في عام 1929 وتحديدًا قبل أسبوع من انهيار سوق الأسهم الأسوأ على الإطلاق خلال القرن العشرين، قال البروفيسور الأمريكي "إيرفينغ فيشر" إن الأسعار وصلت إلى ما يشبه قمة مرتفعة بشكل دائم.
وكان "فيشر" أحد الأثرياء في هذا العصر علاوة على كونه أفضل اقتصادي آنذاك، لكنه فقد ثروته وسمعته جراء هذا الانهيار الذي وصفت الأخطار السابقة له بأنها من باب المبالغة فقط، بحسب تقرير لـ"فاينانشيال تايمز".
طرق التشخيص الشائعة
- في الثالث من يناير/ كانون الثاني من عام الانهيار، قال المستثمر "جيريمي غرانثام" إن السوق تبدو عليه علامات الدخول إلى مرحلة الانفجار أو الذوبان.
- رغم أنه معلوم أن التنبؤ بحدوث الانفجار ليس سهلًا، توقع "غرانثام" المعروف دومًا بتوقعاته المتشائمة، ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" من 2700 نقطة إلى 3500 نقطة قبل انهيار السوق.
- هناك طريقتان واضحتان لتشخيص الفقاعة، الأولى عبر النظر إلى الأساسيات، فإذا كانت قيمة الأصول غير المرغوب فيها تفوق التدفقات النقدية التي يمكن أن تحققها فهذه علامة تحذيرية.
- ينطبق المثال السابق على "بتكوين" التي لا تحقق أي تدفق نقدي، أما الطريقة الأخرى فهي التأمل والتركيز في أمور مثل اتجاهات الإعلام، هوس الناس بالأصول؟ هل يقدم سائقو الأجرة نصائح حول سوق الأسهم؟
- في الوقت الراهن فإن الطريقتين تعكسان وضعًا مختلفًا، فالقيم مرتفعة لأسباب معقولة، لكن أيضًا هناك علامات أخرى على هوس المضاربة، وبالنظر إلى ارتفاع أسعار السندات فلا عجب أن الأسهم أيضًا مرتفعة.
حقائق عن الماضي
- في أواخر التسعينيات خلال فقاعة "دوت كوم"، بلغت قيمة بائع الكتب عبر الإنترنت "أمازون" ما يتجاوز قيمة جميع بائعي الكتب في العالم، وهو مثال واضح وصريح على الهوس.
- لكن حاليًا بلغت قيمة شركة التجارة الإلكترونية (الأوسع نشاطًا من ذي قبل) ما يتجاوز ما كانت عليه خلال ذروة الفقاعة، ومقارنتها بأي عدد من بائعي الكتب الآن سيكون غريبًا وظالمًا لهؤلاء البائعين.
- قصص هوس "التوليب" الهولندي في القرن السابع عشر أكثر وضوحًا، وأبرزها عندما بيعت زهرة "سيمبر أوجسطس" مقابل قصر في أمستردام.
- بعد 200 عام من انفجار الفقاعة علق الكاتب "تشارلز ماكاي" على الأمر ساخرًا بقوله إن كافة طبقات السكان بما في ذلك أدنى السكان كانوا يتاجرون في "التوليب".
- مع ذلك، لم تجد رواية تعرض هولندا لزلزال اقتصادي عقب انهيار الفقاعة أي دعم، ولم تفلح المؤرخة "آن جولدجار" مؤلفة كتاب "هوس التوليب" في العثور على أي شخص أفلس نتيجة هذه الأزمة.
السخرية والنقد دومًا أسهل
- من السهل السخرية من حماقات الماضي خاصة إذا كانت مبالغة وذلك بغرض كسب التعاطف أو إضفاء أثر كوميدي، مثلما فعل "ماكاي" عند عرضه للحقائق التي توصل إليها بغرض إيصال وجهة نظره.
- في عام 1845 كتب "ماكاي" في صحيفة "جلاسجو أرجوس": إن أولئك الذين يدقون ناقوس الخطر إزاء أزمة السكك الحديدية يبالغون في مخاوفهم، مؤكدًا أن الاستثمار في هذا القطاع سيعود بأرباح مجزية للمستثمرين.
- على عكس هذا الاعتقاد، كانت طفرة أعمال السكك الحديدية كارثة مالية جديدة، ووصفها عالم الرياضيات وخبير الفقاعات "أندرو أودليزكو" أنها كانت أعظم حالة هوس تكنولوجي في التاريخ وانفجارها شكل واحدة من أكبر الأزمات المالية.
- الغريب في الأمر أن "ماكاي" نادرًا ما ذكر الهوس بالسكك الحديدية في النسخ اللاحقة لكتبه كما لم يشر إلى دوره الداعم لها، وهذا درس للجميع.
- الخلاصة، أن لكل حالة خصائصها وظروفها الفريدة، وربما يكون من السهل السخرية من فقاعات الماضي وتهويل آثارها، لكن ليس من السهل إطلاقًا معرفة كيفية التعامل مع الفقاعات القائمة أو تجنب تشكلها من الأساس.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}