هناك أسباب وجيهة وراء كون الأسواق الناشئة وجهة استثمارية عالمية على الرغم من نسبة المخاطرة المرتفعة نسبيا في أصولها وعملاتها، ويعد العامل الرئيسي وراء تفسير سلوك عملات الأسواق الناشئة هو تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، وقد كانت هناك ثلاث موجات طويلة الأجل من هذه التدفقات على مدى السنوات الأربعين الماضية شملت كل منها عدة سنوات من الزيادات الحادة في التدفقات، تلتها فترات طويلة من الانخفاضات.
ويناقش تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز" هذه الموجات ومساهمتها في تشكيل البيئة الحالية للأسواق الناشئة.
الأسواق الناشئة في أخر 35 عاما
- تأثرت العديد من الأسواق الناشئة من الناحية المالية خلال مراحل تراجع التدفقات في الموجتين الأوليين في الفترة من 1982 إلى 1989 مما أدى إلى خطة "برادي" التي طرحت من قبل وزير الخزانة الأمريكي "نيكولاس برادي" لمعالجة أزمة ديون البلدان النامية، وفي الفترة من 1997 إلى 2001 والتي تميزت بأزمة الأرجنتين في عام 2001.
- أدى انخفاض التدفقات في هاتين الفترتين إلى تراجع مفاجئ في قيمة عملات الأسواق الناشئة تسبب في ظهور ردود فعل سلبية مثل عمليات سحب الودائع مما قاد اقتصاداتها إلى ركود عميق.
- كانت مرحلة التراجع خلال الموجة الثالثة في الفترة 2011-2016 قاسية بشكل خاص حيث تراجعت تدفقات رؤوس الأموال إلى ادني مستوياتها على الإطلاق، في حين عانت العديد من الأسواق الناشئة من انخفاض بنسبة 40% في أسعار السلع الأساسية.
- لكن على الرغم من هذا الانخفاض الكبير الذي شكل أكبر اختبار لميزان المدفوعات في الدول الناشئة، كانت نتائجه ايجابية بشكل مذهل مقارنة بما كانت عليه في الانخفاضات السابقة.
- أثبتت عملات وأيضا اقتصاديات الأسواق الناشئة أعقاب الموجة الثالثة أنها تتمتع بمرونة كبيرة مقارنتا بالماضي وباستثناءات قليلة فقط تجنبت هذه الأسواق ضغوط الديون السيادية والمصرفية وأيضا الركود.
حقبة جديدة
- تغلبت المصارف المركزية في الأسواق الناشئة على خوفها من تعويم العملة مما زاد من التقلبات في قيمتها في بعض الحالات، ولكن عندما انخفضت فإنها فعلت ذلك بنسبة أقل بشكل كبير مقارنة بالماضي.
- أصبح من الواضح للمستثمرين أن استثماراتهم في الأسواق الناشئة وكذلك عملاتها تتعرض لمخاطر تعثر أقل بكثير من الماضي.
- مثلت هذه التغيرات حقبة جديدة للأسواق الناشئة، وفي الفترة 2011-2016 لم يتجاوز الحد الأقصى لتراجع قيمة العديد من عملاتها خلال شهر واحد النسبة التي تراجع بها اليورو أو الدولار الأسترالي.
- مع ذلك لا زالت هناك مخاطر تواجه المستثمرين، حيث يتمثل جزء منها في أن تقلبات عملات الأسواق الناشئة على المدى القصير باستثناء الصين هي الآن أعلى مما كانت عليه في الماضي مقارنة بعملات الأسواق المتقدمة.
- نتج عن تزايد وجود المستثمرين في الأسواق الناشئة إلى جانب ارتفاع مرونة عملاتها، وجود علاقة وثيقة بين عملات هذه الأسواق والمراكز المالية العالمية مما جعلها متأثرة بشكل كبير بما يحدث في هذه المراكز.
- منذ آخر أزمة مالية عالمية، تسببت خمسة عوامل فقط هي تحركات الأسهم والسندات والعملات العالمية ومؤشر "فيكس" وقيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية، في أكثر من 80% من مجموع تحركات مؤشر عملات الأسواق الناشئة بينما تراجع تأثير العوامل الخاصة بكل بلد.
الوضع الحالي
- من المتوقع أن يستمر الانخفاض الحالي في مخاطر التعثر في الأسواق الناشئة، وأيضا ارتفاع الارتباطات بين أصولها وعملاتها كما من المحتمل أن تظل إطار السياسات فيها دون تغيير.
- زاد الحافز لدى المصارف المركزية في الأسواق الناشئة لاستخدام أسعار الصرف لاستيعاب الصدمات الخارجية بسبب عاملين أولهما أن التراجع في العملة لم يؤثر على التضخم خلال فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية، وثانيهما تراجع حالات عدم التطابق بين قيمة العملة في الميزانيات العمومية السيادية كثيرا عما كانت عليه في الماضي.
- من غير المحتمل أن تعود معظم البنوك المركزية في الأسواق الناشئة إلى استخدام سلطتها للتدخل في تقييم العملة والذي قد يؤدي إلى تقلبات منخفضة مؤقتا ولكنه يسبب مشاكل كبيرة على المدى الطويل .
- من المؤكد أن هناك مخاطر في الأسواق الناشئة مثل ديون الشركات العالية جدا وتأثير سياسات الحمائية التجارية المتصاعدة والمخاطر المتعلقة بالصين، ولكن الدروس المستفادة من الماضي تدعم التفاؤل بشأن المستقبل.
مستقبل الأسواق الناشئة
- يمثل الزخم المستمر الذي تتمتع به الأسواق الناشئة الآن، قوة كبيرة بشكل خاص للحفاظ على استمرار تدفقات الأموال لهذه الأسواق وأيضا تقييم عملاتها في المستقبل، وربما يكون هذا الزخم بداية موجة طويلة من تزايد التدفقات.
- من منظور الاقتصاد الكلي فإن قيمة عملات الأسواق الناشئة لا تحتاج لأي تخفيضات ألان، كما أن أرصدة الحسابات الجارية تميل إلى التكيف، وعلاوة على ذلك فإن صافي تدفقات رؤوس الأموال لديه مجال كبير للانتعاش حيث لا يزال أقل بكثير من متوسطه التاريخي.
- على مدى أكثر من 40 عاما، ارتفعت استثمارات المستثمرين من الأسواق المتقدمة الموجهة إلى الأسواق الناشئة ضمن محاولاتهم لزيادة التنوع في محافظهم الاستثمارية، ويشير الوضع الحالي أن هناك أسبابا قليلة جدا لتغيير هذا الاتجاه .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}