أجمع عدد من المختصين في الشأن الاقتصادي أن نزيف شركة المعجل بعد تصاعد خسائرها المتراكمة إلى أن وصلت 75 في المائة، يعطي مؤشرا يعد "خطيرا" خاصة ما ظهرا أخيرا من خسائر بعض الشركات، مشيرين إلى أن المصارف السعودية الثمانية المقرضة للشركة بمبلغ 1.163 مليار ريال متورطة في الخسائر.
وأكدوا خلال حديثهم لـ "الاقتصادية"، أن ما أعلن عن خسائر لحقت المعجل بعد طرحها في السوق وتصاعدت الخسائر نتيجة بلوغ 1.8 مليار ريال كعلاوة إصدار غير مستحقة، مما يستلزم على هيئة سوق المال ضرورة إعادة النظر في أنظمة الطرح خاصة فيما يتعلق بعلاوات الإصدار التي تعتبر مبالغا بها إلى حد كبير.
واتفقوا على تورط ثلاث جهات في قضة مجموعة المعجل أخيرا هيئة سوق المال والمصارف السعودية والفساد الإداري للشركة الذي عمل على تزييف القوائم المالية للشركة، مشددين على ضرورة أن تقوم كل جهة عمل دراسة دقيقة ومخصصة للشركة قبل الطرح وعدم الاعتماد على القوائم المالية المقدمة، إضافة إلى إعادة هيئة سوق المال لوائحها التنظيمية وطرح نصوص تجرم المستشار المال ومتعهد الطرح ومستشار الطرح إلزام المؤسسات المتعهدة للتغطية بالاحتفاظ بالأسهم ستة أشهر كحد أدنى قبل البيع لضمان مصداقية الأرقام المطروحة كخطوة أولى لتنظيم طرح أسهم الشركات المدرجة في السوق، وتفعيل دور إدارة المخاطر في المصارف التي مع الأسف أظهرت أخيرا مع قضية المعجل.
واستبعد إبراهيم الناصري المستشار القانوني السابق لهيئة سوق المال مسؤولية علاقة هيئة سوق المال تجاه مجموعة المعجل، موضحا أن الهيئة دورها إشرافي فقط تراقب مدى الكفاءة وليس من حقها التدخل بالتفاصيل، وهي ليست معنية بهذا الجانب حسب المادة الصادرة الصريحة بهذا الخصوص والمكتوبة بنشرة الإصدار، حيث تختصر المسؤولية على الجهات والأشخاص الذين أعدوا النشرة من مدير الاكتتاب والمستشار المالي والمستشار القانوني وضامن الاكتتاب والمحاسب، أسماؤهم تكتب في نشرة الإصدار.
وأشار إلى أن قضية مجوعة المعجل ترتكز على ثلاثة احتمالات، الأول: أن تكون الشركة عندما طرحت للاكتتاب كانت توجد فيها مخالفات معينة كمعلومات غير صحية بنشرة الإصدار بالتالي كانت مقيمة بأعلى من قيمتها، مبينا أنه في هذه الحالة لو ثبتت فإن المسؤولين عن علاوة الإصدار يتحملون الأخطاء وكامل تبعات المشكلة، والمسؤولون الذين عادة يكونون من عدد من الجهات تصل إلى عشر جهات من بينها الضامن البنكي ومدير الاكتتاب والمستشار المالي والمستشار القانوني وضامن الاكتتاب والمحاسب أسماؤهم تكتب في نشرة الإصدار.
والاحتمال الثاني: ـ بحسب الناصري ـ أن تكون نشرة الإصدار سليمة والشركة بيعت بطريقة عادلة ولكن تعرضت بعد إدراجها لصعوبات ومشاكل بهذه الحال أما أن تكون الصعوبات ناتجة عن سوء إدارة الشركة وفي هذه الحال تتحمل المسؤولية إدارة الشركة أمام المستثمرين، في حين الاحتمال الثالث أن تكون الشركة أديرت بطريقة سليمة ولكن تعرضت لظروف خارجة عن إرادتها ولا سيما شركة مقاولات تأخذ عقودا بمئات الملايين والفرق بين الربح والخسارة نسبة كبيرة ولن تكون هناك مسؤولية معينة، مشيرا إلى أن المصارف المقرضة للشركة لها الأولوية بالحصول على حقوقها بمواجهة الشركة.
وتوقع لاحم الناصر مختص في الصيرفة الإسلامية أن يلحق بشركات أخرى مدرجة في السوق فما آلت آلية شركة المعجل من الخسائر المتراكمة التي وصلت لأكثر من 75 في المائة من رأس المال، معتبرا ذلك مؤشرا خطيرا على وضع الشركات المساهمة التي تم طرحها بعلاوة إصدار عالية، خاصة أن هيئة سوق المال إلى الآن لم تسعى إلى معالجة أخطاء وآلية الطرح.
وأضاف: ما حدث لمجموعة المعجل ليس من المستغرب فكثير من الشركات الفردية التي تطرح في سوق الأسهم تسير دون رقابة شديدة من هيئة سوق المال عند الطرح، فكثير من المؤسسات المتعهدة بالتغطية تضع أسعارا مبالغا فيها لا تتوافق مع القوائم المالية الفعلية أما يكون نتيجة علاقات مالية بين الشركة والمؤسسات أو للاستفادة من الارتفاع الطبيعي لأي سهم عند بداية الطرح التي تكون بالعادة أعلى من سعر الاكتتاب، فارتفاع علاوة الإصدار بمجموعة المعجل 60 ريالا للسهم كان مبالغا به وغير متوافق مع القوائم المالية.
وحول الجهات المتسببة بالقضية أبان، الناصر ضلوع ثلاث جهات بقضية المعجل تتصدرها هيئة سوق المال التي سمحت بالطرح بعلاوة إصدار عالية 60 ريال وجعلت الملاك يبيعون 30 في المائة من الشركة بأكثر من القيمة الحقيقة.
وتساءل الناصر على أي أساس قيمت هيئة سوق المال الشركة؟ وعلى أي أساس قيمت علاوة الإصدار؟ ولماذا هيئة سوق المال لا يوجد لديها مستشارون لمراجعة وتدقيق القوائم بشكل مستقل عن محاسب الشركة، إضافة إلى الطرف الآخر (المصارف الثمانية) فيما تحملته من مخاطر الإقراض الكبيرة والتي ستؤثر في بعض المصارف، مع الأسف البنوك تعتمد على ما يقدم لها من القوائم المالية التي أعدها المحاسب المالي فمن المفترض ألا تتعرض المصارف لمخاطر مالية وإلا فما فائدة إدارة والمخاطر في المصارف؟
ولفت الناصر إشكالية الطرح التزييف بالقوائم المالية هو ما يوجد شركات ورقية هشة، يكون الضحية المستثمر، فعدم مصداقية السوق يعمل على عزوف الكثير من المساهمين، عن المساهمة خاصة بالشركات العائلية المطروحة هي إشكالية كبيرة، قائلا" الخطة المعمول بها في الشركات التي يتم طرحها لا ينظر لسعر أو قيمة أو تقييم عادل أو لأصول الشركة بل ينظر له هو البيع خلال الأسبوعين الأولى من الطرح والعوائد المكتسبة منه فهو يعلم بأنه لن يحتفظ بالسهم أكثر من مدة الاكتتاب فبمجرد طرح السهم وفتح التداول يتم البيع"، مضيفا: "السوق السعودية أصبح يسير عكس وبخلاف الأسواق الأخرى حيث أصبحت أسعار أسهم الشركات الورقية بالسوق أعلى من الأسعار أسهم الشركات القوية مما يشير إلى وجود خلل بالسوق فأصبحت أسعار أسهم شركات التأمين أعلى من أسهم الشركات القوية كسابك والراجي وغيرها".
وشدد الناصر على ضرورة إعادة هيئة سوق المال النظر بكثير من لوائحه التنظيمية تتصدرها نصوص تجرم المستشار المال مستشار الطرح المتعهد بالطرح المحاسب الخارجي إذا ثبت بالشركة خلل قبل الطرح، مبينا أن اللوائح قابلة للتعديل بما يتناسب مع وضع السوق وعدم مقارنتها بالأسواق العالمية خاصة أن الأسوق العالمية تختلف من حيث السياسة والأنظمة والرقابية، إضافة إلى ضرورة أن تتخذ هيئة سوق المال خطوة سريعة لإعادة النظر بالشركات الورقية التي تطرح بالسوق، خاصة بعدما حصل لشركة المعجل التي أوقفت عن التداول وارتفعت حجم خسارتها نحو المليار ريال رغم أنها كانت قبل تحولها من فردية إلى مساهمة من الشركات الناجحة بقطاع المقاولات، لكن تزييف التقييم بالأوراق المالية وعدم وجود جهة رقابية تعمل على تدقيق وضع الشركة، وطمع المؤسسات المالية المتعهدة للتغطية كان وراء خسائرها الكبيرة.
وشدد الناصر على دراسة القوائم المالية وتدقيقها ووضع معايير معينة لسجلات الأوامر تكون نوعا من المسؤولية على المؤسسات المالية في بقائها بالشركات لفترة محددة كحد أدنى ستة أشهر تلتزم الشركة المغطية بالبقاء وتضمن هيئة سوق المال أن الشركة المالية المتعهدة بالتغطية تكون واثقة بالأرقام المطروحة، أن يكون سجل الأوامر تقوم بوضعه المؤسسات المالية.
من جهة أخرى، أوضح فضل البوعينين المحلل الاقتصادي، أن الشركات معرضة للخسائر كما هي معرضة للربح أيضا، إلا أن شركة المعجل ربما كانت مختلفة على أساس أن الشركة لم تكن تستحق طرحها في السوق وفق الحجم الذي طرحت به، مشيرا إلى أن الشركة حاولت تأكيد جدارتها بالطرح وتحقيق الربحية في السنة الأولى إلا أنها لم تستطع لاحقا، فالبيانات المالية، وإن حرصت الشركة على تزيينها لا يمكن إخفاؤها وهذا ما بدا في شركة المعجل.
ولفت إلى أن تحول الشركة إلى مساهمة عامة بعد تحصيل ملاكها لما يقرب من 1.800 مليار ريال كعلاوة إصدار غير مستحقة قاعدة الخسارة الأولية للشركة؛ فتعظيم أصول الشركة وتقييمها بما لا تستحق، إضافة إلى خلق توقعات غير منطقية للإيرادات المتوقعة؛ وربما الإيرادات الحقيقية قبل الطرح، جزء من الأسباب الرئيسة للخسارة، وقال "أعتقد أن هيئة السوق المالية وملاك الشركة ومتعهد التغطية وشركة الاستشارات مسؤولون بالتضامن عما جرى لها، وللمستثمرين فيها خاصة أن عملية الطرح ربما لحق بها بعض من التدليس على المكتتبين، وأضاف "أسباب خسائر المعجل الإدارة غير كفؤة، ودخولها في مشروعات تفوق طاقتها وقدرتها عرضها لخسائر فادحة، إضافة إلى تحملها مصاريف تشغيلية ضخمة وعلى رأسها تكلفة العمالة وتحملها خدمة ديون كبيرة تفوق 1.200 مليار ريال".
وحول انعكاسات ذلك على سوق الأسهم السعودية، بين البوعينين أن الجانب الأهم الذي سيتأثر هو ثقة المستثمرين في السوق الأولية (سوق الطرح) التي اهتزت بعد أن تعرض المستثمرون لعمليات تدليس لا يمكن القبول، وتم بيعهم شركات ضعيفة بمبالغ ضخمة، وعلاوات إصدار كبيرة، كشركة المعجل التي بلغت علاوة الإصدار فيها 60 ريالا، وشركات أخرى لا تختلف عنها، إضافة إلى ثقة المستثمرين في السوق الثانوية (سوق التداول) وخشيتهم من تعرضهم لما تعرض له حملة أسهم شركة المعجل.
وأضاف: أيضا سمعة السوق السعودية التي تتأثر سلبا بمثل هذه الممارسات الغريبة التي تكشف عن بعض أنواع الفساد المالي في قطاع الشركات المساهمة.
وأخيرا؛ فهيئة السوق المالية هي خط الدفاع الأول للمستثمرين والمتداولين في السوق؛ ومجرد أن تتعرض شركة من الشركات التي وافقت على طرحها وبعلاوة إصدار كبيرة لخسائر متراكمة ويتم تعليق أسهمها؛ يبدأ المستثمر البسيط في القلق من الحماية التي يحصل عليها في السوق وهو أمر غاية في الخطورة ولا شك أن هناك نسبة بسيطة من الشركات المتوقع تعليقها مقارنة بعدد شركات السوق ولكن نؤكد أن عددها ليس بالقليل؛ ما يجب التعامل معها بعقلانية من قبل هيئة السوق المالية.
وحول الحل الأفضل للشركة، أبدى البوعينين اقتراحه بأن يتم تصفية الشركة وهو القرار الأقرب، قائلا: "تصفية الشركة هو القرار الأقرب، فمن يرغب في ضخ أموال لإطفاء خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها مستقبلا، ولكن من يدري؛ فالسوق السعودية هي سوق العجائب والغرائب؛ وكل أمر متوقع فيها؛ إلا أنني أطالب بفتح تحقيق موسع لمتابعة الشركة منذ طرحها وحتى اليوم لمحاسبة كل من تسبب في خسارة صغار المستثمرين، فهذة حقوق لمستثمرين صغار كانوا نتيجة طمع وجشع الشركات الكبرى".
في حين أكد محمد العنقري خبير اقتصادي، أن الخلل الإداري السبب الرئيسي وراء خسائر شركة المعجل المطروحة بسوق الأسهم، مما أدى إلى تقدير خاطئ بالتكاليف للمشاريع والإدارة لها ويتضح ذلك من خلال بيانات الشركة، إضافة إلى أسباب مرتبطة ببعض الأنظمة في سوق المقاولات والتي يواجهها كثير من شركات المقاولات لكن يقع الجزء الأكبر من المشكلة على إدارة الشركة والتي تم تغييرها عدة مرات بعد ظهور المشكلة.
وقال: "وجود الخلل الإداري وعدم معالجته فاقم المشكلة والخسائر خاصة لحقوق المساهمين التي تعد تبخرت عمليا".
وأبان العنقري الانعكاسات السلبية من خسائر شركة المعجل التي ستؤثر في الاكتتابات العائلية سلبا وعزوف المستثمرين عن الدخول في الاكتتاب فيها مجددا كما ستفقد مصداقية المعلومات التي تعلنها الشركات وتصبح عرضة للشك لكن طبعا سيكون ذلك على شركات معينة وليس على مجمل مكونات السوق فهناك شركات كبرى وأخرى ذات قيمة وأهمية بالاقتصاد لن تتأثر مصداقيتها فلا بد من تعزيز دور الشفافية بمزيد من متطلبات الإفصاح حتى يصبح وحول آلية إنقاذ الشركة قال "طبعا الوضع صعب وليس بالسهل لكن بالتأكيد هناك حلول أمام الشركة كما حدث مع غيرها من الشركات الأخرى إلا أن ذلك يحتاج إلى معرفة أكثر بتفاصيل كثيرة معقدة ستشكل أساسا للحل من عدمه لكن يبقى دور الملاك الكبار فيها ومدى دفاعهم عن اسم الشركة هو الفيصل في أي حل ممكن".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}