نبض أرقام
18:46
توقيت مكة المكرمة

2024/08/08

البشر والخوارزميات .. هل تتخذ الربوتات القرارات لتقلب مستقبل صناعة الاستثمار رأساً على عقب؟

2018/02/11 أرقام - خاص

على خلفية التطور المتسارع للقدرات الحاسوبية خلال العقدين الماضيين، شهد العالم في السنوات الأخيرة ظهور أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تمتلك قدرات تعادل وتتجاوز في كثير من الأحيان بعض القدرات البشرية.
 

وُصِف الذكاء الاصطناعي بأنه الاختراع المزعزع الذي سيغير وجه قطاع الخدمات المالية والاستثمارية بالتحديد، ليطال تأثيره كل المؤسسات العاملة بهذا المجال صغيرة كانت أم كبيرة.



 

هذه الأيام من الصعب أن تطالع تقارير المحللين والمؤسسات المالية حول مستقبل الخدمات المصرفية ولا تجد إشارة إلى الذكاء الاصطناعي. ببساطة الجميع يدرك أن تشكيل ذلك الابتكار لمستقبل القطاع المالي مسألة وقت، وهذا هو السبب الذي دفع بنكًا مثل "يو بي إس" السويسري مؤخرًا إلى استخدام الروبوتات في غرفة التداول في محاولة لتحسين قدرة موظفيه على التداول.
 

وبما أن الذكاء الاصطناعي يواصل تغيير المشهد بقطاع الخدمات المالية، فمن الضروري أن تفكر المؤسسات المالية والاستثمارية بالدول النامية في إمكانية الاستفادة من تطبيقاته، وربما يجب عليها أيضًا الاهتمام بدراسة طبيعة التأثيرات المحتملة لتطور هذه التكنولوجيا على أعمالها في الحاضر والمستقبل.
 

الكل يتسابق
 

أشارت دراسة أعدتها شركة "تاتا للخدمات الاستشارية" إلى أن 86% من قادة الأعمال في القطاع المصرفي وقطاع الخدمات المالية أكدوا على أنهم يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالفعل. كما أوضحت الدراسة أن 4 من كبرى الشركات المالية العالمية أنفقت نحو مليار دولار على تطبيقات وأبحاث الذكاء الاصطناعي خلال عام 2015.

 

يتم استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل بنك "باركليز" لرفع مستوى وكفاءة خدمة العملاء. موظفو البنك يعملون حاليًا على تطوير نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لا يختلف كثيرًا عن "سيري" المساعد الشخصي الخاص بـ"آبل"، يمكن للعملاء التحدث إليه والحصول منه على المعلومات التي يحتاجونها.



شركة رأس المال المغامر "سيركل آب" تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحديد الشركات التي تختارها ليتم تمويلها. فمن خلال منصة التمويل الجماعي التابعة لها على الإنترنت القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي يديرها 10 محللين فقط، تقوم الشركة بدراسة أكثر من 500 فرصة محتملة شهريًا، وهو نفس الرقم الذي تحققه شركة أسهم خاصة متوسطة الحجم ولكن في عام كامل.

 

تدرك المؤسسات المالية جيدًا إمكانات الذكاء الاصطناعي، وأنه يوفر للبنوك والشركات وأسواق رأس المال مجموعة قوية جدًا من الأدوات القادرة على تبسيط عملياتها الأساسية، بيد أن التحدي الذي يواجه تلك المؤسسات ليس هو اعتماد أحدث تطبيقات هذه التكنولوجيا، وإنما هو إعادة تشكيل نموذج أعمالها ليسمح لها بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي إلى جانب المواهب البشرية.

 

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المؤسسات المالية بشكل كبير على تحسين الكفاءة التشغيلية، وبناء رؤية أكثر وضوحًا حول مستقبلها. ولكن الكلمة العليا في هذا القطاع لا تزال حتى الآن للبشر الذين يفضلون الاعتماد على أنفسهم حين يتعلق الأمر بالقرارات الإستراتيجية الكبرى.
 

المخاطر والمزايا المحتملة
 

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصًا كثيرة لزيادة الكفاءة في صناعة التمويل إلا أن تطبيقاته تنطوي أيضًا على مخاطر كارثية. ففي خلال جزء من الثانية قد يتسبب جهاز كمبيوتر في سقوط مفاجئ أو تحطم ضخم يؤثر سلبًا على عمليات الشركة.

 

قد يصل الأمر إلى زعزعة استقرار السوق بالكامل، كما حدث في السادس من مايو/أيار عام 2010 حين انخفض "داو جونز الصناعي" 9% في غضون دقائق بسبب خلل حدث في الخوارزميات الخاصة بأحد برامج التداول.



مع ذلك، استخدام أجهزة الكمبيوتر لتحليل البيانات واقتراح الإجراءات الاستثمارية استنادًا إلى أنماط التداول والاتجاهات السائدة في السوق له فوائده، وذلك لأن قدرتها على تحليل كميات ضخمة من البيانات أكبر بكثير من قدرة الدماغ البشري، كما أنها لا تتأثر بالعوامل العاطفية والسياسية أو الشخصية التي تحد أحيانًا من قدرة الإنسان على التنبؤ.

 

في المقابل، على عكس الإنسان، تبقى أجهزة الكمبيوتر عرضة للخلل والفيروسات والقرصنة وغيرها من المخاطر التي قد تؤثر على أمان البيانات واستقرار التداولات.
 

معضلة الثقة وحدود الإمكانات
 

معظم مديري صناديق التحوط الكبرى يحجمون عن وضع محافظهم وصناديقهم تحت السيطرة الكاملة للروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي، وهذا التصرف أطلق عليه باحثون من جامعتي بنسلفانيا وشيكاغو اسم "النفور من الخوارزميات".

 

أظهرت أبحاثهم أن الناس غالبًا ما يتجنبون الاعتماد على القرارات التي تقترحها الخوارزميات، حتى لو كانت التوصيات المقترحة تؤدي باستمرار إلى نتائج أفضل. يرجع ذلك إلى أن العديد من تلك الخوارزميات تعطي إجابات تبدو مبهمة، ولا توفر أي تفسير لكيفية توصلها إلى هذا الاستنتاج.

 

لكن أظهرت الأبحاث أيضًا أنه إذا شعر مستخدمو النظام بأن لديهم درجة من التأثير على الخوارزميات أثناء عملية اتخاذها للقرار فإنهم يصبحون أكثر قبولًا لهذه التوصيات.

 

رغم القدرة الهائلة على معالجة البيانات التي تتمتع بها خوارزميات الذكاء الاصطناعي إلا أنها تفتقر إلى الخيال أو القدرة البشرية على توقع الأحداث السياسية أو الاقتصادية، ما لم تكن حوادث شبيهة قد وقعت عدة مرات في الماضي.

 

الملياردير الأمريكي والمستثمر بصناعة صناديق التحوط "جون بولسون" توقع أزمة الرهون العقارية التي وقعت في الولايات المتحدة عام 2007، والتي فشلت خوارزميات الذكاء الاصطناعي في استشرافها، وهذا ببساطة لأنه لم يكن لديها ما يكفي من البيانات التاريخية ذات الصلة التي تساعدها على إجراء مقارنات وتكوين رأي.



مهما تطور الذكاء الاصطناعي، فإنه لن يلغي دور الإنسان في إدارة المحافظ المالية على سبيل المثال، ولكن طبيعة دور الأخير ستتغير. فالطائرة على الرغم ما لديها من نظام الطيار الآلي، لا تزال هناك حاجة لوجود الطيارين في قمرة القيادة لمراقبة النظام والتأكد من سير الأمور على نحو سليم، واتخاذ القرارات في نهاية المطاف.

 

لكن بدلًا من توظيف خريجي كليات إدارة الأعمال وطلبة الدكتوراه، ستلجأ المؤسسات المالية وبالأخص شركات إدارة الأصول إلى الاعتماد بشكل أكبر على خبراء الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات من أجل خلق نظم عملياتية أكثر دقة وقابلة للتكرار.

 

كل ما سبق ليس توقعات للمستقبل البعيد، هذه التغيرات تحدث الآن، والشركات العاملة بالقطاع المالي تحتاج للاستثمار والتحرك في هذا الاتجاه، لأنها إن لم تفعل، فقد تصبح قريبًا مثل الديناصورات.

 

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة