يبدو أن الأزمة الوجودية التي تعاني منها "تويتر" بسبب الحسابات المجهولة تبدو بلا نهاية، لكن الجدل الدائر حول المشاكل قد يفضي حقًا إلى علاج شامل ويوفر فرصة نادرة لحسم اثنين من التحديات الكبرى معًا.
وبحسب تقرير لـ"بلومبرج" ظهرت مشكلة أكبر لدى "تويتر" في المملكة المتحدة بعدما حذفت قرابة 3 آلاف حساب مرتبط بوكالة أبحاث الإنترنت الروسية، حيث تبين تدخل موسكو في الحملة الانتخابية لاستفتاء "بريكست" العام الماضي.
أزمتان رئيسيتان
- أظهر بحث أجرته جامعتا سوانسي وكاليفورنيا، أن 156 ألف حساب بموقع "تويتر" استخدمت في الدعاية المؤيدة لروسيا ومناهضة لأوكرانيا، ومن ثم تحولت للترويج لأفكار بعينها حول استفتاء "بريكست".
- في دراسة أخرى لجامعة مدينة لندن، تبين أن نحو 13.5 ألف حساب غردت عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اختفت من الموقع بعد التصويت مباشرة.
- يرجح حذف "تويتر" لبعض الحسابات المنخرطة في هذه العمليات، كما فعلت بعد تدخل المشرعين في الولايات المتحدة لبحث استغلال روسيا لشبكة التدوين الاجتماعي المصغر، لكن المشكلة العامة ستظل قائمة تؤرق الأذهان.
- تواجه "تويتر" انتقادات أخرى لمنحها شارة التحقق لعدد كبير من المستخدمين، من بينهم بعض القوميين البيض واليمينيين المتطرفين، لكن الشركة بدأت مؤخرًا في تشديد شروط التحقق بعدما أكدت أنها أصبحت مؤشرًا على الأهمية والمصداقية.
- تنص السياسة الجديدة لمنح شارة التحقق على ضرورة تحلي الشخص داخل وخارج "تويتر" بسلوك خال من العنف والكراهية أو الترويج لهما، كما تؤكد ضرورة حجب الدعم عن المنظمات التي تتبنى نفس الأفكار.
ساسية جديدة محبطة
- للأسف كان المنطق الذي قامت عليه السياسة الجديدة مثيرا للإحباط، فالمنصة باتت على استعداد لرفض التحقق من أصحاب الرأي وفي نفس الوقت قبول الحسابات المجهولة، حتى وإن كانت تروج للعنف أو الإباحية.
- تستخدم الحسابات المجهولة التي تسعى للتضليل والحث على الكراهية، في الحملات المنظمة التي يختفي مديروها وراء هويات غير حقيقية، وبالطبع قد يتبعون دولا أجنبية أو أحزابا سياسية أو مرشحين ينتهكون قوانين الانتخابات أو إرهابيين.
- حتى لو كانت منشورات هذه الحسابات قانونية وتتماشى مع سياسة المحتوى لدى "تويتر" فإن أهدافها غالبًا ما تكون غير مشروعة، وتحديد هذه الأهداف هو الأمر الصعب كونه يتطلب أبحاثا وعملا شاقا.
- في المقابل، فإن القومي المتطرف الذي يغرد تحت اسمه الحقيقي وهويته الكاملة، هو شخص على استعداد لتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعاله، ويشمل ذلك تأهبه للإدانة الجماهيرية، وفي بعض البلدان التعرض للمساءلة القانونية وحتى السجن.
- من الناحية المثالية، هذا ما ينبغي أن يعمم، فالمجتمع بحاجة لتصرف الجميع والتحدث بصراحة مع تحمل مسؤولية ما يقولون، خاصة عندما يكون المتحدث له جمهور بالآلاف وربما الملايين.
العلاج المُر
- يفضل المستثمرون أعداد المستخدمين المرتفعة، ومؤخرًا اعترفت "تويتر" بالمبالغة في تقدير هذه الأعداد بنحو مليوني مستخدم خلال السنوات الثلاث الماضية، وتطهير الشبكة من الحسابات المجهولة سيخفض الأرقام مجددًا وهو بالضبط ما لا تحتاجه الشركة.
- مثل هذه الدوافع لا يمكن التحدث عنها علنًا، فمن المفهوم أن "تويتر" لا ترغب في التخلي عن هويتها وأن الأصوات المجهولة قد يكون لها قيمة، لكن بإمكانها تغذية الشعور بالمسؤولية عبر توسيع برنامج التحقق.
- سيكون هذا هو الرد الصحيح على النقاد الذين يريدون إلغاء شارات التحقق من حسابات القوميين البيض، باعتبار هذه الشارات الزرقاء أشبه بميداليات تشريف وليست مجرد شهادة هوية.
- مع توافر خاصية التحقق للجميع، يمكن لـ"تويتر" تقسيم خدمتها إلى جزأين، الأول يضم هؤلاء المتحقق من هويتهم والمسؤولين عما يفعلون، والآخر سيبقى كملعب للجميع يتم التحذير خلاله من التدخلات الأجنبية والأخبار الزائفة والهويات المزورة.
- لكن تبقى المعضلة كامنة في أن أيا من "تويتر" أو "فيسبوك" غير مهتمتين أساسًا بما يعرف بسلوك المستخدم المسؤول، مثلما أنهما غير مهتمتين أيضًا بالاعتراف بأنهما تعملان في مجال الإعلام.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}