يبلغ عدد الوظائف في القطاع الخاص 3,8 مليون وظيفة منها 800 ألف وظيفة على الأقل يمكن أن يشغلها مواطنون، لكن عدد الإماراتيين الموظفين في القطاع الخاص لا يتجاوز حالياً 30 ألف مواطن، حسب تقديرات عبدالله العطر، رئيس إدارة الموارد البشرية في بنك الفجيرة الوطني.
وأرجع ذلك إلى أن شريحة كبيرة من المواطنين الإماراتيين لا تزال تعتبر أن القطاع الحكومي أكثر جاذبية، لأسباب عدة تتراوح من مزايا التوظيف الممتازة التي يقدمها القطاع العام إلى انعدام الوعي حول الفرص المتاحة في القطاع الخاص.
وأكد العطر، في حوار مع «الاتحاد» أن نظام التوطين الجديد في القطاع المصرفي والذي تم اعتماده من الحكومة الاتحادية ويتوقع أن يتم تطبيقه في بداية العام المقبل، يعد خطوة مهمة نحو الالتزام بالجودة وليس الكمية في عملية التوطين.
وأوضح أن نظام التوطين الجديد يقوم على النقاط، بهدف تحفيز الشركات بالتركيز على الجودة بدلاً من التفكير في بلوغ مستوى الحصص عند توظيف المواطنين الإماراتيين، منوهاً أن النقاط ستمنح إلى الشركات التي تستوفي سلسلة من معايير التوطين، التي تتراوح بين عدد ساعات التدريب لكل موظف إلى عدد الإماراتيين المعينين في مناصب إدارية عليا.
وبين أنه لتشجيع مشاركة المواطنين الإماراتيين في القطاع الخاص، تم اقتراح نظام الحصص الجزئي (الكوتا)، الذي يفرض توظيف نسبة دنيا محددة من المواطنين الإماراتيين يتم توظيفها في القطاع الخاص، حيث طبق هذا النظام في بادئ الأمر على القطاع المصرفي.
وأشار إلى أن القانون الذي صدر في عام 1996 فرض أن يكون 4% على الأقل من موظّفي البنك إماراتيين، على أن تزداد هذه النسبة سنوياً، ثمّ تم توسيع نطاق هذا النظام في أواخر عام 2010، عندما أعلنت وزارة العمل أنّ الإماراتيين يجب أن يستأثروا بنسبة لا تقل عن 15% من موظفي كل شركة مقرها دولة الإمارات، لافتاً إلى أن استقطاب المواهب الإماراتية لا يزال يشكل تحدياً ملحوظًا من قبل القطاع الخاص نتيجة لأسباب مختلفة تبدأ من تباين التوقّعات بين الأفراد والشركة، وخيبة أمل الإماراتيين بسبب غياب الفرص المهنية على المدى الطويل بنظرهم، وصولاً إلى الشركات التي تبدي تركيزها على العدد أكثر من الجودة لتحقيق أهداف التوطين.
وقال العطر، إنه ما دام التوطين واجباً وطنياً لدولة الإمارات، فإنه تقع على الشركات مسؤولية اجتماعية إذ يجب أن تحرص على عدم توظيف الإماراتيين لمجرد ملء الأماكن الشاغرة، أو الأسوأ من ذلك لبلوغ مستوى الحصص المفروض، داعياً إلى أن تكون عملية التوطين مسألة غرس حس الالتزام في المؤسسة لاحتضان المواهب لتكون مجهّزة للتميّز في العمل، وأيضاً لتعزيز ثقتها بنفسها وقدرتها على تنمية قدراتها وتحقيق أحلامها.
وأشار إلى أنه من خلال التركيز المستمر على تطوير المواهب، تتبوأ الشركات في القطاع الخاص موقعاً يخولها ضم المواطنين الإماراتيين الموهوبين إلى صفوفها، مشدداً على أن شركات القطاع الخاص لن تستفيد فعلياً، وأن الاقتصاد المحلي لن يستفيد عموماً، إلا عندما تصبح مصالح الموظفين الإماراتيين على المدى الطويل همها الرئيسي.
الارتباط بالعمل
وعن أسباب عدم ارتباط المواطنين نوعاً ما بالعمل في القطاع المصرفي وتفضيل الانتقال إلى مجالات جديدة، أجاب العطر، أنه من الضروري أن تتفاعل الشركات مع الموظفين الإماراتيين وتستجيب إلى طموحاتهم.
وأضاف أنه على الرغم من أن المخاوف العملية الاعتيادية التي تراود أي مواطن إماراتي يعمل أو يبحث عن عمل، شأن الراتب والمزايا وسمعة الشركة وموقع العمل، تبقى حاضرة، لكن عند التفاعل مع الموظفين وإظهار الالتزام التام بدعم طموحاتهم وأهدافهم المهنية على المدى الطويل، يستطيع القطاع الخاص من دون شك توظيف المواهب الإماراتية المتميزة والحفاظ عليها.
واسترشد على ذلك بأن بنك الفجيرة الوطني وضع عدداً من البرامج الداعمة للمواطنين الإماراتيين في مختلف مراحل مسيرتهم، تشمل برنامج تدريب للخريجين الجدد هدفها مساعدة المرشحين أصحاب القدرات العالية على التميز في القطاع المصرفي، وبرنامج التطوير المهني الذي يساعد على تسريع عملية التطوير للموظفين الإماراتيين الحاليين، منوهاً أن هذا التركيز المدروس على ارتباط الموظفين من خلال تطوير المواهب مترسخ في البنك حيث إن أكثر من 42% من موظفي بنك الفجيرة الوطني مواطنون إماراتيون، 81% منهم من النساء، ومن الضروري الحرص على تحفيزهم بما يضمن التزامهم بنجاح البنك.
وأكد العطر، أنه وفقاً لدراسة أجرتها مجموعة «كورن فيري هاي جروب»، المتخصصة في مجال الاستشارات الإدارية، فإن مستويات ارتباط الموظّفين في بنك الفجيرة الوطني سجلت ارتفاعاً من 73% عام 2014 إلى 78% عام 2015، مقارنة بمتوسط الارتباط الذي بلغ 69% في القطاع المصرفي المحلي، منبهاً إلى أن نسبة الدوران الوظيفي في البنك مشجعة أيضاً، فهي أقل من 2% للوافدين وأقل من 4% للمواطنين الإماراتيين عام 2016، وتعتبر هذه النسب منخفضة بالنسبة إلى معايير القطاع.
وطالب العطر، بتطبيق التجارب الناجحة للشركات التي اختارها الإماراتيون كأفضل الأماكن للعمل حيث تدرب إحداها المرشحين الذين يصلون إلى المراحل النهائية على التفوق في المقابلات مع الإدارة العليا، بينما يرسل أحد البنوك الخريجين في مجال الإدارة المالية من برامج التدريب الإدارية، إلى شركة محاسبة عالمية للحصول على المزيد من التدريب.
وقال: «إن هذه الجهود تحسب لتلك الشركات، فحتى لو لم ينضم هؤلاء الموظفون الإماراتيون إلى تلك الشركات في النهاية، فإن استعدادهم لتوجيههم إلى الأمام في مسيرتهم يترك لديهم انطباعاً يلازمهم طيلة العمر، كما يزوّدهم بالمهارات اللازمة للمساهمة بشكل إيجابي في نمو الدولة».
غياب الوعي.. المشكلة الحقيقية
أفاد العطر بأن المشكلة الحقيقية تتمثل في غياب الوعي حول الفرص المهنية في القطاع المصرفي، والتي تبدو واضحة من الأرقام التي تظهر أن عدد خريجي المدارس الإماراتيين الذين يختارون العمل في القطاع المصرفي يشكّلون 1 أو 2% من إجمالي الخريجين البالغ عددهم حوالي الستة آلاف طالباً، مؤيداً الاقتراح بأن يعمل اتحاد مصارف الإمارات عن كثب مع وزارة التربية والتعليم لوضع إطار عمل شامل لزيادة الوعي حول القطاع المصرفي وفرص العمل التي يوفرها للطلاب الإماراتيين، لافتاً إلى أن مثل ذلك الأمر سيسهم في تعزيز جهود التواصل مع الطلاب التي تضطلع بها البنوك، كالمشاركة مثلاً في المعارض المهنية والمعارض التي تستضيفها الجامعات.
وخلال حديثة، قال العطر: «إن رأس المال البشري في دولة الإمارات يعتبر من بين الأكثر تنوعاً في العالم، إذ أن 80% من المقيمين تقريباً هم من الوافدين».
وأضاف أن دولة الإمارات لم تكتف ببذل الجهود لاستقطاب المواهب من حول العالم، بل ركزت مساعيها أيضاً على تنمية المواهب الإماراتية ومساعدتها لتأدية دور فاعل في تطوير الدولة، خالصاً إلى أنه من هذا المنطلق، وضعت الدولة على قائمة أولوياتها تشجيع مشاركة المواطنين الإماراتيين في القطاع الخاص.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}