وصف رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الإستراتيجية الدكتور راشد أبانمي، إعلان شركة أرامكو السعودية عن نيتها استيراد البنزين والديزل هذا العام من الخارج، بالأمر الطبيعي.
وقال في تصريح خاص لـ”المدينة”: إن استيراد الديزل أو بعض المشتقات النفطية من الخارج في حد ذاته أمر طبيعي ومستقل تمامًا عن إنتاج الزيت الخام، وذلك لتلبية الاستهلاك العالي خاصة في فصل الصيف، والإجازات التي يتخللها موسما شهر رمضان الكريم، والعمرة.
وأوضح أبانمي أن استيراد الديزل من الخارج لسد النقص، ناتج فقط لتلبية الحاجة الملحّة، وليس بسبب تباطؤ في أداء شركة أرامكو الرمز الوطني الذي نعتز به.
وأشار إلى أن توجّه المملكة بشكل جدّي نحو معالجة قضية ترشيد استهلاك الطاقة، يأتي إدراكًا إلى أهمية تفعيل المبادرات المتعلقة بتنويع وترشيد مصادر الطاقة، في وقت تستهلك فيه المملكة 4 ملايين برميل من النفط المكافئ يوميًّا لـ30 مليون نسمة فقط في المملكة، ممّا يوضح أن هناك نوعًا من عدم الترشيد في الاستخدام لمصادر الطاقة.
وأكد الدكتور أبانمي: أن هذا الاستهلاك للطاقة يزداد سنويًّا بنسب عالية؛ ممّا يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المحلي والدخل القومي. لافتًا إلى أن أرقام الاستهلاك المحلي للطاقة كبيرة جدًّا، ممّا يستدعى وضع حلول إستراتيجية، وتصحيح للأسعار.
وقال: لا شك أن الأسعار المتدنية للديزل والبنزين تحض على الاستهلاك بل ربما الاستهلاك المفرط، وتدني الأسعار يستفيد منه الجميع بدون مراعاة لحاجة كل شريحة من شرائح المجتمع، ويستفيد منه الغني الذي يملك اعدادًا كثيرة من السيارات الخاصة الفارهة، ومايعادلها من السائقين.
وأضاف: يوجد حاليًّا في المملكة أكثر من ثمانية ملايين سيارة، وتصل المبيعات السنوية إلى ثلاثة أرباع المليون سيارة سنويّاً، ممّا جعل من المملكة الآن أكبر مستهلك للنفط محليًّا، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد في السعودية 0.148 برميل يوميّاً (27 مليون نسمة / 4 ملايين برميل يوميّاً) أي أكثر من ضعف متوسط استهلاك الفرد في أمريكا الشمالية الذي يبلغ 0.061 برميل يوميًّا (313 مليون نسمة / 19 مليون برميل من النفط يوميّاً).
وهذا بحد ذاته يشكل عبئًا اقتصاديّاً وكلفة إضافية تتحمّلها خزانة الدولة والاقتصاد القومي بشكل عام.
وعن الحلول الجذرية، يرى الدكتور راشد ابانمي بأن الحاجة ملحّة الآن إلى إدخال التقنيات الحديثة لمواكبة مستقبل الطلب المحلي على الطاقة بشكل عام، والسعي لتوفير متطلبات ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة، والتي اعتبرها أبانمي متشعبة كوضع المواصفات الترشيدية للأجهزة ووسائل النقل واستهلاك الوقود فيها، والمعدات وترشيد استهلاكها، وتطبيق معايير الترشيد وتفعيلها على أرض الواقع من خلال السعي إلى زيادة الفعالية وتقليل الكلفة وتخفيف التأثير البيئي من استخدام النفط لرفع الكفاءة في الاستخدامات والتقليل من الكمية المستهلكه يؤدي إلى التحسن الاقتصادي والمحافظة على البيئة وعلى الثروة الوطنية.
ويؤكد أبانمي بأن مسألة استيراد الديزل والبنزين بالتحديد “مزعجة” في ظل الاستهلاك العشوائي وغير المنظم للبنزين والديزل، ومنها حالات التسريب والتهريب لدول الجوار، وفي نفس الوقت لا أحد ينكر تدني قطاع النقل ونظام المرور، فمهما تحمّلت الدولة من تكاليف بدعم الوقود وحتى استيراده من الخارج لرخاء المواطنين، إلّا أن ما يجري الآن من استهلاك مفرط وغير منظم سوف يحرم الناس من نعمة انخفاض سعر الوقود، بل سيفقدنا أكبر دخل اقتصادي لنا من جراء تصديره.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}