أكد مختصون قدرة الاقتصاد السعودي على امتصاص أزمة تدني أسعار البترول، بفضل ما تمتلكه المملكة من احتياطيات نفطية هائلة ووفورات مالية، في ظل تفاؤل باستقرار وجودة السوق المالية السعودية.
من جهته، أبدى المحلل النفطي المهندس برجس البرجس، المستشار السابق في التخطيط الاستراتيجي بشركة «أرامكو السعودية»، ثقته في أن السوق العالمية قادرة على تصحيح نفسها من خلال قاعدة العرض والطلب، ولم يبدِ قلقه من الانخفاض الذي شهدته السوق خلال الأشهر الأخيرة.
وأكد المحلل النفطي أن السعودية حققت نحو تريليون ريال (266 مليار دولار) فوائض مالية فعلية خلال الفترة من عام 2008 وحتى 2013، وكانت فوائض العام الماضي وحده 206 مليارات ريال، ومن ثم فلا مشكلة من استخدام هذه الفوائض في تغطية العجز المتوقع في الموازنة المقبلة.
وقال البرجس «لا أرى مبررا منطقيا لتأثر بعض قطاعات السوق المالية السعودية بشكل مباشر بانخفاض أسعار البترول مثل قطاعات الاتصالات والخدمات والتجزئة، بخلاف القطاعات المرتبطة بالنفط مثل قطاع البتروكيماويات».
وأضاف «لكن من المنطقي الحديث عن تأثر قطاع البتروكيماويات، خلال العام الحالي، خصوصا خلال الربع الأخير من العام، نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار النفط الناجم عن ركود الأسواق في اليابان، والتراجع الذي تشهده الأسواق الصينية والآسيوية التي تعد السوق الرئيسية للبتروكيماويات السعودية».
جاء ذلك لدى استضافة الغرفة التجارية الصناعية المحلل النفطي المهندس برجس البرجس في محاضرة نظمتها لجنة الاستثمار والأوراق المالية، مساء أول من أمس، بعنوان «مستقبل النفط وتأثيره على الاقتصاد الوطني والسوق المالية».
وعاد البرجس فأوضح أن السوق تظل محكومة بقاعدة العرض والطلب، مشيرا إلى أن الطلب يشهد تراجعا واضحا خلال العام الحالي نتيجة التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، ولهذا انحدرت الأسعار بصورة كبيرة.
غير أنه استدرك أن القاعدة الحاكمة للأسعار تضمن معاودة الارتفاع عندما تلامس الحد السعري الذي يرفع من تكلفة الإنتاج، مما يدفع بعض الشركات المنتجة للخروج من السوق، خصوصا للآبار التي تتسم بالكلفة العالية في الإنتاج.
وتوقع البرجس أن يحوم السعر بعد استقرار السوق عند 80 دولارا، واعتبره السعر العادل الآن، مقرّا في الوقت نفسه بعدد من التحديات التي تواجه صناعة النفط في الوقت الراهن والمستقبل القريب.
ومن هذه التحديات، وفق البرجس، دخول النفط والغاز الصخري حلبة المنافسة، خصوصا في أميركا التي تمكنت من تطوير تكنولوجيا الحفر بمعدلات عالية خفضت من تكلفة الإنتاج، الأمر الذي جعلها أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم.
ولفت إلى أن ذلك انعكس على أسعار الغاز في الأسواق العالمية وتدنيها لأدنى مستوياتها، مبينا أن السعودية تمتلك مكمنا صخريا نفطيا واحدا وصغيرا غير مؤثر، بينما تمتلك غازا صخريا بكميات ضخمة ومؤثرة تقدر بأكثر من 600 مليار قدم مكعب.
كذلك من التحديات التي تواجه النفط - حاليا - وفق البرجس، خلال العقدين المقبلين، تطوير تكنولوجيا صناعة السيارات الهجين التي تعتمد على طاقة الكهرباء، مشيرا إلى أن التوقعات تشير إلى ارتفاع عدد السيارات من هذا النوع إلى 70 مليون سيارة خلال السنوات العشرين المقبلة.
وأضاف إلى ذلك تطوير استهلاك السيارات للبنزين من 15 لترا لكل مائة كيلومتر في السابق، وخفضها إلى عشرة لترات – حاليا - وتوقع انخفاضها إلى خمسة لترات في السنوات الـ25 المقبلة، وهو برأيه ما يخفض كثيرا من الاستهلاك، مما يستلزم التخطيط الجدي للبحث عن بدائل ملائمة للنفط وعدم الاعتماد عليه كمصدر رئيسي وحيد للدخل.
وقال البرجس «نتيجة للأوضاع المتذبذبة لسوق البترول العالمية حدثت أكبر عملية دمج في القطاع النفطي في العالم بين أكبر شركتين بتروليتين في العالم، هما شركتا (هاليبرتون)، و(بيكرهيوز)، لمواجهة تداعيات وتحديات السوق».
من ناحيته، أكد خالد المقيرن، نائب رئيس الغرفة ورئيس لجنة الاستثمار والأوراق المالية، أن متانة الاقتصاد الوطني وقدرته العالية على امتصاص أزمة تدني أسعار البترول، فضلا عما تمتلكه المملكة من احتياطيات نفطية هائلة ووفورات مالية كبيرة كونتها الدولة خلال الأعوام الماضية، جعلها قادرة على مواجهة متطلبات التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد بقوة.
وتوقع أن تصدر الميزانية الجديدة للدولة بأرقام مبشرة لقطاعات السوق وتغطية العجز المتوقع فيها، مبديا تفاؤله باستقرار وجودة السوق المالية السعودية، مستندا في ذلك إلى الأداء القوي للشركات الكبيرة في السوق، وتوافر السيولة الضخمة في الدولة والبنوك.
وتفاءل المقيرن برفع مستويات جاذبية الاستثمار في السوق من خلال دخول البنك الأهلي التجاري في السوق بعد طرح نحو 13 مليار ريال (3.4 مليار دولار) من قيمة أسهمه للاكتتاب العام.
وقال إن «فتح الاستثمار في السوق للأجانب يسهم في تعميق وتوسيع قاعدة السوق ورفع مستويات الأداء فيها، ولذلك فإن السوق ستظل متماسكة رغم بعض الظواهر العارضة مثل مشكلات شركتي (المعجل) و(موبايلي)».
من جانبه، توقع تركي فدعق، مدير الأبحاث والمشورة بشركة «البلاد المالية» وعضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية، مدير المحاضرة، انخفاض أرباح شركات قطاع البتروكيماويات السعودية بمعدل 20 إلى 30 في المائة، خلال الربع الأخير من العام الحالي، نتيجة استمرار تراجع حجم المبيعات ومعدلات الأسعار في الأسواق الخارجية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}