شاركت أرامكو السعودية في المؤتمر السنوي الأول لمعهد صناعة التشييد، الذي تنظمه وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وانطلقت فعالياته اليوم الأربعاء 2 جمادى الآخرة 1438هـ الموافق 1 مارس 2017م، وتستمر يومين، وذلك في مقر الجامعة في الظهران.
وتأتي مشاركة أرامكو السعودية في هذا المؤتمر الذي يحمل عنوان "نحو إنتاجية أفضل وإدارة جودة فاعلة" للمشاركة والتعريف برؤى الشركة وتجربتها في مجال صناعة التشيد وتسليط الضوء على تأثير تلك الصناعة الضخمة على التنمية في العالم وفِي المملكة، وعلى ربحية القطاع الصناعي، وتحويل الاستثمارات إلى ازدهار، وخلق فرص عمل كثيرة.
وقال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين الناصر، في كلمته خلال المؤتمر: "لعبت صناعة التشييد دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية في المملكة والعالم.
فالنشاطات الاقتصادية الناجحة تعتمد على وجود صناعة تشييد قوية بعناصرها الثلاثة وهي التصاميم الهندسية، وتوريد المواد والمعدات، وأعمال البناء والإنشاء.
وإذا نظرنا لواقع ومستقبل صناعة التشييد في العالم من حيث الفرص والتحديات، فإن المستقبل على المدى الطويل يبدو إيجابيًا بشكل عام من حيث النمو والطلب، حيث من المتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمار في قطاع واحد، وهو قطاع الزيت والغاز العالمي، 30 تريليون دولار بحلول العام 2050م، ولكن هناك تحديات تعترض هذه الصناعة".
وتحدّث المهندس أمين الناصر عن ستة تحديات تشكل أولويات ينبغي مواجهتها وهي: أولًا مشكلة الكفاءة والإنتاجية المنخفضة نسبيًا، ففي الوقت الذي استفادت بعض القطاعات من تحقيق قفزة في الكفاءة والإنتاجية بنسبة 100% خلال الخمسين سنة الماضية، ما تزال نسبة الكفاءة والإنتاجية على ما هي عليه في قطاع التشييد دون تقدم كبير.
والتحدي الثاني هو مشكلات المشاريع التي تواجه تعثرًا، وتتجاوز الميزانية وتتأخر عن جداول التنفيذ المحددة. فالأرقام والإحصاءات تبعث على القلق.
وأشار الناصر إلى دراسة حديثة أظهرت أن نسبة 30% فقط من مشاريع الزيت والغاز في العالم يتم إنجازها ضمن الميزانيات المعتمدة، و15% فقط من المشاريع يتم إنجازها ضمن الإطار الزمني المعتمد.
وأضاف أن ذلك يؤدي إلى مخاطر وآثار مدمرة على الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع، وبالتالي على الأداء المالي للشركات المستثمرة والاقتصاد بشكل عام.
أما التحدي الثالث الذي ذكره المهندس أمين الناصر فقد كان تحدي الجودة، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المؤسسات والشركات التي تتكبد خسائر وتهوي قيمة أسهمها بسبب الانقطاعات والأعطال المتكررة في التشغيل التي نتجت عن ضعف جودة الإنشاء والتشييد.
واستطرد المهندس أمين الناصر بأن التحدي الرابع هو تحدي توطين هذه الصناعة وزيادة محتواها المحلي ليس فقط في السعودة بل أيضًا في تصنيع المواد.
فنسبة العاملين السعوديين في تلك الصناعة منخفضة جدًا، كما أن نسبة المؤسسات الوطنية القادرة على تطوير مشاريع صناعية عملاقة ومعقدة ما تزال أقل بكثير من المستوى المأمول.
وذكر المهندس الناصر التحدي الخامس وهو قلة الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار، حيث يبلغ الإنفاق على البحث والتطوير في صناعة التشييد أقل من 1% من الدخل العام، مقارنة بأربعة أضعاف تلك النسبة في صناعة السيارات والطائرات والصناعات الفضائية.
أما التحدي السادس فهو صورة صناعة التشييد التي تبدو سلبية مقارنة بصناعات حديثة أخرى من حيث توفير فرص عمل بظروف وبيئة جذابة وأمان وظيفي.
وأكد أمين الناصر أنه لمواجهة تلك المخاطر والتحديات، استحدثت أرامكو السعودية عمليات وأنظمة تتيح مراقبة المشاريع بشكل أكبر والتدخل متى لزم الأمر بشكل استباقي لمعالجة بعض القضايا التي إن تُرِكَت يمكنها أن تتسبب في تكاليف إضافية باهظة وتؤثر على أداء الشركة.
كما تُسهم أرامكو السعودية مع مجموعة شركات عالمية للزيت والغاز في برنامج لتوحيد المعايير والمواصفات الهندسية بما يحقق المزيد من الكفاءة وانخفاض التكلفة في المشاريع.
وأشار المهندس أمين الناصر إلى أن برنامج "اكتفاء" الذي أطلقته أرامكو السعودية لمضاعفة المحتوى المحلي سيسهم في تحسين فرص التدريب ونسبة التوطين في قطاع التشييد بالمملكة.
وختم الناصر حديثه قائلًا: "إنه في ضوء هذه التحديات فإن التحسينات التدريجية في صناعة التشييد لن تكون كافية، فنحن بحاجة إلى حلول جذرية وجهود ضخمة تؤدي إلى تحولات عميقة، مؤكدًا أنه إذا نظرنا للمستقبل من خلال رؤية المملكة 2030، بأبعادها الطموحة، واستثماراتها الهائلة، فلا بد لصناعة التشييد الوطنية في المملكة أن تسارع الخطى لتحقيق الآمال المعقودة عليها".
من جهة أخرى شارك نائب الرئيس لإدارة المشاريع في أرامكو السعودية، المهندس فهد الهلال، بكلمة في فعاليات المؤتمر، أوضح فيها ملامح من تجربة أرامكو السعودية في إدارة المشاريع، حيث ذكر أن الشركة تعتز عبر تاريخها بتنفيذ مجموعة من المشاريع العملاقة التي تعتبر من بين الأكبر والأكثر طموحًا على مستوى العالم، وشملت أنواعًا متعددة من المشاريع الصناعية والبنية التحتية وبمستويات تعقيد كثيرة.
ونظرًا لإدراك الشركة لأهمية إنجاز المشاريع بكفاءة فقد طَورت آليات عمل ونُظُم وأساليب إدارة وممارسات مهنية ومبتكرة جعلت إدارة المشاريع تُعد من بين القطاعات الرئيسة في أرامكو السعودية.
وبالرغم من ذلك، هناك الكثير الذي يمكن تعلمه والاستفادة منه لذلك شاركت أرامكو السعودية مع جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في إنشاء الفرع المحلي لمعهد صناعة التشييد بما يجعله منتدى لتبادل الأفكار بين العقول والخبرات وتطوير الممارسات.
كما أكد المهندس فهد الهلال أن هناك ضرورة تحتم على صناعة التشييد بأن تسارع إلى التغيير والتحول لتواكب تغيرات الأسواق والمستجدات العالمية في مجال التطورات التقنية.
الجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يقدم لعناصر صناعة التشييد، كملاك المشاريع، والمقاولين، والاستشاريين، والموردين، والأكاديميين، منبرًا للتقارب وتبادل الآراء حول أفضل الممارسات العملية لزيادة الإنتاجية وتحسين مراقبة الجودة في مواقع مشاريع التشييد، ودورها في التنمية المستدامة في المملكة.
كما يهدف المؤتمر إلى تفعيل تبادل المعلومات بين عناصر صناعة التشييد وخاصة مع مراكز البحوث والجامعات، وتعزيز دور البحث والتطوير في هذه الصناعة، وعرض الممارسات المتبعة في قياس الإنتاجية وضبط الجودة في مشاريع التشييد في المملكة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}