال علم النفس التنظيمي خلال أوائل القرن العشرين، ومن أبرزها دراسات مصنع الغزل في فيلادلفيا وتجارب هوثورن الشهيرة، التي كان لها أعمق الأثر في تطور ثقافة الشركات في الولايات المتحدة.

 

- وإجمالاً، تُرسّخ نظرية مايو في الإدارة مبدأً أساسيًا مفاده أن العمال تحركهم دوافع اجتماعية وعلاقات إنسانية أقوى من الحوافز المالية أو الظروف البيئية المحيطة.

 

- وتُشدّد هذه النظرية على قدرة المديرين على تعزيز الإنتاجية من خلال التعامل مع الموظفين كأفراد لهم قيمتهم وخصوصيتهم، لا كآلات أو عناصر قابلة للاستبدال.

 

- ولا يزال العديد من النظريات المرتبطة ب"إلتون مايو"، والمعروفة باسم "نظريات العلاقات الإنسانية"، تحتفظ بأهميتها وتطبيقها حتى يومنا هذا.

 

- بل إنها تشهد تجددًا في الاهتمام بها لدى كبرى شركات التكنولوجيا مثل سيسكو وجوجل، حيث أثبتت بيئات العمل "الإنسانية" التي تُعلي من شأن الفرد تفوقها على الهياكل الهرمية الصارمة التي كانت سائدة في الشركات الصناعية التقليدية.

 

من هو "إلتون مايو"؟

 

 

- يُعرف جورج "إلتون مايو" (1880-1949)، المولود في مدينة أديلايد الأسترالية، بإسهاماته البارزة في حركة العلاقات الإنسانية، وذلك خلال فترة عمله أستاذًا للعلاقات الصناعية في كلية هارفارد للأعمال.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- وقبل انضمامه إلى هارفارد، شغل مناصب أكاديمية وبحثية مهمة، منها: أستاذ علم النفس في جامعة كوينزلاند بمدينة بريسبان الأسترالية، حيث بادر باستخدام التحليل النفسي وتقنيات أخرى لإعادة تأهيل جنود الحرب العالمية الأولى الذين عانوا من صدمة القذائف (الاضطراب النفسي الناتج عن الحرب).

 

- كما عمل باحثًا مشاركًا في كلية وارتون للتجارة والتمويل بجامعة بنسلفانيا، حيث بحث في "التفاعل بين العوامل الجسدية والنفسية وأثرها في معدل دوران الموظفين".

 

- ويمكن تلخيص مساهمة "إلتون مايو" في نظرية الإدارة في قناعته الراسخة بأن فهم نفسية العامل وإطلاق طاقاته الكامنة هو المفتاح لفهم ومعالجة الاضطرابات الصناعية، سواء داخل المؤسسات أو على نطاق أوسع.

 

ما هي أشهر دراسات مايو؟

 

- من بين الدراسات العديدة التي أجراها "إلتون مايو" طوال حياته العملية، اكتسبت نظريتان في مجال العلاقات الإنسانية أهمية خاصة في علم الإدارة.

 

دراسات مصانع الغزل في فيلادلفيا

 

 

- بعد دراسته لصدمة القذائف، وجد مايو تشابهًا بينها وبين الاضطرابات الصناعية في أستراليا، مؤكدًا أن معنويات العامل ترتبط بإدراكه لأهمية عمله الاجتماعية، وأن الإدارة الصناعية الفعّالة هي الحل.

 

- في عام 1923، استعانت به مصانع الغزل في فيلادلفيا لخفض معدل دوران العمالة المرتفع (250%) في أحد أقسامها ليقترب من متوسط المصنع (6%).

 

- فبدأ بتغيير ظروف العمل، وخاصةً فترات الراحة، ما أدى تدريجيًا إلى تحسين الإنتاجية والمعنويات، وانخفاض معدل الدوران ليطابق متوسط الشركة خلال عام واحد، ما أكسبه شهرة عالمية.

 

- ورغم أن فترات الراحة كانت جزءًا من الحل، فإن اكتشافه لأثر تحسين ظروف العمل على الدافع والإنتاجية أحدث تحولًا كبيرًا في نظرية الإدارة.

 

تجارب هوثورن

 

- أجريت تجارب هوثورن في مصنع هوثورن التابع لشركة ويسترن إلكتريك عام 1924، بهدف تحسين ظروف العمل وزيادة إنتاجية الموظفين.

 

- بدأت التجارب بدراسة تأثير الإضاءة على الإنتاجية، ثم توسعت لتشمل عوامل أخرى مثل فترات الراحة وساعات العمل.

 

- أظهرت التجارب، بمساعدة "إلتون مايو" وزميله فريتز روثليسبيرجر، أن الإنتاجية لم ترتبط فقط بالظروف المادية، بل تأثرت بشكل كبير بالعوامل الاجتماعية والنفسية، مثل:

 

1- تماسك الفريق: تكوين فرق عمل متماسكة يزيد من الرضا الوظيفي والتعاون، ما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية.

 

2- أهمية العلاقات الإنسانية: القيادة الداعمة، والعلاقات الشخصية الجيدة، والتماسك الاجتماعي، كلها عوامل حاسمة في بيئة العمل.

 

3- تأثير الجماعات غير الرسمية: تتشكل داخل المؤسسات جماعات ذات قواعد غير رسمية، يمكن أن تدعم الإدارة أو تعارضها.

 

- وعلى الرغم من انتهاء التجارب عام 1933 بسبب الكساد الاقتصادي، فإن نتائجها لم تُعرف قيمتها إلا في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.

 

- وتُعدّ تجارب هوثورن بمثابة حجر الزاوية في نشأة وتطوير مجالي السلوك التنظيمي، إذ سلطت الضوء على أهمية العوامل الإنسانية في بيئة العمل.

 

ما النظريات الإدارية التي وضعها "إلتون مايو"؟

 

 

- فيما يلي عرض لنظريات "إلتون مايو" الإدارية والتوصيات المستخلصة من دراسات هوثورن وفيلادلفيا:

 

- تُعزى المشكلات في بيئة العمل الصناعية في المقام الأول إلى عوامل بشرية واجتماعية. وتُعدّ العلاقات الإنسانية الوسيلة الناجعة لحل المشكلات الصناعية، مع الإقرار بأهمية الكفاءة التقنية التي توفرها الإدارة العلمية.

 

- وتُؤثّر القواعد والإجراءات المُطبّقة في بيئة العمل على آراء العاملين ومواقفهم. وقد تُؤدّي التفاعلات مع المشرفين وزملاء العمل إلى الشعور بالإرهاق والتعب.

 

- فإذا اتسمت مواقف المجموعة بالسلبية، فقد تطغى القواعد غير الرسمية على القواعد الرسمية، مما يُؤثّر سلبًا على الإنتاجية.

 

- يُؤدّي إهمال العاملين إلى تعمّد خفض الإنتاجية. لذا، يجب على المديرين والمشرفين إيلاء العاملين الاهتمام الكافي.

 

- والشاهد هنا أن تعزيز التواصل يسهم في تحسين تماسك المجموعة. ومن الأهمية بمكان، تدريب المديرين والمشرفين على مهارات الاستماع والتواصل الفعّالين لفهم المشكلات الشخصية والاجتماعية للعاملين ومعالجتها، مع ضرورة تطبيق هذه المهارات بشكل دائم.

 

 لزيادة الرضا الوظيفي والحافز والإنتاجية، ينبغي منح الموظفين:

 

1- الفرصة لمناقشة مشكلاتهم الشخصية والمتعلقة بالعمل.

 

2- الفرصة للتعبير عن آرائهم.

 

3- الفرصة للتفاعل الاجتماعي وبناء الفريق.

 

4- القدرة على تحديد ظروف العمل الخاصة بهم.

 

5- القدرة على تحديد معايير الإنتاج الخاصة بهم.

 

- ويتعين على المديرين الموافقة على قواعد وإجراءات وظروف العمل بما يضمن تحقيق مصلحة المنظمة.

 

كيف تُطبق نظريات مايو الإدارية على الشركات اليوم؟

 

- بما أن بيئة العمل الحالية تُعدُّ، جزئيًا على الأقل، نتاجًا لأعمال "إلتون مايو"، فمن البديهي أن نرى أنَّ معظم استنتاجاته تبدو "بديهية".

 

- على سبيل المثال، تتفق الغالبية العظمى من الناس على أنَّ المشكلات في بيئة العمل تنشأ في المقام الأول عن عوامل بشرية واجتماعية.

 

- وبالمثل، نُدرك جميعًا تأثير ظروف العمل على المواقف والتوجهات تجاه الأفراد والجماعات، وعلى الدوافع والأداء.

 

- لذا، في حين أنَّ أفكاره لا تزال صحيحة، فقد أصبح العديد منها قديمًا نسبيًا نظرًا للتطورات اللاحقة. ومع ذلك، بما أنَّ الطبيعة البشرية ثابتة، فإنَّ العديد من نظرياته لا تزال وثيقة الصلة حتى اليوم.

 

- من المعلوم للجميع أنَّ التفاعلات مع المشرفين والزملاء قد تُؤدّي إلى الإرهاق والتوتّر، ويبقى هذا الأمر قائمًا بصرف النظر عن طبيعة الصناعة أو بيئة العمل.

 

- بناءً على ذلك، ورغم أهمية هذه الدروس، فمن الجليّ أنَّنا لم نُدركها إدراكًا تامًا. ولكن من منظور إيجابي، يُشير ذلك إلى وجود فرص سانحة لتحسين الأداء، وبالتالي تحقيق النمو والتطوّر على مستوى المؤسسة.

 

- في الواقع، يجب أن نكون جميعًا ممتنين لـ"إلتون مايو" ولزملائه لما بذلوه من جهود أثمرت عن تحسين ظروف العمل التي ننعم بها اليوم.

 

المصدر: نانو جلوبال

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.