بينما تستهلك المملكة من المياه المحلاة يوميا قرابة 3.3 ملايين متر مكعب فإنها في الوقت نفسه تنفق ما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام لأنتاج هذه الكمية من المياه عبر محطات التحلية، ويكشف خبراء في الطاقة والنفط أن استخدام الطاقة المتجددة على نطاق واسع، سيمكن المملكة من الاستغناء عن السوائل النفطية، وإيقاف حرقها كوقود للإنتاج، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن ذلك يعد خيارا استراتيجيا يسير ببطء باتجاه التطبيق.
وأكد الخبراء الذين لم يخفوا تخوفهم الكبير من الاستهلاك العالي للطاقة، أن الاستغناء عن استخدام النفط في إنتاج المياه هو هدف تسعى إليه الجهات المسؤولة بالدولة من أجل توفير النفط لاستخدامات ذات قيمة اقتصادية أعلى.
من جانبه، قال نائب رئيس أرامكو السعودية السابق لشؤون الحفر والتنقيب الخبير في الطاقة المهندس عثمان الخويطر في حديث إلى "الوطن"، أن المملكة لم تبدأ بعد في استخدام الطاقة النووية في تحلية المياه، وأن ذلك لن يكون قبل أكثر من عشر سنوات، وأما عن الطاقة الشمسية فهناك مشروع صغير ما زال تحت التنفيذ في الخفجي، مبينا أن الجدوى الاقتصادية من استخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه تكمن في توفير الوقود النفطي، كما أن الطاقة الشمسية أصبحت منافسا قويا للمواد الهيدروكربونية، إضافة إلى خلق مزيد من الفرص الوظيفية.
وأبان الخويطر أن استخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه يعد خيارا استراتيجيا للمملكة في ظل توافر الطاقة المستدامة والمتجددة، إلا أنه يسير ببطء في التطبيق، مؤكدا أن استخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع في المملكة سيمكن من الاستغناء عن السوائل النفطية وإيقاف حرقها كوقود.
في المقابل، أوضح مستشار التخطيط السابق في أرامكو السعودية الدكتور فهد الخالدي أن المملكة بدأت فعليا في إنشاء محطات تحلية للمياه تعمل بالطاقة الشمسية، حيث تم البدء بإنشاء أول محطة في الخفجي، اعتمادا على تقنية التناضح العكسي، وكان من المقرر أن تتبعها مراحل أخرى لبناء محطات أخرى لإنتاج مياه محلاة بكميات مضاعفة، لافتا إلى أن المتتبع يستطيع رؤية خطط الدولة نحو الاستفادة من الطاقة المتجددة لإنتاج المياه والطاقة الكهربائية في مناطق كينبع وضباء والاستغناء عن النفط كوقود تقليدي لهذه المحطات.
وقال الخالدي إن معظم استخدامات الطاقة المتجددة بالمملكة هي لغرض إنتاج الكهرباء حتى المحطات المستخدمة لتحلية المياه فإن الأصل منها إنتاج التيار الكهربائي بتقنيات الطاقة المتجددة ثم استخدام الكهرباء لإنتاج المياه، مضيفا أن الجدوى من استخدام هذه التقنيات اقتصادية بالمرتبة الأولى إذا أصبنا في اختيار التصميم والموقع، مستشهدا بالجدوى الاقتصادية لمحطة تحلية بعيدة عن الشبكة العامة للكهرباء تكون أعلى من مثيلتها في موقع يمكن تزويده من محطات الكهرباء ذات الإنتاج عالي الكفاءة، التي تكون تكلفة إنتاج الكهرباء فيها أقل، كذلك لا يمكن تحقيق الجدوى الاقتصادية من استخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه، ما لم نقارنها بالسعر الحقيقي العالمي لقيمة النفط نظرا للدعم الكبير لقيمة الوقود المستخدم في المحطات المتخصصة في تحلية المياه المالحة.
وطالب الخالدي بضرورة أن يرافق ذلك إنشاء هيئة عليا لإدارة المياه لدراسة إمكانات الاستفادة من مياه الصرف المعالجة ومياه الأمطار التي لا يستفاد منها حاليا، وذلك في توفير بديل إستراتيجي لما هو متبع من مواكبة الطلب في المياه المحلاة من بناء وحدات تحلية جديدة، كذلك يجب أن تواكب هذه الجهود مراجعة معدلات الكفاءة المعمول بها في المحطات الحالية، حيث من الممكن رفع كفاءة محطات التحلية الحالية لضعف ما هي عليه الآن.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}