قبل عام من الآن، وتحديدًا قبل اندلاع سلسلة من الخلافات بين المستثمرين، والاستقالات الجماعية، والدعاوى القضائية، وقبل تحول اسم "أوبر" من مرادف للشركة الناشئة الأكثر قيمة في العالم إلى الأكثر اضطرابًا ، عقد المديرون التنفيذيون مؤتمرًا بأحد فنادق سان فرانسيسكو.
كان هدف الاجتماع آنذاك، إقناع الرئيس التنفيذي والمؤسس بأن الشركة تواجه مشكلة كبيرة، وهذه المشكلة هي "ترافيس كالانيك" نفسه، واستعان الحضور بسلاح غير معهود خلال اللقاء وهو نتائج أحد المسوحات، بحسب تقرير لـ"بيزنس ويك".
الأكثر من ذلك، أن نتائج المسح طُبعت وعُلقت على جدران حجرة الاجتماع، وأظهرت ارتياح نصف المستطلعين لتطبيق "أوبر"، لكن التعليقات كانت سلبية حول "كالانيك" – ممن يتابعون أخباره- والامتثال للاتفاقيات وقوانين النقل المحلية.
"كالانيك" يبكي خطأه
- كالعادة، تحول النقاش إلى خلاف حاد، وقال المدير العام للشركة "جيف جونز" ونوابه، إن العملاء والسائقين ينظرون إلى "أوبر" كشركة قائمة على سلسلة من الممارسات الجشعة، وهو ما رفضه "كالانيك".
- في خضم الشد والجذب وانفعال الحضور، استأذنت إحدى المديرات للرد على مكالمة هاتفية، وبعدها عادت لتطلب من "كالانيك" ومسؤول آخر الانضمام لها في الرواق، ووقفوا الثلاثة أمام حاسوب يشاهدون أحد مقاطع الفيديو.
- المقطع أظهر "كالانيك" في إحدى سيارات "أوبر" وهو يجادل بقوة السائق حول الأسعار، وقال صارخًا: بعض الناس لا يتحملون المسؤولية إزاء بذاءاتهم، إنهم يلقون باللوم على شخص آخر فيما يتعلق بكل مشكلة في حياتهم.
- عقب انتهاء المقطع، شعر ثلاثتهم بالاستياء الشديد، وبدا "كالانيك" يتفهم ضرورة التعبير عن أسفه العميق، ووفقًا لأحد الأشخاص الذين حضروا اللقاء، فإن مؤسس "أوبر" جثى على الأرض، وأخذ يردد "هذا سيئ، أنا سيئ".
- يبدو أن هذا الموقف كان كافيًا لإنهاء حالة الخلاف التي شهدها الاجتماع، وطالب "كالانيك" أحد أعضاء مجلس الإدارة بإعداد إستراتيجية جديدة للعلاقات العامة.
الانحراف إلى المعترك السياسي
- في أواخر يناير/ كانون الثاني 2017، أصدر الرئيس "دونالد ترامب" قرارًا بمنع سفر مواطني سبع دول إلى بلاده، واندلعت على إثر ذلك احتجاجات بالقرب من مطار "جون كينيدي" وأضرب بعض سائقي التاكسي عن العمل.
- من شأن ذلك طبعًا أن يخلق طلبًا إضافيًا على خدمات "أوبر" ويزيد تعريفة التوصيل، لكن المسؤولين كانوا يقظين ومنعوا ذلك، لئلا يقال إن الشركة استغلت الموقف كي تحقق أرباحًا، هو أمر سبق أن حدث.
- كانت سمعة الشركة تعاني بالفعل والجمهور يميل للقصص السيئة حول "أوبر"، وانتشرت حينها نظرية تقول "إذا لم ترفع الشركة الأجرة هذه المرة، فإنها تسعى لإنهاء الاحتجاجات"، وبعدها اندلعت حملة لحذف التطبيق من آلاف الجوالات.
- علاوة على ذلك، حاز "كالانيك" شخصيًا على قدر كبير من النقد والهجوم جراء انضمامه للمجلس الاستشاري للرئيس "دونالد ترامب"، وأطلقت مطالبات كثيرة لانسحابه حتى لو اضطر لاصطناع خلاف ما أثناء الاجتماعات.
- في منتصف فبراير/ شباط، أصدرت المهندسة "سوزان فاولر" مقالًا عبر مدونة إلكترونية تكشف فيه عن التجاوزات الجنسية التي شهدت عليها داخل الشركة، وتبع ذلك سلسلة من التحقيقات والاعترافات.
العامل المشترك بين الأزمات
- بعد أسابيع من مقال "فاولر"، كشفت "نيويورك تايمز" عن استخدام "أوبر" لتقنية تدعى الكرة الرمادية، طورتها الشركة لتحديد وحظر الخدمة عن العملاء الذين انتهكوا شروطها، لكنها استخدمت أيضًا لتجنب المفتشين التابعين للسلطات التنظيمية.
- كان العامل المشترك بين هذه الفضائح كافة هو "كالانيك"، الذي تسببت أفعاله المتباينة في إبهار الموظفين والمستثمرين وتنفيرهم في أوقات أخرى، الأمر الذي حول الكثير من الأصدقاء إلى أعداء يكتمون أسرارًا.
- في مارس/ آذار وبعد ستة أشهر على وجوده في منصب المدير العام، استقال "جونز" صاحب فكرة الاستطلاع الذي أغضب "كالانيك"، متعللًا بوجود خلافات حول الثقافة ونهج القيادة.
- كان ينبغي أن تظل "جوجل" حليفة بعدما استثمرت وامتلكت حصة بقيمة مليارات الدولارات، لكن الشركتين دخلتا في منافسة شرسة حول تكنولوجيا السيارات الذاتية، ووصل الأمر إلى رفع الأولى دعوى قضائية تتهم الثانية بسرقة مخططاتها.
- جاء ذلك بعدما استحوذت "أوبر" على شركة أغلب العاملين فيها من المهندسين السابقين لدى "جوجل"، وكان بحوزة أحدهم ملفات مهمة من مشروع للسيارات المستقلة تابع لعملاق الإنترنت، في صفقة رفضها كبار التنفيذيين بـ"أوبر".
حصار يُفضي للاستسلام
- في يونيو/ حزيران 2017 بدأت المطالب باستقالة "كالانيك" تكتسب زخمًا بعد سلسلة من الفضائح الإقليمية للشركة التي تورط فيها مؤسسها، وتزامن ذلك مع النظر في ادعاءات حول قضايا الاعتداءات الجنسية وثقافة العمل داخل الشركة.
- مع ذلك، لم يُطلب من "كالانيك" الاستقالة، لكن مجلس الإدارة وافق على منحه إجازة، خاصة بعد حزنه على وفاة والدته وتعرض أبيه لجروح خطيرة في حادث تحطم قاربهما في كاليفورنيا.
- ورغم غيابه الظاهري عن المشهد، كان "كالانيك" حريصًا كل الحرص على التدخل في كل صغيرة وكبيرة والبقاء على اتصال دائما بمجلس الإدارة والمسؤولين داخل الشركة.
- في العشرين من نفس الشهر، تحالف بعض المستثمرين بقيادة "بنشمارك" للإطاحة بـ"كالانيك"، وقدموا له خطابا بعنوان "نقل أوبر إلى الأمام"، طالبوه فيه بالاستقالة من منصب الرئيس التنفيذي والتخلي عن مقاعده في مجلس الإدارة.
- بعد ساعات من الذعر، نزل "كالانيك" على نصيحة عضوة مجلس الإدارة "أريانا هافينغتون" لتفادي تدمير محتمل للشركة بسبب الصراع مع المستثمرين الآخرين، واقتنع أخيرًا بالاستسلام، قائلًا إنه يفتقر للطاقة لخوض مزيد من المعارك.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}