نبض أرقام
04:00 م
توقيت مكة المكرمة

2025/03/01
2025/02/28

لماذا تضطر بعض الدول لإلغاء عُملتها؟ وكيف يُؤثر ذلك على الاقتصاد؟

07:25 ص (بتوقيت مكة) أرقام

يُعدّ إلغاء العملة النقدية تدبيرًا اقتصاديًا يتم بمقتضاه سحب عملة دولة ما من التداول القانوني، مما يؤدي إلى فقدانها صفة العملة الرسمية المعترف بها.

 

وعند تطبيق إجراء إلغاء العملة، تصبح الوحدة النقدية في الدولة المعنية بلا قيمة جوهرية، حيث يحظر استخدامها في مقايضة السلع والخدمات.

 

قد تلجأ الدول إلى إلغاء العملة النقدية لعدة أسباب، تتراوح بين استبدال العملة الوطنية وتغيير أنواع قديمة من النقد بأخرى مستحدثة.

 

وعلى مر الزمن، تبنت دول عديدة تدابير إلغاء العملة النقدية، وإن تفاوتت مستويات النجاح المتحقق من جرائها.

 

آلية إلغاء العملة

 

 

- يُعتبر إلغاء العملة النقدية أحد مظاهر التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية، حيث تضطلع الدولة بدور أساسي في استبدال نظام عملة بنظام آخر.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- وعند المباشرة في إجراءات إلغاء العملة، يجري إيقاف تداول العملة القديمة وسحبها من الأسواق بهدف استبدالها بنماذج نقدية حديثة.

 

- وخلال هذه المرحلة الانتقالية، يُمنح الأفراد فترة سماح محددة لاستبدال ما في حوزتهم من أوراق نقدية ومعدنية بالعملة الجديدة، وذلك قبيل الإيقاف الرسمي للعملة القديمة. وعقب إتمام عملية الإيقاف، تفقد العملة القديمة صفتها القانونية وقيمتها النقدية بشكل كامل.

 

- قد تتخذ عملية إلغاء العملة أشكالاً متنوعة؛ فقد تُصدر الدولة أوراقًا نقدية أو قطعًا معدنية جديدة، أو قد تعتمد نظامًا جديدًا كليًا للعملة.

 

- غير أن إلغاء العملة يظل إجراءً جوهريًا ونادر الحدوث، وقد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية إذا ما تم تنفيذه بشكل غير مدروس.

 

- وفي بعض الحالات الاستثنائية، قد تلجأ الدول إلى إعادة إحياء عملة ملغاة واعتمادها عملة قانونية مرة أخرى، وذلك من خلال عملية تعرف بـ "إعادة الإصدار النقدي".

 

أسباب إلغاء العملة

 

 

على الرغم من ندرة إلغاء العملة، فقد عمدت دول حول العالم إلى اتخاذ تدابير إلغاء العملة لأسباب متنوعة:

 

1- قد تلجأ الحكومات إلى إلغاء العملة إذا ما تفاقم الوضع النقدي واشتدت وطأة التضخم المفرط، مما يستدعي تدخلًا حاسمًا.

 

2- يمكن أن يُستعان بإلغاء العملة لمكافحة الأنشطة الإجرامية على اختلاف أنواعها، كالتزييف والإرهاب والتهرب الضريبي، حيث تصبح الأموال المتأتية من هذه الأنشطة عديمة القيمة بمجرد إلغاء العملة.

 

3- في سياقات أخرى، تُلغى العملة بهدف تطبيق معيار نقدي جديد؛ فعلى سبيل المثال، في عام 2002، قدم الاتحاد الأوروبي عملة اليورو، عملة مركزية موحدة تحل محل العملات الوطنية المتعددة للدول الأعضاء.

 

وباعتماد هذه العملة الموحدة، أوقفت الدول الأوروبية عملاتها السابقة، واعتمدت اليورو كمعيار موحد في جميع أرجاء الاتحاد الأوروبي.

 

مزايا إلغاء العملة

 

من خلال إلغاء العملة، يمكن للدولة أن تجني فوائد جمة، تتراوح بين مكافحة الجريمة وتعزيز الوحدة النقدية:

 

1- الحد من مختلف الأنشطة الإجرامية: من أبرز مزايا إلغاء العملة الحد من صور متنوعة من النشاط الإجرامي. فمن خلال عملية الإلغاء، يتم وقف تداول الأوراق النقدية والقطع المعدنية القديمة وسحبها من التداول، لتصبح عديمة القيمة فعليًا.

 

وبالنسبة للجماعات المنخرطة في أنشطة إجرامية، كالإرهاب، يصبح ما بحوزتهم من أموال بلا قيمة فعلية، لانتفاء الصفة القانونية عن تلك العملة. أما بالنسبة للعاملين في تزييف العملة، فسوف تتحقق البنوك من مدى صحة الأوراق النقدية القديمة قبل استبدالها، مما يتيح للحكومة إقصاء العملة المزيفة من النظام النقدي.

 

2- منع التهرب الضريبي: يمكن أن يسهم إلغاء العملة النقدية في منع التهرب الضريبي أيضًا، حيث يضطر المتهربون من الضرائب إلى استبدال ما لديهم من عملة حالية، وإلا فإن أموالهم ستصبح بلا قيمة.

 

وفي عملية تبادل العملة، يمكن للحكومة أن تتعقب المتهربين من الضرائب، وأن تفرض عليهم ضرائب بأثر رجعي على أرباحهم غير المعلنة.

 

3- تعزيز الاقتصاد غير النقدي: يمكن أن يؤدي إلغاء العملة النقدية كذلك إلى الدفع باتجاه اقتصاد غير نقدي، حيث تستطيع الحكومة إبطاء وتيرة تداول العملة المادية، والتوجه نحو المزيد من الخيارات الرقمية في المعاملات المالية.

 

مساوئ إلغاء العملة النقدية

 

في المقابل، قد تنشأ بعض السلبيات جراء عملية إلغاء العملة النقدية، بما في ذلك:

 

1- التكاليف المترتبة على طباعة الأوراق النقدية الجديدة وسك العملات المعدنية: من بين العيوب الأولية، التكاليف المرتبطة بطباعة الأوراق النقدية الجديدة وسك القطع المعدنية، فضلًا عن تكلفة وقف العملة الحالية وسحبها من التداول.

 

2- احتمالية عدم القضاء التام على النشاط الإجرامي: بالإضافة إلى ذلك، قد لا تفلح عملية إلغاء العملة النقدية في الحد من النشاط الإجرامي بصورة كاملة، إذ قد يحتفظ المجرمون بأصولهم في هيئات أخرى، كالذهب أو العقارات، التي لا تتأثر مباشرة بإلغاء العملة.

 

3- إمكانية إحداث فوضى بين المواطنين: أخيرًا، إذا لم تنفذ عملية إلغاء العملة النقدية بنجاح وكفاءة، فقد يؤدي ذلك إلى حالة من الفوضى والارتباك بين السكان، إذ يسارع الناس إلى استبدال عملاتهم قبل الموعد النهائي للإيقاف، مما قد يسبب ازدحامًا وتدافعًا في البنوك ومراكز الصرافة.

 

أمثلة من الواقع العملي

1- الهند (2016):

 

من الأمثلة الحديثة على إلغاء العملة النقدية ما شهدته الهند في عام 2016، عندما أعلنت الحكومة إيقاف جميع الأوراق النقدية من فئة 500 و1000 روبية.

 

وقد اتخذت البلاد هذا الإجراء بهدف الحد من حجم التعاملات النقدية غير المشروعة المتداولة في السوق.

 

عندما أُعلن عن إلغاء العملة النقدية في الهند، حدث نقص حاد في السيولة النقدية في مختلف أنحاء البلاد، حيث سارع المواطنون إلى استبدال ما لديهم من أوراق نقدية قديمة بالعملة الجديدة.

 

وقد أدى ذلك إلى حدوث اضطرابات في النشاط الاقتصادي، مما أسفر عن تقلص الإنتاج الصناعي في الهند، وإعاقة لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.

 

2- منطقة اليورو

(2002):

 

يمثل التحول الأوروبي إلى عملة اليورو في عام 2002 مثالًا آخر على إلغاء العملة النقدية.

 

ولتيسير العملية، احتاج البنك المركزي الأوروبي إلى ضمان توافر كميات كافية من العملة الجديدة للتداول، والشروع في طباعة الأوراق النقدية وسك القطع المعدنية في وقت مبكر من عام 1998.

 

وعندما طُرحت عملة اليورو للتداول، حرص البنك المركزي الأوروبي على تمكين جميع المواطنين من الحصول على العملة الجديدة، وبدأ في تزويد البنوك بالأوراق النقدية والقطع المعدنية الجديدة قبل عدة أشهر من الموعد الرسمي للإطلاق.

 

 

- في الختام، يُعد إلغاء العملة النقدية إجراءً اقتصاديًا معقدًا يحمل بين طياته فرصًا وتحديات جسيمة.

 

- وبينما قد يحقق فوائد مثل الحد من الجرائم المالية وتعزيز الاقتصاد غير النقدي، فإنه قد يواجه عقبات تتعلق بالتكاليف المرتفعة والتأثير على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

 

- ويعتمد نجاح هذا الإجراء بشكل أساسي على التخطيط الدقيق والتنفيذ المدروس لضمان انتقال سلس وتجنب الاضطرابات.

 

- وبالنظر إلى التجارب السابقة، يظل إلغاء العملة النقدية أداة حساسة تتطلب توازناً دقيقاً بين الفوائد المرجوة والتحديات المحتملة.

 

المصدر: كوربوريت فاينانس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.