نبض أرقام
06:13 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

عقلية القطيع في سوق الأسهم .. هل ستقفز وراءه إذا رمى بنفسه من فوق الجسر؟

2019/10/02 أرقام - خاص

ارجع بذاكرتك قليلًا إلى الوراء، وتذكر حين كنت صغيرًا، ربما في سن المراهقة، هل كان هناك شيء ما أردت القيام به لأن الكثيرين ممن كانوا في مثل سنك يفعلونه، وجاء شخص ما (أحد والديك أو معلمك أو شخص بالغ) وطلب منك ألا تفعله؟ "ولكن الجميع يفعل ذلك" هكذا تخبره.



 

ليرد عليك قائلًا "إذا قفز الجميع من فوق الجسر، هل تفعل مثلهم؟". إذا كان الحوار السابق يبدو مألوفًا بالنسبة لك، فأنت تعرف بالفعل شيئًا عما تسمى بـ"عقلية القطيع".
 

عقلية القطيع وعلم النفس
 

هناك تفسيران رئيسيان لعقلية القطيع. الأول هو الضغط الاجتماعي، المعروف أيضًا باسم "ضغط الأقران". فنحن كبشر مخلوقات اجتماعية بطبيعتنا، ونرغب دائمًا في أن نكون مقبولين من قبل المجموع، وليس مستبعدين أو منبوذين. وهكذا، نميل غالبًا للقيام بما يقوم به الجميع، كوسيلة للقبول.

 

التفسير الثاني لعقلية القطيع هو "كيف يكون كل هؤلاء الناس على خطأ؟" السؤال الذي دائمًا ما يربك الكثيرين ويشككهم في أنفسهم. فالمنطق السائد يشير إلى أنه إذا كان هناك الكثير من الناس يفعلون شيئًا، فبالتأكيد هو الشيء الصحيح.



الواقع والتاريخ يخبرانا بأنه من الوارد جدًا أن يكون الجميع على خطأ! وعلى الرغم من أن مجرد التفكير في هذا احتمال يبدو مخيفًا، لكن هناك الكثير من الأوضاع والمواقف التي لا يعرف فيها أي أحد إذا ما كان ما يقوم به هو الشيء الصحيح أم لا.

 

الغوغاء في أسواق الأسهم
 

في أسواق اليوم، نرى الكثير من الأمثلة على عقلية القطيع في القرارات المالية والاستثمارية التي يتخذها كثيرون. وهذا يرجع إلى حقيقة أن الكثير من الناس لا يفهمون فعلًا ما يقومون به حين يتعلق الأمر بسوق الأسهم بالتحديد.

 

أحمد ومحمد وحسين، الذين تقلدهم في اختياراتهم الاستثمارية، أهدافك مختلفة عن أهدافهم، ووضعك المالي مختلف عن وضعهم، وقدرتك على تحمل المخاطر لا تماثل تلك الخاصة بهم، فضلًا عن اختلاف عمرك ووضعك العائلي أو الأسري. لا تشعر تحت تأثير "عقلية القطيع" بأنه يجب عليك الانضمام إليهم، ابحث عن خيار استثماري يناسبك.

 

الاتباع الأعمى للاتجاهات السائدة في السوق يؤدي عادة إلى نتائج عكسية. فقيامك بشراء منتج استثماري معين فقط لأنه يتمتع بشعبية كبيرة، ليس إستراتيجية جيدة للاستثمار. كون الجميع يشتري هذا المنتج أو السهم لا يجعله استثمارًا واعدًا. لا توجد أي أدلة تاريخية تشير إلى أن هؤلاء الذين يتبعون القطيع يحققون عوائد أفضل.



بل على العكس، يروي التاريخ لنا قصة مختلفة. في أكثر من واقعة، اتضح أن الأغلبية كانوا على خطأ. فهؤلاء الذين استثمروا مدخراتهم التقاعدية في فقاعة "دوت كوم" بالتسعينيات أو الفقاعة العقارية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ربما اتخذوا أسوأ قرار استثماري في حياتهم. الطريف، هو أن الملايين منهم فعلوا ذلك فقط لأن هذا ما كان يفعله الجميع في ذلك الوقت.

 

عقلية القطيع لا تتسبب فقط في حدوث فقاعات، ولكنها يمكن أيضًا أن تتسبب في فقدانك لفرص استثمارية لا تعوض. فحين تم طرح "آبل" للاكتتاب عام 1980، لم يكن هناك الكثير من المتحمسين لها.

 

في ذلك الوقت، اعتقد الكثير من الناس أنه لا يوجد مستقبل لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، وبسبب عقلية القطيع فوّت الكثيرون فرصة ركوب قطار "آبل" في المحطة الأولى، ولسوء حظهم، أثبت الزمن أنهم كانوا مخطئين. 22 دولارا، هو سعر السهم حين طرحت الشركة للاكتتاب العام، ولكنه يتداول اليوم قرب 170 دولارا مع الأخذ في الاعتبار تقسيم السهم عدة مرات منذ الاكتتاب.
 

عقلية القطيع في سوق الأسهم السعودي
 

في كتابه المؤلف باللغة الإنجليزية، الصادر في عام 2005، تحت عنوان "الاقتصاد السعودي: السياسات والإنجازات والتحديات" أشار الدكتور "محمد رمادي" إلى دراسة أجريت في عام 2004، تتناول سلوك المستثمرين الأفراد في سوق الأسهم السعودي، وتوصلت إلى استنتاجات مثيرة للاهتمام.

 

1: مستوى المعرفة المالية والفنية لدى المستثمرين الأفراد بالسوق السعودي أقل من المتوسط، حيث إن 80% منهم لم يتلقوا أي تدريب رسمي على كيفية التداول بسوق الأسهم.

 

2: أثناء عملية اختيار الأسهم، يعتمد حوالي 40% على التحليل الفني، بينما يعتمد 32% على التحليل المالي، في حين يعتمد 25% على آراء الآخرين ومنتديات الإنترنت. فقط 3% هم يتبعون حدسهم الخاص.



3: المنتمون للفئات العمرية من 25 إلى 35 عامًا، تمكنوا من تحقيق قدر أكبر من الأرباح في سوق الأسهم السعودي مقارنة مع غيرهم من المنتمين للفئات العمرية الأخرى.  وربطت الدراسة هذه الملاحظة بتمتع هؤلاء بمستويات أعلى من التعليم والتدريب.

 

4: هؤلاء الذين اعتمدوا على آراء الآخرين هم من حققوا أدنى مستوى من الأرباح، في حين أن أعلى مستوى حققه أولئك الذين اعتمدوا على التحليل الفني.

 

5: تمكن المستثمرون الذين يتمتعون بمستويات عالية من التعليم (ماجستير ودكتوراه) واعتمدوا على التحليل المالي للشركات، من تحقيق عوائد متوسطة إلى مرتفعة، أما أولئك الذين لديهم مستويات أدنى من التعليم واعتمدوا على آراء آخرين، حققوا أدنى الأرباح.
 

لا تمشِ مع القطيع
 

تجنب "عقلية القطيع" إذا كنت لا ترغب في أن تخسر مالك الذي كسبته بشق الأنفس في سوق الأسهم. وتذكر مقولة الملياردير الأمريكي الشهير، وارن بافيت "سأقول لك كيف تكون غنيًا، كن خائفًا متى كان الآخرون جشعين، وكن جشعًا متى كان الآخرون خائفين".

 

قرارك يجب أن يستند إلى معلومات: ينبغي القيام بالبحوث المناسبة قبل الاستثمار في الأسهم، ولكنّ قليلين جدًا من يقومون بذلك. استثمارك في شركة أو صناعة معينة فقط لأنها تعجبك، هي أسهل طريقة لخسارة المال في سوق الأسهم.

 

استثمر في ما تعرفه: المستثمر الذكي هو من يستوعب حقيقة أنه يستثمر في الصناعة أو الشركة وليس في الأسهم. لذلك يجب عليك الاستثمار فقط في القطاعات التي تفهمها، بعبارة أخرى، قبل الاستثمار في أي شركة، يجب أن تكون على دراية جيدة بطبيعة نشاطها.



اتبع نهجًا استثماريًا منضبطًا. أغلب من يخسرون أموالهم في سوق الأسهم، يخسرونها بسبب مبالغتهم في ردود فعلهم تجاه تقلبات السوق وقلة صبرهم. أما هؤلاء الذين اختاروا الأسهم الموجودة في محافظهم استنادًا إلى منهجية ورؤية معينة يحققون عوائد معقولة، لأنهم يملكون الانضباط الكافي الذي يمكنهم من متابعة تطورات السوق بثبات وهدوء.

 

لا تدع العواطف تؤثر على قرارك: الكثير من المستثمرين يخسرون أموالهم في سوق الأسهم بسبب عدم قدرتهم على التحكم في مشاعرهم، ولاسيما الخوف والجشع. ففي سوق مثل سوق الأسهم، يصعب على الكثيرين مقاومة إغراء الثراء السريع.

 

لا تستثمر بأموال أنت في حاجة إليها: إذا كنت ترغب في المخاطرة في سوق متقلبة كسوق الأسهم، فتأكد من امتلاكك لفائض من الأموال يمكنك من تحمل الخسارة. هذا لا يعني أن استثمارك سيخسر، ولكن في هذا السوق كل شيء ممكن.

 

أخيرًا، المنطق والحقائق هما فقط من يجب أن يؤثرا على قراراتك الاستثمارية، وليس ضجيج وسائل الإعلام أو نوبات الهوس الجماعي. فإذا تعلمت كيفية استخدام الجزء الواعي من عقلك أثناء اتخاذ القرارات الاستثمارية، فيمكنك رؤية الفرص الاستثمارية التي يغفل عنها الآخرون، وكذلك القفز من السفينة قبل انفجار الفقاعة المقبلة.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.