نبض أرقام
12:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/04
2024/12/03

أسواق الأسهم والاقتصاد .. من يحرك الآخر؟

2019/07/31 أرقام - خاص

عززت الأهمية المتزايدة للأسواق المالية في جميع أنحاء العالم القناعة العامة بأن التمويل عنصر مهم من عناصر النمو الاقتصادي.
 

فباعتباره ركيزة مهمة في اقتصاد أي بلد، يلعب سوق الأسهم دوراً محورياً في نمو الصناعة والتجارة وقطاعات أخرى يؤثر أداؤها في نهاية المطاف على الاقتصاد إلى حد كبير. وهذا هو المنطق وراء حرص الهيئات الصناعية والحكومات والبنوك المركزية على مراقبة أنشطة الأسواق المالية عن كثب.
 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما العلاقة بين الاقتصادات وأسواق الأوراق المالية؟ هل صحيح أن أسواق الأسهم تعكس دائماً الظروف الاقتصادية للبلاد؟
 

 

بصفة عامة أو من الناحية النظرية، تعكس أسواق الأسهم بالفعل الظروف الاقتصادية للبلاد، حيث إنه إذا كان الاقتصاد آخذاً في النمو فإن الناتج الإجمالي سيزداد لتشهد معظم الشركات زيادة في الأرباح، وبالتالي تصبح أسهم تلك الشركات أكثر جاذبية بالنسبة للمتعاملين في الأسواق المالية لأنها يمكن أن تعطي أرباحاً أكبر لحامليها.
 

أما إذا كان الاقتصاد من المتوقع أن يدخل في مرحلة ركود، فإن أسواق الأسهم ستنخفض بشكل عام، ويرجع ذلك إلى أن الركود يعني انخفاض الأرباح وبالتالي توزيعات أقل، بل إنه حتى يوجد احتمال بأن تضطر بعض الشركات لإشهار إفلاسها، وهي التطورات التي تمثل أخباراً سيئة بالنسبة للمساهمين.
 

ورغم ذلك، لا تمضي الأمور بهذا الشكل دائماً، حيث إن أسواق الأسهم قد تنتعش في فترات الركود وأوقات عدم اليقين مع التركيز على الحالة الأمريكية كونها السوق الأكبر عالميا!

 

أسواق الأسهم والاقتصاد .. من يحرك الآخر؟

النقطة

 

الإيضاح

 

 

 

 

 

 

كيف يمكن أن تنتعش أسواق الأسهم في حالة الركود؟

 

- آثار متوقعة: أسواق الأسهم ما هي إلا توقع من المتعامل لمستقبل أو تحركات قطاع معين. فالأسواق قد تكون امتصت تأثير الركود مسبقاً، بمعنى أنها وصلت للقاع بالفعل والاتجاه الوحيد الذي تستطيع التحرك ناحيته هو الصعود أو الانتعاش.

على سبيل المثال في الفترة ما بين عامي 2007 و2008 كان أداء أسواق الأسهم الأمريكية سيئاً للغاية بسبب توقع المتعاملين دخول الاقتصاد الأمريكي  في مرحلة ركود. ولكن حينما دخل الاقتصاد بالفعل في حالة ركود كان أداء أسواق الأسهم أفضل مما كان متوقعاً وذلك لأنها بدأت في استعادة خسائرها.

الأرباح كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي: منذ أزمة 2008 والجميع يلاحظ أن أرباح الشركات أصبحت تمثل جزءًا أكبر من الدخل القومي للولايات المتحدة. فعلى الرغم من النمو الاقتصادي المنخفض تمكنت الشركات من زيادة ربحيتها وسيولتها النقدية.

ارتفاع ربحية تلك الشركات وأسعار أسهمها بالطبع، يرجع إلى عوامل مثل القدرة الاحتكارية لشركات تكنولوجيا المعلومات الكبيرة كـ "آبل" و"ألفابت" و"مايكروسوفت".

لذلك على الرغم من النمو الاقتصادي الضعيف نسبياً تمكنت أسهم الشركات المدرجة بالبورصة من الحفاظ على جاذبيتها بالنسبة للمساهمين لأنها تمكنت من الحفاظ على ربحيتها وحتى زيادتها بمعدل أسرع من نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

أسعار الفائدة المنخفضة جداً: في عام 2016 بدأت السندات الحكومية ذات العائدات السالبة في الانتشار بشكل كبير، وانتشار هذه السندات يعني أن المستثمرين يشترونها على الرغم من أنهم يفقدون المال بحيازتهم لها!

سبب ذلك هو أن جزءا غير قليل من المستثمرين متشائم بشأن الأداء الاقتصادي، فبشكل عام تصبح السندات خيارا أكثر أماناً مقارنة مع الأسهم في أوقات عدم اليقين. ولكن مع اتجاه عدد من الحكومات لتعميق حجم الفائدة السالبة بدأ عدد من المستثمرين في الاتجاه نحو أسواق الأسهم لأنها على الأقل توفر لهم عائداً جيداً مقارنة مع السندات.

باختصار، يمكن أن يحقق سوق الأسهم أداءً جيداً فقط بسبب أن الفرص أو الخيارات الاستثمارية الأخرى ضعيفة.

 

 

 

هل يذهب الجميع في اتجاه واحد؟


- في أسواق الأسهم تختلف درجة تأثر الشركات والقطاعات المختلفة بالأخبار الاقتصادية السلبية.

على سبيل المثال، بعد ظهور نتيجة تصويت "البريكست" في يونيو/حزيران 2016 انخفضت أسهم قطاعات مثل البناء والبنوك، وذلك لأن هذه القطاعات  تتأثر عادة أكثر من غيرها بالركود الاقتصادي والذي يصاحبه انخفاض أسعار المساكن وتراجع معدل بناء منازل جديدة لينخفض بالتبعية الطلب على القروض في البنوك.

في المقابل، ظهرت قطاعات أخرى في موقف أكثر صلابة، فعلى سبيل المثال يقل احتمال تأثر ما تسمى بالقطاعات الدفاعية مثل الغذاء والدواء، لأنه حتى في ظل أوقات النمو السلبي سيظل الناس يرغبون في الطعام والشراب والعلاج.

عقب تصويت"البريكست" سجل مؤشر "فوتسي 100" أداءً أفضل بكثير من مؤشر "فوتسي 250". ويرجع ذلك إلى أن "فوتسي 100" يتكون أساساً من شركات متعددة الجنسيات تعتمد ربحيتها على قوة الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي بشكل عام، أي أنها أقل اعتماداً على الاقتصاد البريطاني وقيمة الإسترليني.

بينما يتكون "فوتسي 250" من الشركات الصغيرة التي تعتمد بشكل أكبر على الاقتصاد البريطاني، لذلك تأثر المؤشر بالتقارير التي توقعت دخول اقتصاد المملكة المتحدة في حالة ركود كنتيجة لاستفتاء يونيو/حزيران.

متى تؤثر أسواق الأسهم في الاقتصاد؟


- في بعض الأحيان يمكن القول بأن سوق الأسهم يؤثر بالفعل في الاقتصاد. وربما أفضل مثال على ذلك هو انهيار سوق الأسهم 1973 - 1974 والذي استمر من يناير/كانون الثاني 1973 وحتى ديسمبر/كانون الأول 1974، والذي صاحبه أطول فترة ركود منذ الكساد العظيم.

انخفضت القيمة السوقية لثروات مالكي الأسهم بنسبة 43% أو 525 مليار دولار، وقد أثر الانخفاض السريع والخاطف الذي شهدته أسواق الأسهم سلبياً على ثقة المستهلكين ورجال الأعمال في الاقتصاد، وهو ما أسهم في طول وشدة ذلك الركود.

ربما تجدر الإشارة مجدداً إلى أن انهيار سوق الأسهم يرجع إلى احتمال حدوث ركود، حيث إن تدهور أسواق الأسهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتشاؤم حول مستقبل الاقتصاد.

أخيراً، أسواق الأسهم لا تؤثر دائماً في الاقتصاد، فحينما انهارت أسواق الأسهم العالمية في "الإثنين الأسود" أو التاسع عشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 1987 لم يصاحب هذا الانهيار الخاطف مثل هذا الركود الذي صاحب انهيار عام 1973.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.