عندما تنهض قوة في العالم بشكل لافت للنظر، غالبا ما يتبعها شن حرب، ويعرف هذا الأمر بـ"فخ ثيوسيديديس" تيمنا بمؤرخ يوناني، ويظهر ذلك جليا في العلاقة بين الصين والغرب – خاصة الولايات المتحدة – وبالتالي، فإنه كلما تنامت قوة، تتزايد احتمالات وقوع مواجهة، وحتى لو لم تسع بكين لاحتلال أراض، يتخوف محللون من احتلالها للعقول.
كانت استراليا أول دولة حذرت مما وصفته بألاعيب صينية وتدخلات بكين في السياسات والجامعات والوسائل الإعلامية مما دفع الحكومة لسن قانون لمواجهة أي تدخلات أجنبية، كما حذرت بريطانيا ونيوزلندا وكندا وألمانيا من تنامي قوة الصين أيضاً، وتساءلت "الإيكونوميست" في تقرير: "كيف يمكن أن يواجه الغرب القوة الحادة لبكين؟"
قوة حادة وتأثير
- يسمى هذا السلوك بـ"القوة الحادة" ويعتمد على محاولات دولة بعينها التأثير ثقافيا وسياسيا وحتى بالقيم على الآخرين، وتساعد "القوة الحادة" الأنظمة السلطوية على التلاعب في سياسات الدول الأخرى.
- يحتاج الغرب لمواجهة سلوك الصين – دون مواجهة أو قتال – فعلى عكس الاتحاد السوفيتي، تعد بكين جزءا من الاقتصاد العالمي، ولا يمكن التخلي عن هذا الجزء، بل يجب فهم أبعاد قوتها الحادة وكيفية التعامل معها.
- على غرار عدة دول، حاولت الصين استغلال التأشيرات والمنح والاستثمارات والثقافة في تحقيق مصالحها، وتزايدت تحركاتها في الآونة الأخيرة في شكل عدة مكونات مثل الضغوط والتخريب.
- تمتلك الصين تاريخا من التجسس على عدة دول حول العالم، وهناك تصريحات في استراليا ونيوزلندا تتحدث عن ضخ بكين أموالا للتأثير في السياسات عن طريق التبرعات.
- قال أحد مسؤولي الاستخبارات الألمانية أن الصين توظف شبكة من عملائها على موقع التواصل المهني "لينكد إن" لإيهام ساسة ومسؤولين حكوميين بإسداء النصح أو التوظيف ثم استغلالهم لاحقا.
- أظهرت الصين بعض ملامح قوتها عندما عاقبت النرويج اقتصاديا بعد منحها جائزة لأحد المعارضين لبكين، وبحسب خبراء، من الممكن أن يكون التأثير كارثيا على الغرب في المستقبل حال عدم مواجهته.
- نظرا لتغلغل الصين داخل الحياة الثقافية والاقتصادية والسياسية للدول الغربية، فإن هذه الدول معرضة بشكل كبير لضغوط وتأثير بكين، وربما تفضل الحكومات عدم خسارة أنشطة تجارية مع الصين وتدعها تتوغل على نحو أكبر.
- من بين ملامح هذا التأثير معارضة اليونان لبيان الاتحاد الأوروبي الذي انتقد الصين بسبب سجلها القمعي لحقوق الإنسان، وبعد ذلك بفترة وجيزة، استثمرت شركة صينية في أثينا.
ما الذي يمكن عمله؟
- وصفت الصين انتقادات استراليا وألمانيا – بشأن تأثير قوة "بكين" المتزايد – بـ"غير المسؤول والهيستيري".
- رغم ذلك، تمتلك الصين الكثير من الشؤون والقضايا والممتلكات خارج حدودها الآن بأكثر من ذي قبل، وهاجر عشرة ملايين من الصين إلى الخارج منذ 1978، وتخشى بكين من تأثرهم بديموقراطيات الغرب وعاداتهم ونقل ذلك إليها مجددا.
- على نحو منفصل، تستثمر شركات صينية في دول غنية بالموارد والبنية التحتية والزراعة، كما أن البحرية التجارية الصينية لها أنشطة في معظم دول العالم.
- كقوة خارقة، أظهرت الصين رغبة لإعادة تشكيل قواعد المشاركة والتوغل عالميا، وهي قواعد تشكلت بشكل كبير بواسطة أمريكا ودول غرب أوروبا.
- من أجل ضمان سلمية نهوض قوة الصين، يحتاج الغرب لإفساح المجال لطموح بكين دون إهمال تزايده بشكل يخرج عن السيطرة.
- يحتاج الغرب أيضاً لإجراءات استخباراتية مضادة تنعكس على القوانين ووسائل الإعلام المستقلة لمخاطبة الشعب الصيني والتأثير فيه بعيدا عن الإعلام الحكومي الذي يهيمن عليه الحزب الشيوعي الحاكم.
- إن تجاهل تلاعب الصين وتغلغل قوتها عالميا على أمل أن تصبح أكثر ودا في المستقبل من شأنه جعل ضربتها قوية في المستقبل.
- أشارت "الإيكونوميست" إلى أن الغرب عليه فقط التمسك بمبادئه والتعاون مع الصين قدر الإمكان وتجنب "فخ ثيوسيديديس".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}